الصيام وأهميته في صحة ونشاط الكبد

التسجيل
1 أكتوبر 2007
المشاركات
6,146
الصيام وأهميته في صحة ونشاط الكبد


الحمد لله سبحانه وتعالى القائل: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان}(البقرة الآية رقم 185) والصلاة والسلام على من قال: >من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه<(1) وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين·· وبعد، فالصيام عبادة عظيمة يتقرب بها المسلم الى الله ولها غاية عظيمة هامة بينها سبحانه وتعالى في قوله: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}(البقرة الآية رقم 183) فالغاية من الصيام أن يصل الصائم إلى درجة المتقين الذين يرجون رحمة الله سبحانه وتعالى ويخافون عذابه، فيجتهد في الطاعات ويبتعد عن المعاصي ويتجنب الموبقات والمحرمات·
ولشرف الصيام ومكانته العظمى عند الله جل شأنه، اختصه الله العزيز الحكيم لنفسه من بين سائر العبادات عن أبي هريرة ] أنه قال: سمعت رسول الله [ يقول: >قال الله عز وجل: كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، فوالذي نفسي بيده، لخلوف(2)فم الصائم، أطيب عند الله من ريح المسك<(3)·
عن أبي هريرة ] قال: قال رسول الله [: >قال الله - عز وجل- كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، والصيام جنة(4)·(5)
ولاجدال في أن في الصيام - كما في سائر الفرائض الإسلامية الأخرى - فضائل جمة وأهداف عظيمة يكمن وراءها حكم غالية بعضها يخفى علينا والبعض الآخر تبدو فوائده جلية واضحة، كذلك هناك فوائد عظيمة تكتشف يوما بعد الآخر، فإذا أثبت الطب فائدة للفرض، فكم من فوائد خفيت على الطب وتحققت بأداء الفروض دون أن يدركها الإنسان·
وعندما نصوم يجب أن ندرك تماماً أن أساس العبادة هو الطاعة، إذ إن في الصوم تماما التسليم لله جل شأنه وكما العبودية لرب الناس ملك الناس إله الناس·
وفي مقالنا هذا سوف نتناول آخر ما وصل إليه الطب الحديث من العلاقة بين الصيام وتأثيره على حيوية ونشاط الكبد··
يعد الكبد بمثابة معمل نشيط متميز لكافة التفاعلات الكيميائية الحيوية بجسم الإنسان·· وللكبد وظائف عديدة يمكننا تلخيص أهمها في النقاط التالية:
1- الكبد هو مكان احتراق وتخزين العناصر الغذائية في الجسم، وبالتالي يعد الكبد هو المصنع الفسيولوجي والبيوكيميائي في الجسم·
2- أيضاً يعد الكبد بمثابة مصفاة أو المرشح >فيلتر<(6) الذي ينقي الدم من السموم والنواتج الضارة للتفاعلات الكيميائية·
3- الكبد يفرز مادة الصفراء·
4- الكبد ينظم نسبة السكر في الدم·· وحيث إن الصيام يحدث تغييرات في نسبة السكر في الدم، إلا أن الكبد له القدرة على مواءمة وتقليل هذه التغيرات·· فمن المعلوم أن نسبة السكر بالدم تكون في الحدود الطبيعية بما يقرب من 80 جرام في كل مائة سنتيمتر مكعب، وهذه النسبة لا يحدث بها تغيير أثناء الصوم وذلك لأن الكبد يعد بمثابة مخزن كبير لمادة سكرية مركبة وهي جليكوجين(7) وتبلغ كميتها ما يقرب من مائة وخمسين جرام، ومن مميزات الجليكوجين أنه يمكن أن يتحول بسهولة الى سكر الجلوكوز في الدم، وبالتالي يمكن تعويض نسبة السكر القليلة التي تنقص أثناء الصيام·
قد يسأل البعض هل لنقص نسبة السكر بالدم أثناء الصيام تأثير ضار على أجهزة الجسم؟
وللإجابة على هذا السؤال نقول: إن سكر الجلوكوز هو الذي يمد خلايا الجسم بالطاقة، ومخزون السكر في الكبد يمكن أن يمد الجسم بما يحتاجه من الجلوكوز طوال فترة أربعة عشر ساعة وذلك في الإنسان السليم، وبالتالي فإنه لدى الصائم مخزوناً غذائىاً من سكر الجلوكوز طوال فترة أربعة عشر ساعة·· أي أكثر من طوال فترة الصيام·· وبالتالي فإن الصيام يفيد الإنسان كثيراً، حيث أن الصوم يعمل على:
1- تجديد قدرة الكبد على تخزين سكر الجلوكوز·
2- كذلك فإن الصيام يعمل على إراحة الكبد من الإجهاد في القيام بكثير من العمليات الفسيولوجية والحيوية التي يقوم بها وتتم به·
3- أيضاً فإن الصيام يفيد الكبد حيث إنه يعيد النشاط والحيوية إلى خلاياه ويجددها·
4- كذلك فإنه أثناء الصيام يتخلص الكبد من نواتج العمليات البيولوجية التي تتراكم بين خلاياه·
5- إن الصيام يعمل على حفظ الكبد من الإصابة بمرض >الكبد الدهني أو الكبد الملتحم<·· وهذا المرض ينتشر بنسبة كبيرة بين المصابين بالسمنة، حيث يؤدي إلى تضخم الكبد نتيجة ترسيب الدهون بين خلايا الكبد··
ولقد أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة أيضاً أن للصيام أثراً هاماً في علاج هذا النوع من >تشحم الكبد< الذي يؤدي إلى تضخمه، حيث أنه في أقل من أربعة أسابيع من الصيام الإسلامي الصحيح يعود الكبد المتضخم إلى حجمه الطبيعي·
6- كذلك فإنه من الفوائد الصحية للصيام أنه يحمي مرضى الكبد المتشحم من الإصابة بمرض السكر ومضاعفات السمنة، وذلك بشرط ألايفرط الصائم في وجبتي الإفطار والسحور وأن يدرك تماما أن الصيام ليس مجرد الامتناع عن الطعام والشراب طوال فترة الصوم ثم الإقبال بشراهة على مختلف ألوان الأطعمة وقت الإفطار وامتلاء المعدة بأصناف متعددة من الأطعمة والأشربة المختلفة حتى السحور·· وإن السلوك الخاطئ هذا في التغذية الذي يفعله البعض - يفرغ الآثار الصحية والفوائد الطبية للصيام من معانيها ويؤدي إلى زيادة ترسيب الدهون والشعور بالكسل والحمول، كما أنه يؤدي إلى مضاعفات خطيرة لمرضى >الكبد المتشحم<·
إجمالا للقول فإن الكبد يعد بمثابة معمل نشيط يقوم بكثير من التفاعلات الفسيولوجية والبيولوجية في جسم الإنسان، والصيام يعمل على إراحة الكبد وحمايته من الاصابة بكثير من الأمراض·· ولكن·· كيف يحدث ذلك؟
من الحقائق الطبية المعروفة- كما سبق أن ذكرنا- فإن نسبة السكر في الدم تبلغ في المتوسط 80 جرام لكل 100سم3 في الدم، وهذه النسبة لا تتغير كثيراً أثناء الصيام·· فما السبب في ذلك؟ يعزى ذلك الى ان الكبد يختزن مقداراً كبيراً من الجليكوجين وهو سكر على هيئة نشا ويبلغ مقداره حوالي 150 جرام·· والجليكوجين يتحول إلى سكر الجلوكوز يدخل الدم ويحافظ على ثبات نسبة السكر به··
وثبات نسبة السكر في الدم هام جدا، وذلك لأن السكر هو الغداء الأصلي الدائم بخلايا المخ والقلب، وبالتالي فإن مخزون الكبد من الجليكوجين يمكنه أن يغطي احتياجات الجسم من السكر طوال فترة أربع عشرة ساعة تقريباً، ثم يبدأ الكبد بعد ذلك في تكوين سكر جديد وذلك من الدهون المختزنة وأنسجة الجسم المختلفة وكذلك من الأحماض الأمينية، وعلى ذلك فالصيام ليس له أي تأثير ضار على الكبد إطلاقاً، وليس ذلك فحسب بل إن الصيام يكون قد أتاح للكبد فترة راحة كبيرة، حيث إنه يعد هضم وامتصاص الطعام فتمر نواتج الهضم والامتصاص خلال الكبد وتجري فيه العمليات البيولوجية والفسيولوجية المختلفة اللازمة لاحتراق وتخزين نواتج هضم وامتصاص الغذاء وتخليص الجسم من السموم والمواد الضارة·
وهكذا فإن الصيام يمنح خلايا الكبد فترات طويلة من الراحة ومن العمل في هذه التفاعلات الفسيولوجية والكميائية والبيولوجية المعقدة والمرهقة للكبد، وبالتالي تأخذ خلايا الكبد وقتا كبيرا للتجدد واستعادة حيويتها ونشاطها·
يمكننا القول الآن بناءً على نتائج الدراسات الطبية الحديثة بأن الصيام بما يفرضه من تنظيم في مواعيد تناول وجبتي الإفطار والسحور وتقليل في كميات الطعام خلال فترة طويلة من اليوم، إن الصيام يعد فرصة عظيمة لتخفيف الضغط على الكبد لكي يستريح قليلاً ويستعيد جزءاً كبيراً من نشاطه وحيويته، ومن ثم تقل كميات الغذاء المتدفقة إلى الكبد، ويقل إفرازه للعصارة الصفراوية لإذابة الدهون وعمليات التمثيل الغذائي الأخرى، وبالتالي يتفرغ لبذل مجهود أكبر في تنقية الدم، وتتجه نسب ومعدلات سكر الجلوكود والمعادن والأملاح والأحماض الدهنية إلى الأفضل والأحسن··
مما يجدر بنا ذكره في هذا المجال أن هذه القواعد الطبية والعلاقة الايجابية والوطيدة بين صحة الكبدر وبين اتزان الطعام كما ونوعاً وتنظيم مواعيدة في رمضان، بل وفي أثناء الصيام عادمة، فإنه يجب اتباع هذه الأساسيات الطبية وعدم كسرها وتضييع أثرها بالإفراط في تناول الطعام والتهام كل مالذ وطاب من المشويات والمقليات والمحمرات والمخللات والمكسرات والفطائر المختلفة والحلوى المتعددة·· الخ·
تلك الأطعمة والمأكولات والمشروبات التي نراها على موائد الإفطار والسحور في شهر الصيام المعظم·· فالإسراف في تناول الطعام يسبب أمراضاً خطيرة وأضراراً صحية كثيرة منها زيادة نسبة الدهون المختزنة في الجسم مسببة الإصابة بمرض السمنة ومضاعفاته وازدياد العبء على القلب وإرهاقه واصابته بأي من أمراض القلب الخطيرة مثل هبوط في القلب (8) أو جلطة القلب (9) أو عدم انتظام عمل الصمام التاجي الميترالي(10) وغير ذلك من أمراض القلب الخطيرة··
كذلك فإن الإسراف في تناول الطعام يحمل الكبد فوق طاقته ويجعله مضطراً لبذل المزيد من الطاقة والجهد في الاحتفاظ بالسكر الزائد وإفراز العصارة الصفراوية الهاضمة للدهون، وهذه العصارة تفرز نقطة إثر نقطة وتتجمع في الحويصلة الصفراوية على مدى أوقات طويلة، فإذا تناول الإنسان كمية كبيرة من اللحوم فإن المقدار الجاهز من العصارة الصفراوية لن يكفي لإذابة هذا الكم الكبير من الدهون، وأيضا العصارات الأخرى لن تكفي لإذابة البروتينات، فتظل كميات كبيرة من الأطعمة بدون هضم كامل حتى تفرز المرارة كمية أخرى من العصارة الصفراوية، فيحدث عسر هضم وما يتبعه من اضطرابات صحية أخرى··
هذا بالإضافة إلى أمراض عديدة أخرى يسببها الإسراف في تناول الطعام مثل زيادة نسبة حمض اليوريك (11) في الدم، وكذلك زيادة نسبة الدهون المعقدة في الدم حيث تزداد نسبة الجليسريدات الثلاثية (12) وترتفع نسبة الكولسترول (13) في الدم·· وصدق الله العظيم إذ يقول في كتابه الكريم:
{··· وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}(الأعراف الآية 31)
وتعد هذه الآية الكريمة دستوراً غذائياً وصحياً للإنسان يهتدي به في صيامه، بل في حياته لكي يعيش صحيحاً في بدنه، معافى في صحته··
إن الله سبحانه وتعالى يعلمنا أن نأكل ونشرب مالذ وطاب من غير إسراف ولا تبذير·· وفي هذا المعنى جاءت السنة النبوية الشريفة حيث يقول رسول الله [: >كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف، فإن الله يحب أن يرى أثر نعمه على عبده<(14)·
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
بارك الله فيك
 

zoya_y

عضو نشط
التسجيل
26 ديسمبر 2007
المشاركات
9,261
الإقامة
DREAM WORLD
شكرا لك اوخيي بس لو حاطه بليلة رمضان أفضل ... بارك الله فيك :)
 

ALSERHAN

عضو نشط
التسجيل
25 فبراير 2007
المشاركات
2,289
شكرا أخوي والله يجزاك الف خير..
 
أعلى