غيّر نفسك قبل البحث بتغيير الآخرين

q8_chamber

عضو مميز
التسجيل
24 سبتمبر 2005
المشاركات
7,553
الإقامة
الكويت
غيّر نفسك قبل البحث بتغيير الآخرين



كتب محمد النغيمش: كاتب متخصص بالإدارة

يحكى أن ملكا كان يحكم إحدى الدول الكبرى. وأراد الملك يوماً القيام برحلة برية طويلة. وخلال عودته لاحظ أن أقدامه بدأت تتورم من شدة المشي في الطرقات الوعرة، عندئذ أصدر مرسوما يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد السميك، غير أن أحد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل وهو عمل قطعة جلد صغيرة لتوضع تحت حذاء الملك وحده، لكي لا يشعر بالمشقة أثناء سيره.


مغزى هذه القصة أنه إذا أراد المرء ان يعيش سعيدا في هذا العالم، فليس مطلوبا منه تغيير كل ما يجري من حوله، بل يفضل أن يجري التغيير المطلوب في نفسه أولا ومن ثم يجتهد ما استطاع لتغيير ما يمكنه في هذا العالم. وربما هذا مصداق للآية الكريمة «لايغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم».



أسباب التغيير

نتيجة هذه القصة الرمزية هي أحد أسباب رفض الموظفين للتغيير الذي يأتي به مديروهم، خاصة الجدد منهم، الذين يحاولون تغيير كل شيء قبل أن يفهموا واقع الإدارة أو المؤسسة التي يعملون بها. كأن ينسف وزير، مثلا، كل قرارات سابقه ويأتي بطاقم من الموظفين المقربين ظنا منه أنهم أكثر كفاءة ممن قرر الاستغناء عن خدماتهم برغم كفاءتهم.
ويخشى الموظفون، بشكل عام، التغيير خاصة إذا كان من مدير جديد أو من ملاك جدد استحوذوا على شركة معينة لأنهم يرون في هؤلاء القادمين الجدد أمرا مبهما لا يستطيعون فك طلاسمه نظرا لقصر مدة العلاقة التي تجمعهم بهؤلاء.

ومما يجعل الموظفين يتحاشون التغيير هو توقعهم بأن ينفرد المدير، مثلا، بقراراته، فيسفه آراءهم، ولايلتفت إلى وجهات نظر القدامى والخبراء منهم الذين هم «أهل مكة الأدرى بشعابها» كما يقال. ولايدرك المدير خطأه باستبعاد هؤلاء إلا حينما يقع في الخطأ فيجد أن ملاذه الوحيد هو الموظفون.
ولو أدرك متخذ القرار أسباب خشية الموظفين للتغيير، لكان أرأف بهم وربما أكثر حنكة في طريقة طرح قرارات التغيير. إذ لابد وأن يسلك المدير طرقا ذكية للتغيير تلقى قبولا من الآخرين. ومثال ذلك ان يبشر الموظفين بزيادة بالراتب للشخص الذي يتم نقله إلى إدارة أخرى تكون أكثر حاجة إلى قدراته من إدارته الحالية، أو تكافئ ماديا الإدارة العليا «الحكومية مثلا» الموظفين الكبار بالسن لتدفعهم إلى التقاعد المبكر افساحا للمجال للقيادات الشابة.



ردود الأفعال

كما يمكن أن يتدرج المسؤول في التغيير لكي لايشعر به الموظفون، كأن يتخلص تدريجيا من الأعمال أو الأقسام غير الضرورية وحتى الموظفين العالة على مؤسساتهم. والتدرج مهم في التغيير لأن به يتفادى المسؤول ردود الفعل الجماعية. فالموظفون ما أن يشعروا بهبوب رياح التغيير حتى يلتموا صفا واحدا ضد التغيير. وما نشر في الصحافة أخيرا من اعتصامات إحدى الإدارات الحكومية ضد وكيل وزارة مهمة بسبب فرضه لنظام البصمة بدلا من التوقيع وتغييرات إدارية أخرى لهو دليل على تأثير ردود الأفعال الجماعية تجاه التغييرات المفاجأة.

ولا بد ان لا يكون المسؤول رهينة الخوف من التغيير، لأن عدم تغيير المنكر في الإدارة يعد في حكم القانون تواطؤ. كأن يغض المسؤول النظر عما يشاهده من حالات اختلاسات أو تسيب مالي أو إداري مقصود تدفع ثمنه المؤسسة والمسؤول الذي يتستر عليها. ولذا نلاحظ أن بعض الوزراء أو القياديين بالشركات يحيلون المشتبه بهم إلى النيابة العامة حتى يأخذ القانون مجراه أو يعيد إليهم اعتبارهم إذا كانت الشبهات التي تحوم حولهم كيدية.

ومن الأهمية بمكان أن يدرك المسؤول أنه في بعض الأحيان تكون خشية الموظفين أو ردود أفعالهم تجاه التغيير مؤقتة، وإن كانت شديدة كالاضرابات العامة، لأنه في نهاية المطاف لا بد من ان يجد الموظفون أنفسهم أمام الأمر الواقع ويمتصون الصدمة تدريجيا. ومثال ذلك تأخير موعد الانصراف من الدوام لمدة نصف ساعة يوميا الذي سرعان ما سيعتاد عليه الموظفون مع مرور الوقت، وهو ما حدث فعليا مع ردود أفعال الموظفين في الجهات الحكومية في دولة الكويت في السنوات الماضية، عندما تأخر موعد الانصراف الرسمي نصف ساعة.

ولأن التغيير سنة الحياة، فلا بد أن يتقبل الموظفون هذه الحقيقة وألا يجادلوا فيها مسؤوليهم. كما أن المسؤولين يتوقع منهم ان يختاروا الوقت والشكل الأنسب لإجراء التغيير اللازم، من دون إثارة حفيظة الناس على نحو استفزازي ينتقص من الهدف الأساسي من التغيير.
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
بارك الله فيك
 

zoya_y

عضو نشط
التسجيل
26 ديسمبر 2007
المشاركات
9,261
الإقامة
DREAM WORLD
شكرا شكرا شامبير :)
 

ALSERHAN

عضو نشط
التسجيل
25 فبراير 2007
المشاركات
2,289
عــــــــدل..

شكرا أخوي على الموضوع المميز...
 

q8_chamber

عضو مميز
التسجيل
24 سبتمبر 2005
المشاركات
7,553
الإقامة
الكويت
أعلى