التضخم في الكويت إلى أعلى مستوياته على الإطلاق

jarrah_aam

عضو مميز
التسجيل
3 نوفمبر 2005
المشاركات
5,279
أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير الى تصاعد حدة الضغوط التضخمية في الكويت، حيث ارتفع معدل التضخم او غلاء المعيشة في شهر فبراير الى 10,1% مقارنة بالشهر ذاته من العام الأسبق، ومدفوعا بشكل رئيسي بارتفاع تكلفة خدمات المسكن والمواد الغذائية. وتشير احدث البيانات المنشورة على موقع بنك الكويت المركزي في شبكة الانترنت الى ان معدل التضخم قد بلغ مستوى قياسيا جديدا لم تشهده البلاد من قبل، متجاوزا لمستواه القياسي السابق الذي كان قد سجله في شهر يوليو من عام 1982، الذي بلغ حينها 9,4%.
وتبعا لهذا التطور، فقد اصبحت الكويت الدولة الخليجية الرابعة ذات التضخم المرتفع الذي يفوق 10%، الى جانب كل من السعودية وقطر وما هو متوقع في الامارات. ومع مرور الوقت، فإن التضخم سيعمل على تخفيض القدرة الشرائية للمستهلكين وبشكل ملحوظ. فعلى سبيل المثال، فإن استمرار وتيرة التضخم عند مستواها الحالي البالغ 10% سيعني ان القدرة الشرائية للدينار الكويتي في السوق المحلي قد تتراجع الى النصف خلال فترة سبع سنوات.
وكان معدل التضخم في الكويت قد وصل في شهر ابريل من عام 2006 الى 1,4% على اساس سنوي، ومنذ ذلك الوقت بدأ في التصاعد وبشكل متواصل تقريبا. كما يلاحظ ايضا ان الزيادة المسجلة في معدل التضخم الشهري خلال الأشهر الستة الأخيرة والمنتهية في شهر فبراير من العام الحالي، قد شهدت تسارعا ملحوظا، وتجاوزت ضعف مستواها المسجل في شهر اغسطس من عام 2007، التي كانت قد بلغت 4,8% على اساس سنوي.
وتشير البيانات الى ان قطاعات السكن والمواد الغذائية والسلع والخدمات المنزلية قد اسهمت لوحدها بنحو 77% من اجمالي الزيادة الكلية في الاسعار خلال شهر فبراير. فخدمات المسكن والتي تستحوذ على اكبر اهمية نسبية في سلة المستهلك تبلغ 27% قد قفزت اسعارها بما نسبته 16,1% خلال شهر فبراير في حين ان المواد الغذائية التي تحظى بأهمية نسبية 18,3% قد ارتفعت اسعارها بنسبة 9,2% وبالنظر الى احد مفاهيم التضخم والذي يستثني تكلفة المسكن والمواد الغذائية، يلاحظ ان التضخم في بقية مكونات سلة المستهلك قد انحرف خلال النصف من عام 2007 عن النمط الذي سلكه التضخم الكلي ليبقى بحدود 4,5% وذلك قبل ان يقفز الى 7,2% خلال شهر يناير ومن ثم الى 7,7% خلال شهر فبراير، وكان التضخم في سلة المستهلك بعد استثناء المواد الغذائية وتكلفة المسكن منذ عام 2005 يرتفع بمستوى الارتفاع نفسه المسجل في التضخم الكلي.
وبالمقابل، ورغم الاعتقاد السائد بأن جزءا كبيرا من التضخم المسجل في الكويت وبقية دول الخليج يصنف في باب التضخم المستورد، فقد لحظ «الوطني» ان معدل ارتفاع اسعار الجملة للسلع المنتجة محليا قد تجاوز معدله للسلع المستوردة.
فتبعا لاحدث البيانات المتاحة والتي تغطي شهر ديسمبر من عام 2007، فإن معدل التضخم في اسعار الجملة قد بلغ في شهر ديسمبر 6,6% و5,8% للسلع المنتجة محليا وللسلع المستوردة على التوالي، ومما لا شك فيه ان رفع سعر صرف الدينار مقابل الدولار الاميركي بنحو 9% منذ قرار فك الارتباط الحصري للدينار بالدولار منذ شهر مايو من عام 2007 قد لعب دورا في الحد من تأثير ارتفاع اسعار الواردات على معدل التضخم، ففي شهر مايو من عام 2007، قام البنك المركزي بفك الارتباط الحصري ما بين الدينار والدولار، وذلك بالعودة الى نظام الربط بسلة من العملات تشمل الدولار.

توقعات
وتشير التوقعات الىان حدة الضغوط التضخمية في الكويت ستتواصل خلال الاشهر القليلة المقبلة لاسباب عديدة، فبداية، يشار الى ان وزارة التخطيط تقوم في معظم الاوقات بتضمين التغيرات التي تطرأ على ارقام كلفة المسكن مرة واحدة كل ثلاثة أشهر، كان آخرها في شهر ديسمبر من عام 2007 مما يعني ان شهر مارس قد يشهد قفزة واضحة في كلفة المسكن. أما بخصوص المواد الغذائية، فإن أسعارها مازالت تشهد تسارعاً ملحوظاً على المستوى العالمي، فبعد ان سجلت ارتفاعا نسبته 15,2% خلال عام 2007، فإن صندوق النقد الدولي يتوقع حدوث ارتفاع إضافي في أسعار المواد الغذائية مقومة بالدولار الأميركي بنحو 18,2% في عام 2008، وذلك قبل أن تبدأ هذه الأسعار بالتراجع في عام 2009.

احتواء التضخم
وذكر «الوطني» ان احتواء الضغوط التضخمية يأتي في مقدمة أولويات السياسة النقدية لبنك الكويت المركزي. ففي أعقاب فك الارتباط الحصري للدينار بالدولار الأميركي في شهر مايو من عام 2007، اتخذ البنك المركزي الكثير من الإجراءات المهمة للحد من نمو القروض. ولكن من المعلوم ان هناك حدوداً لما يمكن أن تحققه السياسة النقدية وحدها في اقتصاد يشهد معدلات نمو سريعة بدفع من أسعار النفط المرتفعة والتوسع الملحوظ في حجم المصروفات الحكومية. كما ان ارتفاع الأهمية النسبية للدولار الأميركي في سلة العملات التي يرتبط بها سعر صرف الدينار الكويتي يحد أيضاً من درجة التباين بين أسعار الفائدة المحلية ومثيلاتها على الدولار الأميركي التي من غير المحتمل أن تشهد أي تصاعد في وقت قريب.

.. وقيود على الأسعار
إضافة إلى ذلك، فإن التوجه إلى فرض قيود على الأسعار بهدف احتواء الضغوط التضخمية قد يؤتى ثماره في المدى القصير، ولكن ليس في المدى البعيد. ولذلك، وكما نوه إلى ذلك صندوق النقد الدولي، فإن عبء أي إجراءات إضافية لاحتواء الضغوط التضخمية يجب أن تتحمله السياسة المالية أيضاً. فالحد من معدل النمو في جملة المصروفات سيكون ضرورياً لإدارة النمو في الطلب المحلي. ومع ذلك، فإن الخيارات المتاحة أمام السياسة المالية محدودة أيضاً في ضوء الحاجة إلى المزيد من الاستثمارات لتقليص معوقات جانب العرض في الاقتصاد على المدى البعيد. وعليه، فقد يكون من الصعب تجنب معدلات تضخم أعلى لفترة زمنية مرحلية، لكن الحكومات تنظر حالياً في تبني حزمة من الخطوات بهدف احتواء جانب من التأثير السلبي لارتفاع الأسعار على القدرة الشرائية للمستهلكين
 
أعلى