متداول جديد
موقوف
كتب محسن السيد:
لم يكن تفوق أداء صندوق ثروة الاستثماري على أداء أكثر من 50 صندوقاً متنوعاً بين محلي وخليجي تقليدي وإسلامي وليد المصادفة. كما أن أداء الصندوق الذي تديره شركة ناشئة لم يمض عليها في السوق أكثر من عام ونصف العام، لم يكن ضربة حظ لعب فيها السوق دوراً، بل نتاج إدارة محترفة وعقلية مهنية لفريق شديد التجانس يقوده أحد أبرز اللاعبين في سوق الأسهم الكويتي خلال السنوات الأخيرة. انه سامي الحساوي أو «ملك الصناديق»، كما يحلو للمقربين منه أن يلقبوه. وتشهد إنجازات الرجل في جميع محطات حياته العملية على هذا اللقب. فهو من أفضل مديري الاستثمار حتى ان أهل السوق يرددون ان المساهم الذي يدخل مع الحساوي في صندوق كأنه يشتري ذهباً. لذا ليس غريباً أن تجد مستثمرين يرافقون الحساوي منذ أكثر من عشرين عاماً يثقون ثقة عمياء بالأدوات الاستثمارية كافة التي يقترن طرحها باسم هذا الرجل.
الحساوي الذي يقف الآن في منتصف عقده الرابع، والذي يتمتع بقسمات وجه بشوشة تظهر انه أقل من هذا العمر، يبتعد عن وسائل الإعلام والمحافل العامة قدر المستطاع، ويحب العمل دائما من وراء الكواليس، في هدوء، مقتنعا بأن النتائج هي الناطق الرسمي باسمه. فالكثير من المستثمرين يتمنون لو يظهر الحساوي مرارا ليتحدث عن السوق ويقدم النصائح لأن هولاء يعرفون تماما انه يستطيع قراءة الأسواق «صح» كما ينقل عنه المقربون منه والذين يؤكدون انهم محظوظون بمعرفته.
محطات مختلفة
محطات مهنية عديدة مر بها الحساوي، وفي كل محطة كان الرجل يضيف إلى المكان والمنصب الذي يتولاه، بعكس الكثيرين من اولئك الذين تضيف لهم المناصب. بدأ الحساوي حياته العملية بعد تخرجه في منتصف ثمانينات القرن الماضي موظفا حكوميا، لكن بعد فترة وجيزة شعر ان المكان يضيق كثيرا بإمكاناته وتطلعاته، فاتخذ قراره بالانطلاق إلى آفاق أرحب. فدخل السوق عام 1987 وبدأ العمل في مجموعة الأوراق المالية ليعمل كمتداول بسيط ولم يكن حجم تعاملات سوق الكويت للأوراق المالية وقتها بالكبير، ولم تكن قد تحررت بعد من اصفاد ازمة المناخ، لكنه كان على اقتناع تام بأنه بدأ صح في المكان الاصح.
بدأ الحساوي يصقل خبرته اكثر فأكثر، عندما انتقل مع بدر السعد، العضو المنتدب الحالي للهيئة العامة للاستثمار، من مجموعة الاوراق المالية، حيث عملا معا، الى شركة المركز المالي الكويتي عام 1998. كانت شركة المركز المالي بمنزلة المسرح الكبير الذي لعب الحساوي على خشبته ادوارا مفصلية حققت للشركة نفسها، قبل ان تحقق له هو شخصيا، شهرة وبريقا، فمن خلال منصبه الذي وصل اليه بعد فترة وجيزة كنائب للرئيس للاستثمارات المحلية والخليجية قاد فريق ادارة الاصول وتجلت حرفيته في اداء صناديق الشركة التي حققت عوائد على مدار هذه الفترة.
مازال الكثيرون يذكرون الانجاز، ان لم نقل الاعجاز، الذي حققته بعض صناديق المركز على يد الحساوي وفريقه بعدما حققت عوائد وصلت الى 1000%، وهاهو الحساوي يكرر نجاحاته مع باكورة صناديق شركة ثروة التي اسست حديثا، ليثبت انه بالفعل يملك «الخلطة السرية» للنجاح في جميع الظروف التي تمر بها اسواق المال، في حالات الكساد قبل الرواج.
فريق العمل
لا يفتأ الفريق الذي عمل معه في شركة المركز يتذكر للحساوي انه كان أول مدير استثمار يبادر بشراء سهم المخازن العمومية حينما كان يتداول عند مستوى 300 فلس تقريبا في ظروف غير اعتيادية عندما كانت طبول الحرب تقرع في العراق، وكان وقتها يقول: سترون ان هذا السهم سيكون نجم السوق. وبالفعل صدقت التطورات على قراءة الحساوي عندما وصل سهم المخازن العمومية الى حافة الـ 7 دنانير في أعلى مستوى قيمة سوقية يصلها سهم شركة مدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية. وما زال هذا الفريق أيضا يتذكر للحساوي خروجه بنجاح باهر من السوق بأرباح وفيرة في حركة التصحيح عام 2006، فيما ظل البعض عالقا، لانه قرأ السوق صح وقتها.
ويشبهه أحد المقربين بسمكة القرش التي تشم رائحة الدماء على بعد عشرات الأمتار وفي ثوان معدودة تصل الى مبعث هذه الرائحة، كذلك هو الحساوي ما ان يشتم قبل غيره رائحة الأسهم المبشرة بالصعود فيصل اليها قبل غيره، ولعل الحساوي يصعب تشبيهه بسمك القرش، اللهم الا في المهارات فقط.
التقييم العادل
وعلى الرغم من ان الحساوي محسوب على المدرسة القديمة في عالم الاستثمار، لكنه كما يقول أحد المقربين منه، يحسب له ابتداع اسلوب استثماري جديد بدأ يعمل به السوق حاليا، حيث كان الحساوي أول من قام بزيارات الى الشركات التي يستثمر في أسهمها، ليلتقي المسؤولين فيها ويطلع على خطط الشركة وتوجهاتها واوضاعها الحالية، لذلك ينجح في وضع التقييم العادل لأسهم الشركات التي يستثمر فيها، وهي احدى الميزات التي انفرد بها الحساوي، والتي درج الكثير من مديري الاستثمار الآن على العمل بها.
قبل نحو عامين كان القرار الفاصل لأبي عمر. إذ رأى انه حان الوقت ان يستجيب لطموحاته وان يتوج احلامه المشروعة التي عاش ردحا طويلا من الوقت لتحقيقها، حلم الانتقال من موظف يعمل في شركة استثمار الى مالك وموظف في آن معا، فانطلق الحساوي معه فريق عمل لتكوين شركة تحلم بإدارة مليار دينار في غضون خمس سنوات، ودخل معه مستثمرون كبار أصحاب سمعة في السوق. نذكر هناك انه كانت للحساوي محاولة سابقة وتحديدا في العام 2005 لتحقيق هذا الحلم، عندما اراد الانتقال الى شركة استراتيجيا للاستثمار كمالك ومدير، الا ان المساهمين في شركة المركز المالي اقنعوا حينها الحساوي بالبقاء، بيد ان هؤلاء المساهمين لم يشأوا الضغط أكثر عليه والوقوف أمام تحقيق حلمه. لذلك يحتفظ الحساوي بعلاقات طيبة مع مساهمي المركز وفريق العمل فيه حتى الان.
شركة ثروة التي شارك في تأسيسها الحساوي اختزلت الوقت، وحققت خلال فترة وجيزة ما لم تحققه شركات استثمار اخرى عبر سنوات مديدة، خلال فترة وجيزة قطعت شوطا كبيرا من حلم فريقها في الوصول الى ادارة نحو مليار دولار اموالا للعملاء واطلاق مجموعة من المنتجات الاستثمارية.
أبو عمر متيم برياضة الاسكواش يمارسها خلال ايام الاسبوع في احد الاندية الرياضية. فبعض اصدقائه الذين عملوا معه تحلو لهم مقابلته، فهو شديد الاعتزاز بالصداقة. لا يحب دائما ان ينسب الفضل لنفسه ودائما يردد في اجتماعاته الرسمية «انجزنا وفعلنا» بصيغة الجمع في اشارة الى دور فريق العمل معه.
يقول عنه المقربون ان ما يميز الحساوي انه قائد كويتي بمعايير عالمية، قادر على العمل في جميع ظروف الاسواق، بل وفي جميع الاسواق.. ويُعرف عنه اتخاذه أقصى حدود المخاطرة في استثماراته.
ويضيف هؤلاء: ان ابرز ما يميز الحساوي ربما عن غيره انه قادر دائما على تشكيل توليفة من عدد محدود من الشركات بدقة متناهية تعبر عن اداء السوق، والاهم دقة توقيت قراره في الدخول او الخروج وزيادة وتخفيض حجم الاستثمار في شركة دون أخرى. باختصار يحاول دائما ان يكون اذكى من السوق. وقد يكون ابرز ما يميزه هو قراءته «الصح» لكل شيء.