aldoktor
عضو جديد
- التسجيل
- 8 يونيو 2008
- المشاركات
- 7
كان أحد شيوخي أيام كنت على مقاعد الدراسة
النظامية شيخا فاضلا كبيرا طاعنا في السن لكن الله حباه ذاكرة حية شابة
لم تشخ بشيخوخته ، و علما غزيرا ، و عقلا راجحا ، و ورعا عاليا ، و كانت
الجامعة في تلك الأيام تشهد سجالا بين أنصار الشريعة من جهة وأصحاب
التوجه الغربي من جهة ثانية ، و بدأ كل محاضر يعرض وجهة نظره و يؤيد
أقواله بالأدلة التي تقوي من موقفه وتدعم من آرائه ، حتى إذا انتهى الأول
من حديثه ، بدأ الآخر صاحب التوجه الغربي يعرض كذلك ما يظنه حقا ويأتي
من معسول القول وجميل التنظير مع التلميح بالشريعة وأهلها كما هو دأبهم
،مما لايستطيع كتمانه أهل هذا التوجه الذين يحسبون أن النور لا يأتي إلا
من الغرب ، مع أن الشمس لا تطلع إلا من الشرق ولا يأتي من الغرب إلا
الظلام ، ولسنا ننفي ما يفيد المجتمعات ويسهم في تقدمها لكن قومنا لا
يأخذون منهم إلا ما برم أولئك به من ساقط الفعل وسيء الخلق .
وأما المخترعات والتكنولوجيا فهذا ليس في وارد حديثنا لأنهم يريدون فكرا ،
لايناسب فكرنا وثقافة صنعها غيرنا لغيرنا ، فنحن عصيون على الذوبان ، إذ لنا
حضارتنا وثقافتنا وفكرنا وهويتنا ........... المهم أن المحاضر جعل يفيض بما
يظنه غرير النفس ، وقليل الخبرة ، شيئا ذا بال حتى إذا تبينه ومحصه ،
وجده من سخفه وتهافته ما عليه يعض أصابعه ويقرع سن الندم ولات حين
مندم ،
سبكناه نحسبه لجينا ..........فبان الكير عن خبث الحديد
وربما ظن هذا المحاضر أن ماطرحه قد تملك به قلوب وعقول مستمعيه ،
وأنه قد ظفر بتأييد منهم لما ذهب إليه من جديد الرأي وحديث الفكر ، ثم
انتهت المحاضرة أو بالأحرى المناظرة ، وبدأ بعدها المعقبون كل ينزع بحديثه
إلى صاحبه يشد على حجته ويرفع من أمره ، حتى يظهره بمظهر المنتصر
على خصمه، وفي هذه الأثناء رفع هذا الشيخ الجليل يده النحيلة التي
عركتها الحياة ،ووهنتها الأيام يريد المشاركة في التعقيب والحديث ، ثم قام
إلى منصة الحديث يجر بدنه بخطى وئيدة ، فحمدالله وصلى على نبيه عليه
الصلاة والسلام ثم قال : عندي لكم قصة ، فدهش السامعون ، إذ ظنوا أن
الشيخ سيرد على ما قاله صاحب الفكر التغريبي وسيفند كلامه بمحاضرة ،
لكن القصة كانت هي حديث الشيخ ، كان هناك صياد يصيد الطيور ، فأوقع
الكثير من هذه الطيور الضعيفة الطيبة في شباكه ، وراح يخرجها ، واحدا تلو
الآخر ، ويضع السكين على رقابها فيحتزها حتى يسيل الدم أحمر قانيا
يتدفق على شفرة السكين وبينما هو منهمك في سفك الدماء البريئة
الغافلة ، رآه عصفور في الشباك فعجب من شيء يفعله الصياد ، لقدكان
هذا الصياد يبكي ودموعه تنهمر ، وفي الحق أنه كان رمدا (مصابا بداء رمدالعيون )،
ولم يكن بكاؤه رحمة ، ولكن العصفور لا يعلم أن الدموع التي يسبلها الصياد
من مآقيه ليست بكاء ، فالدموع ليست دليلا بالضرورة على الخير ، وكان مع
هذا العصفور عصفور آخر حكيم يسبر الأغوار ، ويدرك أبعادها ، ويتبين الأمور
بغيرها ، ولذا حين قال له العصفور ألا ترى الصياد ـ سبحان الله ـ ما أرق فؤاده
، وأرحم نفسه ، إنه لايملك عينيه من البكاء حين يقوم بذبح كل عصفور ،
فقال له العصفور الحكيم :
يابني انظر إلى فعل يديه ، ولا يغرك دمع عينيه
النظامية شيخا فاضلا كبيرا طاعنا في السن لكن الله حباه ذاكرة حية شابة
لم تشخ بشيخوخته ، و علما غزيرا ، و عقلا راجحا ، و ورعا عاليا ، و كانت
الجامعة في تلك الأيام تشهد سجالا بين أنصار الشريعة من جهة وأصحاب
التوجه الغربي من جهة ثانية ، و بدأ كل محاضر يعرض وجهة نظره و يؤيد
أقواله بالأدلة التي تقوي من موقفه وتدعم من آرائه ، حتى إذا انتهى الأول
من حديثه ، بدأ الآخر صاحب التوجه الغربي يعرض كذلك ما يظنه حقا ويأتي
من معسول القول وجميل التنظير مع التلميح بالشريعة وأهلها كما هو دأبهم
،مما لايستطيع كتمانه أهل هذا التوجه الذين يحسبون أن النور لا يأتي إلا
من الغرب ، مع أن الشمس لا تطلع إلا من الشرق ولا يأتي من الغرب إلا
الظلام ، ولسنا ننفي ما يفيد المجتمعات ويسهم في تقدمها لكن قومنا لا
يأخذون منهم إلا ما برم أولئك به من ساقط الفعل وسيء الخلق .
وأما المخترعات والتكنولوجيا فهذا ليس في وارد حديثنا لأنهم يريدون فكرا ،
لايناسب فكرنا وثقافة صنعها غيرنا لغيرنا ، فنحن عصيون على الذوبان ، إذ لنا
حضارتنا وثقافتنا وفكرنا وهويتنا ........... المهم أن المحاضر جعل يفيض بما
يظنه غرير النفس ، وقليل الخبرة ، شيئا ذا بال حتى إذا تبينه ومحصه ،
وجده من سخفه وتهافته ما عليه يعض أصابعه ويقرع سن الندم ولات حين
مندم ،
سبكناه نحسبه لجينا ..........فبان الكير عن خبث الحديد
وربما ظن هذا المحاضر أن ماطرحه قد تملك به قلوب وعقول مستمعيه ،
وأنه قد ظفر بتأييد منهم لما ذهب إليه من جديد الرأي وحديث الفكر ، ثم
انتهت المحاضرة أو بالأحرى المناظرة ، وبدأ بعدها المعقبون كل ينزع بحديثه
إلى صاحبه يشد على حجته ويرفع من أمره ، حتى يظهره بمظهر المنتصر
على خصمه، وفي هذه الأثناء رفع هذا الشيخ الجليل يده النحيلة التي
عركتها الحياة ،ووهنتها الأيام يريد المشاركة في التعقيب والحديث ، ثم قام
إلى منصة الحديث يجر بدنه بخطى وئيدة ، فحمدالله وصلى على نبيه عليه
الصلاة والسلام ثم قال : عندي لكم قصة ، فدهش السامعون ، إذ ظنوا أن
الشيخ سيرد على ما قاله صاحب الفكر التغريبي وسيفند كلامه بمحاضرة ،
لكن القصة كانت هي حديث الشيخ ، كان هناك صياد يصيد الطيور ، فأوقع
الكثير من هذه الطيور الضعيفة الطيبة في شباكه ، وراح يخرجها ، واحدا تلو
الآخر ، ويضع السكين على رقابها فيحتزها حتى يسيل الدم أحمر قانيا
يتدفق على شفرة السكين وبينما هو منهمك في سفك الدماء البريئة
الغافلة ، رآه عصفور في الشباك فعجب من شيء يفعله الصياد ، لقدكان
هذا الصياد يبكي ودموعه تنهمر ، وفي الحق أنه كان رمدا (مصابا بداء رمدالعيون )،
ولم يكن بكاؤه رحمة ، ولكن العصفور لا يعلم أن الدموع التي يسبلها الصياد
من مآقيه ليست بكاء ، فالدموع ليست دليلا بالضرورة على الخير ، وكان مع
هذا العصفور عصفور آخر حكيم يسبر الأغوار ، ويدرك أبعادها ، ويتبين الأمور
بغيرها ، ولذا حين قال له العصفور ألا ترى الصياد ـ سبحان الله ـ ما أرق فؤاده
، وأرحم نفسه ، إنه لايملك عينيه من البكاء حين يقوم بذبح كل عصفور ،
فقال له العصفور الحكيم :
يابني انظر إلى فعل يديه ، ولا يغرك دمع عينيه