كيف وصل النظام المالي في الولايات المتحدة إلى هذه الدرجة من الفوضى؟

caca

عضو نشط
التسجيل
25 يوليو 2004
المشاركات
1,709
كيف وصل النظام المالي في الولايات المتحدة إلى هذه الدرجة من الفوضى؟
الوطن القطرية ـ د.ديفيد بروكتر 29/09/2008

هناك ثلاثة أسباب وراء ذلك أولا، كل منا في القطاع المالي يجب أن يتقاسم المسؤولية

فسعيا إلى تحقيق أرباح أعلى، قام المصرفيون بتطوير أدوات مالية معقدة لدرجة أن قلة قليلة من الناس تستطيع فهمها ويستطيع مبرمجو الكمبيوتر فقط ادارتها. وقد كانت هناك تحذيرات من ذلك في الماضي. ففي عام 1983 قام فريق من شركة «فيرست بوسطن» باختراع منتج أطلق عليه اسم «التزامات الرهن العقاري» (سي إم أو)، والذي حقق انتشارا سريعا.

وبعد 10 سنوات أفلس صندوق «سي إم أو» والذي بلغت قيمته ملياري دولار. ولكن ذلك لم يوقف تطوير منتجات مماثلة أكثر تعقيدا باستخدام أجهزة حاسوب أكثر قوة. وأخيرا، في عام 1987 رزح المستثمرون تحت وطأة خسارة بنسبة 20% في يوم واحد عندما تعطلت أنظمة التبادل التجاري في كل من بورصة نيويورك للأوراق المالية، وبورصة شيكاغو التجارية، ومجلس شيكاغو للتجارة تماما، غارقة بفعل ارتفاع مفرط في حجم استخدام التجارة الاليكترونية المبرمجة. فهل كان ذلك مدعاة لزيادة التحكم في نمو الأدوات المالية المعقدة؟ أخشى أن الاجابة هي لا.. بل وبكل بساطة قمنا باستخدام أجهزة حاسوب أكبر.

ثانيا، ضعف التنظيم

مرة أخرى فقد كانت هناك علامات تحذير. فقطاع صناديق التحوط، غير منظم إلى حد كبير ويعتبر جزءا مبهما من قطاع الخدمات المالية، في حين يصل حجمه إلى ما يقرب الـتريليوني دولار أميركي. هذا على الرغم من أنه وفي عام 1998 ابان الأزمة المالية الروسية، فإن صندوقا استثماريا كبيرا كان يطلق عليه اسم - لونج تيرم كابيتال مانجمنت - في الولايات المتحدة دمر تماما - بعد أن اكتشف المحاسبون أنه قد اقترض 100 مليار دولار لاستخدامها في مراهنات مالية في الأسواق، ولم يكن متاحا من تلك الأموال سوى مليار واحد لتغطية أي خسارة ناجمة عن تلك المراهنات.

ويقدر تيم جيثنر، رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي، في نيويورك أن مجموع قيمة هذا الصندوق ونشاطات مصرفية أخرى مماثلة تجرى في «الظل»، تبلغ حوالي 10.5 تريليون دولار أميركي - وهو نفس حجم القطاع المصرفي المنظم! لماذا حدث هذا؟ لأن هناك العديد من الكيانات التنظيمية المختلفة، وكل يتصرف بشكل مستقل.

فعلى سبيل المثال، عندما رفعت بازل 2، وهي نظام تنظيمي جديد للمصارف، تكلفة تحمل البنوك للمخاطر الخاصة بها على الميزانية العمومية، فقد قامت البنوك ببساطة ببيع المخاطر إلى الكيانات التي لا تخضع للتنظيم. وكانت النتيجة؟ أن أكبر شركة تأمين في العالم وهي أميركان انترناشيونال غروب، كانت على وشك الافلاس وكان لا بد من انقاذها لأنها تحتجز 440 مليار دولار من المخاطر التي اشترتها من البنك (فيما يسمى بعملية مقايضة الائتمان الافتراضي). والأمر الذي يدعو إلى القلق حقا هو أن اجمالي حجم سوق مقايضة الائتمان الافتراضي العالمي هو 62 تريليون دولار أميركي (وهذا ما يعادل 1000 دولار عن كل رجل وامرأة وطفل على كوكبنا!).

ودعونا لا ننس النظام المحاسبي - حيث أجبر النظام المحاسبي الجديد البنوك على ربط الأصول بقيم السوق. ويعمل هذا النظام بشكل جيد في ظروف الأسواق، لكنه يخلق حلقة مفرغة عندما تضطرب الأسواق - مثلا في حال هبوط أسعار الأصول، فإن البنوك تتكبد خسائر كبيرة، وهذا بدوره يشجع أسعار الأصول على الهبوط بشكل أكبر.

ثالثا، ضعف الادارة الاقتصادية

في عام 2000 عندما انهارت فقاعة دوت كوم، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة بخفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة من 6.5% إلى 3.5% وبعد أحداث 9 / 11، قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض المعدلات إلى أن وصلت إلى 1% في عام 2003 وبقيت عند ذلك المؤشر لمدة 31 شهرا. انخفاض أسعار الفائدة ذلك أثار فقاعة العقارات - من 2002-2005 حيث زاد متوسط أسعار المساكن في الولايات المتحدة بنسبة (50% لأنه كان بإمكان الناس تحمل اقتراض المزيد بما أن أسعار الفائدة كانت منخفضة). وللاستفادة من انخفاض هذه المعدلات، قام ملاك المنازل القديمة أيضا بإعادة تمويل رهوناتهم العقارية القديمة للحصول على أكبر قيمة) وفي عام 1995 بلغ مجموع صفقات اعادة تمويل الرهن العقاري في الولايات المتحدة 14 مليار دولار، بينما وصل في عام 2005 إلى 250 مليار دولار)، وأنفق المال فيى شراء السيارات الجديدة، والالكترونيات، والعطلات، والمنازل الثانية. حتى أن البنوك وجدت وسائل لاقراض الناس غير القادرين على اقتراض الكثير من المال -- مجموع الرهون العقارية لهذا القطاع (الذي يسمى «قطاع الرهن العقاري الثانوي») ارتفع من 145 مليار دولار في عام 2001 ليصل إلى 625 مليار دولار عام 2005.

وأثر كل ذلك سلبا بطريقتين، فعندما بدأت أسعار الفائدة بالارتفاع مرة أخرى، اكتشف المقترضون فجأة انهم لا يستطيعون تحمل تسديدها. وعلاوة على ذلك، فقد قاموا بإنفاق أغلب أموالهم على شراء سلع أجنبية (فوصل تراكم العجز التجاري الأميركى في الفترة بين عامي 2000 و2006 إلى 4 تريليونات دولار أميركي). وبالتالي فإن لدى الصين الآن 1.2 تريليون دولار أميركي من الاحتياطيات النقدية، ولدى بقية دول آسيا الأخرى 1.2 تريليون دولار منها، أما روسيا فلديها 400 مليار دولار، في الوقت الذي تبدو فيه خزائن الولايات المتحدة فارغة بطريقة تدعو إلى التشاؤم.

ذلك ما يحدث الآن؟

لقد حان الوقت للولايات المتحدة لتسديد الفواتير، واصلاح نظام الرقابة المالية والاقتصادية ومعالجة نقاط الضعف!

ما هو حجم تلك الفواتير؟

لا أحد يعرف على وجه التحديد، لكني اعتقد أنها ستصل في أفضل حال إلى 1.5-2 تريليون دولار بحلول الوقت الذي سينجلي فيه الغبار عن النظام المالي القائم والعامل في الظل. وقد قامت البنوك الكبيرة خلال فترة الـ 12 شهرا الماضية بطلب المستثمرين منحها أكثر من 320 مليار دولار من الأموال الجديدة (أو رؤوس الأموال) لتعويض الخسائر ولتمكينها من استعادة المخاطرات التي نقلتها إلى شركات التأمين والأنظمة المصرفية العاملة في «الظل» (فعلى سبيل المثال طرحت مجموعة سيتي غروب 55 مليار دولار من رأس المال الجديد، وميريل لينش 52 مليار دولار، ويو بي إس 38 مليار دولار).

وسيكلف تخليص مديونية فاني ماي وفريدي ماك (وهما اثنتان من المؤسسات ذات الصلة بالرهن العقاري في الولايات المتحدة) وحدهما 200 مليار دولار على أقل تقدير. وكانت الحكومة قد قدمت 85 مليار دولار لدعم أميركان انترناشيونال غروب. كما أن قرار الكونغرس مساعدة قطاع «حل الأصول» سيكلف 700 مليار دولار أخرى - ولن تتبخر جميع هذه الأموال والسبب هو أن جمع الضرائب من المستحقة عليهم سينعش سوق الولايات المتحدة بالعوائد المالية، لكن الأمر لا يزال مؤلما بشكل كبير بالنسبة لاقتصاد الولايات المتحدة.

ما هي «شركات حل الأصول» (أر أي سي) التي يتحدث عنها الجميع؟

تعرف تلك الشركات ابان الأزمات المالية كهذه - والاسم الآخر المستخدم لتلك الشركات هو شركات ادارة الأصول. واستخدمت الولايات المتحدة هذا النهج في الثمانينيات والتسعينيات من القرن المنصرم عندما افلست 750 مؤسسة توفير واقراض، وكذلك كان الأمر في دول أخرى - مثل فنلندا والسويد في عام 1982، والمكسيك عام 1985، وماليزيا، وإندونيسيا، وكوريا، وتايلاند والفلبين في عام 1998. وفي هذه الحالة، أتوقع أن تعرض شركات حل الأصول شراء الرهون العقارية المتعثرة من البنوك (لنقل) بحسم يتراوح بين 60 و70%.

ومع تحسن الأسواق، ستوقف شركات حل الأصول لرهون العقارية، وأي أرباح ناجمة فستكون مشتركة بين دافعي الضرائب في الولايات المتحدة والبنوك. والفائدة التي ستعود على ملاك العقارات هو أنهم سوف لن يعانوا من تهديد المصارف بالحجز على عقاراتهم تلك. أما فائدة البنوك فهي ازالة الشكوك حول مدى عمق الديون المشكوك في تحصيلها وبالتالي تتمكن تلك البنوك من التركيز على استعادة نماذج الأعمال التجارية - بسعر التكلفة!

ماذا سوف يحدث لاقتصاد الولايات المتحدة؟

على مدى السنوات القليلة الماضية فقد كان الانفاق على الاستهلاك المحلي هو العامل الرئيسي لقيادة الاقتصاد في الولايات المتحدة (جميع هذه السيارات الجديدة والمنازل الثانية). وهذا لا يمكن أن يستمر، وبالتالي فعلى الولايات المتحدة أن تتجه نحو التصدير بشكل أكبر، ولكن، الآن وبعد أن قامت وزارة الخزينة الأميركية بضخ الكثير من الأموال في الاقتصاد لانقاذ النظام المالي، فإن بنك الاحتياطي الفيدرالي يواجه بعض القرارات الصعبة. تعاني المزيد من الأموال في النظام من مخاطر ارتفاع التضخم والتي سيسعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى السيطرة عليها من خلال رفع أسعار الفائدة.

وفي الوقت نفسه، فإن حكومة الولايات المتحدة أيضا ستسعى إلى اقتراض المزيد من المال. وهي تفعل ذلك عن طريق بيع سندات الخزينة لحكومات أخرى، ولصناديق المعاشات ولمستثمرين أثرياء (وهي أساسا «أوراق مالية تقول بأني مدين لك» مع وعد لحاملها بتسديد مبلغ من المال في تاريخ معين في المستقبل) - وسيقوم المستثمرون بشراء العديد من هذه الأوراق المالية اذا قامت الولايات المتحدة بدفع أسعار فائدة أعلى لهم. كذلك فإن ارتفاع أسعار الفائدة يخلق مزيدا من المشاكل للفقراء في الولايات المتحدة من أصحاب العقارات - كما أن ارتفاع معدلات الفائدة أيضا لا يساعد المصارف على التعافي من مشاكلها (فالبنوك تفضل الحصول على أسعار فائدة منخفضة حتى تتمكن من زيادة الفارق بين أسعار الفائدة على الودائع والاقراض).

فما الذي يمكننا فهمه من كل هذا؟ أنه وبعد اعلان الكونغرس عن المصادقة على مقترح شركات حل الأصول مباشرة، فستتعزز قيمة الدولار الأميركي ولكن بشكل مؤقت. وتشير كل الدلائل إلى أن قيمة الدولار ستشهد هبوطا خلال الأشهر القليلة المقبلة لتمكين صادرات الولايات المتحدة من أن تصبح أكثر قدرة على المنافسة في الأسواق الدولية. وهذا بدوره يمكن أن يشجع البلدان في الخارج على تحويل احتياطيها من الدولارات إلى عملات أخرى، مما سيسارع في هبوط قيمة الدولار كذلك. ويعني ذلك أيضا أن آثار هذه الأزمة المالية على الولايات المتحدة ستمتد لعدة سنوات - فالمشاكل من هذا الحجم والتعقيد تستغرق بعض الوقت للتصحيح. ولا ينبغي لنا أن نتوقع أن نرى العديد من السياح من الولايات المتحدة في المستقبل القريب!
 
التسجيل
13 يناير 2005
المشاركات
622
يعطيك العافية موضوع يستحق القرءاة

فعلا المشكلة عوده
 
أعلى