بعد انتهاء حفلة المنقذين | خطة الانقاذ الامريكية .. وماذا بعد ؟..!!

سهيل الدراج

عضو محترف
التسجيل
15 أبريل 2006
المشاركات
1,708
الإقامة
الرياض
بعد انتهاء حفلة المنقذين | خطة الانقاذ الامريكية .. وماذا بعد ؟..!!

http://www.al-jazirah.com/356978/ec5d.htm


539w.jpg



سهيل الدراج - الرياض – السبت 4 اكتوبر 2008م - صحيفة الجزيرة السعودية - العدد 13158


انتهت الحفلة ..!! لقد كان بحق اسبوع حافل بالاثارة انتقلت فيه كاميرات وميكروفونات الاعلاميين من واشنطن الى نيويورك .. الحدث لم يكن الانتخابات الرئاسية أو حفل أولمبياد ، وانما كان حدثاً اقتصادياً هاماً .. ففى الكابتول هيل بواشنطن مقر الكونجرس الامريكي الذى يضم مجلسى الشيوخ والنواب تمت مناقشة والتصويت على خطة الانقاذ المالي التى عرفت باسم Emergency Economic Stabilization Act of 2008 أو مايعرف اخت صاراً بـ ( EESA ) .. ففى يوم الاثنين الموافق 29 سبتمبر 2008م صوت مجلس النواب على رفض خطة الانقاذ المالي بصيغتها الأولية التى تقدم بها وزير الخزانة السيد هنرى باولسون ، وفى وول ستريت بنيويورك صوت المتداولين على الخطة بهبوط عنيف دفع الداو جونز لهبوط تاريخى مقداره 777 نقطة وهو أسوأ هبوط للداو جونز على الاطلاق من حيث عدد النقاط المفقودة في يوم واحد .. لكن الأمل لم ينتهى فقد وعد الجميع بتعديل الخطة وادخالها لمجلس الشيوخ الذى يضم 100 عضو بواقع عضوين لكل ولاية ، وفى يوم الاربعاء الاول من اكتوبر 2008م وافق مجلس الشيوخ على الخطة المعدلة فقد قبلها 74 عضوا ، ورفضها 24 عضواً ، وفي يوم الجمعة 3 اكتوبر 2008م كان اليوم الحاسم وهو اليوم الذى ستنتقل فيه مرة أخرى الخطة المعدلة الى مجلس النواب الذى يضم 435 عضو ممثلين للولايات الامريكية ، ولم يكن مفاجئاً ان يتم قبول الخطة المعدلة ، فقد صوت لصالح الخطة 263 عضو ورفضها 171 عضوا ، لكن كلمة وول ستريت لم تتغير ، فقد سقط مؤشر الداو جونز ليتخلى عن مكاسب مقدارها 300 نقطة كان قد حققهها واحتفظ بها حتى اعلان نتائج التصويت ، لكنه تخلى عنها وفقد 157 نقطة اضافية .. وبذلك يكون مؤشر الداو جونز قد فقد حوالي 8% في اسبوع ، وهو اكبر انخفاض في اسبوع واحد منذ عام 1999م .

هذا هو وصف الحفلة التى انتهت الاسبوع الماضي ، لكن مانريد ان نركز عليه هنا ، هو ماهى هذه الخطة وماهي اهميتها ؟ وهل لها تأثير حقيقى على انقاذ النظام المالي الامريكي ؟!!

في شهر اغسطس 2007م شعر الفدرالي الامريكي بالخطر المحدق بالنظام المالي ، فبادر باتخاذ اجراءات ضخ السيولة في النظام المالي ، لكنه مالبث ان بدأ باجراءت خفض الفائدة الطارئ والاعتيادي ، بشكل متسارع لتنخفض الفائدة من 5.25% الى 2% خلال سنة واحدة ، وخلال هذه المدة كان الفدرالي يلجأ من وقت لآخر الى ضخ السيولة في النظام المالي الذى كان يتآكل من الداخل .. خطابات الرئيس جورج بوش في تلك الفترة وخطابات برنانكي وباولسون كانت لاتوحي بحدوث اى خلل في الاقتصاد او النظام المالي .. لكن التصرفات على ارض الواقع كانت تنذر بالخطر .. بعد ذلك جاءت خطة الرئيس جورج بوش لخفض الضرائب التى ستوفر 160 مليار دولار للمواطنين الامريكيين ، وفى واقع الامر فان هذا الخفض في الضرائب الذى لم يتجاوز مبلغ 600$ للفرد الامريكي في المتوسط لم تكن كافية لفعل اى شيء في اقتصاد زاد التضخم فيه .. وبعد ذلك بدأ الفدرالي بالتدخل بشكل اكثر من اى وقت مضى بعد انهيار بنك بيرستيرنز ، حتى تفاجيء الجميع بقرار تأميم شركتى فاني ماي و فريدى ماك ، وهما اكبر شركتى للاقراض السكنى في الولايات المتحدة ، ثم جاء قرار تملك نسبة 80% من شركة AIG اكبر شركة للتأمين على السندات في الولايات المتحدة بعد ان منحتها السلطات الفدرالية قرضا قيمته 85 مليار دولار بفائدة بلغت 11% سنوياً .. اذا خفض الفائدة وضخ السيولة ومساعدة الشركات المتعثرة وتأميم شركات اخرى ، وتملك الحصص في شركات القطاع الخاص لم تجدى نفعاً في نظام مالي تهاوت اجزائه ، واختفت بعض معالمه ..


هنرى باولسون وزير الخزانة الامريكية الذى تولى منصبه عام 2006م بعد ان استقال من منصبه السابق كرئيس تنفيذى لبنك جولدمان ساكس اكبر بنك استثماري في الولايات المتحدة ، الذى تحول في خضم هذه الازمة الى بنك تجاري ليتغلب على صعوباته الناتجة عن الرهن العقاري وازمة الائتمان المالي ، هنرى باولسون تقاضي في اخر عام له في ادارة البنك مبلغ 129 مليون دولار كبونص عن أدائه .. اليوم يقف هنرى باولسون امام الكونجرس الامريكي ليسوق خطته المالية للانقاذ ، لكن فشل الخطة في مجلس النواب لأول مرة اجبره على تعديلها لتتضمن نقاط مهمه منها ، رفع الضمان على الودائع البنكية من 100.000$ الى 250.000$ ، وتخفيضات ضريبية لقطاع الاعمال .. اضافة الى البنود الاساسية التى تضمنتها خطة الانقاذ وهى : شراء الاصول المالية المتعثرة من البنوك والمؤسسات المالية الامريكية ، ومساعدة العائلات المتضررة على سداد قروض منازلها ، وحرمان المدراء التنفيذيين في المؤسسات المالية المتعثرة من المكافآت المالية ، ووتقييد صلاحيات وزير الخزانة في صرف مبلغ الخطة 700 مليار دولار ، بحيث تكون 250 مليار تحت تصرفه بدأ من تاريخ المصادقة على الخطة ، و100 مليار لابد ان تكون بموافقة الرئيس ، في حين ان 350 مليار دولار لابد ان تكون بموافقة الكونجرس ..

لكن هذه الخطة حتى بعد اقرارها فانها تتضمن العديد من العيوب والمشاكل الملازمة لها ، وستبقى مما لاشك فيه نقطة محورية في تاريخ الاقتصاد الامريكي ان نجحت أو فشلت .. ولعل اهم انتقادات هذه الخطة هو تدخل الدولة واجهزتها السافر في قطاع الاعمال ، وتملك شركات من القطاع الخاص وتأميم البعض الآخر ، وهذا ليس من مبادئ الرأسمالية واقتصاد السوق ،وانما اقتراب وتداخل مع الاشتراكية .. فهل فقدت الرأسمالية اهم مقوماتها عند ثاني اختبار حقيقى ، بعد اختبار الكساد الكبير عام 1929م ؟!! ..

كذلك من انتقادات وعيوب هذه الخطة هى انها لن تتعامل مع الاوراق المالية المتعثرة لدى البنوك الاجنبية أو صناديق التحوط Hedge Funds وبذلك تكون امريكا قد تنصلت من مسؤوليتها عن الاوراق المالية الامريكية التى تم بيعها لمستثمرين وبنوك اجانب ، وهذا بالتأكيد سيضعف الثقة المستقبلية في الاستثمارات الامريكية ..

واذا ما انتقلنا الى آلية التطبيق ، سنجد ان شراء السندات المتعثرة من البنوك لن يحل المشكلة وفقاً للخطة ، لأنه سيتم وفق مزاد وبالتالي فان الورقة المالية التى وصلت قيمتها الى 1$ من اصل 100$ مثلاً سيتم شراؤها بمبلغ دولار وسنت واحد حسب المزاد ، وبالتالي فان البنوك لن تستفيد من هذه الخطة لأن الشراء تم بسعر المزاد لابالقيمة الحقيقة قبل الانهيارات .. وبذلك ينتهى الأمل لدى البنوك ، ويتحول الامل الى وزارة الخزانة بعد تملكها هذه الاوراق المتعثرة ، وتصبح رهينة لتحسن الاوضاع الاقتصادية والمالية وارتفاع قيمة هذه الاصول .. لكن هذه الاصول لن تتحسن الا بتحسن أوضاع البنوك والعقارات وهذا يعتبر صعباً بعد حرمان المدراء التنفيذين من الحوافز التى تعتبر المحرك الرئيس لهم ..

الخطة لم توضح كيف سيتم مساعدة اصحاب المنازل ، لأن المشكلة هى ان اصحاب المنازل انفسهم قرروا طواعية ترك المنازل وتسليمها للبنوك لأن قيمتها السوقية اصبحت اقل بكثير من قيمتها عند توقيع عقد الشراء بالتقسيط ، وهذا يعتبر قراراً رشيداً للفرد الامريكي .. ولا ننسى ان اسعار المنازل معرضة لانخفاض اكثر واكثر بعد احجام البنوك عن التمويل بسبب ازمتها المالية ..

ومن عيوب هذه الخطة ايضا انها بدأت تقضى على الأمل ، ففى اسواق المال ان تعيش على امل افضل من ان لايكون هناك امل اصلاً ، وبذلك تصبح خيارات الحكومة الامريكية قليلة في التعامل مع المشكلة ان لم تنجح هذه الخطة في التعامل مع الوضع الراهن ، وتعود الكرة من جديد الى ساحة الفدرالي الأمريكي وخفض الفائدة لمحاولة خلق اثر نفسي جيد في الاسواق على الرغم من ان خفض الفائدة لن يساهم في تحريك أو زيادة الاقراض ، لأن المؤسسات المالية والبنوك هي في حاجة ماسة الى الاقتراض حتى لو كان معدل الفائدة 10% .. ومن المهم جداً ان نعرف ان هذه الخطة ستساهم في رفع الدين العام الأمريكي بواقع 7% ، ليصل الى حوالي 10.7 تريليون دولار أو مايعادل 76% من الناتج المحلى الأمريكي وهو ماسيؤدى الى اضعاف الدولار امام العملات الأخرى .. فهل كان النواب على حق عندما رفضوا مشروع القرار لأول مرة ؟!! ..

اذا نستطيع ان نقول ( من وجهة نظرنا الشخصية ) .. انه كان من الاجدر ان ألا تتدخل الحكومة في القطاع الخاص والقطاع المالي ، وان تتحول الى الدعم المباشر للقطاع العقاري وتعزيز اسعاره من خلال تقديم قروض بدون فوائد لفترة محدودة ( تصل الى 3 سنوات مثلاً ) للمواطنين لدفعهم الى التملك ، لتحقيق هدفين : الاول : مساعدة المواطن في امتلاك منزل وهو هدف اجتماعي ، والثاني هو زيادة الطلب على العقار وبالتالي تعزيز اسعاره .. ومع تعزيز اسعاره فان قيمة الاصول ومشتقاتها المرهونة في البنوك والمؤسسات المالية سترتفع وسيكون بالامكان اعادة بيعها ، واعا دة الحياة للنظام المالي الذى انكسر اساساً بفعل انخفاض الطلب على العقار مما ادى الى انخفاض اسعاره ونشوء مشكلة الرهن العقاري ..

واذا ماقدر للنظام المالي الامريكي ومعه النظام المالي العالمي ان ينجو من الانهيار ، فلن يسلم من تبعات الركود الاقتصادي الذى سيصيب الولايات المتحدة بدأ من الربع الثاني والثالث عام 2008 التى ستكون بكل تأكيد ارباعا ركودية ، ويتوقع ان يستمر الركود حتى نهاية عام 2009م ، ويصاب بمعدلات بطالة تصل الى 8% على الاقل .. لكن وصول الديموقراطيين الى الحكم سيجعل من عام 2010م هو عام النهوض من جديد وعودة الحياة الى اسواق المال الدولية والاقليمية والمحلية ..


دمتم في رعاية الله ..​
 

مضــارب أسـهم

عضو مميز
التسجيل
28 فبراير 2008
المشاركات
14,574
الإقامة
الكويـــــت
اخوي سهيل قبل يومين سمعت مقابلتك مع قناة العربية وكانت مشاركتك اكثر من رائعة وكانت ردوودك مقنعة علي الازمة بارك الله فيك
 
أعلى