قصيدة أمة الصحراء الفيلسوف و الشاعر الهندي المسلم الكبير محمد إقبال

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
قصيدة أمة الصحراء

الفيلسوف و الشاعر الهندي المسلم الكبير محمد إقبال




أمة الصحـراء يا شعب الخلـود *** من سواكـم حل أغلال الورى
أي داع قبلكم في ذا الوجـود *** صاح لا كسـرى هنا لا قيـصرا
من سواكم في حديث أو قديم *** اطلع القرآن حـجًا للـرشـاد
هاتفًا في مسمع الكـون العظيم *** ليس غـير الله ربـا للعــباد
لا تقل أين ابتـكار المسلـمين *** واشهد الحمراء واسأل حسن تاج
دولة ســار ملـوك العالمين *** نحوها طوعـا يـؤدون الخـراج
دولــة تقــرأ في آياتـها *** مظـهر العـزة والملك الحصين
وكنـوز الحـق في طــياتها *** دونها صـارت قلـوب العارفين



وهنا يكون إقبال قد تفوق على الرافعي، وقصيدة الملحمية ( شكوى وجواب شكوى) تشهد بهذا...
فهو لم يختصر تاريخ المسلمين بالقوة العسكرية، بل توخي شمولية الرؤية للإبداع الحضاري المتنوع في مجال العمارة والبناء، والقيم والمبادئ، كالحرية والعدل وحفظ الحقوق، فضلاً عن القوة الحصينة...
لم تكن الصحراوية عند إقبال عيبًا أو مثلبًا، بل وظفها إيجابيًا ليكشف عن عبقرية الخلاص من وطأة البينة ومحدوديتها، والانفتاح على (العالمين)، والخروج من ظلمة الجهالة والتخلف عبر بوابة (أقرأ)، إلى قمة تنقطع دونها (قلوب العارفين).
والحمد لله رب العالمين.


========
الأديب الكبير مصطفى صادق الرافعي يقول في نشيدته:



إنما الإسلام في الصحراء امتهد *** ليــجــــــــيء كل مسـلم أســــــد
ليس كالمسلم في الخلق أحـــــــــد *** ليس خلق اليوم، بل خلق الأبد
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
تصحيح للبيت


من

من سواكم في حديث أو قديم *** اطلع القرآن حـجًا للـرشـاد

الي

من سواكم في حديث أو قديم ===== أطلع القرآن صبحا للرشاد
 

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
يحيى بشير حاج يحيى

عضو رابطة أدباء الشام

على الرغم من معرفة إقبال لعدد من اللغات ومنها العربية التي كان مدرسا لها في جامعة لندن إلا انه لم ينظم أشعاره بها ويعلل الأستاذ أبو الحسن الندوي ذلك بقوله : إن إقبالا لم يكن بمكانة من يقول فيها الشعر ولكنه كان محبا لها و راعيا في ترجمة أشعاره إلى لغة العرب فقال (( إن أعمالي ستخلد وسترون أن كل معنى أرسلته في قصائدي ستحمله اللغات بعضها إلى بعض ولكني أريد أن يترجم كلامي للغة العربية أولا وقبل كل شيء ليصل إلى العرب صوتي وليفهم العالم أسرار قلبيفماذا قال لإقبال للأمة العربية ؟

لقد خاطبها على أنها الأمة ذات الرسالة التي خلصت الإنسان من أغلال الشرك وحررت الشعوب من الظلمة والطواغيت وقد تبوأت مركز الصدارة بالدين الذي حملته وبشرت به :

أمة الصحراء يا شعب الخلود من سواكم حل أغلال الورى

أي داع قبلكم في ذا الوجود صاح : لا كسرى هنا لا قيصرا

من سواكم في حديث أو قديم أطلع القرآن صبحا للرشاد

هاتفا في مسمع الكون العظيم ليس غير الله ربا للعباد

وكانت منة الله على هذه الأمة ببعثة النبي الكريم محمد – صلى الله عليه وسلم – الذي جمعها من شتات وأضاء حياتها بنور القرآن فزكاها وعلمها ورقاها وقادها إلى عز الدنيا وفوز الآخرة :

وابل من فيض أمي اللقب الكريم الفرد في كل الكرام

انبت الزهر بصحراء العرب بل سقى في القفر بستان الوئام

بهدى الحرية العليا أناره فهي روض مونق من غرسه

يومها الحاضر في كل الديار لم ينر إلا بذكرى أمسه

ثم يذكرها بماضيها المجيد لتستلهم من وقائعه وصفحاته الناصعة .. يوم تحققت بالخيرية التي أكرمها الله تعالى بها ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ففاض الخير عن كل العالمين وعم العدل الخافقين :

لا تقل أين ابتكار المسلمين وسل الحمراء واشهد حسن تاج

دولة سار ملوك العالمين نحوها طوعا يؤدون الخراج

كبروا لله في ظل الحروب وصفوفا تحت ظل المسجد

ضجة دانت لهم فيها الشعوب وارتقوا فيها مكان الفرقد

ويستنهض الأمم ويدعو إلى العودة للأصالة والانطلاق من الذات معاتبا لها وناعيا عليها واقعها المؤلم

وي كأن لم تشرقوا في الكائنات بهدى الإيمان والنهج الرشيد

ونسيتم في ظلال الحادثات قيمة الصحراء في العيش الرغيد

كل شعب قام يبني نهضة وأرى بنيانكم مـنـقسمـا

في قديم الدهر كنتم أمة لهف نفسي كيف صرتم أمما ؟

وبكى مجدهم الغابر في الأندلس حين زار مسجد قرطبة عام 1932 م فصلى فيه وتذكر حضارة وأمة العرب التي كانت بالإسلام خير أمة أخرجت للناس وكان محمد لإقبال أول مسلم يسمح له بالصلاة في ذلك المسجد منذ خروج المسلمين من الأندلس في عام 1492 م وقد عبر عن مشاعره في تلك اللحظات بقوله ( انظر أيها المسجد إلى هذا الهندي الذي نشأ بعيدا عن مركز الإسلام ومهد العروبة نشأ بين الكفار وعباد الأصنام كيف غمر قلبه الحب والحنان ؟ وكيف فاض قلبه ولسانه بالصلاة على نبي الرحمة الذي يرجع إليه الفضل في وجودك كيف ملكه الشوق ؟ وكيف سرى في جسمه ومشاعره التوحيد و الإيمان ؟؟

كما كان إقبال على معرفة لما يدبر لفلسطين وما ينسج اليهود من مؤامرات ضدها وقد قال في المؤتمر الذي عقد في فلسطين عام 1931 م إنني على إيمان ويقين أن مستقبل العرب مرتبط بالإسلام وبالإسلام فحسب ولا بد من توحيد واتحاد صفوف المسلمين في المعمورة لأن مصير المسلمين عربا وعجما مصير واحد لست خائفا من أعداء الإسلام إنما أخشى من التفكك والتفرقة في صفوف المسلمين وقد فند بشدة مزاعم اليهود عن حقهم التاريخي في فلسطين فرد ساخرا (( أما كان للعرب أن يطالبوا بأسبانيا تلك التي ملكوا زمامها في غابر الزمان و ملؤوا ربوعها علما ونورا ))

وإقبال الذي احب العرب بحبه للإسلام وتمنى أن يكون متمكنا من نظم مشاعره بلغتهم هو أول من دعا العرب إلى النهوض – كما يقول الأستاذ أنور الجندي – بوصفهم حملة رسالة الإسلام والذين دفعوها إلى آفاق والذين تبقى لهم مزية القدرة على حمل لواء الصحوة الإسلامية مرة أخرى .. و يقول الدكتور إحسان حقي الذي كان صديقا حميما لإقبال : (( ومما لاحظته فيه انه كان ميالا للعرب لا بل فكان يحترمهم إكراما للنبي العربي صلى الله عليه وسلم )).
 
أعلى