حكايتي مع الإيدز

بو شيوخة

موقوف
التسجيل
13 أبريل 2008
المشاركات
254
أترككم مع وليد من مصر يحكي قصتة مع الإيدز

مارست الجنس مع الكثير من الفتيات، وأدمنت تعاطي المخدرات بأنواعها مع أصدقاء السوء، تماما كما يفعل بعض المصريين في سن الشباب.
الصدفة وحدها دفعتني إلى إجراء تحليل طبي منذ عدة سنوات.
وكانت الصدمة عندما كشف التحليل إصابتي بمرض الايدز.
تلقيت الخبر بالسقوط مغميا علي في المكان الذي أجريت فيه التحليل. شعرت حينها أن الدنيا اصبحت سوداء.
كانت المصيبة أكبر عندما عرفت أن زوجتي وطفلي الوحيد الذي لم يتجاوز عمره ثمانية أشهر مصابان أيضا بالايدز.
بكائي لم يتوقف ليل نهار لعدة أسابيع.
اشتدت المعاناة مع العزلة التي فرضها أصدقائي ومعارفي بالابتعاد عني في تلك الأوقات الصعبة - لكن أبي وأمي وزوجتي قرروا الوقوف إلى جانبي.
حتى طبيب الأمراض الوبائية طردني من عيادته وبدأ في تعقيم أدوات عيادته.
إذا كان هذا موقف الطبيب المتخصص في علاج المرض، فما بالكم بالناس العاديين!
"أين العلاج؟"
الآن، مشكلتي الأساسية هي في توفير العلاج لمواجهة المرض. أنه أمر صعب للغاية في بلد ربما لا تتوافر فيه الأدوية المستخدمة في علاج بعض الأمراض الشائعة.
حتى أساليب العلاج في مصر متخلفة للغاية ولا تراعي ما يحتاجه مرضى الايدز.
كدت أفقد طفلي الصغير الذي ظهرت عليه الأعراض النهائية للمرض لولا مساعدة أحد الأصدقاء العاملين في الأمم المتحدة بالدواء المناسب.
فما ذنب طفلي وزوجتي في عدم توفير العلاج المناسب لهم؟
كثيرا ما أذهب إلى المستشفى لقياس المناعة، لأجد الرد: "الطبيب غير موجود" أو "جهاز قياس المناعة غير متوفر".
"الأرقام غير حقيقية"
أما مشكلتي الأخرى فهي في تعامل الحكومة مع المرض. وهو أمر زاد اهتمامي به بعد أن بدأت عملي ناشطا في إحدى جمعيات رعاية مرضى الايدز. مسؤولو الحكومة يعتقدون أن المرض سببه المثلية الجنسية، وبالتالي يكتفون بمعالجة الأمر عن طريق القبض على المثليين الجنسيين.
كما أن الأرقام الحكومية تشير إلى أن عدد المصابين بالايدز لا يزيد عن ثلاثة آلاف، لكن تلك الأرقام غير صحيحة.
الأرقام الحقيقية ربما تزيد عن خمسة أضعاف. فمن تجربتي الشخصية، أقمت علاقات جنسية مع فتيات كثيرات ربما انتقل المرض إليهن دون أن يدرين.
كما أنني اكتشفت أصلا إصابتي بالايدز عن طريق الصدفة.
يحتفل العالم باليوم العالمي للإيدز في 1 ديسمبر/كانون الأول
وهذا هو اسلوب حياة كثير من الشباب مثلي ممن يعيشون هنا.
"الانتحار وحمام السباحة"
المشكلة الأكبر تبقى في نقص التوعية التي تدفع الكثيرين إلى إساءة معاملتنا.
أنا أحدثكم الآن بحرص شديد داخل سيارتي الخاصة بعد أن أغلقت نوافذها وغيرت اسمي.
لكم أن تتخيلوا كم من الصعب أن أخفي عن الناس سرا كهذا دون أن أبوح به حتى للمقربين مني.
الوضع يزداد صعوبة عند الآخرين من المصابين بالايدز، والذين فقدوا وظائفهم دون أمل في إيجاد عمل بديل وابتعد الأهل والأصدقاء عنهم. لم يكن غريبا أن نسمع عن حالات انتحار بينهم.
الجهل بحقيقة المرض يدفع البعض إلى الاعتقاد بأن الفيروس المسبب للإيدز ينتقل بسهولة عن طريق لمس اليد أو حمام السباحة مثلا، لكن ذلك ليس صحيحا، هذا ما اتمنى أن تدركوه بشكل أساسي.
رغم ذلك، أرفض حملات التوعية الجنسية كوسيلة لمنع انتشار الايدز مثل استخدام الواقي الذكري مثلا عند ممارسة الجنس.
فلا يجب أن نعالح خطأ بخطأ، بل علينا أن نمنع الخطأين.
"انتقام المرضى"
إن لم يتم احتواء المريض وتوفير العلاج المناسب له، فمن الممكن أن ينتقم من المجتمع أو ينشر المرض بدافع اليأس من الحياة.
لا ينطبق هذا علي، فطموحي الآن أن أعيش حياة أفضل.
لكني أخشى أن أرى زوجتي تقضي على فراش الموت دون أي ذنب جنته، أو أن أرى طفلي ذي العامين بلا علاج مناسب له.
لا أشعر أن الله يعاقبني، إنما هو ابتلاء من الله، وقد قبلت الابتلاء. فمؤشر حياتي تغير الآن 360 درجة.

أسأل الله الكريم أن يشفي وليد وغيره من المصابين
وأن يرزقنا وإياكم العفة والعافية
 
أعلى