المؤشراتي2
عضو نشط
صندوق المعسرين وتعرية الادعاءات الانتخابية الساذجة
بقلم: د. طارق العلوي*
الاقتراح بتوزيع مبلغ مقطوع أو قرض حسن على الجميع هو الأكثر عدالة، والأكثر منه عدالة لو تصحو الدولة على نفسها، وتحط هذا المال العام في المشاريع الحيوية والتنموية بسرعة قبل ان يذهب للانفاق الاستهلاكي فقط! لكن هذا مو موضوعنا اليوم، موضوعنا هو صندوق المعسرين.
ليس هناك شك في ان صندوق المعسرين قد فشل. العدد المتواضع الذي تقدم ليكون تحت مظلة المعسرين أثبت ان هذا الصندوق لا يرقى الى طموحات الكويتيين وتطلعاتهم.
لكن الصندوق نجح وبجدارة في كشف المستور وتعرية الادعاءات الانتخابية الساذجة التي كان وما زال بعض الاعضاء يدندن حولها، مثل تصريح احد النواب بأن موضوع اسقاط القروض يتعلق بمصير 100 ألف مواطن صدر بحقهم ضبط واحضار! (عندما حسبتها طلع بس أنا وبيت جيراننا ما علينا ضبط واحضار)، أو تصريح زميله بان الاقساط صارت تطارد المواطنين الكويتيين الواحد تلو الآخر وتنحرهم من الوريد الى الوريد (زومبي مو أقساط!).
وزير المالية بح صوته بالجرايد يشجع المعسرين على تقديم الطلبات قبل انتهاء المهلة، وفي النهاية عدد المتقدمين أقل من عشرة آلاف. وين بقية المائة ألف مطلوب؟! ما استبعد يطلع فيها نائب ويقول: «الباقي أسر متعففة»!
لا شك ان الناس عندهم احتياجات كثيرة لا يستطيعون قضاء بعضها بسبب كثرة الديون مثل الحاجة الى العلاج أو دفع رسوم المدارس الخاصة أو زيادة مصروف الزوجة والأبناء، أو استبدال السيارة القديمة أو ترميم البيت. ولن نعارض اسقاط القروض أو شراء المديونيات «ما حد يرفس النعمة بريوله لما تيي لي عنده»، لكن لا داعي للمبالغة وكأننا الشعب الوحيد في العالم الذي يحمل من الديون ما لا يطيق، وان الدولة اذا لم تتدخل فسيكون مصيرنا اما الى افلاس وحجز على الممتلكات، واما وراء القضبان مع تشتت وانحراف بقية أفراد الأسرة.
صندوق المعسرين أثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الكويتيين الذين تتعدى أقساطهم نصف الراتب، وهم بحاجة فعلا إلى إعادة الجدولة، لا يتجاوز عددهم العشرة آلاف، وهؤلاء سوف يتولى الصندوق أمرهم! والفئة الأخرى من الشعب عليها أقساط (قد تتعدى نصف الراتب وقد لا تتعدى) ولكنها ليست بحاجة ماسة لإعادة الجدولة، بل تفضل التريث لما سينجلي عنه المستقبل، لعل وعسى!
لكن لان هذه الفئة لها ثقل انتخابي، نجد ان بعض النواب يتنافسون في اطلاق التصريحات النارية طمعا في كسب ودهم والحصول على أصواتهم.
أنا شخصيا علي قروض تصل إلى سبعين ألف دينار لأن لدي راتب قوي، وعلي أقساط تتعدى نصف الراتب (يمكنني إثبات ذلك لمن يشاء من النواب)، وأود توجيه سؤالي إلى النواب ـ وخصوصا المهتمين بالرأي الشرعي ـ في المجلس: هل يجوز مساواة وضعي بوضع عبدالله صاحب الراتب الكحيان الذي لم يتمكن سوى من أخذ قروض قيمتها خمسة آلاف دينار مثلا؟
صحيح أن الدولة حسب اقتراحكم ستشتري ديوني وستشتري ديون عبدالله، لكن ألن يكون عبدالله الخاسر الأكبر في الموضوع لا لشيء إلا بسبب ضعف حالته المادية، بينما أنا صاحب الراتب الأفضل سأتنعم بشراء مديونياتي الكبيرة؟ وهل يجيز لكم الشرع استخدام المال العام الذي هو ملك للشعب كافة ـ وقد ائتمنكم عليه ـ في إفادة ميسوري الحال على حساب الأقل يسرا؟
نتركها لضميركم!
* أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت
بقلم: د. طارق العلوي*
الاقتراح بتوزيع مبلغ مقطوع أو قرض حسن على الجميع هو الأكثر عدالة، والأكثر منه عدالة لو تصحو الدولة على نفسها، وتحط هذا المال العام في المشاريع الحيوية والتنموية بسرعة قبل ان يذهب للانفاق الاستهلاكي فقط! لكن هذا مو موضوعنا اليوم، موضوعنا هو صندوق المعسرين.
ليس هناك شك في ان صندوق المعسرين قد فشل. العدد المتواضع الذي تقدم ليكون تحت مظلة المعسرين أثبت ان هذا الصندوق لا يرقى الى طموحات الكويتيين وتطلعاتهم.
لكن الصندوق نجح وبجدارة في كشف المستور وتعرية الادعاءات الانتخابية الساذجة التي كان وما زال بعض الاعضاء يدندن حولها، مثل تصريح احد النواب بأن موضوع اسقاط القروض يتعلق بمصير 100 ألف مواطن صدر بحقهم ضبط واحضار! (عندما حسبتها طلع بس أنا وبيت جيراننا ما علينا ضبط واحضار)، أو تصريح زميله بان الاقساط صارت تطارد المواطنين الكويتيين الواحد تلو الآخر وتنحرهم من الوريد الى الوريد (زومبي مو أقساط!).
وزير المالية بح صوته بالجرايد يشجع المعسرين على تقديم الطلبات قبل انتهاء المهلة، وفي النهاية عدد المتقدمين أقل من عشرة آلاف. وين بقية المائة ألف مطلوب؟! ما استبعد يطلع فيها نائب ويقول: «الباقي أسر متعففة»!
لا شك ان الناس عندهم احتياجات كثيرة لا يستطيعون قضاء بعضها بسبب كثرة الديون مثل الحاجة الى العلاج أو دفع رسوم المدارس الخاصة أو زيادة مصروف الزوجة والأبناء، أو استبدال السيارة القديمة أو ترميم البيت. ولن نعارض اسقاط القروض أو شراء المديونيات «ما حد يرفس النعمة بريوله لما تيي لي عنده»، لكن لا داعي للمبالغة وكأننا الشعب الوحيد في العالم الذي يحمل من الديون ما لا يطيق، وان الدولة اذا لم تتدخل فسيكون مصيرنا اما الى افلاس وحجز على الممتلكات، واما وراء القضبان مع تشتت وانحراف بقية أفراد الأسرة.
صندوق المعسرين أثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الكويتيين الذين تتعدى أقساطهم نصف الراتب، وهم بحاجة فعلا إلى إعادة الجدولة، لا يتجاوز عددهم العشرة آلاف، وهؤلاء سوف يتولى الصندوق أمرهم! والفئة الأخرى من الشعب عليها أقساط (قد تتعدى نصف الراتب وقد لا تتعدى) ولكنها ليست بحاجة ماسة لإعادة الجدولة، بل تفضل التريث لما سينجلي عنه المستقبل، لعل وعسى!
لكن لان هذه الفئة لها ثقل انتخابي، نجد ان بعض النواب يتنافسون في اطلاق التصريحات النارية طمعا في كسب ودهم والحصول على أصواتهم.
أنا شخصيا علي قروض تصل إلى سبعين ألف دينار لأن لدي راتب قوي، وعلي أقساط تتعدى نصف الراتب (يمكنني إثبات ذلك لمن يشاء من النواب)، وأود توجيه سؤالي إلى النواب ـ وخصوصا المهتمين بالرأي الشرعي ـ في المجلس: هل يجوز مساواة وضعي بوضع عبدالله صاحب الراتب الكحيان الذي لم يتمكن سوى من أخذ قروض قيمتها خمسة آلاف دينار مثلا؟
صحيح أن الدولة حسب اقتراحكم ستشتري ديوني وستشتري ديون عبدالله، لكن ألن يكون عبدالله الخاسر الأكبر في الموضوع لا لشيء إلا بسبب ضعف حالته المادية، بينما أنا صاحب الراتب الأفضل سأتنعم بشراء مديونياتي الكبيرة؟ وهل يجيز لكم الشرع استخدام المال العام الذي هو ملك للشعب كافة ـ وقد ائتمنكم عليه ـ في إفادة ميسوري الحال على حساب الأقل يسرا؟
نتركها لضميركم!
* أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت