«مشروع المحافظ».. كرة النار المقبلة بين السلطتين

ملخصات4 ثانوي

عضو نشط
التسجيل
5 سبتمبر 2008
المشاركات
153
من المتوقع أن تناقش الحكومة في جلستها غدا مسودة مشروع القانون المقدم من فريق العمل الاقتصادي برئاسة محافظ بنك الكويت المركزي لمعالجة تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي، بعد أن أحالته الأسبوع الماضي على اللجنتين الاقتصادية والقانونية الوزاريتين لمزيد من الدراسة. وبعد وضع اللمسات الأخيرة على ما اصطلح تسميته «مشروع المحافظ»، ستحيل الحكومة برنامج الانقاذ على مجلس الأمة للتصويت عليه. هنا، تبدو الأمور معقدة أكثر من الظاهر. فحسب مصادر مالية مسؤولة، نجح الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح في صياغة مشروع يحفظ البلاد من الخطوط الحمراء الاقتصادية، ولا يتخطى الخطوط الحمراء السياسية. فمهمة المحافظ في الشهرين الماضيين لم تكن عادية أو سهلة في جميع المقاييس. هو الذي اعتاد الأمور الفنية في «حكمه» النقدي والمالي للبلاد، لم يحسب يوما حساب المصالح السياسية كما فعل أخيرا. ويشبّهه أحد المصرفيين بـ«المسؤول الذي مشى بين النقاط في وقت يعتبر فيه المطر غزيراً. فالوضعان الاقتصادي والسياسي على شفير أزمة اكبر، أو بمعنى آخر قاب قوسين أو أدنى من انفجار محتمل. ولعل هذا المشي بين النقاط مكّن المحافظ من وضع مسودة لمشروع قانون «مبكّل»، كما وصفته بعض الأوساط التجارية في البلاد. لكن في مجلس الأمة لكل عضو حساباته السياسية والمالية والشخصية والشعبية والمصلحية... وغيرها من الأمور التي عقّدت الأجواء في البلاد لفترة غير قصيرة.
وتتوقع الأوساط المالية أن تشهد العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية امتحانا حقيقيا في 10 فبراير المقبل، وبعد 10 فبراير اذا طال الجدل في المشروع، وهذا التاريخ كان قد حدده مجلس الأمة لمناقشة الوضع المالي العام، في حين أن الحكومة عازمة في ذلك اليوم على طرح ورقتها على الطاولة للتصويت. فهل يمر «مشروع المحافظ» ويرى النور تحت قبة البرلمان؟ أم سيرمي الزيت على النار المشتعلة دوماً بين السلطتين؟

قراءة المواقف

من خلال قراءة مواقف النواب في الفترة القليلة الماضية، يمكن استنتاج أن المجلس المنتخب من الشعب ينقسم الى 5 فئات من حيث رأيه في انقاذ الشركات المتعثرة:

1ـ أصحاب المصالح والتأييد المباشر: هذه الفئة مؤلفة من الملّاك أو المساهمين أو المستثمرين بشكل أو بآخر في السوق المالي أو في قطاع التجارة عموما، وقد تضررت مصالحهم أو مصالح غيرهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة من جراء الأزمة المالية الحالية، فكان أن علا صوتهم حتى تنقذ الحكومة الوضع بسرعة وتعوّم الوضع بطريقة أو بأخرى. وهم مؤيدون شرسون لأي مشروع انقاذ وتدخل حكومي يستخدم المال العام وينتشلهم من الخسائر التي تكبدوها.
2ـ معارضو استخدام المال العام: هذه الفئة من النواب تعتبر استخدام المال العام حراماً، وتقول إن هذه الأموال هي من حق الأجيال القادمة لا الأجيال الحالية. وهؤلاء النواب من أشد المعارضين للتدخل الحكومي من أجل انقاذ شركات متعثرة أخطأ أصحابها في ادارتها، «فليتحملوا مسؤولية أعمالهم وسوء اداراتهم»، على حد تعبير أحد أعضاء هذه الفئة. لكن في المقابل، يوافق هؤلاء على برنامج قد يوضع لمساعدة الشركات من دون المس بالمال العام. ولهم في شركة «أعيان» مثال على استفادتها من برنامج التمويل لدى المصارف من دون الحصول بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على أموال من الهيئة العامة للاستثمار أو بنك الكويت المركزي. وتشير هذه الفئة، في حال أرادت الموافقة على «مشروع المحافظ»، الى ضرورة تزويدها جميع بيانات الشركات المتعثرة، مما قد يعقّد الأمور أكثر فأكثر.
3ـ مؤيدو البرامج المنطقية: جزء لا بأس به من المجلس يتعامل مع الأزمة المالية ويتخذ مواقفه من الانقاذ وفق ما يمليه عليه المنطق. فبعض النواب يتعاملون مع الاقتصاد وفق أسس اقتصادية بعيدا من المصلحة. فهم مثلا من دعاة زيادة الانفاق الحكومي الاستثماري ودعم القطاع الخاص من خلال اطلاق عجلة المشاريع التنموية الضخمة. كما يُعتبرون من المطالبين بإعادة هيكلة النظام المالي في البلاد وتطوير سوق العمل، مما ينعكس في نهاية المطاف ايجابا على حياة المواطن. ومن بين هؤلاء من رفض اسقاط القروض وزيادة الرواتب. وهذه الفئة قد تؤيد «مشروع المحافظ» في حال ثبتت جدواه وأهميته وضرورته للاقتصاد الوطني، ولها مثال في ذلك البرامج التي اتبعتها الحكومات الغربية لانقاذ أنظمتها المالية.
4ـ نواب المقايضة: فئة من أعضاء مجلس الأمة وجدت الأزمة المالية فرصة لمقايضة موافقتهم على «مشروع المحافظ» بموافقة الحكومة على قانون شراء مديونيات الأفراد. وهذا الاقتراح بقانون هو صورة معدلة لمشروع اسقاط القروض، قدمه عدد من النواب يقضي باعادة هيكلة ديون المواطنين، مثل الغاء الفائدة عنها وجدولتها وفق قدرة الأسر على دفع الأقساط. ويرى هؤلاء أن صندوق المعسرين لم يجد. نفعا، وأن المواطنين أحق من الشركات بالمساعدة. لذا قد يوافقون على انقاذ هذه الأخيرة في حال دعم مجلس الوزراء مقترحهم. وبالفعل، حُددت جلسة نيابية في 3 مارس المقبل لمناقشة مقترح شراء مديونيات الأفراد.
5ـ المستقلون المعتدلون: تعتبر مواقف بعض أعضاء مجلس الأمة معتدلة أو مستقلة. وهؤلاء النواب اما غير منضوين إلى كتلة ما، أو لا يوافقون رأي كتلهم في موضوع انقاذ الشركات. وأغلب هذه الفئة من المدافعين عن حقوق صغار المستثمرين، ورأيهم لا يزال غير واضح بالنسبة لـ«مشروع المحافظ». وقد تكون أصواتهم في نهاية المطاف «بيضة القبان» التي ترجّح كفة ميزان التصويت على انقاذ الشركات المتعثرة.

عاجلاً أو آجلاً

الى ذلك، تشير أوساط نيابية الى أن الأزمة الحالية لم تؤذ القطاع الخاص وحده، بل أضرت أيضا بموارد الحكومة جراء الانخفاض الحاد في أسعار النفط وتدهور قيم أصول الهيئة العامة للاستثمار في الداخل والخارج. لذا تعتبر أن من المفيد التحرك في جميع الاتجاهات لأن «مصير البلد على المحك»، حسب وصفها. فالأزمة الحالية استثنائية وتتطلب اجراءات استثنائية، فالعمالة الوطنية في القطاع الخاص ومئات آلاف الوافدين مهددون بأرزاقهم. والمشكلة لم تعد في انهيار البورصة فقط، وهي التي أضرت بعشرات الأسر الكويتية، بل تخطتها نحو قطاعات مختلفة: فلا قدرة لكثيرين على تسييل أصولهم اليوم، والمبيعات الاستهلاكية والتجارية في انخفاض مستمر. كما أن شح التمويل طال معظم شرائح المجتمع، ويهدد بكارثة اجتماعية.
ويرى مسؤولون ماليون أن الحكومة ستتدخل عاجلا أو آجلا لانقاذ ما يمكن انقاذه، لكنهم يعتبرون أن كل يوم تأخُّر يرفع الكلفة على الدولة. لذا تُلقى الأضواء على مجلس الأمة الذي نادرا ما تُطرح أمامه مشاريع قوانين مستعجلة ويقرها. فهل يمشي على خطى الكونغرس الأميركي الذي وافق على خطتي انقاذ كلفتهما حوالى 1.5 تريليون دولار في أقل من 3 أشهر؟
يجيب أحد المصادر: «نحن في الكويت يا صديقي ولسنا في أميركا». ويقول آخر: «نظرية المقايضة هي الأوفر حظا».
لطالما حكمت المقايضة علاقة السلطتين، والامر هذه المرة قد لا يشذ عن هذه القاعدة.


خطة الإنقاذ تحت قبة البرلمان
نواب مستقلون لم يفصحوا عن مواقفهم بعد
نواب متضررون أو يعبّ.رون عن مصالح متضررين يؤيدون الإنقاذ بأي ثمن
نواب يقايضون شراء مديونيات الأفراد بمشروع إنقاذ الشركات
نواب يصوتون مع الخطط على أساس المصلحة العامة والمنطق
معارضو استخدام المال العام يوافقون على مساعدة الشركات من دون أموال الدولة
 
أعلى