بوراشد جروب
عضو مميز
أنت حوت أم زوري؟!
بقلم: د. طارق العلوي -استاذ الاقتصاد في جامعة الكويت
كأن التوتر العرقي أيام مصادمات الشرطة مع أبناء القبائل أثناء انتخابات الفرعيات لا يكفي! وكأن الانقسام المذهبي أثناء تأبين مغنية لا يكفي! ولا ينقصنا الآن «حتى تكمل» سوى دعوة البعض لتقسيم الكويتيين الى حيتان وزوري!
أصبحت الموضة الآن اتهام الشخص بانه تاجر! يعني اذا كنت تاجراً فمعنى ذلك أنك حوت، واذا كنت حوتا فيعني ـ أكيد ـ أنك.. حرامي!
وصار شعار بعض النواب «هاليومين»: «اذا أنت مو زوري معانا فأنت حوت علينا».
لماذا يحاول البعض ـ بقصد أو من دون قصد ـ زرع الفتنة بين أبناء المجتمع الواحد، ولماذا يحاولون تأليب أغلبية أبناء الشعب على طبقة التجار؟!
ترى.. التجار فيهم خير، والتجار هم أصلا من ساهموا في وضع الدستور، وهم الذين جعلوا الكثير من المشاريع الخيرية ترى النور في البلد.
وهم الذين لهم ـ إلى هذا اليوم ـ أيد ممدوة في السر قبل العلن الى المحتاجين والمتعففين.
النائب خالد السلطان، بعد اطلاعه على القانون، قال: «دورنا حيتان ما لقينا حيتان»، فأجابه النائب أحمد السعدون بان التكتل الشعبي سيكشف الحيتان «ومن يريدهم يغوص في القاع»، ثم يضيف النائب مسلم البراك موجها الدعوة الى النائب خالد السلطان، ليكتشف الحيتان ان أراد ان يعرف مكانها «حيث يستطيع ان يراها بعينه ويلمسها بيده».
وبدل ان يكون محور اهتمامنا هو الأزمة المالية والحلول المناسبة لها، صار الكلام منصبا حول عالم البحار والحيتان في قاع المحيطات!
لا اشك في نية النواب الحفاظ على المال العام، بل انني على يقين من ان غالبية اعضاء مجلس الامة سيقفون معهم ويؤيدونهم في موضوع زيادة الشفافية والرقابة، سواء على البنك المركزي او على الشركات المستفيدة.
ولكن بدلا من زرع الطبقية في المجتمع الكويتي بين حيتان وزوري، لماذا لا نقسم المجتمع الى «متلاعبين» و«غير متلاعبين»، ثم نضع ضوابط وعقوبات للمتلاعبين (سواء حيتان او زوري)، ونترك غير المتلاعبين (الحيتان الشرفاء) يسبحون في حال سبيلهم؟!
وبعدين، بصراحة، «ملَّينا من هالاسطونة المشروخة»: «سنكشف اسماء الحيتان اذا حدتنا الحكومة»!
يعني الحين الكويت يوم لعب فيها شوردلي تجار الاقامات وطلعت التصريحات بعد التصريحات من النواب الافاضل بأننا سنكشف اسماء «حيتان» تجار الاقامات وسنفضحهم على الملأ ولن يخيفنا احد، وتمر الايام وينتهي موضوع اضراب العمال البنغال وما شفنا الى اليوم لا اسم حوت ولا حتى بلطي!
ملاحظة: أتفق مع موقف بعض النواب على ضرورة محاسبة وزير المالية على تصريحه الذي شجع فيه الناس على الشراء من البورصة، حتى لو ادى ذلك الى الاستقالة، لكن يضايقني عدم مخاطبته باحترام او نعته بأوصاف غير لائقة مثل «وزير التوهان».. لا داعي للتقليل من شأن الناس لمجرد اننا نختلف معهم، وليكن خلافنا على القضايا لا على الاشخاص.
القبس
الاحد 8 مارس 2009