إنه اختبار قلق وليس اختبار ضغط

بوحسين11

موقوف
التسجيل
27 أكتوبر 2006
المشاركات
2,076
23/06/2009





إنه اختبار قلق وليس اختبار ضغط



اذا كان ما يدور في عالم الاقتصاد الكويتي حول اختبار الضغط بأنه هو Stress Testing، فالترجمة الأدق هي اختبار القلق وليس الضغط Stress not Press. وذلك لأن القلق غالبا ما يكون من شيء غير معروف، فأستطيع ان أقول بأني قلق من أداء الشركة وما اذا كانت قرارات مجلس الادارة صائبة ام لا، بينما الضغط غالبا ما يكون نتيجة شيء معروف، فاستطيع ان أقول، مثلا، بأن ضغط العمل Work Pressure كبير بسبب زيادة الطلب على خدمات الشركة. بعد هذا التوضيح اللغوي، وهو مهم ومرتبط بموضوع اختبار القلق لدى البنوك، أستطيع ان أتطرق لموضوع اختبار القلق عن طريق الاستطراد بالحديث عن ثلاثة مصطلحات مترابطة ومتشابكة: المجهول، وعدم التأكد، والخطر Unknown Uncertainty , and Risk.
تعتبر هذه المصطلحات بمنزلة الأقانيم الثلاثة في عالم الاقتصاد والاحصاء، وغالبا ما يتم تداولها والحديث عنها وكأنها ذات معنى واحد أو مرتبطة بأصل واحد مثل حالات الماء الثلاث: الثلج، الماء، البخار. وما يزيد المشكل اشكالا هو انه ما يسمى بحالة عدم التأكد في مكان ما، قد يكون خطرا في مكان آخر، وما يعتبر مجهولا في السابق قد يصبح حالة عدم التأكد في الوقت الحاضر. الآن وبعد تأسيس هذا التشابك، الذي لابد منه لعلاقته باختبار القلق، سأوضح وبشكل مقتضب المقصود بهذه المصطلحات الثلاثة. نبتدئ بتعريف المجهول والذي بالفعل هو مصطلح يشرح نفسه بنفسه، أي هو وضع معين أو قرار أو حدث لم يكن معروفا في السابق ولم تسجل نتائجه. وقد يكون المجهول مرتبطا بمنتج جديد، أو خدمة مبتكرة لا يوجد اي معلومات تساعد على قياس احتمالات نجاحها، وقد يكون المجهول هو حدث سلبي أو كارثة اقتصادية تحدث لأول مرة، وتكون خارج ارادة الشركة او البنك ولم تتوافر احتمالات تحقق هذه الكارثة. اما حالة عدم التأكد فهي أكثر تطورا من حالة المجهول، وهي الحوادث والكوارث التي من الممكن معرفتها ولكن من الصعب توقعها، وذلك لعدم وجود أو توافر الجداول التكرارية او الاحتمالية لهذه الحوادث. وأبسط مثال أذكره هو انهيار البورصة اثناء سوق المناخ في الثمانينات، فنحن نعرف بوجود مثل هذا النوع من الحوادث، الذي قد يتكرر بشكل ما ولكن لا نستطيع التنبؤ به. اما الخطر، فهو النسخة المطورة من حالة عدم التأكد. الأخطار هي الحوادث التي من الممكن معرفتها، ولدينا كذلك القدرة على حساب احتمالات توقعها وذلك لتوافر الجداول التكرارية والتوزيع الاحتمالي لهذه الأخطار. من الأمثلة المشهورة في عالم الأخطار هو خطر الحوادث المرورية، فلدينا جداول خبرة سابقة تساعدنا في التوقع بعدد الحوادث المرورية كل سنة وكذلك تكلفتها المادية بشكل عام.
الآن ما علاقة هذه المصطلحات باختبار القلق؟ اختبار القلق تم ادراجه في بازل 2، على غرار سيناريو الكوراث لدى شركات التأمين Disaster Scenario، لمعرفة مدى قدرة البنوك المالية على مواجهة حالات عدم التأكد، والتي من الممكن ان تطرأ على السوق المالي. لذلك يطلب المشرعون والمراقبون للأسواق المالية بأن تقوم البنوك بتمثيل حالات وحوادث مالية واقتصادية سيئة لمعرفة تأثيرها على رأس مال البنك، وفي ضوء هذا التمثيل تتم معرفة قوة وملاءة البنك. من الحالات التي يتم تمثيلها انهيار الأسواق الآسيوية 1998 أو الأزمة الروسية 1997 أو حتى تفجيرات اميركا 2001. طبعا مثلما كان التطور منطقيا من حالة المجهول الى حالة عدم التأكد الى حالة الخطر، يصبح الوضع مفهوما عندما نعرف بأن بازل 1988 تكلم على الأخطار المختلفة، مثل خطر السوق وخطر اسعار الفائدة، ومدى تأثيرها على ملاءة البنك لذلك تم ابتكار طريقة لحساب كفاية رأس المال وذلك بحسب درجة خطورة بنود الأصول في الميزانية وهذه الطريقة هي رأس المال بحسب الخطورة Risk-Based Capital. أما في بازل 2، فقد ادرجت اختبارات القلق وذلك لتأثير الحوادث والأزمات الاقتصادية المحتملة على رأس مال البنك مما يصيبه بالانكماش. لذلك استطيع أن أسمي رأس المال المحسوب على أساس اختبارات القلق برأس المال على أساس حالة عدم التأكد Uncertainty-Based Capital. السؤال الذي سيكون جوابه بمليون دينار كويتي: هل لدى البنوك الكويتية البيانات الكافية والأدوات المناسبة، والقدرة على عمل اختبارات الضغط المذكورة في بازل 2؟ واذا كان الجواب نعم، فكيف؟ وأي أزمات سابقة لها تأثير على رأس المال للبنك سوف يتم تمثيلها؟ مجرد سؤال..


فهد بن عيد
مدرس في قسم التأمين بكلية الدراسات التجارية



مقال في جريدة القبس لتعميم الفائده
 
أعلى