إن مركز الجُمان كان من أول الجهات التي طلبت من الدولة عدم مشاركة الشركات وعدم الالتفات أو النظر في شراء أصولها، ولأسباب أخرى فإنه
لا يجوز إدارة مثل تلك الأصول من قبل موظفين حكوميين أو تدخل البيروقراطية في أمور تقنية بحتة حتى لو من ناحية إشرافية، لافتاً إلى أن مثل هذا الاتجاه سيفتح باب جهنم على الدولة.
• ولكن معظم اقتصادات العالم تتجه حاليا نحو 'وصاية الدولة'؟
- صحيح فقد انتهت النظرية الرأسمالية البحتة وأثبتت فشلها، ولذلك أقرّت الكويت قانون الاستقرار المالي ليكون وصيّاً على تلك الشركات، ولكن هم مَن يرفضونه.
• ولماذا يرفضونه ؟
- لا تقبل عليه الشركات لأنه متشدد ويحتوي على متطلبات واضحة لا يمكنهم اللعب عليها، إذ يجب أن تكون الشركة مليئة ماليا وتعمل في القطاع المنتج وتقدم قيمة مضافة إلى الاقتصاد 'معظمها تعتمد على بيع العقار والأسهم والمضاربات'، إضافة إلى ضرورة تخفيض العلاوات والمكافآت الإدارية 'وهو ما ترفضه الإدارات العليا للشركات بالطبع'، وكذا ضرورة توافر إقرار رسمي بعدم وجود علاقات غير قانونية مع الشركة نفسها 'في حين أن أكثرهم ملوثون'.
• إذن فالتشدد ليس عيبا؟
- بالعكس فالتشدد يعتبر ميزة في مثل هذه الظروف، فقد طفح الكيل بالفساد والتلاعب، إذ صارت الكويت مدرسة لتخريج المجرمين 'في مجال البورصة'، وظهر تكتيك عجيب ومحترف، فلدينا مضاربون وشركات مدرجة ومدققو حسابات وصحف ومؤسسات كلها نخرها الفساد وسوء الإدارة.
• وما هي عيوب القانون؟
- ليست هناك أمور مثالية، فالقانون يعيبه صدوره في زمن الأزمة، ولا يتميز قانون صدر كردة فعل بالكمال والشمولية، ولذلك فالأفضل لو يصدر حاليا، ولكن على الأقل فالقانون موجود حاليا.
• ولكن يتردد أن القانون استصدر لمصلحة الحيتان؟
- أنا أتعجب من ذلك الرأي، فالحيتان يهربون منه وغاضبون عليه، إذ إنه يحاصر المجرمين ويكشف أوراقهم، وأصبح هذا الرأي مجرد مزايدات سياسية ليس أكثر، وأرى أن الشركات الورقية التي لا تقدم قيمة مضافة وقائمة على نقل الملكيات والمضاربة لا تستحق الدعم، فالأفضل أن تذهب إلى جهنم.
• وعن عملية تقييم أصول الشركات التي ستتقدم للقانون كيف تراها؟
- في السابق كانت عملية التقييم تتم بالتكلفة أو السوق، أيهما أقل ولكن الآن ألغت التكلفة وأصبح التقييم بالسوق فقط 'القيمة العادلة'، وهو ما يتم على حسب أهواء المقيم ووجهة نظره، ولذلك ارتفعت أسعار الأصول كثيراً وجاءت الأزمة فحدث الانهيار.
• وكمدير لمركز دراسات اقتصادية كيف ترى الوضع بصفة عامة؟
- الآن الوضع السلبي طاغٍ، وعلى الرغم من ذلك لدينا شركات مفخرة للبلد، وصمدت أمام تيار الفساد، حتى وإن تأثرت سلبا، فهناك تأثير مقبول في بعض الشركات، وهناك أخرى لديها سوء إدارة ونوايا سليمة، والبعض الآخر لديه سوء إدارة ونوايا غير سليمة 'وهؤلاء الله يهديهم، وإذ لم يهدهم يمحيهم' من أجل مصلحة الوطن واقتصاده، فهم خلقوا جراثيم صارت نمطا لدى الكثير لأنه مبتكر، وأصبحت الشطارة هي الآلية التي تحرك البورصة، وتناست آلية العرض والطلب، وقد لقي ذلك صدى عند الجاهلين.