الأزمة المالية العالمية ... ونظرية المؤامرة والإفقار المتعمد

جـراح

عضو نشط
التسجيل
25 يناير 2009
المشاركات
568
2008_10_24t061550_304x450_us_financial5.jpg


في أعقاب الأزمة المالية العالمية الراهنة، والتي بدأت أحداثها الدرامية في منتصف شهر سبتمبر من العام الماضي، أي منذ أكثر من تسعة أشهر ، كثرت التقارير والتحليلات عن الأسباب الحقيقية للأزمة، وإن كان أكثرها تبلوراً وقبـولاً قد تمثل في ذلك الإفراط الزائد للتمويل المصرفي، وخاصة لعمليات التمويل العقاري، بهدف تحقيق أكبر عوائد وأرباح ممكنه ، فيما سمى بفقاعة الاقتصاد المالي ، حتى وإن كان ذلك على حساب خفض معدلات الأمان وزيادة المخاطر، في ظل ضعف أو غياب للرقابة المصرفية والمالية، وقد واكب ذلك استخدام المصارف المفرط لسلاحي التسنيد والمشتقات المالية التي زادت وعمقت من الأزمة بدلاً من المساعدة في حلها ...ولقد أدت هذه الفقاعة إلى إحداث حالة من التضخيم للاقتصاد الحقيقي، مما زاد من شعور الكثير من الأفراد والدول ( وخاصة المتقدمة منها) بالثراء، ومن ثم زيادة معدلات الاستهلاك والإنفاق ، وما ترتب على ذلك من خلق للمزيد من الطلب على صادرات الدول النامية ودول الاقتصادات الناشئة والأسرع نمواً، مما ساعد على انتعاش الاقتصاد الحقيقي لهذه الدول ، دون الالتفات إلى أن هذه الانتعاش قائم في الأساس على فقاعة الاقتصاد المالي بالدول المتقدمة.

وهكذا انتقلت هذه الفقاعة عبر بوابة العولمة المالية إلى كل الاقتصادات العالمية المتقدمة والنامية على حد السواء، وزاد الناتج المحلى العالمي بمعدلات متسارعة، حتى أنه بلغ نحو خمسين تريليون دولار في عام 2008، بينما لم يزد في عام 1950 على سبعة تريليونات دولار ، أي أنه زاد بأكثر من سبعة أمثال في أقل من ستين عاماً ... في الوقت الذي تضاعف عدد سكان العالم خلال نفس الفترة بمعدل يزيد قليلاً عن الضعف فقط، أي ارتفع من نحو 3,1 مليار نسمة في عام 1950 إلى نحو 6,6 مليار في عام 2008، بما خلق حالة من الطلب المتزايد ومن المنافسة الشديدة على الموارد المحدودة أصلاً، وخاصة الناضبة منها، ومن ثم حدوث ارتفاعات جنونية في أسعار المواد الخام الرئيسية وفى مقدمتها النفط، وذلك في أوائل عام 2008 ، تخطى سعر البرميل لأكثر من 147 دولارا، مع وجود توقعات عديدة بتخطي سعر البرميل لأكثر من 200 دولار قبل نهاية نفس العام.

ولقد أسهمت فقاعة الاقتصاد المالي في دعم موقف الدول المتقدمة الغنية في شأن عملية التنافس على المواد الخام والسلع المصنعة، على حساب الدول النامية التي تعتمد بشكل مباشر في نموها على التصدير للدول الغنية ... ولعل من أهم ما أسفرت عنه هذه الأزمة المالية العالمية هو بروز ظاهرة الحمائية التجارية التي تسببت وسوف تتسبب في حدوث أضرار بالغة للصناعات التصديرية للأسواق الناشئة التي صممت أصلاً للتصدير إلى الأسواق الغنية، وهى الظاهرة المضادة والمعادية لفكرة ونظرية العولمة، بالإضافة إلى محاولة البحث عن خامات بديلة ، وخاصة للنفط ، وهو ما دعا الرئيس الأمريكي أوباما في أكثر من موقف للتأكيد على أهمية الاعتماد على الطاقات البديلة والمتجددة وعدم الاعتماد على النفط العربي، كما بدأت السلطات الأمريكية أيضاً في الحد من استيراد السلع المصنعة وبصفة خاصة من الصين والهند وروسيا ، كرد فعل عفوي أحياناً ومتعمد أحياناً أخرى على السياسات الاستثمارية التي تتبعها هذه الدول لفوائضها المالية وأموال صناديقها السيادية التي اتجهت نسبة لا بأس بها منها نحو الاستثمار في داخل بلادها واقتصاداتها ، بعد أن كانت تتجه نحو الاستثمار في أذون خزانه وأسهم وأصول أمريكية بالدرجة الأولى.

هذا ولقد أصاب حجم الفوائض المالية ونتائج الأعمال المحققة ببعض الدول النامية والأسرع نمواً قلقاً كبيراً في الدول المتقدمة الغنية، التي وجدت أن معدل النمو السنوي بدولة مثل الصين قد بلغ قبل الأزمة المالية العالمية أكثر من 11 % وأن معدل النمو السنوي لصادراتها إلى أمريكا أصبح يهدد التوازن الاقتصادي الدولي، بالإضافة إلى تحقيقها لناتج محلى ضخم للغاية، وزيادة كبيرة في متوسط دخول الأفراد، مع تحسن في المستوى المعيشي والاستهلاكي لدول الاقتصادات الناشئة بشكل عام، وعلى الجانب الآخر وجود ندرة كبيرة للموارد بالمقارنة بمعدلات النمو السكاني، بما يمكن أن يهدد بعملية إفقار عالمي ، سوف تؤثر بلا جدال على مستوى معيشة ورفاهية المواطن الأوروبي والأمريكي، الذي شعر بالفعل بهذا الإفقار في صيف 2008 في ظل ارتفاع أسعار النفط والكثير من السلع الأخرى، وهو بالطبع يعد إفقاراً أضعف كثيراً عما كان متوقعا لو ارتفع سعر برميل النفط إلى أكثر من مائتي دولار وفقاً لكافة التقديرات العالمية، وكذا ارتفاع أسعار معظم المواد الأولية والغذائية وما يمكن أن يترتب على ذلك من ارتفاع لكافة أسعار السلع المصدرة من الصين والهند ودول الخليج العربي إلى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية ... والتي ما كان لها أن تتوقف إلا بحدوث هذه الأزمة المالية الراهنة.

ولقد تصور الكثير من الاقتصاديين في الغرب قبل حدوث الأزمة المالية العالمية أن الأوضاع الاقتصادية والمالية آمنة بالنسبة لهم، على اعتبار أن الفوائض المالية للدول الناشئة والأسرع نمواً كالصين والهند وغيرهما وكذا فوائض الدول الخليجية ، تستقر في النهاية في اذون خزانة وأصول مالية أمريكية وأوروبية، ومن ثم فإنها تصب في تمويل عمليات الرفاهية الاقتصادية الأمريكية والأوروبية، بعد إقناع هذه الدول النامية بأن الغنى الأمريكي والأوروبي هو الضمانة الحقيقة لاستمرار وتزايد الطلب على استيراد النفط الخليجي والسلع المصنعة من هذه الدول النامية والأسرع نمواً ....ولم تكن نظرية الإفقار حتى هذا الوقت قد تبلورت بشكل محدد كي تثير مخاوف الدول المتقدمة الغنية في الغرب تجاه تلك الدول النامية التي بدأت في منافستها في الثراء والغنى ، حتى تتخذ ضدها بعض الإجراءات الاحترازية للحد من هذا الثراء الكبير والسريع.

ومع حدوث الأزمة وبعدها ظهرت بعض الأفكار والآراء التي تحدثت بصوت مرتفع عن أن الكثير من الأصول التي بيعت لهذه الدول النامية والناشئة والأسرع نمواً من خلال فوائضها المالية وصناديقها السيادية ، كانت في الأساس أصولاً غير مأمونة (سامة)، وإنها كانت مدسوسة عن عمد فى النظام المالي الأمريكي، وانطلقت منه إلى سائر النظام المالي العالمي، بما يؤكد نظريتي المؤامرة والإفقار المتعمد، بالإضافة إلى أن الحمائية التجارية التي فرضتها وتفرضها الدول المتقدمة الغنية، وما ترتب وسوف يترتب عليها من تراجع في حجم التجارة العالمية، وما يستتبع ذلك من انخفاض الطلب على النفط والمواد الخام والسلع المصنعة من الأسواق والاقتصادات الناشئة والأسرع نمواً، ومن ثم ضعف أو انعدام ثرواتها وفوائضها المالية، وما يترتب على ذلك من تقليل فرص تنافسيتها ليس فقط فيما يتعلق بالموارد المتناقصة ، وإنما أيضاً فى قدرتها على استقطاب الاستثمارات العالمية إلى بلادها ... وإن ظهرت بعض الأفكار والآراء المضادة الأخرى التي تؤكد أن السبب الرئيسي للأزمة المالية العالمية إنما يعود إلى الإفراط الزائد في تمويل المصارف لعمليات الرهن العقاري، وهى بالطبع مشكلة تسبق زمنياً أحداث الأزمة المالية، بالإضافة إلى ضعف أو غياب الرقابة على المصارف والمؤسسات المالية، وذلك بعيداً عن نظريتي المؤامرة والإفقار المتعمد.

http://www.argaam.com/Portal/Content/ArticleDetail.aspx?articleid=114846
 

Bo Mostafa

عضو نشط
التسجيل
27 ديسمبر 2005
المشاركات
3,621
الإقامة
كلنا للكويت
يفترض على المسلمين أن يكونوا منظمين
لأن الإسلام يحث على التنظيم
وبما أننا بعيدين على التخطيط الإستراتيجي
وحتى على مستوى الدول ميزانياتها تقر بدون تخطيط
فبالتالي نشعر من حيث نشعر أو لا أننا ضمن مآمرة من الذين يصنعون القرار
من خلال تنظيمهم وتخطيطهم
المسلمين عايشين على البركة
لو يحسنون التخطيط لأعادوا أمجادهم إن وجدت أصلا ً
 

ابن عمير

عضو نشط
التسجيل
29 سبتمبر 2008
المشاركات
2,870
جزاك الله خير ..........
 
التسجيل
15 فبراير 2009
المشاركات
1,221
الإقامة
الكويت
شكرا علي هذي المشاركه
 

جـراح

عضو نشط
التسجيل
25 يناير 2009
المشاركات
568
يقولون وزير الخزانة الامريكي زاير السعودية قبل كم يوم .. طبعا يبي مزيد من المليارات ماكفاهم اللي سرقوه

وانا اقول لاعضاء مجلس الامة انتبهوا من هذا الخنزير الامريكي .. حلالنا مو سايب
 
أعلى