يُمه قرصتني عقربة!
أحمد بومرعي
لأن سمّ العقرب يقتل غالبا، فإن المطرب العراقي «حسام الرسام» استطاع في أغنيته المشهورة «يُمه قرصتني عقربة» أن يُحوّل قرصة حبيبته، من «عقربة يقتل سمّها»، الى انسانة أعادت له الحياة من أول نظرة، لدرجة أنه خاطب أمه متابعا أغنيته «يا يُمه لو شفتيها سبحان لي مسويها»!.. وبنفس طريقة حسام، تحاول شركات وبنوك أن تُسوّق سموم الأصول لديها، على أنها سلِسة على الجسم الاقتصادي، ويُمكن بلعها، كما لو كانت قطعة «كاكاو»!
لكن، وإذا أردنا أن «نبلعها» معهم، فيبدو أنه من الضروري تحذير من يريد أن يأكل «الكاكاو» أن يتأكد من صلاحيته للاستهلاك، إذ يُفترض أن تكون الصلاحية انتهت في سبتمبر الماضي، يوم ضربت الأزمة عمق الاقتصاد الوطني، إلا اذا كان التجار يريدون أن يغشّوا الناس، ويطعموهم «كاكاو مسموماً»، على حسبة مطرب «القرصة الناعمة».
الأصول المسمومة ببساطة هي ورطة.. بل ورطة «عوده»، توّرط فيها الاميركان في أزمة الرهن العقاري التي صدّروها لنا، لكن الفرق «مو بسيط» بين سموم الاميركان وسموم العرب، وتحديدا الشركات الخليجية، والكويتية بطبيعة الحال.
الاصول المسمومة في أميركا، لها تفسيرات عدة، لكن الأكثر إجماعا هي شراء شركات رهونات عقارية من بنوك أو شركات، ووضعتها في صناديق وباعتها على الناس على أنها صناديق عالية المخاطر، وعندما جاءت الأزمة ضربت هذه الصناديق مباشرة لخطورتها ولتراجع قيمة الرهون فيها، فكانت النتيجة سقوط الصناديق وخلفها شركات ثم بنوك ثم الاقتصاد الاميركي فالعالمي، في حلقة أشبه بما يُعرف بتأثيرات الدومينو، نظرا لما لهذه الصناديق من ارتباطات مع شركات وبنوك عالمية، سُميت بأزمة الرهن العقاري.
عند العرب «غير»، الاصول المسمومة هي نصب واحتيال «على عينك يا مساهم»، يحاول البعض أن يسوّقها على أنها «برغر» منتهية مدتها جاءت «ديلفري» من «الاميركان».. «الله يخرب بيتهم».. لكنها فلافل عربية شكلا وطعما، حتى لو سووها «على كيفك»، تبقى الفلافل فلافل، مهما قالوا إنها «كالبرغر».
فعلى عكس الاميركان الذين وقعوا في حسابات أزمة لم ترحم أحدا، كانت تجارة الصناديق والشركات في الكويت، والخليج عموما، «فارغة» من أي قيمة حقيقية، ولها طرق عدة، منها مثلا أن تستحوذ شركة كبيرة على شركة صغيرة في السوق، وتتفق مع مكتب محاسبي على «تظبيط» ميزانيتها، فـ «يظبطها على الآخر» في تكتيك من بيع وشراء أصول بين الكبيرة والصغيرة، لتحقق لها أرباحا على «الورق» لمدة 3 سنوات، وهو العمر الافتراضي للدخول في البورصة. ثم ترميها لاحقا على الناس في السوق، حيث يتهافتون لشراء أسهمها، على اعتبار أن خلف هذه الشركة شركة كبيرة ومجلس ادارة «موثوقاً».. وهكذا نفخ المجلس في الاسهم وشركته، حتى طيّر أموال الناس.
وكما يتضخم قُرص الفلافل عند وضعه في الزيت الحامي، مع أنه فارغ من الداخل، لكن بقليل من الخضروات والبهارات يصبح نكهة «غير شكل»، كذلك كَبُر حجم هذه الأسهم، مع بعض البهارات حولها، وكثير من «المال الحامي» لدى الناس، الذي صُبّ فيها كالزيت على النار، ثم تم تقييمها في الشركة الأم «الكبيرة» بقيمتها «المضاعفة»، وضحكت هذه الشركات على ذقون البنوك، (وأحيانا كثيرة بمعرفة وضمانة هذه الاخيرة، نظرا لارتباطات ادارات بعضها بمجالس الشركات، ان لم يكن هم أنفسهم حاضرين في الجهتين!)، وأخذت منها قروضا مقابل رهن هذه الاصول «المُفلفَلة» لديها، فأتت الأزمة لتَكشف السموم لديهما، وأن الزيت المُستخدم في الطبخة «غير صحي للغاية».
أما الآن، وبعد أن «قرصتهما العقربة»، فإن من الضروري الاستعانة بـ «يُمّه» يا حكومة، لسحب السموم، وصبّ زيت نقي فيهما، «خالٍ من الدهون»، يردّ لهما الحياة.. «بس يا يُمّه لو شفتيها»!
منقول من جريدة أوان
أحمد بومرعي
لأن سمّ العقرب يقتل غالبا، فإن المطرب العراقي «حسام الرسام» استطاع في أغنيته المشهورة «يُمه قرصتني عقربة» أن يُحوّل قرصة حبيبته، من «عقربة يقتل سمّها»، الى انسانة أعادت له الحياة من أول نظرة، لدرجة أنه خاطب أمه متابعا أغنيته «يا يُمه لو شفتيها سبحان لي مسويها»!.. وبنفس طريقة حسام، تحاول شركات وبنوك أن تُسوّق سموم الأصول لديها، على أنها سلِسة على الجسم الاقتصادي، ويُمكن بلعها، كما لو كانت قطعة «كاكاو»!
لكن، وإذا أردنا أن «نبلعها» معهم، فيبدو أنه من الضروري تحذير من يريد أن يأكل «الكاكاو» أن يتأكد من صلاحيته للاستهلاك، إذ يُفترض أن تكون الصلاحية انتهت في سبتمبر الماضي، يوم ضربت الأزمة عمق الاقتصاد الوطني، إلا اذا كان التجار يريدون أن يغشّوا الناس، ويطعموهم «كاكاو مسموماً»، على حسبة مطرب «القرصة الناعمة».
الأصول المسمومة ببساطة هي ورطة.. بل ورطة «عوده»، توّرط فيها الاميركان في أزمة الرهن العقاري التي صدّروها لنا، لكن الفرق «مو بسيط» بين سموم الاميركان وسموم العرب، وتحديدا الشركات الخليجية، والكويتية بطبيعة الحال.
الاصول المسمومة في أميركا، لها تفسيرات عدة، لكن الأكثر إجماعا هي شراء شركات رهونات عقارية من بنوك أو شركات، ووضعتها في صناديق وباعتها على الناس على أنها صناديق عالية المخاطر، وعندما جاءت الأزمة ضربت هذه الصناديق مباشرة لخطورتها ولتراجع قيمة الرهون فيها، فكانت النتيجة سقوط الصناديق وخلفها شركات ثم بنوك ثم الاقتصاد الاميركي فالعالمي، في حلقة أشبه بما يُعرف بتأثيرات الدومينو، نظرا لما لهذه الصناديق من ارتباطات مع شركات وبنوك عالمية، سُميت بأزمة الرهن العقاري.
عند العرب «غير»، الاصول المسمومة هي نصب واحتيال «على عينك يا مساهم»، يحاول البعض أن يسوّقها على أنها «برغر» منتهية مدتها جاءت «ديلفري» من «الاميركان».. «الله يخرب بيتهم».. لكنها فلافل عربية شكلا وطعما، حتى لو سووها «على كيفك»، تبقى الفلافل فلافل، مهما قالوا إنها «كالبرغر».
فعلى عكس الاميركان الذين وقعوا في حسابات أزمة لم ترحم أحدا، كانت تجارة الصناديق والشركات في الكويت، والخليج عموما، «فارغة» من أي قيمة حقيقية، ولها طرق عدة، منها مثلا أن تستحوذ شركة كبيرة على شركة صغيرة في السوق، وتتفق مع مكتب محاسبي على «تظبيط» ميزانيتها، فـ «يظبطها على الآخر» في تكتيك من بيع وشراء أصول بين الكبيرة والصغيرة، لتحقق لها أرباحا على «الورق» لمدة 3 سنوات، وهو العمر الافتراضي للدخول في البورصة. ثم ترميها لاحقا على الناس في السوق، حيث يتهافتون لشراء أسهمها، على اعتبار أن خلف هذه الشركة شركة كبيرة ومجلس ادارة «موثوقاً».. وهكذا نفخ المجلس في الاسهم وشركته، حتى طيّر أموال الناس.
وكما يتضخم قُرص الفلافل عند وضعه في الزيت الحامي، مع أنه فارغ من الداخل، لكن بقليل من الخضروات والبهارات يصبح نكهة «غير شكل»، كذلك كَبُر حجم هذه الأسهم، مع بعض البهارات حولها، وكثير من «المال الحامي» لدى الناس، الذي صُبّ فيها كالزيت على النار، ثم تم تقييمها في الشركة الأم «الكبيرة» بقيمتها «المضاعفة»، وضحكت هذه الشركات على ذقون البنوك، (وأحيانا كثيرة بمعرفة وضمانة هذه الاخيرة، نظرا لارتباطات ادارات بعضها بمجالس الشركات، ان لم يكن هم أنفسهم حاضرين في الجهتين!)، وأخذت منها قروضا مقابل رهن هذه الاصول «المُفلفَلة» لديها، فأتت الأزمة لتَكشف السموم لديهما، وأن الزيت المُستخدم في الطبخة «غير صحي للغاية».
أما الآن، وبعد أن «قرصتهما العقربة»، فإن من الضروري الاستعانة بـ «يُمّه» يا حكومة، لسحب السموم، وصبّ زيت نقي فيهما، «خالٍ من الدهون»، يردّ لهما الحياة.. «بس يا يُمّه لو شفتيها»!
منقول من جريدة أوان