" أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ".

محب التوحيد

عضو نشط
التسجيل
9 فبراير 2005
المشاركات
1,933
عَنْ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:

كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ،

فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ".


رواه مسلم في صحيحه(1151).

يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصِّيَامَ هُوَ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَعْنَاهُ مَعَ كَوْنِ جَمِيعِ الطَّاعَاتِ لِلَّهِ تَعَالَى ، فَقِيلَ : سَبَبُ إِضَافَتِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لَمْ يُعْبَدْ أَحَدٌ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى بِهِ ، فَلَمْ يُعَظِّمِ الْكُفَّارُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ مَعْبُودًا لَهُمْ بِالصِّيَامِ ، وَإِنْ كَانُوا يُعَظِّمُونَهُ بِصُورَةِ الصَّلَاةِ وَالسُّجُودِ وَالصَّدَقَةِ وَالذِّكْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَقِيلَ : لِأَنَّ الصَّوْمَ بَعِيدٌ مِنَ الرِّيَاءِ لِخَفَائِهِ ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَالْحَجِّ وَالْغَزْوَةِ وَالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ ، وَقِيلَ : لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلصَّائِمِ وَنَفْسِهِ فِيهِ حَظٌّ ، قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ ، قَالَ : وَقِيلَ : إِنَّ الِاسْتِغْنَاءَ عَنِ الطَّعَامِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَتَقَرُّبُ الصَّائِمِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَإِنْ كَانَتْ صِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُشْبِهُهَا شَيْءٌ ، وَقِيلَ : مَعْنَاهُ : أَنَا الْمُنْفَرِدُ بِعِلْمِ مِقْدَارِ ثَوَابِهِ أَوْ تَضْعِيفِ حَسَنَاتِهِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ ، أَظْهَرَ سُبْحَانَهُ بَعْضَ مَخْلُوقَاتِهِ عَلَى مِقْدَارِ ثَوَابِهَا ، وَقِيلَ : هِيَ إِضَافَةُ تَشْرِيفٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : نَاقَةَ اللَّهِ مَعَ أَنَّ الْعَالَمَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى .

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانٌ عِظَمِ فَضْلِ الصَّوْمِ وَحَثٌّ إِلَيْهِ .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( وَأَنَا أَجْزِي بِهِ ) بَيَانٌ لِعِظَمِ فَضْلِهِ ، وَكَثْرَةِ ثَوَابِهِ ؛ لِأَنَّ الْكَرِيمَ إِذَا أَخْبَرَ بِأَنَّهُ يَتَوَلَّى بِنَفْسِهِ الْجَزَاءَ اقْتَضَى عِظَمَ قَدْرِ الْجَزَاءِ وَسَعَةَ الْعَطَاءِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وَفِي رِوَايَةٍ : ( لَخُلُوفُ ) هُوَ بِضَمِّ الْخَاءِ فِيهِمَا وَهُوَ تَغَيُّرُ رَائِحَةِ الْفَمِ ، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِيهِ بِضَمِّ الْخَاءِ ، كَمَا ذَكَرْنَاهُ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْغَرِيبِ ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ اللُّغَةِ ، وَقَالَ الْقَاضِي : الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ بِضَمِّ الْخَاءِ ، قَالَ : وَكَثِيرٌ مِنَ الشُّيُوخِ يَرْوِيهِ بِفَتْحِهَا ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَهُوَ خَطَأٌ . قَالَ الْقَاضِي : وَحُكِيَ عَنِ الْفَارِسِيِّ فِيهِ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ ، وَقَالَ : أَهْلُ الْمَشْرِقِ يَقُولُونَهُ بِالْوَجْهَيْنِ ، وَالصَّوَابُ : الضَّمُّ ، وَيُقَالُ : ( خَلَفَ فُوهُ ) بِفَتْحِ الْخَاءِ وَاللَّامِ ، ( يَخْلُفُ ) بِضَمِّ اللَّامِ ، وَ ( أَخْلَفَ يَخْلُفُ ) إِذَا تَغَيَّرَ ، وَأَمَّا مَعْنَى الْحَدِيثِ : فَقَالَ الْقَاضِي : قَالَ الْمَازِرِيُّ : هَذَا مَجَازٌ وَاسْتِعَارَةٌ ؛ لِأَنَّ اسْتِطَابَةَ بَعْضِ الرَّوَائِحِ مِنْ صِفَاتِ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَهُ طَبَائِعُ تَمِيلُ إِلَى شَيْءٍ فَتَسْتَطِيبُهُ ، وَتَنْفِرُ مِنْ شَيْءٍ فَتَسْتَقْذِرُهُ ، وَاللَّهُ تَعَالَى مُتَقَدِّسٌ عَنْ ذَلِكَ ، لَكِنْ جَرَتْ عَادَتُنَا بِتَقْرِيبِ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ مِنَّا ، فَاسْتُعِيرَ ذَلِكَ فِي الصَّوْمِ ، لِتَقْرِيبِهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .

قَالَ الْقَاضِي : وَقِيلَ : يُجَازِيهِ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ فِي الْآخِرَةِ ، فَتَكُونُ نَكْهَتُهُ أَطْيَبَ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ ، كَمَا أَنَّ دَمَ الشَّهِيدِ يَكُونُ رِيحُهُ رِيحَ الْمِسْكِ .

وَقِيلَ : يَحْصُلُ لِصَاحِبِهِ مِنَ الثَّوَابِ أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ لِصَاحِبِ الْمِسْكِ .

وَقِيلَ : رَائِحَتُهُ عِنْدَ مَلَائِكَةِ اللَّهِ تَعَالَى أَطْيَبُ مِنْ رَائِحَةِ الْمِسْكِ عِنْدَنَا ، وَإِنْ كَانَتْ رَائِحَةُ الْخُلُوفِ عِنْدَنَا خِلَافَهُ .

وَالْأَصَحُّ مَا قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ مِنَ الْمَغَارِبَةِ ، وَقَالَهُ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا : إِنَّ الْخُلُوفَ أَكْثَرُ ثَوَابًا مِنَ الْمِسْكِ ، حَيْثُ نُدِبَ إِلَيْهِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ [ ص: 220 ] وَمَجَالِسِ الْحَدِيثِ وَالذِّكْرِ وَسَائِرِ مَجَامِعِ الْخَيْرِ .

وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى كَرَاهَةِ السِّوَاكِ لِلصَّائِمِ بَعْدَ الزَّوَالِ ؛ لِأَنَّهُ يُزِيلُ الْخُلُوفَ الَّذِي هَذِهِ صِفَتُهُ وَفَضِيلَتُهُ ، وَإِنْ كَانَ السِّوَاكُ فِيهِ فَضْلٌ أَيْضًا ؛ لِأَنَّ فَضِيلَةَ الْخُلُوفِ أَعْظَمُ وَقَالُوا : كَمَا أَنَّ دَمَ الشُّهَدَاءِ مَشْهُودٌ لَهُ بِالطِّيبِ ، وَيُتْرَكُ لَهُ غُسْلُ الشَّهِيدِ مَعَ أَنَّ غُسْلَ الْمَيِّتِ وَاجِبٌ ، فَإِذَا تُرِكَ الْوَاجِبُ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الدَّمِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِالطِّيبِ فَتَرْكُ السِّوَاكِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ وَاجِبًا لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى بَقَاءِ الْخُلُوفِ الْمَشْهُودِ لَهُ بِذَلِكَ أَوْلَى . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
جزاك الله خير
 

نواره1

إلغاء نهائي
الله يجزااااااااااااااااااااااااااااااااك خير ،،،،،،،،،،
 

NoOoOoR

عضو نشط
التسجيل
18 أغسطس 2008
المشاركات
10,667
الإقامة
الكــويـــت....:))
جزاك الله خير
 
أعلى