الأسهم الرخيصة .. طُعم «الكبار» لحرق «سيولة الصغار»

الشاهين1

موقوف
التسجيل
20 أبريل 2009
المشاركات
1,794
تعددت الأسباب والعزوف عنها «واحد»
الأسهم الرخيصة .. طُعم «الكبار» لحرق «سيولة الصغار»
الخميس 15 أكتوبر 2009 - الأنباء




عمر راشد
لم يكن نايف العنزي ليصدق نفسه عندما آلت 36% من أسهم الشبكة القابضة إليه بحكم إدارة التنفيذ في وزارة العدل ليكون بذلك صاحب قرار في شركة بـ 28 ألف دينار فقط وبما لا يتعدى نصف فلس للسهم، بعد أن اشترى يوما ما 4% من أسهم نفس الشركة بما قيمته 4 ملايين دينار.

ورغم أن من يملكون «الشبكة» لايزالون في نزاع أخير تشهده أروقة وزارة التجارة حاليا، إلا أن قانونية الصفقة تجعل من هؤلاء المنازعين يعيشون المثل القائل «كالطير من الذبح يرقص ألما» فالأمر انتهى لصالح مالكي الشبكة الجدد والمسألة مجرد وقت لتنفيذ تبعات الصفقة.

ومع دعوات الكثيرين لاستغلال فرص تدني القيمة السوقية لبعض الأسهم ودخول صغار المساهمين والمتداولين لاقتناص الفرص، يطرح الكثير من المحللين تساؤلاتهم: أما آن الاوان للاستثمار في الأسهم الرخيصة أو الـ «Penny Stocks».

لم أندهش حينما سألني أحد مديري المحافظ في شركة استثمارية لما أستثمر في أسهم رخيصة مادامت لدي أسهم تشغيلية جيدة، لافتا الى أن تلك الأسهم هي في واقع الأمر طُعم الكبار لحرق سيولة الصغار، مشيرا الى أن القيمة السوقية لمجموع تلك الأسهم ذات الـ 25% من إجمالي أسهم السوق لا تتعدى مليار دينار لسوق تبلغ القيمة الرأسمالية لشركاته حدود 34 مليار دينار.

وتسمية تلك الأسهم ينطوي على ظلم فادح لبعض أسهم تلك الفئة التي انخفضت بسبب انخفاض قيمة أسهمها الدفترية بعد خفض قيمة الأصول نتيجة تداعيات الأزمة المالية، غير أن عامل المخاطرة هو ما يدفع بالتأكيد تفضيل المحافظ والصناديق شراء أسهم الشركات ذات الكيانات الاقتصادية القوية عندما تقل أسعارها السوقية عن قيمتها الفعلية. مرة أخرى، ولماذا لم يحن أوان الاستثمار في الأسهم الرخيصة؟ قد يبدو السؤال لوهلته الأولى وجيها في مبرراته لدى البعض والمتمثلة في أن تلك الأسهم باتت فرصة للاستثمار، مستندين إلى ما ذكره عدد من التحليلات العالمية والإقليمية على تعافي الأداء الاقتصادي العالمي والتي ظهرت اخيرا ومنها تقرير صندوق النقد الذي توقع بلوغ معدل النمو الاقتصادي العالمي 3% العام المقبل وهو أقل بكثير من المعدلات المسجلة قبل الأزمة والتي تجاوزت 6% في بعض السنوات.

مرة أخرى لماذا لم يحن آوان الاستثمار في الأسهم الرخيصة، عوامل عدة أقرتها مصادر بورصوية واستثمارية تقف عائقا أمام الـ Penny Stocks، إذ انه رغم وجود 26% من أسهم السوق البالغ عددها 51 سهما معظمها يتركز في شركات قطاعي الخدمات والاستثمار، بلغت قيمتها السوقية كما في 30 سبتمبر المـاضي دون 100 فلس (وفـقـــــا لتحليـل مركز الجمان)، إلا أن بعض ميزانيات بعض الشركات «المدققة» وغير الدقيقة لا تعـكس قيمتها الدفترية أوضاعها المالية بشكل حقيـقـي، فالشراء يتم عـلى أساس القيمـة الحقيقية للسـهم (القيمة الدفتريـة)، موضحـيـن أن شركات وضعت قيمة دفترية تعدت الـ 200 فلس، أصل أسعارها لا يتعدى 40 – 50 فلسا للسهم، وهناك حكايات بالجملة عن ميزانيات لا يمكن وصفها إلا بالميزانيات المزورة.

ومن بين المبررات الأخرى للعزوف عن شراء الأسهم الرخيصة خلو بعض شركات تلك الأسهم الرخيصة من موجودات جيدة تعزز الشراء عليها، إضافة لعدم امتلاكها إيرادات تشغيلية تمكنها من سداد الفوائد وهو ما يعني زيادة مديونيات الشركة عن حقوق مساهميها، الأمر الذي يجبر الشركة على تخفيض رأسمالها إطفاء للخسائر، وهو ما يعني أن ينتهي بها الأمر إلى تخفيض القيمة الدفترية للسهم مما يعني الدخول في دائرة الإفلاس، وهو أمر يجعل العزوف عنها أفضل من «المغامرة» بالدخول فيها.

وبالإضافة إلى ما سبق، رأى البعض أن القاعدة الـذهبيــــة للشراء أو البيع لدى العاملين في السوق هي أن الربح على قدر المخاطرة التي تجعل من «الكاش» عزيزا في وقت الأزمات، وبالتالي فإن التريــث في اتخاذ قرار الشراء أو البيع يكون «تحوطيا» لدى المحافظ والصناديق أكثر من اللازم بعيدا عن الانجراف في تيار المغامرات والمخاطر وخوفا من فقدان العميل الذي قد يتكبد خسائر بسبب الدخول على هذا النوع من الأسهم وهو ما يجعل عصفور في اليد أفضل من عشرة على الشجرة هو الأكثر تطبيقا، بمعنى الدخول في شراء سهم تشغيلي أفضل بكثير من الدخول على أسهم ذات مخاطر عالية. والأسهم الرخيصة تؤدي دور الترفيع «غير المبرر» للسوق وتعطي انطباعات غير دقيقة لأداء السوق، ومن ثم فإن أداءها غالبا ما يكون خارج حسابات الشراء والبيع لدى الكثير من المحافظ والصناديق الاستثمارية.

وفي وجهة نظر مخالفة، رأى آخرون أن الأسهم الرخيصة يمكن أن تكون «جذابة» لدى أصحاب «الكاش» الصغير وهم نسبة ليست بالقليلة في تداولات السوق، فهم يسعون إلى تحقيق مبدأ المضاربة «الانتقائية» بعيدا عن «سياسة القطيع» ووفق مبدأ «ما خاب من استشار»، على أن يكون الشراء على أسهم استطاعت رفع قيمتها السوقية 15% وألا تتعدى مديونياتها 50% من حقوق مساهميها. واستدرك أصحاب هذا الرأي أن ما يمنع الدخول على الأسهم بالأساس يعود إلى ضعف السيولة في يد الكبار وتخوف لدى الصغار من المخاطرة العالية التي تكتنف عمل تلك الأسهم، موضحة أن جميع الأسواق المالية العالمية منها أو الإقليمية لا تخلو من تلك الأسهم وإن بنسب متفاوتة.

وفي توضيح للأسهم التي يمكن الدخول فيها، اتفق الكثيرون على أن ميزانية الشركة هي الفيصل الوحيد في اختيار الدخول على السهم من عدمه، خاصة ما يتعلق بالقيمة الدفترية للسهم ومكرر الربحية والتأكد من موجودات الشركة وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها من خلال وجود إيرادات تشغيلية جيدة لها، موضحة أن هناك شركات انخفضت قيمتها السعرية دون مبرر بسبب انخفاض قيمة أصولها بسبب تداعيات الأزمة، إلا أنها لاتزال مغرية للشراء، في حين أن شركات فقدت 75% من رأسمالها دون أن تحرك عمومياتها ساكنا تجاه المطالبة بحقوق مساهميها.

واتفق الجميع أن شبح إفلاس الشركات الرخيصة هو أمر بعيد المنال على أساس أن جزءا كبيرا من تلك الأسهم يقع تحت مظلة مجاميع استثمارية لن تسمح بسقوط إحدى شركاتها لاعتبارات اقتصادية واجتماعية تبعد تلك الشركات عن براثن الإفلاس، مستدركة أن شركات أخرى بعيدة عن مظلة المجاميع الاستثمارية هي من ستتعرض للشركات المتعثرة.

وحول مستقبل الأسهم الرخيصة، هناك درجات من التفاؤل «الحذر» حول دور تلك الأسهم في تنشيط حركة السوق رأى البعض أن درجة تأثير تلك الأسهم يقلل منها عدم وجود ضوابط للمضاربات العنيفة التي تحدث على تلك الأسهم لحماية الشارين لها وكذلك التأكد من بنود ميزانياتها وخلوها من مديونيات ثقيلة قد تهلك رأسمال شركاتها وهو ما يعني الدخول في تعثر الشركات الاستثمارية.
 
أعلى