وسيط اسهم
عضو نشط
الحقيقة.. أنني على علم بأن هذا الموضوع غاية في الحساسية، وعلى درجة كبيرة من الخطورة، ومع ذلك فإنني على قناعة تامة بأن مثل هذا الموضوع يجب أن يُطرق مرارًا، وبأساليب مختلفة رزينة، تفي بالغرض، وتُوضح الأسباب والآثار المترتبة عليه، لا سيما وأن كثيراُ من الناس في غفلة عنه، ولم يقدروا له قدره..
هناك صرخات مدوية اطلقتها وسطرتها صاحبات هذه المأساة، تملؤها المعاناة ، وتحس وأنت تقرؤها بحشرجة صدور صاحباتها، ونبرة الحزن في حروفهن..
فمن قائلة:" أتوق إلى بيت وأسرة مثل باقي البنات .. أصبحت مثل الرجال في تحمّل كل شيء، ولكن قلبي قلب طفل.. طالما بكيت بيني وبين نفسي حتى لا يرني أحد…"
وقائلة: " أصبحت كلمة " عانس" بمثابة الخنجر الذي يصيب صميم فؤادي.."
إن الكتابة في موضوع العنوسة كإنما السير في حقل ألغام ولا اهدف من وراء حديثي لهذه الآهات والحسرات أنني أوردها من أجل التسلية والقراءة، أو من أجل التجريح، وإثارة الأشجان انما كان هدفي هو تجنب الأسباب التي تجرُّ إلى الوقوع في هذه المعضلات، التي راح ضحيتها فتيات لا ينقصهن شيئاً ليكن ربات بيوت لهن أزواج وأبناء، ويمارسن حياتهن كغيرهن من النساء، ولكن غلطة لم يُنتبه لها، وسوء تقدير، وجهل في العاقبة، هو الذي أوصل إلى هذه الحال ..
إن أسباب العنوسة كثيرة جدا ولا مجال في ذكرها وبحثها ولكن مهما كان السبب ادعو الأخوات وأولياء الأمور التعامل مع الموضوع بجدية ومعالجة اوضاعهم في فترة مهمه من فترات العمر ولا ينخدعن بزيف الإدعاءات ثم لم يفقن الا على الحقيقة المرة ، فهل ننتظر أن تتوالى المآسي، وتنضمّ إليهن الضحايا فوجاً بعد فوج..؟!
إذاً فالواجب علينا أن نُبين للناس ما غفلوا عنه، ونذكِّرهم بما نسوه، فإن الامر جدُّ خطير.. إن لم يقم به عقلاء قوم، فستكون عواقبه وخيمة، فهل تظن هذه الفتاة بأن فرصة الزواج بالنسبة لها مهيأة كما لو كانت وهي صغيرة ، عندها سوف تدرك الهزيمة المرة وتيقن انها دخلت زمن العنوسة واليوم وبعد أن كانت تضع الشروط والمواصفات والمقاييس في فارس احلامها ، وكانت تتعالى يوم ذاك، بدأوا الرجال بوضع مقاييسهم في وجهها ، وهو ما سيدفعها للتفكير كثيراً في أن تشعل النار في جميع الأسباب التي انستها كل العواطف، حتى فاتها القطار ..
قالت لي اخت فاضلة " اعتقدت أني أستطيع تحقيق التوازن المطلوب، ولكن في لحظة شعرت بحاجتي إلى الاستقرار وبأهمية أن تكون لي حياتي الخاصة.. وتحوّلت نظرتي من السطحية في أمور الزواج إلى نظرة واقعية تجاه الحياة، فالبحث عن بعض التغيير أمر طبيعي، ولكن أن نأمل في تغيير كامل.. هذا هو المستحيل بعينه.. قد تكون من في سنّي تزوجت وكوّنت أسرة..ففي العشرين من العمر نسيت أني امرأة عندما رفضت الزواج وتكوين أسرة وأطفال.. وفي الثلاثين من العمر نسيت أني امرأة، عندما كنت أنا البادئة في طلب الزواج.. فهل فعلاً نسيت أني امرأة " انتهى كلامها
إنه مما لا شك فيه أن الإنسان لو تكلَّم في أي موضوع كان .. لا يستطيع تصويره كما يصوره من عايشه،لا سيما إذا كانت هذه المعايشة معاناة، فإنك ستجد أكثر الناس صدقاً في وصفها من ذاق مرارتها وآلامها و لتعلم أخَيَّتي الكريمة على وجه الخصوص أنني لم أكتب ذلك تجريحاً وتوبيخاً، ولكن من دافع حرصي عليها.. أن تفقد ركناً من أعظم الأركان التي تقوم عليها الحياة الهانئة.
تحيــــــاتي ...
