المنزلة بين المنزلتين

ذباح النوق

موقوف
التسجيل
28 أكتوبر 2009
المشاركات
252
المنزلة بين المنزلتين
كلما زاد أحبابك، زاد عذابك..! كلما كان لديك عدد أكبر من الذين تحبهم وتخاف عليهم في هذه الحياة، ازددت قلقا. أمر محزن أن ترتبط المحبة بالخوف، كلما زادت محبتك، زاد خوفك. ألم يكن من المفترض أن تكون المحبة حرية..! يفترض أنه كلما زادت محبتك زادت حريتك، لكن العكس هو الصحيح، كلما أحببت أكثر خفت أكثر..! تخاف على نفسك وعلى من تحبهم، تخاف من الاختطاف بكل أنواعه..! المرض يختطف والموت يختطف، ومشاغل الدنيا تختطف. فهل من المفروض ألا نحب، أو على الأقل ألا نخاف على من نحبهم! وهل يمكن أن تكون عاشقا وقوي القلب، هائما وممزوجا بمن تحب من دون أن يرافقك القلق..!

هل نقول مع زارا في حديث زرادشت «أن العدل نفسه يقضي بأن يفترس الزمان أبناءه، فأين المفر من نهر الحياة الجارف، وما الحياة إلا عبارة عن عقاب..!».

إذا كانت المحبة هي فن الامتلاك، فإن الخوف من فراق الأحبة هو خوف من الفقر والفاقة..! إذا فقدنا المال يمكن أن نعوضه، ولكن إذا فقدنا الأحبة فلن يشفع لنا أن نقف على مفترق الطرق نستجدي المارة..! وماذا يمكن أن يعطينا المارة، هل يمكن لفاقد الشيء أن يعطيه..!

إذا خيرنا بين سفينة المحبة وقد استعدت للرحيل، والبقاء وحيدين في الجزيرة، فلمن ننحاز..! الانحياز للسفينة ـ المحبة يعني مزيدا من العذاب، الشعور بأن هناك كثيرين تخاف عليهم، وتخاف منهم. تخاف أن يختطفهم الموت، أو الحزن، أو المرض يجعلك تعيش قلق المحب..!

الانحياز للبقاء وحيدا في الجزيرة، ربما يكون أقل قسوة ووحشية، فليس هناك من تخاف عليهم. أي ليس هناك من تحزن لأجلهم، ولكن ماذا بشأن الوحدة. الشعور بأنك تغني ولا يسمع أحد، تلقي بقصائدك الجميلة فلا تسمع سوى أصوات الريح المزمجرة..! وإذن لماذا اخترع الإنسان السجن؟ أليس قمة التعذيب أن تشعر بالوحدة.

وأين المفر..! كلما كنت وحيدا شعرت بحزن الوحشة، وكلما زاد أحبابك ازددت خوفا عليهم..!

المعادلة صعبة..! النفس مترددة..! وهي في منزلة بين المنزلتين
..!
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
شكرا
 
أعلى