2010 سنة الأحكام القضائية والإفلاسات

adventurer

عضو نشط
التسجيل
12 يناير 2009
المشاركات
4,262
منقول من القبس

2010 سنة الأحكام القضائية والإفلاسات

بقلم: نزار القرطاس
لقد مر عالم المال والأعمال بسنة عصيبة وهي سنة 2009، انتهت بالاضطرابات المالية والتوترات الاقتصادية وانتشار الخوف بين رؤوس الأموال الباحثة عن الاستقرار، لذلك رأينا أسواق المال في تذبذبات حادة بين صعود وهبوط حادين في كلا الاتجاهين نظراً لعدم ثقة المضاربين والمستثمرين على حد سواء باجمالي أوضاع البنوك والمؤسسات المالية والشركات بصفة عامة.
وعلى الرغم من ذلك فقد استفاد عدد لا بأس به من المتداولين والمضاربين من تلك التذبذبات الحادة لجني أرباح مجزية جداً في بعض الأحيان، فقد ارتفعت بعض الأسواق من القيعان التي وصلت اليها بما يفوق 130% في بعضها وفي متوسطها 50 % الى 70 % (ما عدا سوق الكويت طبعاً !!) ولكن لم تخل المؤسسات المالية والشركات طبعاً من مشكلات جمة هي مخلفات ذلك التسونامي المالي الذي خلف جملة من الاصلاحات الداخلية واعادة الهيكلة وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين، كذلك المخصصات الضخمة للمؤسسات المالية خاصة بالاضافة الى غيرها من الشركات. مما قاد الى عدد هائل من المطالبات بين الشركات والأفراد والشركات في ما بينها والبنوك مع بنوك أخرى والبنوك مع الشركات والأفراد وهلم جرا. وبما أن هذا النوع من المطالبات التجارية يستغرق بعض الوقت لتصدر الأحكام القضائية بشأنه وتتبلور نتائجه فانه من المتوقع أن يكون عام 2010 هو عام صدور الأحكام القضائية على الأقل الأولية منها. وسوف تكون بكم هائل مما سوف يعرض بعض الشركات المستترة لافتضاح أمرها لعدم قدرتها على السداد، كذلك سوف يؤدي الى قيام المطالبين أصحاب الأحكام القضائية للمطالبة بتنفيذ تلك الأحكام والحجز على أصول الشركات المطلوبة. واذا صدقت التوقعات، وكان هناك كم لا بأس به من تلك الأحكام وقضايا التنفيذ والحجز على الأصول، فسوف يعود مسلسل الارتباك الى الأسواق بصفة عامة.
أما بالنسبة للسوق الخليجي، وبالأخص سوقنا المحلي سوف يكون الوقع أقوى وأشد لأنها أسواق ناشئة وصغيرة وليس لديها مداخيل متنوعة. فالتجارة بمجملها تختصر بتجارة حكومية وهي تجارة النفط وبزنس القطاع الخاص و80 % منه بأسواق المال والقطاع العقاري وسوف تواجه العديد من الشركات شبح الافلاس ورفع الراية البيضاء لعدم تمكنها من سداد التزاماتها المتراكمة حتى عدم تمكنها من خدمة دين البنوك الممولة لها نظراً لجفاف قنوات التمويل ونفاد ما تبقى من سيولة لديها. مما سيضطر البنوك والمؤسسات المالية لأخذ المزيد من المخصصات التي من المتوقع أن تمتد الى نهاية 2010 على أقل تقدير، كذلك الحجز على أصول بعض الشركات المتعثرة، لكن من الجانب الأخر سوف تكون لتلك الأزمة منافع متميزة لقلة من الكيانات التجارية ذات الكفاءة الادارية والمالية، ففي ظل تلك الربكة المالية سوف تكون هناك فرصة للشركات ذات الملاءة المالية والادارات الجيدة للبروز بشكل قد يكون أفضل من السابق وقد تكون نقطة انطلاقة صاروخية لبعض الكيانات المالية والشركات ذات الكفاءة على حد سواء وذلك للأسباب التالية :-
أولاً- سوف تتمكن الشركة المليئة وذات الادارة الكفء من فرض شروطها على البنوك وقنوات التمويل. فليس لتلك البنوك اختيارات عديدة، فالسيئ من الشركات كثير والمتعثرون أكثر لذلك لا تستطيع البنوك التضحية بأحسن السيئ أو الأقل سوءاً فما بالك بالجيد ؟ لذلك سوف تتمكن تلك الشركات الجيدة من اعادة هيكلة ديونها بشروط ميسرة وبكلفة أقل نظراً لانخفاض كلفة التمويل.
ثانياً- سوف تتوافر الفرص لتلك الشركات الجيدة لاقتناص فرص استثمارية جيدة واستثنائية، سواء من الأفراد أو من نظيراتها المتعثرة والمحتاجة للسيولة، وكذلك من البنوك الساعية للتخلص من بعض الأصول المتعثرة والتي تم الحجز عليها، وقد تتمكن من تمويل جزء كبير من تلك الصفقات عن طريق المؤسسات المالية مما سوف يزيد من عوائد ربحياتها عند انقشاع غبار الأزمة في 2011 وما بعد.
ثالثاً- سوف تقل المنافسة للشركات في القطاعات المختلفة وسوف تتمركز الأعمال حول قلة من الشركات التي أثبتت جدارتها وحسن تعاملها مع الأزمة، مما سوف يضاعف كم أعمالها وتعاظم ربحياتها على المديين المتوسط والبعيد، كما حصل في بنكي الاستثمار «غولدمان ساكس» و «مورغان ستانلي» اللذين كان عام 2009 من أفضل الأعوام لهما أداء، وذلك لتمركز أموال المستثمرين لديهم وقلة المنافسة بعد أن أفلست معظم شركات الاستثمار المنافسة والبنوك الاستثمارية العالمية.
رابعاً= سوف تكسب البنوك والمؤسسات المالية والشركات الناجحة على حد سواء ثقة استثنائية من المستثمرين واحتراما وتقديرا عاليين وذلك لحسن تعاملها مع الأزمة واثبات جدارتها وكفاءة ادارتها وقدرتها على الصمود في أسوأ أزمة اقتصادية مرت في التاريخ العالمي منذ ما يقارب قرن من الزمان، مما سوف ينعكس على كم الاستثمارات الموجه لتلك الشركات وتزايد الاقبال على شراء أسهمها والاحتفاظ بها وقد يؤدي الى المبالغة في ارتفاع أسهمها في بعض الأحيان نظراً للثقة الزائدة بكفاءتها وحسن ادارتها.
نتمنى أن نكون في السنة القادمة 2010 من الأسواق الأوفر حظاً والتي نأمل أن نجد ولو قلة قليلة من الشركات التي تثبت جودتها وكفاءة اداراتها وحسن تعاملها مع الأزمة وان تكون هي الملاذ الآمن للمستثمرين وان يقوم المستثمرون بالمقابل على مكافأة تلك الشركات لنظافة اداراتها وشفافية تعاملها بالاستثمار فيها وليس الجري وراء كم التداولات الوهمية التي يجيرها البعض في شركاتهم الورقية لخداع جموع المتداولين مع الاهمال التام لنتائج تلك الشركات وكفاءتها وملاءتها المالية ومستقبلها. وكل عام وانتم بخير.
 
أعلى