فقاعات تضخمية وتشوهات سعرية..سياسة المركزي رد فعل

دلوع السوق

عضو نشط
التسجيل
28 يناير 2010
المشاركات
28
فقاعات تضخمية وتشوهات سعرية

سياسة البنك المركزي رد فعل..وتابع للمالية والنفط

منقول عن جريدة أوان

رؤية - يعقوب يوسف الباش - الاندفاع الحكومي ورغبة السلطة التشريعية في إقرار خطة التنمية لتخفيف الضغط الشعبي عنها بعد اتهامهما بالعجز عن تحقيق أي اثر ملموس في التنمية خلال السنوات الماضية أدى إلى التسارع في التوسع الاقتصادي والمالي بشكل يدق ناقوس الخطر وينذر مستقبلا بعدم الاستقرار الاقتصادي المالي والنقدي، وهو أمر ستدفع الكويت مستقبلا ثمنا باهظا مقابله. ولا يبرز في الأفق حاليا خطط بديلة استثنائية للسياسة الاقتصادية والمالية وإعادة النظر فيها، وهذا يدل على أن الحكومة والسلطة التشريعية ليس لديهما استشراف واضح للمستقبل، خاصة أن الاقتصاد الكويتي اقتصاد ريعي يعتمد على النفط المعرض للانكشاف في أي لحظة نتيجة لهزة أو أزمة قد تؤدي لانخفاض الإيرادات النفطية وفقا لآليات العرض والطلب في السوق العالمي.
المركزي صمام أمان
يبرز هنا دور البنك المركزي كصمام أمان لتحقيق التوازن المفقود لكبح جماح نتائج هذا التسارع والاندفاع الحكومي والتشريعي، التي قد تنتج عن التوسع في السياسة الاقتصادية والمالية، وهنا نحب أن نوضح ونؤكد أن فشل دور البنك المركزي في تحقيق هذا التوازن والتكامل للاقتصاد الكويتي يجب أن لا يلام عليه هو فقط، ويجب ألا نوجه أصابع الاتهام إليه، لأن دوره مكمل لتحقيق هذا التوازن وضمن الآليات والأدوات المتاحة له من خلال السياسة النقدية.
لهذا نلاحظ أن السياسة النقدية تمر بمرحلة دقيقة، إذ يتبع البنك المركزي سياسة نقدية انكماشية متشددة تارة وسياسة نقدية إنفراجية تارة أخرى، بات من الصعب التنبؤ بتوجهاتها وإجراءاتها على المدى القريب والمتوسط، فقد حاول البنك المركزي في الفترة الماضية منذ 2008 رسم خارطة الطريق لهذه السياسة النقدية بإصداره عددا من القرارات للسيطرة والمحافظة على السوق المصرفي والذي يعتبر بوابة العبور للمساهمة والمشاركة في خطة التنمية، ففرض السقوف الائتمانية ونسبة الاحتياطي وبيع السندات، وهي سياسة لجأ إليها للحد من حجم العمليات والتسهيلات الائتمانية والتجارية مع إلزام المؤسسات المصرفية والمالية بتزويده بتقارير عن حجم القروض التجارية والتسهيلات الائتمانية التي قدمتها هذه المؤسسات لعملائها.
وعزز البنك المركزي هذه السياسة النقدية الانكماشية بالتشدد في تحديد شروط التسهيلات الائتمانية للشركات والمؤسسات حتى تصب في قنواتها الصحيحة وفقا لطبيعة عملها حيث ربط حدود التوسع في الإقراض بشرط تقديم ضمانات لأصول صادقة تعكس قيمتها الحقيقية وفقا لآلية العرض والطلب في السوق الكويتي مع ربط هذا التوسع في الإقراض بشروط اتفاقية بازل للرقابة على البنوك لتقليل مخاطر التعثر المالي والمحافظة على النظام المصرفي واستقراره، كما قام بطرح سندات خزانة لعام واحد بقيمة 678 مليون دولار في 2009 في محاولة منه لتقليل عرض النقود وهذه من ضمن الأدوات غير المباشرة لأي سياسة نقدية انكماشية.
في نفس الوقت كان المركزي يمارس سياسة إنفراجية بتخفيض سعر الفائدة لتصل حتى 3 % منذ مايو 2009 توقف عندها لفترة تقارب 9 شهور ليعاود تخفيض سعر الفائدة مره أخرى بمقدار نصف نقطة وهذا يدل بلا شك أن البنك المركزي يتبع سياسة حذرة بممارسته سياسته الانفراجية التوسعية مع تمسكه ببعض أدوات السياسة النقدية الانكماشية في محاولة للتأثير والسيطرة على كمية نمو عرض النقود كهدف للسياسة النقدية.
لهذا أثار خفض سعر الفائدة والريبو المفاجئ علامات استفهام وتساؤلات لدى الكثير من المهتمين والمتابعين بسبب التوقيت «اليوم والساعة» وحول أسباب هذا التخفيض والتي لم تكن مقنعة للكثيرين منهم وفقا لما ورد في بيان البنك المركزي، مع العلم أن خفض سعر الفائدة محكوم عموماً بأسعار الفائدة في الأسواق المالية الدولية وفقا لتصريح سابق لمحافظ البنك المركزي، الذي قال فيه إذا ما تم رفـع الفائدة فى الخارج على العملات الأجنبية وخاصة الدولار فان الدينار سيتسرب إلى الخارج، والبنك المركزي يعمل على توطين الدينار والحفاظ على قوته.
الضغوط والاستقلالية
كما أشار البعض إلى أن هذا التخفيض كان بسبب ضغوط «السلطة التنفيذية» وهذه الضغوط ستفقد البنك قدراته مستقبلا في استخدام أدوات السياسة النقدية المباشرة وغير المباشرة بشكل صحيح وفي الوقت المناسب، ولتحقيق التوازن المطلوب وخاصة بعد الهمز واللمز عن عجز البنك المركزي ووقوفه موقف المتفرج في تفعيل السياسة النقدية وأدواتها التي تعتبر حجر الزاوية في المرحلة المقبلة للمساهمة في إنجاح خطة التنمية.
وإن صح هذا وصحت إشاعات الضغوط فهو يقودنا إلى منحى آخر وتساؤل آخر حول مدى استقلالية البنك المركزي وخاصة بعد الهجوم النيابي وغلبة الأجندات السياسية والشعبية، والتضحية بالاعتبارات الاقتصادية، حيث تم اتهامه بعدم قدرته على فرض رقابته على المؤسسات المصرفية والشركات المالية والاستثمارية وخاصة أن الفترة ما قبل 2008 فترة سيطرت فيها فوضى القروض الاستهلاكية والتسهيلات الائتمانية والتي عرتها وكشفها التضخم والأزمة الاقتصادية (لاحظ نص قانون البنك المركزي المرفق بالموضوع).
البنك المركزي أمام مفترق طرق يبذل قصارى جهده لإصلاح ومواجهة الاختلالات النقدية التي قد تحدث مستقبلا من خلال تطبيق سياسة نقدية (انكماشية، إنفراجية) محددة الأهداف وفق خارطة طريق لها أولويات تعكس حاجتنا لفرض الاستقرار النقدي لتحقيق التكامل مع السياسة الاقتصادية والمالية لدعم خطة التنمية. هذا قد يؤدي لنجاح نسبي للبنك في السيطرة على حجم كمية النقود والسيولة ولكن لفترة من الوقت لأن البنك المركزي لا يتحكم بالسياسة الاقتصادية والمالية بل بالعكس هي التي تتحكم بسياسته النقدية والتي تهدف حاليا إلى التوسع بالإنفاق بشكل كبير ومبالغ به.
فالسياسة النقدية سوف تتأثر بالتأكيد بشكل كبير بالسياسة الاقتصادية والمالية التوسعية للحكومة في الإفراط في حجم النشاط الإنفاقي عموديا قد تتجاوز فيه طاقة الاقتصاد الاستيعابية بمشاريع تقدر تكلفتها بـ 30 مليار دينار كويتي خلال السنوات الأربع القادمة لتنفيذ خطة التنمية والذي سيكون له تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على حجم كمية النقود والسيولة، وسيؤدي إلى عجز الناتج الكلي عن تلبية الطلب الكلي، ولهذا فالسياسة الاقتصادية والمالية التوسعية سوف تتعارض مع هدف ثبات أو استقرار الأسعار بسبب حجم الطلب على الخدمات والسلع.
التضخم والتشوهات
لهذا فالسياسة النقدية (تحديد حجم السقوف الائتمانية، زيادة نسبة الاحتياطي، خفض أسعار الفائدة، سعر الصرف...ألخ) قد لا تكون لها الفاعلية المطلوبة بل بالعكس قد تكون لها سلبيات تجعلنا نتخوف من آثارها غير المتوقعة خلال السنوات القادمة والتي ستؤدي بالدفع نحو ارتفاع سريع في نسب التضخم ( النقدي، الأسعار، التكاليف، الدخل) بسبب ارتفاع حجم الكتلة النقدية وفقد قيمتها الشرائية وارتفاع الأجور وزيادة الطلب على السلع والخدمات وارتفاع الاستهلاك مع ادخار منخفض سيؤدي في النهاية إلى إطلاق العنان للتضخم النقدي والاستهلاكي والسلعي مما سيؤدي في النهاية إلى فجوات تضخمية وتشوهات سعرية ستفشل في تحقيق أي استقرار نقدي.
هذا بالإضافة إلى أن قانون ضمان الودائع الفريد من نوعه في العالم والذي (يضمن الودائع مدى الحياة) وهو كالخنجر في خاصرة الاقتصاد الكويتي ولنا عبرة في الأزمة الاقتصادية التي مرت بها (المكسيك، إندونيسيا، تايلند، كوريا، ماليزيا) حول هجرة الأموال المودعة في البنوك بشكل مفاجئ وسريع، هذا القانون رفع وسيرفع من حجم الودائع التي لدى المؤسسات المصرفية وهذا سيرفع نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك لدى البنك المركزي وستشكل عبئا كبيرا عليها مع تخفيض نسبة الريبو، اذ سيضغط على المؤسسات المصرفية بشكل مباشر وكبير خلال الفترة المقبلة وسيدفع البنوك إلى البحث عن منافذ للتقليل من حجم هذه الودائع لما يترتب عليها من تكلفة مادية سيجبرها على محاولة تجاوز تعليمات البنك المركزي القابلة والضغط عليه للاستثناء مما سيؤدي في النهاية إلى صعوبة التحكم في السياسة النقدية الانكماشية التوسعية.
رد الفعل والمبادرة
إن البنك المركزي في الفترة الماضية قد أدار السياسة النقدية بأسلوب رد الفعل لا بأسلوب المبادرة، لذا عليه خلال الفترة القادمة استخدام الإحصاءات والمقاييس والمؤشرات الدالة على التقلبات في نسبة الاحتياطي النقدي على الودائع وحجم الطلب المتوقع على التسهيلات الائتمانية وليس التسهيلات التي تمت الموافقة عليها وتم تنفيذها، والتقلبات في أسعار صرف النقود والفائدة، لهذا يجب على البنك أن يبادر للسيطرة على حجم النقود المعروضة قبل أن تتحرك هذه السيولة نحو الأفراد وبالتالي ستحرك بشكل سريع قوى الدفع داخل الاقتصاد وباتجاه فقاعات تضخمية وتشوهات سعرية ستخلق عقبات في طريق خطط التنمية. لهذا يفترض على البنك المركزي أن لا يكون تابعا للسياستين الاقتصادية والمالية بشكل كلي ومطلق يفقده دوره في تحقيق التوازن المطلوب وأن يتحوط في استخدام أدوات السياسة النقدية المباشرة بخفض ورفع سعر الفائدة ومناورات سعر صرف الدينار للحفاظ على القوة الشرائية والمبادرة في التوسع بتفعيل أدوات السياسة النقدية غير المباشرة بإصدار سندات وشهادات إيداع وإعادة الشراء للمحافظة على حجم كمية النقود.

محلل.. فريق دريال للتحليل الفني
تاريخ النشر : 2010-03-07
بالقانون.. المركزي تابع للمالية ينص قانون النقد وبنك الكويت المركزي والمهنة المصرفية رقم 32 لسنة 1968 وتعديلاته، على تبعية البنك لوزارة المالية والنفط، وتنص المادة 14 منه على ما يلي: «يكون للبنك المركزي ميزانية خاصة تعد على النمط التجاري. ويعتبر البنك تاجرا في علاقاته مع الغير، وتجرى عملياته وتنظم حساباته وفقا للقواعد التجارية المصرفية. وفيما عدا الأحكام الدستورية السارية في شأن أعمال البنك والميزانية وحسابه الختامي يضع مجلس الإدارة، بموافقة وزير المالية والنفط، سائر النظم والأحكام المتعلقة بشؤون البنك الإدارية والمالية، بما في ذلك شؤون الموظفين والمحاسبة، دون التقيد في ذلك كله بأحكام قوانين المناقصات العامة والوظائف العامة المدنية. ولا تنطبق على أعمال البنك المركزي أحكام الرقابة المسبقة المقررة بمقتضى القانون رقم (30) لسنة 1964 بإنشاء ديوان المحاسبة. وتقتصر مهمة الديوان على تدقيق حسابات البنك وموجوداته، ولا يكون له التدخل بأي صورة من الصور في تسيير أعمال البنك أو التعرض لسياسته. ويجب أن يكون الموظف الفني التابع لديوان المحاسبة، والذي يقوم بتدقيق أعمال البنك، مؤهلا تأهيلا فنيا كافيا، وذا خبرة خاصة بأعمال البنوك».
 
أعلى