قضية / بدل السكن من الشركات هل يلغي بدل «السكنية»؟

القصاص 2

عضو نشط
التسجيل
20 أكتوبر 2009
المشاركات
1,703
فاجأت مؤسسة الرعاية السكنية البنوك وشركات القطاع الخاص بطلب تزويدها بأسماء عامليهم الذين يتقاضون بدل سكن بموجب أعمالهم لإعادة النظر في استحقاقهم لذات البدل المقرر بموجب قانون الرعاية السكنية... استنادا منها إلى ما تراه - ومن جهة نظرها ـ من عدم جواز الجمع بين هذين البدلين.
وهذا الذي تراه المؤسسة محل نظر من الناحية القانونية لما يلي:
1 - يقصد بالبدل بمفهومه القانوني السليم: ما يتقاضاه العامل من عمله من مبالغ إما لمواجهة النفقات التي يبذلها في الانتقال من وإلى مقر العمل أو لإنجاز بعض المهام التي يستلزمها أو لتدبير سكن. ويحكم استحقاق العامل لهذا البدل والتزام جهة العمل به ما تم الاتفاق عليه في العقد المحرر بينهما.
وهذا البدل الذي يتقاضاه العامل من ميزانية الشركة أو ميزانية رب العمل وإن تشابه في مسماه مع البدل الذي يتقاضاه الموظف العام بحكم وظيفته إلا أنه يختلف عنه من ناحيتين:ـ
أ - أن البدل الذي يتقاضاه العامل يصرف من ميزانية رب العمل الذي قد يكون شخصا طبيعيا أو شخصا اعتباريا خاصا أما البدل
الذي يتقاضاه الموظف العام فهو من ميزانية الدولة.
ب - أن البدل الذي يصرف للعامل في القطاع الأهلي هو بحسب نص المادة 55 من قانون العمل في القطاع الأهلي وما استقر عليه قضاء محكمة التمييز هو جزء من الأجر ويكون بهذه المثابة محل اعتبار لدى إبرام عقد العمل وعند احتساب مكافأة نهاية الخدمة. في حين أن البدل الذي يستحقه الموظف في القطاع الحكومي تحدده القوانين واللوائح ولا يدخل ضمن الراتب عند احتساب المعاش التقاعدي.
وليس أدل على أن بدل السكن الذي يحصل عليه العامل في القطاع الأهلي هو جزءً من أجره من أنه يحصل عليه بغض النظر عما إذا كان لديه سكن من عدمه وذلك بخلاف الموظف بالقطاع الحكومي الذي يشترط لحصوله على بدل السكن عدم وجود سكن لديه.
2 - أن نص الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون الرعاية السكنية المضافة بالقانون رقم 26/2006 صريح في أن الحرمان من بدل الإيجار النقدي قاصر على رب الأسرة الذي يتمتع بحكم وظيفته بسكن أو بدل إيجار نقدي .... وعبارة بحكم وظيفته الواردة بالنص المذكور إنما تنصرف إلى الوظيفة العامة وليس العمل الذي يمارسه العامل وفقا لعقد العمل الفردي ... سيما وأن الوظيفة العامة هي مصطلح ينطبق على كافة موظفي الحكومة إذ تكون درجات الوظائف محددة وبرواتب محددة كما أن الوظيفة لها وصف الديمومة والاستمرار فلا يحق إلزام الموظف بتقديم استقالته أو إنهاء وظيفته إلا برضاه أو بإحالته للتقاعد وفقا لأحكام القانون... أما العمل في القطاع الأهلي فليس هناك محددات للعمل أو مسميات مقررة لعمل كافة العاملين فيه ... إذ أن العمل الذي يقوم به العامل هو ما يتم الاتفاق عليه بين العامل ورب العامل وهو عمل يتصف بالتأقيت إذ هو عمل لمدة محددة ويتجدد إما تلقائيا أو برضا الطرفين بحسب العقد، ولأي من الطرفين الحق في إنهاء عقد العمل.... ومما يؤكد أن الوظيفة التي قصدها المشرع في النص هي الوظيفة العامة وليس العمل في القطاع الأهلي هو ما تتمتع به الحقوق والمراكز المالية المقررة لهذه الوظيفة من ثبات واستقرار مرده أنها مستمدة مباشرة من القوانين واللوائح التي تنظمها على نحو يمتنع معه الجمع بين بدل السكن الذي تقرره وذلك الذي تمنحه الرعاية السكنية إذ أن المبلغ المستحق للموظف عنها يصرف من الخزانة العامة للدولة وهو ما لا يتوافر في عقود العمل الأهلي التي تتغير فيها حقوق العمال ومراكزهم المالية صعودا وهبوطا تبعا للمتغيرات الاقتصادية ... ناهيك عن أن ديباجة قانون الرعاية السكنية لم تشر من قريب أو بعيد إلى قانون العمل بالقطاع الأهلي بما يعني أن إرادة المشرع قد انصرفت إلى استثناء العاملين بالقطاع الأهلي من تطبيق أحكامه.
3 - أن الغرض الذي تغياه المشرع من النص المشار إليه هو الحفاظ على أموال الخزانة العامة بمنع التحايل للاستيلاء عليها دون وجه حق وهو ما لا يتصور حدوثه إلا إذا كانت هذه الخزانة هي مصدر البدلين معا حسبما ذكرنا أعلاه...
فإذا ما تغاير مصدر أحدهما عن الآخر فإن الحظر الوارد بالفقرة المذكورة لا يتحقق موجبه.
ولما كان ما يحصل عليه العاملون بالقطاع الأهلي مصدره هو ميزانية رب العمل وليس الخزانة العامة باعتباره جزء من الأجر كما سبق بيانه... فإنه لا يصلح مبررا لحرمانهم من مقابل الإيجار المقرر بنصوص قانون المؤسسة العامة للرعاية السكنية.
4 - أن الحقوق المالية للعاملين بالقطاع الأهلي تحددها العقود المبرمة بينهم وبين أرباب العمل وهذه العقود تقتصر آثارها على عاقديها دون الغير طبقا للأصل العام المقرر بنص المادة 196 مدني فلا يجوز للمؤسسة العامة للرعاية السكنية وهي من الغير أن تتدخل لتغير من هذه الآثار عن طريق مناقشتها المبلغ الممنوح كبدل سكن... سيما وأنها بحسب قانون إنشائها أو أي قانون آخر لا تتمتع بسلطة الإشـراف أو الرقابة على علاقات العمل بالقطاع الأهلي ... مما لا يجوز لها مطالبة أرباب العمل ومنهم البنوك والشركات الخاصة بموافاتها بأية بيانات عن العاملين ومنها ما إذا كانوا يتقاضون بدل سكن من عدمه.
5 - أن حرمان العامل في القطاع الأهلي من بدل الإيجار المستحق وفقا لقانون الرعاية السكنية لحصوله على بدل سكن من رب العمل فيه افتئات على العامل وحرمان له من أبسط حقوقه وهي العيش في حياة كريمة شأنه شأن غيره، وهو يستحق البدل كغيره من المواطنين المستحقين لبدل الإيجار طالما توافرت شروطه وهو عدم تملكه لسكن يعيش في كنفه.
6 - واستنادا على ما سبق وتأسيسا عليه فإننا نرى أن نص المادة 19 من قانون الرعاية السكنية فيما تضمنته فقرتها الثانية لا يمكن أن ينصرف إلا إلى الوظيفة العامة، لأنه في هذه الحالة تضار الخزانة العامة التي تكون الحكومة مؤتمنة عليها، ولا يجوز تطبيقه على العاملين في القطاع الخاص، إذ شأنهم مع أرباب عملهم وما يتقاضونه من أجور، وإن كان ذلك يمثل فارق في مستوى الأجر أو ما يستحقه العامل في القطاع الخاص عنه في القطاع الحكومي، ذلك أن العمل في القطاع الخاص لا شك أنه أشد وأقسى وأرهق للعامل عنه في القطاع الحكومي. وإلا كان من حق العاملين في القطاع الخاص المطالبة بمساواتهم بأمثالهم في القطاع الحكومي ممن يستحقون مزايا وفق كوادرهم المالية المقررة لهم، وهذا ما لا يقبل لا قانونا ولا منطقا.

قانوني كويتي
 
أعلى