مقال (لمستثمر غلبان) عجبنى بجريده اللقبس

level-1

عضو نشط
التسجيل
6 سبتمبر 2007
المشاركات
1,126
أولاً عليّ الاعتراف بأن قارئاً وصف نفسه ب‍ـ«المستثمر الغلبان»، هو من يملك حقوق الملكية الفكرية لعنوان هذا المقال.
القارئ الذي وصلتني منه رسالة بريدية مطولة تعليقاً على ما جاء في مقال سابق لي بعنوان «متى تحترم الشركات مالكيها؟» اكد، بعد ان اسهب في التعبير عن معاناته بسبب غياب الشفافية والمعلومات الموثوقة، ان ما يحدث في السوق هو نوع من الافصاح العكسي أو المعكوس، بمعنى ان الشركة لا تكشف عن الاحداث الجوهرية التي تؤثر في مجريات تداول اسهمها الا بعدما «تتسرب» وتصل الى الصحافة بطريقة أو بأخرى، ثم تنشرها الصحف، ويستفيد منها أصحاب المصلحة في تسريبها، سواء أدت الى صعود الأسهم أو هبوطها.
وبعد أن تكون هذه العملية قد تمت بنجاح، وجنى من ورائها «أصحاب الحظوة» اموالا طائلة، أو تجنبوا خسائر فادحة، تكتفي الجهات الرقابية بمخاطبة الشركة بضرورة الرد على ما ورد في الصحف من انباء، من دون ان تتخذ اجراءات اخرى تسمح بها القوانين واللوائح المنظمة لعمل سوق الأسهم، وعندئذ لا تملك الشركة إلا أن تؤكد هذه الانباء في بيانات مقتضبة، غالبا ما تتعهد فيها بانها «ستكشف عن المزيد من المعلومات حال توافرها». وهو التعهد الذي لا يفي به احد ابدا.
ظاهرة الافصاح المعكوس او «اللاحق لما تنشره الصحف» - ان صح التعبير - ليست جديدة على السوق، ولكنها تزايدت خلال الفترة الاخيرة بصورة لافتة للانظار، وخصوصا في ظل «ندرة» الاحداث الجوهرية «الايجابية» وانحسارها تماما لمصلحة الانباء السيئة، من انكشافات وتعثر وفشل في سداد التزامات، وبحث عن اعادة تمويل، وتجنيب لاموال طائلة تغطية لقروض مشكوك في تحصيلها، والتوقف عن استكمال مشاريع بل ودعوة الجمعيات العمومية للبحث في عدم استمرار شركات كانت حتى وقت قريب ملء السمع والبصر.
والمثير للدهشة ان الشركات تبذل جهودا مضنية في اخفاء مثل هذه الاحداث الجوهرية «السلبية»، وان فشلت تحاول بشتى الطرق «تجميلها» او الادعاء بعدم وجود تأثير لها، ضاربة بذلك حقا اصيلا للمتعاملين والمساهمين في معرفة ما يدور داخل هذه الشركات من احداث سلبية او ايجابية على حد سواء.
وفي المقابل، يلاحظ المتابعون سيلا من الاخبار «التافهة» تنشرها الصحف عن شركات مدرجة، عبر وكالات العلاقات العامة التي تستخدم كل الوسائل الممكنة و«غير الممكنة» في اقناع الصحف بالنشر. وبعض الامثلة على ذلك مضحكة، كخبر، مثلا، حول رعاية شركة ما حفل غداء يقام على هامش حدث ما، او مساهمة اخرى في استضافة محاضرة يلقيها شخص لم يسمع به احد من قبل، باعتباره خبيرا عالميا.
من حق الشركات بالطبع أن تقوم بالدعاية لنفسها كما تشاء، ولكن ليس من حقها على الاطلاق أن تغفل حق صغار مالكيها في معرفة ما يدور في الكواليس.
ان شفافية أي سوق مالي قائمة على أن تفصح الشركات عن أحداثها الجوهرية للمتعاملين كافة في وقت واحد، من دون تمييز عبر شاشات التداول، والوسائل الأخرى كلها، وما غير ذلك يجرمه القانون الذي تضمن عقوبات صارمة لكل من تسول له نفسه التربح من «معلومات داخلية».
فـ «وفقا لأحكام القانون الاتحادي رقم 4 لسنة 2000 بشأن هيئة وسوق الإمارات للأوراق المالية والسلع» (على سبيل المثال)، «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز ثلاث سنوات بالغرامة التي لا تقل عن 100 ألف درهم ولا تزيد على مليون درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يستغل المعلومات غير المعلنة التي يمكن أن تؤثر في اسعار الأوراق المالية لتحقيق منافع شخصية، ويقع باطلا كل تصرف أو تعامل يتم بناء على ما سبق».
متى نرى تطبيقا لهذا القانون على أرض الواقع؟ هكذا سألني صديقنا «المستثمر الغلبان».
 
أعلى