مسموح و ندعوا لك و لنا و لوالدينا بالمغفرة و الرحمة وللمسلمين اجمعين بالثبات على القول الثابت في الحياة الدنيا و الاخرة
القول الثابت *
قال تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) سورة ابراهيم : والقول الثابت هو لا إله إلا الله محمد رسول الله
أولا : أن المذكور المعلوم ثابت واجب الثبوت لذاته , ممتنع العدم لذاته والقول والاعتقاد يتبعان المقول والمعتقد , فلما كان المقول والمعتقد واجب الثبوت لذاته , كان القول والاعتقاد كذلك , فلهذا سماه الله بالقول الثابت .
ثانيا : أن هذا القول ثابت لا يؤثر الذنب فيه , بل هو مؤثر في ازلة الذنب , لأن الموحد وإن عظمت ذنوبه , إلا أنه ترجى له المغفرة قال تعالى : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) سورة النساء : والكافر وإن عظم كفره إذا رجع من الكفر إلى التوحيد هدم التوحيد كفره .
ثالثا : إن هذه الكلمة ثابتة في الآخرة , لا ترتفع عن العبيد وذلك لأن أهل يشتغلون في الجنة بذكر التوحيد . ألا ترى أن الله أخبر عنهم بقول : ( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) سورة فاطرة : ( وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده ) سورة الزمر : ( الحمد لله الذي هدانا لهذا ) سورة الاعراف .
رابعا : إنها ثابتة لأن أصلها محكم , وذلك لأن أول من شهد هذه الشهادة هوالله تعالى بدليل قوله تعالى : ( شهد الله أنه لا إله إلا هو ) سورة آل عمران : فشهادة جميع الشاهدين بتوحيد الله تعالى فرع على شهادة الله وشهادة الله هي الأصل فكان شهادة أصلها شهادة الله فهي ثابتة في الدينا ولآخرة .
خامسا: أن الانسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار ومع هذه الكلمة لا يعمل فيه الماء والنار . أما بيان أن الأنسان بدون هذه الكلمة يعمل فيه الماء والنار , فإن فرعون أغرق في الماء أولا ثم انتقل من الماء إلى النار بدليل قوله تعالى : ( أغرقوا فأدخلوا نارا ) سورة نوح : وعجل السامري احرق بالنار أولا ثم نقل من النار إلى الماء بدليل قوله تعالى : ( لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا ) سورة طه وأما أنه مع هذه الكلمة لا يعمل فيه الماء والنار , فإن إبراهيم وموسى عليهما السلام كانا مع حقيقة هذه الكلمة , فلم تعمل النار في إبراهيم : ( قلنا يا نار كوني بردا سلاما على إبراهيم ) سورة الأنبياء : ولم يعلم الماء في موسى : ( فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني , وإنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ) سورة القصص