ومضات في طريق كسب الرزق

التسجيل
26 أكتوبر 2006
المشاركات
75
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالسعي في طلب الرزق، واللهف على تأمين العيش غريزة عند كل الأحياء، إنسانها وطيرها وحوتها ووحشها، من يمشي على بطنه ومن يمشي على رجلين ومن يمشي على أربع، كل هؤلاء الأحياء يسعى كل يوم منذ البكور في طلب قوته ويجد في تحصيل رزقه.
وهذه فطرة فطر الله الخلق عليها، فتجد الإنسان يصبح في هم الرزق، يكدح نهاره ويضني جسمه ويجد ويجتهد ليحرز قوته وقوت عياله، ليحيا وأسرته حياة كريمة، ويهنأوا بعيشة طيبة.
ولما كان السعي في طلب الرزق هما يشغل بال الجميع وهاجسا لا يغيب عن خاطرهم أحببت أن أبهج نفوسكم بسرج وهاجة ومصابيح وضاءة في طريق الكسب والسعي في طلب الرزق.
وهي معالم ومنارات إن آمنا بها وعملنا بمقتضاها وتوكلنا على الله ربنا في تحصيلها ارتاحت نفوسنا واطمأنت قلوبنا ورزقنا ربنا من حيث لا نحتسب، فلا أطلب منكم أيها المتوكلون سوى قلب واع وأذن صاغية.
فتأملوا معي في هذه المعالم وتفكروا في هذه المنارات وستجدون إن شاء الله أنس نفوسكم وراحة قلوبكم ولو تكالبت عليكم الكروب وأحاطت بكم دوائر الابتلاء،،،
المنارة الأولى
1- الله هو الغني وأنت الفقير
استحضر وأنت تفكر في شأن الرزق غنى الله سبحانه، فهو الغني الحميد، المالك لكل شيء، المتصرف بمشيئة في كل شيء، يعطي من يشاء ما شاء من فضله، عطاؤه لا يمتنع، ومدده لا ينقطع، وخزائنه ملأى لا تنفد، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.
يده سبحانه ملأى لا يغيضها نوال ولا ينقصها عطاء، قال عليه الصلاة والسلام:" يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده، عرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع".
إذا استحضرت ذلك فاستحضر معه ضعفك وعجزك وفقرك، فأنت مفتقر إلى ربك، لا غنى لك عنه طرفة عين، فهو سبحانه قائم على كل نفس بما كسبت، قسم لها رزقها قبل أن يبرأها، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم.
تأمل في هذه الحقيقة واجعلها عقيدة في الله وضم إليها المنارة الثانية.
2- أنه سبحانه قد تكفل بأرزاق العباد
من هذه هي خزائنه وذاك ملكه قد تكفل بأرزاق العباد كلهم مؤمنهم وكافرهم برهم وفاجرهم ذكرهم وأنثاهم صغيرهم وكبيرهم:" وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها".
لا رازق لهم سواه، ولا مدبر لهم غيره، منفرد بالرزق سبحانه:" هل من خالق يرزقكم من السماء والأرض"، لا مانع لرزقه ولا راد لفضله:" أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور".
فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع ولا ينفع ذا الجد منه الجد، فالغنى لا ينفع صاحبه، بل ينفعه طاعته لمولاه، الذي خلقه فهو يهديه، والذي هو يطعمه ويسقيه.
وسع رزقه الخلق كلهم، رزق الطير في الهواء، والحوت في ظلمات الماء، والحية في العراء، والدود في الصخرة الصماء.
يحمل إلى الضعيف رزقه، ويسوق إلى العاجز قوته:" وكإين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم" قال ابن كثير في معنى الآية:" لا تطيق جمعه ولا تحصيله ولا تدخر شيئا لغد الله يرزقها أي يقيض لها رزقها على ضعفها وييسره عليها، فيبعث إلى كل مخلوق ما يصلحه حتى الذر في قرار الأرض".
فاضل بين خلقه برزقه، فجعل من شاء غنيا بفضله، وجعل من شاء فقيرا بحكمته، خبير بمن يستحق الفقر وبمن يستحق الغنى:" ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض"، والعجيب أن الخلق غنيهم وفقيرهم يظنون أنهم يستحقون فوق ما شاءه الله لهم، وهذا من ظنهم بالله ظن السوء، ولا يكاد يسلم منه أحد، قال ابن القيم:" أكثر الخلق، بل كلهم إلا من شاء الله يظنون بالله غير الحق وظن السوء، فإن غالب بني آدم يعتقد أنه يستحق فوق ما شاءه الله له، ومن فتش في نفسه وتغلغل في معرفة طواياها رأى ذلك فيها كامنا فليعتن اللبيب الناصح لنفسه بهذا وليتب إلى الله ويستغفره في كل وقت من ظنه بربه ظن السوء وليظن السوء بنفسه".
رزق سبحانه من عصاه بلطفه، وأعطى من أعرض عنه بحلمه، فليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله يدعون له الولد وإنه ليعافيهم ويرزقهم.
حتى إبليس كتب الله له رزقه وقضى له من فضله، قال إبليس:" يا رب كل خلقك بينت رزقه، ففيم رزقي؟ قال: رزقك فيما لم يذكر اسمي عليه".
فإذا دخل الرجل بيته فسمى قال الشيطان لأصحابه فاتكم المبيت، وإذا أكل وسمى قال فاتكم العشاء، وإذا أكل ولم يسم أدرك الشيطان العشاء.
فالله سبحانه وبحمده يسوق رزقه إلى من يحب ومن لا يحب، فقد يزيد أهل الضلالة في الرزق ويوسع عليهم في الدنيا، ويقتر على أهل الإيمان ويضيق عليهم معيشتهم، فلا يدل الغنى والعطاء والنوال على محبة الله، فليس كل من وسع الله عليه في معيشته وأغدق عليه من رزقه أكرمه، ولا كل من قدر عليه رزقه وضيق عليه معيشته أهانه، وإنما هو ابتلاء كما قال ربنا:" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن، وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن".
واترك الدنيا فمن عاداتها تخفض العالي وتعلي من سفل
عيشة الزاهد في تحصيلها عيشة الجاهل بل هــــــــــذا أذل
كم جهول وهو مثر مكثر وعليل مات منها بعـــــــــــــــــلل
كم شجاع لم ينل منها المنى وجبان نال غايات الأمـــــــــل
فما أعطى الله المؤمن إلا ليشكر وما منعه إلا ليصبر، ينعم بالبلاء ويبتلي بالنعم، وأما الكافر العنيد والعاصي البعيد فيبتليه الله بالرزق ويستدرجه بالعطاء" أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون".
قال عليه الصلاة والسلام:" إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا قوله تعالى:" فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون".
هذا هو الله ربي وربكم رازق كل حي، قائم على كل نفس بما كسبت، فكل حي رزقه آنيه لا محالة، لا يرده عنه كراهية كاره كما أنه لا يجره إليه حرص حريص، بهذا أقسم ربنا المعبود وخالقنا الموجود في قوله:" وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون".
قال الأصمعي: أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة إذ طلع أعرابي جلف جاف، على قعود له متقلدا سيفه، وبيده قوسه، فدنا وسلم وقال ممن الرجل؟ قلت من بني أصمع، قال أنت الأصمعي قلت نعم قال ومن أين أقبلت؟ قلت من موضع يتلى فيه كلام الرحمن، قال وللرحمن كلام يتلوه الآدميون؟ قلت نعم قال فاتل علي منه شيئا فقرأت والذاريات ذروا إلى قوله وفي السماء رزقكم وما توعدون فقال يا أصمعي حسبك ثم قام إلى قعوده فنحره وقال أعني على توزيعه ففرقناه على من أقبل وأدبر ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وولى نحو البادية وهو يقول وفي السماء رزقكم وما توعدون، فمقت نفسي ولمتها، ثم حججت مع الرشيد، فبينما أنا أطوف إذا أنا بصوت رقيق، فالتفت فإذا انا بالأعرابي وهو ناحل مصفر، فسلم علي وأخذ بيدي وقال اتل علي كلام الرحمن وأجلسني من وراء المقام فقرأت والذاريات حتى وصلت إلى قوله تعالى وفي السماء رزقكم وما توعدون فقال الأعرابي لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا وقال وهل غير هذا؟ قلت نعم يقول الله تعالى فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون فصاح الأعرابي وقال سبحان الله من الذي أغضب الجليل حتى حلف، ألم يصدقوه في قوله حتى ألجأوه إلى اليمين؟
ومع ذلك تجد من الناس من هو محروم بعيد، يظن أن ما في يده من خير ومال إنما كان بذكائه وعمله، لا يقر بفضل الله ولا ينسب الخيرإليه، بل ينسبه إلى غروره، وهذا من ظنه بربه الظن السيء.
وقد مضت سنة فيمن هذا حاله بزوال ما عنده من نعمة وتحول ما يتمتع به من عافية، فعاقبة أمره سيئة، وقد ضرب لنا ربنا في ذلك الأمثال، فهذا صاحب الجنتين، غرته جنتاه وظن أن ما هو فيه من نعيم إنما كان بفعله وذكائه وليس بإذن الله وتدبيره، وقال أنا أكثر مالا وأعز نفرا، وقال ما أظن أن تبيد هذه أبدا، فكانت النتيجة أن صارت صعيدا زلقا قد غار ماؤها، فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها.
وقارون المغرور الذي آتاه الله كنوزا يعجز عن حمل مفاتحه العصبة أولو القوة، فكفر بنعمة الله، وقال إنما أوتيته على علم عندي، فكانت العاقبة فخسفنا به وبداره الأرض.
3- كتب سبحانه لكل مخلوق رزقه
إذا تيقن العبد أن الرزق مقدر اطمأن قلبه، وعلم أن رزقه آتيه لا محالة، فما كان له أتاه على ضعفه، وما كان لغيره لم ينله بقوته، يدرك منه المتواني ما يفوت المثابر، ويصيب منها العاجز ما يخطيء الحازم، وكيف وقد كتب الله لكل عبد رزقه وهو حمل في بطن أمه، قال عليه الصلاة والسلام:" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ثم يكون مضغة مثل ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد.
فإذا كان رزقك مكتوب فعلام الخوف على ما فات والخوف مما هو آت، مر إبراهيم بن أدهم على رجل ينطق وجهه بالهم والحزن، فقال له إبراهيم يا هذا إني أسألك عن ثلاثة فأجبني، قال الرجل نعم، قال له إبراهيم أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ قال لا، قال إبراهيم أينقصمن أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة؟ قال الرجل لا قال له إبراهيم أينقص رزقك شيء قدره الله،قال لا فقال إبراهيم فعلام الهم إذا؟!
دع المقادير تجري في أعنتهــا ولا تنامن إلا خالي البــــال
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حـال
ورزق الله يطلبك كما تطلبه ويسعى إليك كما تسعى إليه، يا طالب الرزق إن الرزق في طلبك، يطلبك كما يطلبك أجلك، فكما أن أجلك محيط بك، يأتيك من ورائك ومن بين يديك، قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم، أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، فكذلك رزقك محيط بك، فلن تموت حتى تستوفي رزقك وأجلك، قال عليه الصلاة والسلام:" ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عليها".
لو كان في صخرة في البحر راسية صما ململمة ملسا نواحيها
رزق لنفس براها الله لانفلقــــــت حتى تؤدي إليها كل ما فيـــها
أو كان بين طباق السبع مسلكهـا لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى تنال الذي في اللوح خط لها إن لم تنله وإلا سوف يأتيـــها
إذا تيقن العبد من ذلك اطمأن قلبه، وعلم أن ما قسم له من رزق فإنه آتيه، ولو اجتمع الخلق كلهم إنسهم وجنهم على أن يمنعوا عنه رزقا ساقه الله إليه فلن يستطيعوا، فلا مانع لما أعطى سبحانه ولا معطي لما منع.
يقول حاتم الأصم:" لما علمت أن رزقي لن يأكله غيري اطمأن قلبي".

4- التوكل على الله في طلب الرزق
ما استجلب الرزق بمثل التوكل على الله، فالمؤمن المتوكل على الله في رزقه وقوت عياله، يلتفت قلبه إلى مسبب الأسباب ومجريها، ويعلن افتقاره إلى محول الأحوال ومقدر الأقدار سبحانه، ويعتمد عليه في حصول رزقه، ويثق به غاية الوثوق في نيل غاياته ومناه.
توكلت في رزقي على الله خالقــي وأيقنت أن الله لا شك رازقـــــي
وما يك من رزقي فليس يفوتنــــي لو كان في قاع البحار العوامـق
سيأتي به الله العظيم بفضلــــــــــه ولو لم يكن مني اللسان بناطأق
ففي أي شيء تذهب النفس حسرة وقد قسم الرحمن رزق الخلائق
والمتوكل على الله في طلب رزقه لا يلتفت إلى الأسباب ولا يرجوها كما أنه لا يبطلها أو يهملها، بل يكون قائما بها ناظرا إلا مسببها ومجريها سبحانه، فإن تيسر له شي فبتيسير الله، وإن تعسر عليه شيء فبتقدير الله.
فالتوكل اعتماد وعمل وسعي، ورزق الله لا ينال إلا بذلك، بالسعي في الأرض وصدق التوكل، قال تعالى:" هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه".
رأى عمر بن الخطاب رضي الله قوما قابعين في ركن المسجد بعد صلاة الجمعة، فسألهم من أنتم؟ قالوا نحن المتوكلون على الله، فعلاهم عمربدرته ونهرهم وقال لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وإن الله يقول فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله".
قال ابن عباس رضي الله عنهما في بيان سبب نزول قوله تعالى:" وتزودوا فإن خير الزاد التقوى" كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون نحن متوكلون، فيحجون فيأتون إلى مكة فيسألون الناس، فأمرهم الله بالتزود.
قال محمد بن عبيد: كان سفيان الثوري يمر بنا ونحن جلوس بالمسجد الحرام، فيقول ما يجلسكم؟ قلنا: فما نصنع؟ قال: اطلبوا من فضل الله، ولا تكونوا عيالا على المسلمين.
بقدر الكد تكتسب المعالـــي ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن طلب العلا من غير كد أضاع العمر في طلب المحال
فلا توكل لمن لا عمل له، ولا قيمة لمن لا مهنة له، قال عمر بن الخطاب:" إني لأرى الرجل يعجبني فأقول أله حرفة فإن قالوا لا سقط من عيني.
ونحوه عن ابن مسعود، فقد ثبت عنه أنه قال:" إني لأمقت الرجل فارغا ليس من عمل الدنيا ولا من عمل الآخرة".
قال أبو الأسود الدؤلي حاثا ابنه الكسول للسعي في طلب الرزق
وما طلب المعيشة بالتمني ولكن ألق دلوك مع الـــدلاء
تجئك بملئها يوما ويومــا تجيء بحمأة وقليل مــــــاء
ولا تقعد على كل التمنــي تحيل على المقادر والقضاء
فإن مقادر الرحمن تجـري بأرزاق العباد من السمــــاء
فمن توكل على الله وسعى وجد في طلب الرزق وأتى بالأسباب والتفت قلبه إلى مسببها ووثق به غاية الوثوق في حصول مطلوبه أتاه رزقه من حيث لا يحتسب، وساقه الله إليه بأدنى سبب، قال عليه الصلاة والسلام:" لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا".
قصة مريم وموسى عليهما السلام وأيوب

5- تقوى الله مجلبة للرزق
ما استجلب عبد رزقا بمثل تقوى الله والبعد عن المعاصي، فتقوى الله سبب للرزق وبركته، كما أن معصيته سبب لمنع الرزق وذهاب بركته.
عليك بتقوى الله إن كنت غافلا فيأتيك بالأرزاق من حيث لا تــــدري
فكيف تخاف الفقر والله رازق وقد رزق الأطيار والحوت في البحر
ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة فما أكل العصفور شيئا من النســـــر
وهذه الحقيقة مقررة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"، وقال تعالى:" ومن يتق الله يجعل لهم مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، وقال تعالى:" وألوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا".
وقال عليه الصلاة والسلام:" إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، وقال أيضا:" لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوا بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته".
ومن استعجل الرزق بالحرام منع الحلال، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة فأعطى غلاما دابته حتى يصلي، فلما فرغ من صلاته أخرج دينارا ليعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خطام الدابة وانصرف، فأرسل رجلا ليشتري له خطاما بدينار، فاشترى له الخطام، ثم أتى فلما رآه علي قال سبحان الله إنه خطام دابتي، فقال الرجل اشتريته من غلام بدينار، فقال علي سبحان الله أردت أن أعطيه إياه حلالا فأبى إلا أن يأخذه حراما.
هذه معالم في طريق الرزق، احفظوها يا إخواني ولتستقر في قلوبكم، فإنكم إن فعلتم ذلك ارتحتم وأتاكم رزقكم من حيث لم تحتسبوا. الرضا بالرزق لا تحسد الناس على رزق ساقه الله إليهم،،،
 

aljoker

عضو نشط
التسجيل
12 سبتمبر 2009
المشاركات
1,693
جزاك الله خير دكتورنا
 

ابو خليفه

عضو نشط
التسجيل
1 أبريل 2006
المشاركات
1,564
الله يجزاك خير يادكتور وفعلا موضوع مفيد للغايه ((رضى الوالين _ وصلة الرحم_ والزكاه_ والدعاء_ واحسان النيه_ والتوكل علي الله)) ضروريات للغايه
 

شاري بايع

عضو نشط
التسجيل
24 ديسمبر 2005
المشاركات
983
باااااااااااارك الله فيييييييييييك يا دكتوور

وجزااااااااااااك الله خيييييييييييير
 

حاطب ليل

عضو مميز
التسجيل
24 أغسطس 2008
المشاركات
3,148
الإقامة
مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْه
3- كتب سبحانه لكل مخلوق رزقه
إذا تيقن العبد أن الرزق مقدر اطمأن قلبه، وعلم أن رزقه آتيه لا محالة، فما كان له أتاه على ضعفه، وما كان لغيره لم ينله بقوته، يدرك منه المتواني ما يفوت المثابر، ويصيب منها العاجز ما يخطيء الحازم، وكيف وقد كتب الله لكل عبد رزقه وهو حمل في بطن أمه، قال عليه الصلاة والسلام:" إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ثم يكون مضغة مثل ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات، بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد.
فإذا كان رزقك مكتوب فعلام الخوف على ما فات والخوف مما هو آت، مر إبراهيم بن أدهم على رجل ينطق وجهه بالهم والحزن، فقال له إبراهيم يا هذا إني أسألك عن ثلاثة فأجبني، قال الرجل نعم، قال له إبراهيم أيجري في هذا الكون شيء لا يريده الله؟ قال لا، قال إبراهيم أينقصمن أجلك لحظة كتبها الله لك في الحياة؟ قال الرجل لا قال له إبراهيم أينقص رزقك شيء قدره الله،قال لا فقال إبراهيم فعلام الهم إذا؟!
دع المقادير تجري في أعنتهــا ولا تنامن إلا خالي البــــال
ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حـال
ورزق الله يطلبك كما تطلبه ويسعى إليك كما تسعى إليه، يا طالب الرزق إن الرزق في طلبك، يطلبك كما يطلبك أجلك، فكما أن أجلك محيط بك، يأتيك من ورائك ومن بين يديك، قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم، أينما تكونوا يدركم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة، فكذلك رزقك محيط بك، فلن تموت حتى تستوفي رزقك وأجلك، قال عليه الصلاة والسلام:" ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه، وإن الروح الأمين قد ألقى في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وإن أبطأ عليها".
لو كان في صخرة في البحر راسية صما ململمة ملسا نواحيها
رزق لنفس براها الله لانفلقــــــت حتى تؤدي إليها كل ما فيـــها
أو كان بين طباق السبع مسلكهـا لسهل الله في المرقى مراقيها
حتى تنال الذي في اللوح خط لها إن لم تنله وإلا سوف يأتيـــها
إذا تيقن العبد من ذلك اطمأن قلبه، وعلم أن ما قسم له من رزق فإنه آتيه، ولو اجتمع الخلق كلهم إنسهم وجنهم على أن يمنعوا عنه رزقا ساقه الله إليه فلن يستطيعوا، فلا مانع لما أعطى سبحانه ولا معطي لما منع.
يقول حاتم الأصم:" لما علمت أن رزقي لن يأكله غيري اطمأن قلبي".

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

صباح الخير شيخنا الكريم

توقفت كثيراً أمام النقطه الثالثه المرفقه و خاصه الأبيات التاليه:

دع المقادير تجري في أعنتهــا****ولا تنامن إلا خالي البــــال

ما بين غمضة عين وانتباهتها****يغير الله من حال إلى حـال

لو كان في صخرة في البحر راسية****صما ململمة ملسا نواحيها

رزق لنفس براها الله لانفلقــــــت****حتى تؤدي إليها كل ما فيـــها

أو كان بين طباق السبع مسلكهـا****لسهل الله في المرقى مراقيها

حتى تنال الذي في اللوح خط لها****إن لم تنله وإلا سوف يأتيـــها

سلمت الأنامل شيخنا الكريم و بوركت أينما حللت​
 

tsmam75

عضو نشط
التسجيل
17 يناير 2008
المشاركات
532
الله يجزاك خير وكثر الله من امثاللك يادكتور
 

bhams

عضو مميز
التسجيل
2 مارس 2009
المشاركات
1,989
الإقامة
_______________________ @DrFawaz تويتر_______
بارك الله فيك يادكتور . . . موضوع طيب تستحق الشكر الثناء عليه
 

الشامري

عضو محترف
التسجيل
7 يناير 2004
المشاركات
2,444
الإقامة
الكويت
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعيد جداً بوجود الدكتور نايف العجمي معنا في المنتدى

المنتدى بالفعل بحاجة إلى الفقهاء

أرجوا أن تظل معنا يادكتور لأننا غالباً ما تطرأ علينا مسألة بين الحين والآخر

أسأل الله تبارك وتعالى أن يثيبك وأن يجعلها في ميزان أعمالك يوم الحساب وأن يجمعنا وإياكم في الفردوس الأعلى
 

aclient

عضو نشط
التسجيل
9 يونيو 2008
المشاركات
2,465
الإقامة
الكويت
بارك الله فيك يا دكتور نايف
 

Abdullah Alhajeri

عضو نشط
التسجيل
5 نوفمبر 2006
المشاركات
2,486
الإقامة
الفحيحيل
اللهم بارك لك علمك واموالك وزوجك واولادك

وادخلكم مدخلاً حسنا يوم لا ينفع مالُ ولا ولد
 

بندر العجمي

عضو نشط
التسجيل
1 يونيو 2010
المشاركات
102
جزاك الله خير يادكتور حنا محتاجين للأمر الديني موضوع طيب بارك الله فيك
 

بن عدوان

عضو نشط
التسجيل
9 نوفمبر 2006
المشاركات
2,444
الإقامة
الكويت
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فالسعي في طلب الرزق، واللهف على تأمين العيش غريزة عند كل الأحياء، إنسانها وطيرها وحوتها ووحشها، من يمشي على بطنه ومن يمشي على رجلين ومن يمشي على أربع، كل هؤلاء الأحياء يسعى كل يوم منذ البكور في طلب قوته ويجد في تحصيل رزقه.
وهذه فطرة فطر الله الخلق عليها، فتجد الإنسان يصبح في هم الرزق، يكدح نهاره ويضني جسمه ويجد ويجتهد ليحرز قوته وقوت عياله، ليحيا وأسرته حياة كريمة، ويهنأوا بعيشة طيبة.
ولما كان السعي في طلب الرزق هما يشغل بال الجميع وهاجسا لا يغيب عن خاطرهم أحببت أن أبهج نفوسكم بسرج وهاجة ومصابيح وضاءة في طريق الكسب والسعي في طلب الرزق.
وهي معالم ومنارات إن آمنا بها وعملنا بمقتضاها وتوكلنا على الله ربنا في تحصيلها ارتاحت نفوسنا واطمأنت قلوبنا ورزقنا ربنا من حيث لا نحتسب، فلا أطلب منكم أيها المتوكلون سوى قلب واع وأذن صاغية.
فتأملوا معي في هذه المعالم وتفكروا في هذه المنارات وستجدون إن شاء الله أنس نفوسكم وراحة قلوبكم ولو تكالبت عليكم الكروب وأحاطت بكم دوائر الابتلاء،،،
المنارة الأولى
5- تقوى الله مجلبة للرزق
ما استجلب عبد رزقا بمثل تقوى الله والبعد عن المعاصي، فتقوى الله سبب للرزق وبركته، كما أن معصيته سبب لمنع الرزق وذهاب بركته.
عليك بتقوى الله إن كنت غافلا فيأتيك بالأرزاق من حيث لا تــــدري
فكيف تخاف الفقر والله رازق وقد رزق الأطيار والحوت في البحر
ومن ظن أن الرزق يأتي بقوة فما أكل العصفور شيئا من النســـــر
وهذه الحقيقة مقررة في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض"، وقال تعالى:" ومن يتق الله يجعل لهم مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، وقال تعالى:" وألوا استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا".
وقال عليه الصلاة والسلام:" إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه"، وقال أيضا:" لا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوا بمعصية الله فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته".
ومن استعجل الرزق بالحرام منع الحلال، روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه دخل مسجد الكوفة فأعطى غلاما دابته حتى يصلي، فلما فرغ من صلاته أخرج دينارا ليعطيه الغلام، فوجده قد أخذ خطام الدابة وانصرف، فأرسل رجلا ليشتري له خطاما بدينار، فاشترى له الخطام، ثم أتى فلما رآه علي قال سبحان الله إنه خطام دابتي، فقال الرجل اشتريته من غلام بدينار، فقال علي سبحان الله أردت أن أعطيه إياه حلالا فأبى إلا أن يأخذه حراما.
هذه معالم في طريق الرزق، احفظوها يا إخواني ولتستقر في قلوبكم، فإنكم إن فعلتم ذلك ارتحتم وأتاكم رزقكم من حيث لم تحتسبوا. الرضا بالرزق لا تحسد الناس على رزق ساقه الله إليهم،،،


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مبارك عليك الشهر شيخنا الفاضل الدكتور نايف العجمي

بارك الله فيك ونفع بما كتبت وجزاك الله خير الجزاء

نتمنى التواصل اثابك الله
 

ezee

عضو نشط
التسجيل
28 سبتمبر 2007
المشاركات
1,066
الإقامة
الكويت
بارك الله فيك يا دكتور
 

خالد7

عضو نشط
التسجيل
19 يوليو 2010
المشاركات
178
موضوع يستحق الوقوف عنده والتأمل
جزاك الله خير ياشيخنا
واتمنى بقاءك بالمنتدى لكي تنورنا من علمك
 
التسجيل
26 أكتوبر 2006
المشاركات
75
شكري وخالص تقديري وعاطر ثنائي لكل من قرأ المقالة المنشورة وعلق بكلامات تكشف عن رغبة أكيدة في الخير، زادك الله من فضله، وبسط لكم من رزقه، والله المستعان.
 

بو مازن

عضو نشط
التسجيل
2 أكتوبر 2006
المشاركات
948
كلمات عظيمة المعنى تمثل حقيقة الإيمان بالله الواحد الرزاق ، بارك الله فيك يا دكتور و جزاك خير على هذه الكلمات الطيبة و نحن في أمس الحاجة لمثلها كل حين لتذكر كل منا بحقيقة الدنيا و قيمتها
 
أعلى