الولـد خـوّاف!! ..

الفهلوي

عضو مميز
التسجيل
22 سبتمبر 2003
المشاركات
4,254
الإقامة
في قلب أمي
العنوان أعلاه ..

نتيجة طبيعية لممارسات الأب في طفله الصغير ..

ومغامرات المربي في تلميذه الغرير ..

التخويف من كل شيء .. والتوقي عند كل أمر .. وخلق جو من الرهاب والتهويل غير المبرر من الناس

والأشياء .. مما يحدِث اهتزازا وضعفا جليا في شخصية الولد .. وينتج بعد ذلك شابا هلعا متلعثما .. هيابا من

كل أحد .. مستحكم الخوف .. مفزوع الفؤاد .. بالع الريق .. متلفتا دوما لليمين والشمال .. لا يحسن الكلام

ولا حتىالسكوت! .. بل حاله الوجوم .. وفرق بين السكوت والوجوم! .. فالسكوت قد يشف عن اطمئنان

نفس وثبات جنان .. أما الوجوم فلا يشف إلا عن خلل واضطراب في الداخل .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

ولا يتخلص ويبرأ من آثار هذه الفوبيا والرهاب الاجتماعي ويرجع سويا كتربه .. حتى يقضي سنوات طويلة

بين منازعة وتردد وتوجس .. إن كُتب له خير! ..

ستيفن كوفيي يرى في عاداته السبع أن أول أسباب النجاح: "1. كن مبادرا!" لكن! .. هيهات! .. أي مبادرة

نريد من ذلك المسكين .. الخائف من ظله؟! .. وقد هُدمت شخصيته .. وطاحت همته ..!

نفكر كيف نوصله إلى النجاح .. ويفكر هو كيف ينجو من حالة الهلع والفشل التي يعيشها .. وفاقد الشيء لا

يعطيه .. وإنك لن تجني من الشوك العنب! ..

إن من أهم شرائط الإبداع وأصول النجاح .. تحقيق الأمن النفسي .. وإيجاد البيئة الصالحة .. حتى تخرج

أجيالا منتجة .. وعقولا مبدعة .. وأنفسا سوية .. لكن الأمر غير ذلك .. والحمد لله على كل حال ..

أحسب أن ما قدمته أمرا متقررا .. وإن لم يكن شائعا إلا أنه ظاهر .. وللتأكد منه .. يمكنك قراءته في

وجوه أعداد لا بأس بها من الصبية والأحداث .. في مجتمعنا السعودي خاصة! ..

أنقل لك هنا كلاما طريفا لأحمد فارس الشدياق يحلل فيه ويقارن بين تربية الصغير عند الإنكليز وعند أهل

الشرق .. قال في "كشف المخبأ عن تمدن أوربا" وهي رحلة قام بها لبعض بلاد أوربة عام 1848 ..

قال: "ومن العجيب أن الإنكليز قد يبلغ أحدهم السبعين ولا يخطه الشيب لا في رأسه ولا في عارضه، وإنما

يغلب عليهم في هذا السن الدرم والدرد أعني سقوط الأسنان. وعندي أن أعظم أسباب الشيب في الأصل هو

الهم والخوف من ظلم الولاة وذي الإمرة ... إلى أن قال: وترى الولد يمشي في المدن الكبار وحده ليلا ولا

يخشى شيئا، ولا هيبة لذوي المراتب والمناصب منهم أو للعسكر والشرطة عند المارين بهم ... وعندي أن

عدم الهيبة والخوف على صغر هو الذي يورث جيل الإفرنج جميعا الإقدام والجرأة على الأمور والكلام،

ويزيدهم بسطة في الجسم والعقل، ويبطئ بهم الشيب والهرم، فإن إلقاء الرعب في قلب الصغير كلوافح

الرياح العاصفة على الفرس، فمتى تمكن منه جعله بعد ذلك غير صالح للمساعي الجليلة، وما عدا خوف

الكلام والحكام والظلام في بعض البلاد الشرقية فإن الأمهات يزرعن في قلوب أطفالهن الخوف من العفريت

والروح الشرير والخيال والظلام وغير ذلك فتثبت العادتان، ولولا أن أهل المشرق من طبعهم التسليم

للمقدور لما رأيت منهم أحدا تصدق عليه صفة الرجولية." (!!) ..

وذكر الشيخ علي الطنطاوي كلاما أطرف وأظرف عند حديثه عن اختطاف المناضل الكبير فخري البارودي

من قبل قوات الاحتلال الفرنسي .. قال: "وخرج أبناء دمشق بأيديهم، وأقبلت الجيوش الفرنسية بحديدها

ونارها، وكانت المعارك التي يصطرع فيها الحق والقوة، والدم والنار، والصدور والحديد، وبينما المواجهة

على أشد ما يكون إذا خمسون من الأطفال لا يتجاوز سن أكبرهم التاسعة، ينبعون من بين الناس، ويخرجون

من بين الأرجل، منهم التلميذ الذي فرّ من مدرسته وحقيبته ما تزال معلقة على عنقه، وقد حمل مسطرته بيده،

ومنهم صبي اللحام، وأجير الخباز ... إلى أن قال: ورأيت في هؤلاء الصبية تلميذا في شعبة الأطفال من

مدرستنا، وكان صغيرا جدا ما أظنه قد أكمل عامه السابع، فدعوته، فأقبل حتى أخذ بيدي، وجعل يرفع برأسه

إلي،ّ يحاول أن يتثبّت من وجهي، فقلت:

لماذا عملتم هذا يا بابا؟

فقال: أخذوا فخغي الباغودي (يريد فخري البارودي).

قلت: ومن قال لك ذلك؟

قال: أمي، وقالت لي: هليّ يموت بالغصاص يغوح عَ الجنة (يريد من يموت بالرصاص يذهب إلى الجنة).

قلت: وإذا أرجعوا فخري البارودي، هل ترضى؟

قال: لا، خلي يغوحوا (يروحوا) هدول كمان ما بدنا ياهم! (يريد فليذهب هؤلاء أيضا، لا نريدهم)

فسكت، ثم قال: أستاذ ليش الإسلام ما لهم عسكغ (عسكر)؟

فأصابتني كلمته في القلب، ووجدت كأن شيئا جاشت به نفسي، ..." ..

هذه كانت أحداثا وأحاديث ذكريات .. حصلت في أوقات ووقائع محددة .. لكن هنا كلام مؤصل مؤسس للعلامة

ابن خلدون .. يقترب فيه جدا من الجراح .. وقد سبق عصره بفكره وطرحه ورؤاه .. فلله دره .. قال في

مقدمته: الفصل الأربعون: في أن الشدة على المتعلمين مضرة به .. وذلك أن إرهاف الحد في التعليم مضر

بالمتعلم، سيما في أصاغر الولد، لأنه من سوء الملكة. ومن كان مرباه بالعسف والقهر من المتعلمين أو

المماليك أو الخدم، سطا به القهر وضيق على النفس في انبساطها، وذهب بنشاطها ودعاه إلى الكسل وحمل

على الكذب والخبث، وهو التظاهر بغير ما في ضميره، خوفاً من انبساط الأيدي بالقهر عليه ... وفسدت

معاني الإنسانية التي له من حيث الاجتماع والتمدن، وهي الحمية والمدافعة عن نفسه أو منزله، وصار عيالاً

على غيره في ذلك، بل وكسلت النفس عن اكتساب الفضائل والخلق الجميل، فانقبضت عن غايتها ومدى

إنسانيتها، فارتكس وعاد في أسفل السافلين ... فينبغي للمعلم في متعلمه والوالد في ولده أن لا يستبدوا

عليهم في التأديب ... الخ. ا.هـ.

http://alsaha.fares.net/sahat?128@165.Kz4xsIsIfQX.1@.1dd79fb8




الفهلوي
 

Bu-Fahd

عضو جديد
التسجيل
11 أبريل 2005
المشاركات
3
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

مشكور اخوي الفهلوي علي هالموضوع

وشكراً​
 
أعلى