الأيادي الخفية ركَّعت سوُق الأسهم..و يستحقون حد الحرابة لأنهم مفسدون في الأرض.

albadar

عضو نشط
التسجيل
2 مارس 2006
المشاركات
419
الأيادي الخفية ركَّعت سوُق الأسهم.. فهل نركع لهم؟
الاقتصاد السعودي يمر بأفضل حالاته.. إذن ماذا حدث لسوق الأسهم؟
نبيل بن عبد الله المبارك - - - 28/03/1427هـ
العنوان كما يبدو غير واضح وهذا مقصود، فمن هم الذين ركّعوا سوق الأسهم؟ وهل يجب أن نستسلم لهم ونركع لإرادتهم؟ كما آمل ألا يفهم من عبارة "الأيادي الخفية" تلك المعمول بها في النظريات الاقتصادية لتوجيه الاقتصاديات وذلك من خلال سياسات مالية، نقدية أو ضريبية معينة.
وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة أود طرح سؤال آخر على الإخوة القرّاء وبالذات غير المتخصصين في فنون الاقتصاد وشجونه وأرقامه ومؤشراته، يعني "سؤال" بالبلدي. هل يشك أحد في أن الاقتصاد السعودي يمر بأحسن حالاته وأفضلها منذ تأسيس المملكة العربية السعودية؟ لن أنتظر الإجابة وسوف أقولها أنا نيابة عنكم، بكل تأكيد أن لا أحد يشك أو يشكك، بل على العكس هناك قناعة تامة لدى العامة والخاصة بأن المملكة تعيش أفضل سنواتها على الإطلاق.
وهذا هو ما يثير علامات التعجب والاستفهام أكثر؟! إذ لو كان الاقتصاد يمر بحالة ركود أو تراجع لكان ذلك مدعاة للفهم والتعاون من قبل العامة لتجاوز المرحلة ولكن العكس هو الصحيح. إذن لماذا سقطت سوق الأسهم في هذا التوقيت بالذات وكيف تم ذلك؟ والكثير من الأسئلة ولكن لا إجابات. والجميع يبحث عن إجابة منذ 25/2/2006م وإلى يومنا هذا!!
سوف أدعي أنني أملك الإجابة عنها والتي يعرفها الكثيرون ولكنهم لم يستطيعوا أن يبوحوا بها إلا همساً أو من وراء حجاب. سوق الأسهم أهملت حيث تركت لسنوات طويلة دون تنظيم يستحق الإشادة إلا من الناحية التقنية حيث تم تبني أنظمة تكنولوجية متقدمة بالتعاون مع القطاع البنكي ومؤسسة النقد، ولكنها أهملت من الناحية التنظيمية والتشريعية، خصوصا عندما وعت الناس بسبب الاكتتابات الأولية من خلال اكتتاب "الاتصالات السعودية" وما تلاها، لقد قلنا للناس عن سوق الأسهم وأرشدناهم لها ولم نحاول تنظيمها تشريعيا حماية لحقوق الجميع وتحريا للعدالة أو أضعف الإيمان توعية الناس وتثقيفهم بأسلوب الاستثمار الأمثل. وقد رافق ذلك إقفال جميع قنوات الاستثمار الأخرى بما فيها العقار لأسباب يعلمها الجميع. وكانت المعادلة واضحة منذ اليوم الأول عندما هجم الجميع على سوق الأسهم حتى الذين كانوا في أسواق معارض السيارات وأسواق الخضار وفي كل القطاعات الاقتصادية المختلفة. إن المستفيد الأول والأخير كان وسوف يكون كبار المضاربين، الذين وفي كل الحالات هم الرابح الكبير، وصدقوا أو لا تصدقوا فإن البعض منهم تجاوزت أرباحه السنوية من سوق الأسهم في عام واحد فقط (1000 أو 2000 في المائة) وهنا أكتبها كتابة حتى لا يعتقد أحد أن هناك خطأً مطبعياً (ألف أو ألفين في المائة).
إذن لماذا تأخر تأسيس هيئة سوق المال بعد إعلان النظام لأكثر من سنتين؟ وهو ما حدث نفسه عُندما عرض علينا في بداية التسعينيات الانضمام لاتفاقية الجات (الآن منظمة التجارة العالمية)! لقد دفعنا ثمنا باهظا للحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية بسبب هذا التأخر، والآن مجتمعنا يدفع ثمنا لم نعرف حتى الآن قيمته لأن الخسائر في تزايد ولدينا مشاكل سنراها على المستوى الاجتماعي مع أن البعض منها بدأ يظهر. ولا يعلم إلا الله تبعات هذا التراجع الحاد والخطير في سوق الأسهم السعودية. ولن أطالب بتدخل الدولة لأنني مقتنع أن قواعد السوق واضحة، وكل يتحمل نتيجة قراراته، ولكن أطالب بشدة القيادة بوقف الفساد من النافذين والمتنفذين وكذلك محاربة البيروقراطية. إن الوقت حان للضرب بيد من حديد على أيدي الذين يعبثون في سوق الأسهم، وفي ظني أنهم يستحقون حد الحرابة لأنهم مفسدون في الأرض. وبكل صراحة فإن تداخل المصالح ساعد وسوف يساعد على تفاقم المشكلة وذلك بين أطراف عديدة لا داعي لذكرها، فهي معروفة بهدف البقاء على الوضع السابق ومحاربة التنظيم والتطوير لسوق الأسهم.
لقد عملوا منذ اليوم الأول على محاربة هيئة سوق المال التي مهما ارتكبت من أخطاء وهي موجودة ولا ننزهها، فإنها تأتي من باب الاجتهاد للصالح العام، وليس لصالح أحد، إلا إذا كان هناك من يشك في نزاهة ودور الهيئة، فآمل أن يخرج ويقولها علانية ويطرح الأدلة وسأكون أول من يطالب بالمعاقبة، إذا ما كانوا متورطين في الفساد ومتواطئين مع بعض كبار مضاربي السوق.
إن ما يحدث هو بكل صراحة نتيجة فساد كبير حدث وما زال يحدث، وإذا لم يحسم الأمر ويُوقف الفساد، فإن النتيجة سلبية على كل شرائح المجتمع، ولا أعتقد أن الدولة عندما ضربت بيد من حديد على المفسدين الإرهابيين الذين حاولوا تدمير البلد كانت مبالغة في الخطر. وعليه، يجب ألا نقلل من خطر ما يجري في سوق الأسهم، على المستوى الاقتصادي والأمني والاجتماعي إذا ما استمر هذا النزيف الحاد، لأن التنظيم والتشريع يعنيان ببساطة منع الفساد الذي يعيش من ورائه بعض المضاربين. لقد اتخذ قرار تركيع سوق الأسهم إلى أن يركع السوق للمضاربين المتنفذين في سوق الأسهم السعودية، وما دام أن بعض الكُتاب وبحسن نية البعض منهم وسواء من قلة قليلة دأبوا على المطالبة بإرجاع الـ 10 في المائة، والبعض منهم وصل به الأمر للمطالبة بعدم إيقاف المضاربين الذين تثبت عليهم مخالفات من تدليس أو احتيال. والضحية كانت وما زالت رغم قناعتي أنهم من جنوا على أنفسهم لأنهم لم يسمعوا نداء الحق والضمير ومطالباتنا المتكررة لهم بعدم الانسياق وراء المضاربين وإشاعاتهم والتي لم يتوانوا في استخدام كل التكتيكات الممكنة لتمرير أهدافهم سواء برسائل الجوّال أو من خلال منتديات الإنترنت، وبكل صراحة حتى الصحافة والإعلام المرئي تم توظيفه بحسن نية من خلال أبواق أثبتت الأيام ما الذي يرمون إليه، وهؤلاء دون شك يستحقون العقاب القاسي.
وكلمة أخيرة قبل الوداع، وللتذكير فقد كتبت يوم الإثنين 12 شوال 1426هـ الموافق 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005م في جريدة "الرياض" محذرا تحت عنوان "ما يزيد على ألف نقطة في أربعة أيام تداول.. فلنحذر العواقب!" من أننا أمام مفترق طرق، فإما أن يواصل مؤشر السوق ويستمر الجنون وهو ما سوف يقتل الاقتصاد السعودي لأن سوق الأسهم جزء من الاقتصاد ولا يزال جزءاً بسيطاً جداً (80 شركة فقط من أصل نحو 38 ألف شركة مسجلة لدى وزارة التجارة والصناعة)، وإما أن يسقط وبالتالي نحن أمام مشاكل اجتماعية اقتصادية أمنية يصعب حصرها والسيطرة عليها. وقد اختلف معي وزير المالية السابق محمد أبا الخيل عندما قدمت هذا الرأي في مؤتمر جمعية الاقتصاد السعودي والذي عُقد خلال الفترة ما بين 11 إلى 13 شوال 1426هـ الموافق 13 إلى 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005م. وقال إن مَن يكسب في سوق الأسهم سوف يأخذ أمواله ويستثمرها في مشاريع أخرى، ولكن معاليه نسي أن جميع القنوات أقفلت للناس البسطاء حتى إن فتح بقالة أو محل حلاقة لم يعد ممكنا لأن زميله الدكتور غازي القصيبي أقفل باب التأشيرات، ولم يوجد البديل للصغار لاستثمار مدخرات، على قلتها وبساطتها، وكلي أمل ألا نرسخ بالكامل وجه الرأسمالية البشع حيث يسيطر في نهاية المطاف 1 في المائة من الناس على قوت 99 في المائة من المواطنين، ولنا في أمريكا المثال الصارخ لهذا النموذج حيث يلهث 99 في المائة من شعبها وراء لقمة العيش والحصول على الحد الأدنى من خلال العمل الطويل والتسهيلات المرهقة طول العمر للحصول على 20 في المائة من ثروة أمريكا، فيما تذهب 80 في المائة من هذه الثروة إلى أيادي 1 في المائة من الشعب الأمريكي، فيما النموذج الأمثل نجده في الدول الاسكندنافية، التي تذكرني بمقولة محمد عبده الشهيرة "وجدت إسلاما بلا مسلمين وتركت مسلمين بلا إسلام".
وفي الختام أنا لست فرحا على انتصار وجهة نظري ولكني حزين على أننا لا نتعلم من الدروس ولا نستفيد من تجارب الآخرين. وعليه لا ينفع إصدار التشريع أو النظام ولكن تفعيله هو المفتاح للإصلاح، والتفعيل يحتاج إلى تطبيق بشكل عادل دون استثناءات، وملف الفساد والبيروقراطية شائك ومعقد، وهو في سوق الأسهم وفي غيرها، وأعان الله من سوف يحمله ويحاول حل عقده بعد أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، عزمه على محاربته ومحاربة الداء الآخر وهو البيروقراطية في كلمته المباركة أمام مجلس الشورى. ورغم ذلك فإنني متفائل بالمستقبل القريب والبعيد إن شاء الله.

محلل مالي
http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=23317
 
أعلى