waseem
عضو محترف
بسم الله نبدأ بهذا الموضوع والذي سيكون عبارة عن مقالات لما قرأته في الصحف والمجلات والكتب شريطة أن يكون لموضوع المقال علاقة مباشرة لسوق الامريكي.
آمل من الجميع المشاركة .
إدموند فيلبس - 14/05/1427هـ
مع انشغال بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي لم يخضع للاختبار بعد، ورؤساء البنوك المركزية الآخرين بالتفكير في المدى الذي يرفعون أسعار الفائدة إليه، يتصاعد القلق في أسواق الأصول. والكثيرون يتخيلون أن الفرج قد يأتي من خلال سياسة مالية مبرمجة آلياً. ويرى المدافعون عن هذه الفكرة أن وجود "قاعدة" مالية من شأنه أن يعمل على تبديد الغموض غير الضروري، الذي يضيفه "تحفظ" مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
إن "استهداف التضخم" كما يعلم مناصرو الفكرة، يتطلب من البنك المركزي أن يتبع قاعدة معينة بحيث يثبت للمشرعين أنه يسعى إلى استهداف معدلات التضخم. وينتمي برنانكي إلى جيل من الاقتصاديين يميلون بحكم تعليمهم، إلى قواعد ثابتة يمكن التكهن بها، تعمل بطريقة آلية، وبالتالي فهي شفافة.
لكن هل يمكن للقانون المالي أن يكون له ما يبرره في الاقتصادات العفوية التي تتميز عموماً بالابتكار، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؟ هذا سؤال جيد.
القاعدة التي جادل ملتون فريدمان لصالحها ببراعة في عقد الستينيات، هي قاعدة المعروض النقدي التي تتميز بخاصية ضمان عدم الفشل. فإذا كانت هذه القاعدة تؤدي إلى شح المال بشكل كبير، فإن أسواق العمل وأسواق المنتجات ستأتي لإنقاذ الوضع من خلال الحد من الأسعار وزيادات الأجور، ما يعوض البلاد عن الركود الاقتصادي أو تحويله بسرعة إلى انتعاش اقتصادي. ومما أدى إلى إضعاف تلك القاعدة انهيار العلاقة الهيكلية بين المال والتضخم.
لكن القاعدة التي يتم الدفاع عنها الآن تحدد سعر الفائدة قصيرة الأجل. وفي القاعدة المتعارف عليها في الكتب الدراسية التي وضعها جون تيلر الخبير الاقتصادي في جامعة ستانفورد، في عقد الثمانينيات، فإن سعر الحقيقي الفائدة قصيرة الأجل الحقيقي (سعر الفائدة ناقصاً معدل التضخم) يكون أعلى كلما كان التضخم كبيراً، ويكون في مرتبة أدنى كلما كان معدل البطالة كبيراً. وإذا تصادف أن أصبح معدل التضخم في حدود "الهدف" وكانت البطالة في حدود "المعدل الطبيعي للبطالة"، فإن سعر الفائدة الحقيقي يجب أن يكون مساوياً "لسعر الفائدة الطبيعية" – السعر الحقيقي الذي تستطيع الشركات أن تتحمله إذا كانت البطالة في حدود المعدل الطبيعي للبطالة. ويعتبر تيلر أن المعدلات الطبيعية ثابتة.
والالتزام بقاعدة معينة لسعر الفائدة سيكون أمراً خطيراً، لأن أسواق المنتجات وأسواق العمالة ربما لا تنقذ الاقتصاد من النتائج المترتبة على وجود خطأ في تلك القاعدة. وسعر الفائدة ينطوي على تعقيدات يصعب معها تقديره. وإذا هبط سعر الفائدة الطبيعي إلى أقل من المستوى الذي حددته القاعدة، فلن يؤدي هبوط الأسعار والأجور إلى إعادة البطالة إلى معدلها الطبيعي: يؤدي هبوطها إلى سحب المعروض المالي إلى أسفل ولن يترك تأثيراً انتعاشياً.
كانت تلك هي رسالة كينز في الثلاثينيات، عندما كانت سياسة بنك إنجلترا الضمنية هي أن يحافظ على الأسعار في حدود ما يفترض أن يكون عليه مستوى سعر الفائدة الطبيعي، مع عدم معرفة الكثير عن أين يكون ذلك المستوى.
ويبقى هناك احتمال أن تترك القاعدة المعينة التي تم اختيارها سعر الفائدة الطبيعي أقل بكثير عن سعر الفائدة الحقيقي الذي تتطلبه القاعدة في بعض الفترات، ما يؤدي بالتالي إلى خطر ارتفاع التضخم. وهناك خطر أكبر إذا ثبت أن القاعدة التي تم اختيارها كانت في مستوى أعلى مما يجب (أو منخفضة أكثر مما يجب) طوال الوقت، بسبب تقديرات أعلى مما ينبغي (أو أقل مما ينبغي) للمعدل الذي سيكون عليه سعر الفائدة الطبيعي في المستقبل.
هل هذه الاحتمالات مرجحة؟ تشير دراسات أجريتها أنا وآخرون في عقد التسعينيات، بقوة إلى أن سعر الفائدة الطبيعي ومعدل البطالة الطبيعي شهدا تأرجحات طويلة وتحولات حادة في اتجاه جديد.
المدافعون عن القواعد الخاصة بسعر الفائدة يجيبون بأن أي بنك مركزي يستطيع التعامل مع تحركات المعدلات الطبيعية للفائدة والبطالة. ويستطيع أن يضع أنموذجاً اقتصادياً يستند إلى عمليات إحصائية وحسابية يستطيع من خلالها أن يقدر على وجه الدقة إلى أي مدى يختلف المعدل الطبيعي مع العوامل التي تحدد هذا المعدل - وهي الثروة، مخزون أصول الشركات، أسعار الفائدة والدخل في الخارج، وفرص العمل في المستقبل. ومع العلاقة الهيكلية التقديرية المتوافرة، يستطيع البنك أن يحسب الفائدة الطبيعية الضمنية لهذا الشهر أو الشهر الذي يليه، باستخدام القيم الراهنة للعناصر المحدِدِة لها. وهذه الصيغة الخاصة بحساب السعر الطبيعي المتغير للفائدة والصيغة الخاصة بحساب المعدل الطبيعي للبطالة، تكون بالتالي موجودة ضمن القاعدة. ويجب أن تظل هذه الصيغة ثابتة من أجل أن تلبي رغبة مؤيدي القاعدة في الالتزام بهيكل ثابت. ولا يستطيع البنك العبث بها.
مثل هذه القاعدة الممتدة ربما تؤدي إلى تحسين القاعدة التي وضعها تيلر. ومع ذلك فهي تثير مسائل لدى ذوي التفكير العملي. هل يثبت الأنموذج الاقتصادي الإحصائي الذي يستخدمه البنك أنه غير صحيح؟ هل يتغير الهيكل الاقتصادي؟ هل ذلك له أية أهمية؟
وفي مقالاتهما الأخيرة، وكذلك في كتاب مرتقب حول أسعار الصرف والمخاطر، تناول رومان فريدمان وميشيل جولدبيرج بصورة مفصلة، الخطأ في القواعد الثابتة: في الاقتصادات القائمة على العمل الحر يملك الناس "معلومات غير دقيقة" حول هيكل الاقتصاد. والعلاقات الهيكلية نفسها تتكشف كلما حدث تعلم وابتكار. وتبعاً لذلك، فإن الالتزام بقاعدة ثابتة من شأنه أن يضيف مصادر جديدة من الالتباس والغموض – من المحتمل أن تكون أسوأ من المصادر التي أزيلت بمنع "التحفظ".
وفي وقت يمكن أن تحدث فيه تحولات مزلزلة في الاقتصاد العالمي، ربما يكون ما نحتاج إليه من بنوكنا المركزية ليس قاعدة، بل كل ما لديها من مرونة وابتكار.
آمل من الجميع المشاركة .
إدموند فيلبس - 14/05/1427هـ
مع انشغال بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الذي لم يخضع للاختبار بعد، ورؤساء البنوك المركزية الآخرين بالتفكير في المدى الذي يرفعون أسعار الفائدة إليه، يتصاعد القلق في أسواق الأصول. والكثيرون يتخيلون أن الفرج قد يأتي من خلال سياسة مالية مبرمجة آلياً. ويرى المدافعون عن هذه الفكرة أن وجود "قاعدة" مالية من شأنه أن يعمل على تبديد الغموض غير الضروري، الذي يضيفه "تحفظ" مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
إن "استهداف التضخم" كما يعلم مناصرو الفكرة، يتطلب من البنك المركزي أن يتبع قاعدة معينة بحيث يثبت للمشرعين أنه يسعى إلى استهداف معدلات التضخم. وينتمي برنانكي إلى جيل من الاقتصاديين يميلون بحكم تعليمهم، إلى قواعد ثابتة يمكن التكهن بها، تعمل بطريقة آلية، وبالتالي فهي شفافة.
لكن هل يمكن للقانون المالي أن يكون له ما يبرره في الاقتصادات العفوية التي تتميز عموماً بالابتكار، مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة؟ هذا سؤال جيد.
القاعدة التي جادل ملتون فريدمان لصالحها ببراعة في عقد الستينيات، هي قاعدة المعروض النقدي التي تتميز بخاصية ضمان عدم الفشل. فإذا كانت هذه القاعدة تؤدي إلى شح المال بشكل كبير، فإن أسواق العمل وأسواق المنتجات ستأتي لإنقاذ الوضع من خلال الحد من الأسعار وزيادات الأجور، ما يعوض البلاد عن الركود الاقتصادي أو تحويله بسرعة إلى انتعاش اقتصادي. ومما أدى إلى إضعاف تلك القاعدة انهيار العلاقة الهيكلية بين المال والتضخم.
لكن القاعدة التي يتم الدفاع عنها الآن تحدد سعر الفائدة قصيرة الأجل. وفي القاعدة المتعارف عليها في الكتب الدراسية التي وضعها جون تيلر الخبير الاقتصادي في جامعة ستانفورد، في عقد الثمانينيات، فإن سعر الحقيقي الفائدة قصيرة الأجل الحقيقي (سعر الفائدة ناقصاً معدل التضخم) يكون أعلى كلما كان التضخم كبيراً، ويكون في مرتبة أدنى كلما كان معدل البطالة كبيراً. وإذا تصادف أن أصبح معدل التضخم في حدود "الهدف" وكانت البطالة في حدود "المعدل الطبيعي للبطالة"، فإن سعر الفائدة الحقيقي يجب أن يكون مساوياً "لسعر الفائدة الطبيعية" – السعر الحقيقي الذي تستطيع الشركات أن تتحمله إذا كانت البطالة في حدود المعدل الطبيعي للبطالة. ويعتبر تيلر أن المعدلات الطبيعية ثابتة.
والالتزام بقاعدة معينة لسعر الفائدة سيكون أمراً خطيراً، لأن أسواق المنتجات وأسواق العمالة ربما لا تنقذ الاقتصاد من النتائج المترتبة على وجود خطأ في تلك القاعدة. وسعر الفائدة ينطوي على تعقيدات يصعب معها تقديره. وإذا هبط سعر الفائدة الطبيعي إلى أقل من المستوى الذي حددته القاعدة، فلن يؤدي هبوط الأسعار والأجور إلى إعادة البطالة إلى معدلها الطبيعي: يؤدي هبوطها إلى سحب المعروض المالي إلى أسفل ولن يترك تأثيراً انتعاشياً.
كانت تلك هي رسالة كينز في الثلاثينيات، عندما كانت سياسة بنك إنجلترا الضمنية هي أن يحافظ على الأسعار في حدود ما يفترض أن يكون عليه مستوى سعر الفائدة الطبيعي، مع عدم معرفة الكثير عن أين يكون ذلك المستوى.
ويبقى هناك احتمال أن تترك القاعدة المعينة التي تم اختيارها سعر الفائدة الطبيعي أقل بكثير عن سعر الفائدة الحقيقي الذي تتطلبه القاعدة في بعض الفترات، ما يؤدي بالتالي إلى خطر ارتفاع التضخم. وهناك خطر أكبر إذا ثبت أن القاعدة التي تم اختيارها كانت في مستوى أعلى مما يجب (أو منخفضة أكثر مما يجب) طوال الوقت، بسبب تقديرات أعلى مما ينبغي (أو أقل مما ينبغي) للمعدل الذي سيكون عليه سعر الفائدة الطبيعي في المستقبل.
هل هذه الاحتمالات مرجحة؟ تشير دراسات أجريتها أنا وآخرون في عقد التسعينيات، بقوة إلى أن سعر الفائدة الطبيعي ومعدل البطالة الطبيعي شهدا تأرجحات طويلة وتحولات حادة في اتجاه جديد.
المدافعون عن القواعد الخاصة بسعر الفائدة يجيبون بأن أي بنك مركزي يستطيع التعامل مع تحركات المعدلات الطبيعية للفائدة والبطالة. ويستطيع أن يضع أنموذجاً اقتصادياً يستند إلى عمليات إحصائية وحسابية يستطيع من خلالها أن يقدر على وجه الدقة إلى أي مدى يختلف المعدل الطبيعي مع العوامل التي تحدد هذا المعدل - وهي الثروة، مخزون أصول الشركات، أسعار الفائدة والدخل في الخارج، وفرص العمل في المستقبل. ومع العلاقة الهيكلية التقديرية المتوافرة، يستطيع البنك أن يحسب الفائدة الطبيعية الضمنية لهذا الشهر أو الشهر الذي يليه، باستخدام القيم الراهنة للعناصر المحدِدِة لها. وهذه الصيغة الخاصة بحساب السعر الطبيعي المتغير للفائدة والصيغة الخاصة بحساب المعدل الطبيعي للبطالة، تكون بالتالي موجودة ضمن القاعدة. ويجب أن تظل هذه الصيغة ثابتة من أجل أن تلبي رغبة مؤيدي القاعدة في الالتزام بهيكل ثابت. ولا يستطيع البنك العبث بها.
مثل هذه القاعدة الممتدة ربما تؤدي إلى تحسين القاعدة التي وضعها تيلر. ومع ذلك فهي تثير مسائل لدى ذوي التفكير العملي. هل يثبت الأنموذج الاقتصادي الإحصائي الذي يستخدمه البنك أنه غير صحيح؟ هل يتغير الهيكل الاقتصادي؟ هل ذلك له أية أهمية؟
وفي مقالاتهما الأخيرة، وكذلك في كتاب مرتقب حول أسعار الصرف والمخاطر، تناول رومان فريدمان وميشيل جولدبيرج بصورة مفصلة، الخطأ في القواعد الثابتة: في الاقتصادات القائمة على العمل الحر يملك الناس "معلومات غير دقيقة" حول هيكل الاقتصاد. والعلاقات الهيكلية نفسها تتكشف كلما حدث تعلم وابتكار. وتبعاً لذلك، فإن الالتزام بقاعدة ثابتة من شأنه أن يضيف مصادر جديدة من الالتباس والغموض – من المحتمل أن تكون أسوأ من المصادر التي أزيلت بمنع "التحفظ".
وفي وقت يمكن أن تحدث فيه تحولات مزلزلة في الاقتصاد العالمي، ربما يكون ما نحتاج إليه من بنوكنا المركزية ليس قاعدة، بل كل ما لديها من مرونة وابتكار.