محاذير تدفق الثروة النفطية على دول الخليج

nabeels8

موقوف
التسجيل
23 يونيو 2004
المشاركات
5,436
الإقامة
في البيت
أن يقترن تقلص الموارد المالية للدول بالمشاكل الاقتصادية أمر لا ‏يشكك كثير من الناس بأنه من المسلمات، أما أن يقترن الارتفاع الحالي ‏الكبير في أسعار النفط، وما يصاحبه من تدفقات للعائدات المالية، ‏بالمشاكل الاقتصادية، فهذا أمر قلما يخطر على بال البشر.‏


‏تشهد الدول الخليجية المنتجة للنفط بحبوحة اقتصادية
وبالتزامن مع الارتفاع الكبير في أسعار النفط في الأسواق العالمية، ‏تشهد الدول الخليجية المنتجة للنفط بحبوحة اقتصادية جراء الموارد ‏المالية الهائلة التي تتدفق عليها.‏

طفرة نفطية ومالية
ويقول الصحفي الاقتصادي إبراهيم خياط إن "أسعار النفط ارتفعت ‏بمقدار يتجاوز 300 في المائة منذ عام 2002، في وقت ارتفع فيه ‏دخل الدول العربية المُصَدِّرَة للنفط من 186 مليار دولار إلى 440 ‏مليار دولار ويُنتَظَر أن يتجاوز هذه السنة عتبة الـ‎500‎‏ مليار دولار".‏

وقد ساهم ارتفاع الدخل هذا "في تحسين السيولة المتاحة للحكومات".‏

وانعكاسات هذه الوفرة المالية تتبدى بوضوح من خلال ملاحظة أن ‏دولة خليجية مثل السعودية تمكنت في السنوات الأخيرة من "خفض ‏ديونها، التي كانت تُعادِل 97 في المائة من إجمالي الناتج القومي ‏إلى41 في المائة من إجمالي هذا الناتج"، كما يشير خياط.‏

ولكن القلق يساور بعض المحللين الاقتصاديين من المخاطر المُحتَمَلَة ‏لتزايد الفوائض المالية وآثارها السلبية على نمط الإنفاق والاستثمار ‏في هذه الدول.‏

‏"المرض الهولندي"‏
ويستعير الاقتصاديون مصطلحات من علم الطب لتوصيف الآثار ‏السلبية لتدفق الثروة، كما هو حال الدكتور أحمد خليل المطوع، الأمين ‏العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية، الذي يلاحظ أن "الثروة ‏إذا جاءت بشكل مفاجيء تؤدي إلى آثار سلبية".‏

ويوضح قائلا: "هناك ما يُسمَّى بـ'المرض الهولندي'، وهو عادة ما ‏يصيب الدول الغنية بالموارد الطبيعية، وخصوصا عندما ترتفع أسعار ‏هذه الموارد الطبيعية".‏

ويتابع: "وعندما تحدث طفرة، فإن الصناعة والزراعة هما القطاعان ‏اللذان يتأثران سلبا ويتوسع قطاع الخدمات".‏

إلا أن المطوع يقلل من شأن إمكانية إصابة الاقتصادات الخليجية ‏بعوارض المرض الهولندي.‏

ويقول: "حاليا نتيجة لاعتماد دول الخليج على العمالة الأجنبية ‏استطاعت أن تتفادى ما يُسمّى بالمرض الهولندي".‏

تضخم
ويشير المطوع إلى ما يمكن أن يؤدي إليه تدفق السيولة النقدية من ‏سخونة الاقتصاد وارتفاع غير مسبوق في التعامل بالأصول المالية ‏والعقارية وما يصاحب ذلك من ارتفاع مقلق في معدلات التضخم.‏

ويقول: "السيولة النقدية أدت إلى أن البنوك ابتدأت تقرض بشكل كبير، ‏وبشكل حتى مخالف لما هو متبع في الأسواق المالية الأخرى، ‏ووسعت سوق الأسهم بشكل كبير".‏

ويضيف: "إذا الدول الخليجية حصلت على عوائد نفطية وأودعتها في ‏البنوك، فعادة هناك ما يُسمَّى بالـMonetary Base‏ (القاعدة النقدية)، ‏وهذه القاعدة إذا ارتفعت فإن ذلك سيؤدي إلى تضخم كبير".‏

ويعرب عن اعتقاده بأن "جزءا من التضخم الذي تشهده دول الخليج ‏الآن يعود إلى العوائد النفطية وتراكمها في البنوك".‏

ثمة أمور أخرى في توزيع السيولة المتاحة تقض مضاجع إبراهيم ‏خياط، ذلك أن هذه السيولة "تذهب إلى أيدي ليس كل المواطنين وليس ‏إلى كل العناصر الفاعلة في الاقتصاد، بل تذهب إلى فئة متحكمة في ‏دورة خلق الثروة في الاقتصاد".‏

ويقول إن "هذه الفئة تقوم بتركيز استثماراتها على القطاعات غير ‏المنتجة، بل قطاعات المضاربة، مثل القطاع العقاري".‏

ويحذر من أن "هذه القطاعات التي تقوم على المضاربة، وأيضا ‏الأسهم والبورصات التي لا تتميز بنضج كاف، ستؤثر على قدرة النمو ‏مستقبلا".‏

ويتساءل: "ماذا لو تراجع الاقتصاد الأمريكي، وتراجع استهلاك النفط ‏في العالم وانهارت الأسعار؟"‏

اختلالات هيكلية
ويرى خياط أن ما يفاقم من حدة هذا الارتفاع المُبالَغ فيه في أسعار ‏الأصول هي مشاكل هيكلية أعمق غورا تشوب الاقتصادات الخليجية.‏

ويقول: "الحفاظ على السيولة لدعم عملية التنمية تنقصه الشفافية في ‏إدارة الدولة".‏

ويوضح قائلا: "هناك فئات قليلة تستأثر بحصة كبيرة من الثروة ‏الوطنية من دون محاسبة. أيضا هناك الانفاق الدفاعي، يعني ليس ‏هناك مبرر لنفقات لا يمكن أن تُوَظَّف في إنتاج عملي حقيقي".‏

ويردف قائلا: "وفي حين أن الأموال تُنفَق لخدمة الاقتصاد العالمي ‏وفي خدمة سياسات إقليمية غير مُنتِجَة، ليس هناك أي سياسات تنمية ‏إقليمية".‏

ويستطرد خياط قائلا: "هناك فواتير تُسدَّد مقابل إلتزامات دولية ‏والسوق الدولية، ولكن ليس هناك إلتزامات تجاه الاقتصاد الإقليمي".‏

دروس الطفرات
والطفرة النفطية الحالية التي تنعم بها الدول الخليجية ليست الأولى من ‏نوعها. فلقد مرت بطفرات نفطية سابقة في السبعينات والثمانينات.‏

ويرى المطوع أن الدروس التي استقتها هذه الدول من تجاربها السابقة ‏ستساعدها في التخفيف من حدة الآثار السلبية للطفرة الحالية.‏

ويقول: "دول الخليج تفهمت درسا جيدا من خبراتها السابقة مع ‏الطفرات النفطية".‏

ويوضح قائلا: "حتى الآن دول الخليج كلها لم ترفع ميزانياتها بالشكل ‏الذي يتناسب مع العوائد النفطية. وهناك اعتقاد بأن هذه الطفرة ربما لن ‏تدوم، وبالتالي لا يجب أن يقعوا في مصيدة الإنفاق العام الذي قد ‏يتوقف إذا حدثت إنتكاسة نفطية".‏

ولكن إبراهيم خياط يستشهد بسياسات اقتصادية تعتمدها الدول ‏الخليجية تشير إلى أن هناك حدودا لمدى استيعابها لهذه الدروس.‏

ويقول خياط: "دول الخليج اعتمدت سياسات ترشيد إنفاق في بعض ‏القطاعات، ولكنها أيضا زادت الرواتب بشكل تضخمي، ما يتراوح ‏بين 15 إلى 30 في المائة في دول كثيرة؛ والسعودية قامت بتخفيض ‏سعر البنزين والديزل بنسبة 30 في المائة".‏

ويخلص إلى القول: "وبالتالي هناك عدم توزيع صحيح للثروة من أجل ‏خلق حوافز للانتاج".‏

ويمضي إلى القول: "ترشيد الانفاق يذهب إلى خفض المديونية. هذا ‏أمر سليم على المدى الطويل، ولكن هناك أيضا نقصا في إجراءات ‏أخرى يجب أن تواكبه لتحفظ هذه الاقتصادات من أي أزمات".‏

ثمة عوارض جانبية للثروة إذن، وهي عوارض تقلق المحللين ‏الاقتصاديين وهم يواكبون تدفق العائدات النفطية على دول الخليج.‏

ولعل بعض أشد دواعي القلق هي تلك المتعلقة بتراخي جهود الإصلاح ‏وتوهين حماس الحكومات لسياسات ترشيد الانفاق والانضباط المالي ‏والشفافية.
 

مساعد الجارد

عضو نشط
التسجيل
18 يوليو 2006
المشاركات
254

السلام عليكم

العزيز نبيل

"المرض الهولندي"‏ هو المصطلح الذي يطلق على حالة اقتصادية معينة و هي الطفرة المالية المفاجئة و التى من نتائجها التأثير السلبي على قطاع الصناعة و قطاع الزراعة و يكون له تأثير ايجابي كبير على قطاع الخدمات ، و هو التعليل الراجح للسلوك الأستهلاكي المتنامي .

ولعل اكبر دليل ان الكويت تعاني من هذا " المرض الهولندي " ان هذه الأيام قطاع الخدمات هو من يقوم بقيادة السوق !

شكرا على الموضوع الهام

دمت بخير
 
أعلى