أحياناً... الأسهم أو معول الهدم!

موج19

عضو نشط
التسجيل
22 نوفمبر 2005
المشاركات
75
عبدالعزيز السويد الحياة - 08/11/06//

الذين تلاعبوا ويتلاعبون في سوق المال السعودية هم في الحقيقة لا يسيئون للاقتصاد الوطني... ثقة، ومستقبلاً... فقط، بل هم يسيئون للسعودية وأجهزتها الحكومية المتعددة... المكلفة بالمراقبة والمحاسبة والإشراف، تلك الأجهزة التي هي يد الدولة لحماية المواطنين والمجتمع والاقتصاد، وتوجيهه التوجيه الصحيح والسليم. وهم على المدى الأبعد والأخطر يضربون ثقة المواطن بحكومته، ويحدثون شرخاً في هذه الثقة يتزايد وينتشر. المواطن ينظر إلى هذه الأجهزة فلا يرى أنها فعلت شيئاً يتناسب مع حجم الانهيارات المتعاقبة. والقضية أكبر من الخسارة المادية التي طاولت مئات الآلاف من المواطنين ولاحقاً غير المواطنين، ولم يستفد منها، في الظاهر، سوى البنوك.
الخطورة تكمن في أن سوق الأسهم بوضعها منذ ما قبل شباط (فبراير) الماضي تكاد أن تتحول إلى معول هدم، وفيروس ينخر في الثقة، وهي رأس المال الأهم للوطن والمواطن. والمتعاملون في سوق الأسهم يكسبون ويخسرون، فهذه طبيعة الأسواق، لكن ما يحصل في السوق السعودية من "حصد وجز" أعطاها خصوصية فريدة، هي خصوصية الخطورة المتناهية، وانعدام الثقة، هي صورة من صور "الحنشل"، خصوصاً مع التراخي في إجراءات المواجهة وعدم وجود المكابح المناسبة في الأوقات المناسبة، وهو خطر أرى أنه يحدق بالمواطنة، بل هو ثغرة يجب على وجه السرعة سدها بالوسائل المناسبة التي تعالجها من جذورها، لأنها وببساطة يمكن أن تستخدم من جانب من يسعى للنيل من استقرار ونمو هذه البلاد وطمأنينة مواطنيها. إن أوضاعاً مثل تلك تشكل مناخاً سلبياً مناسباً لتكاثر الآفات، وهي تفتح الآذان على مصراعيها للأصوات الناعقة من البوم والغربان، ففي الوقت الذي تثابر فيه القيادة السعودية ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وعضده الأيمن ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز، حفظهما الله، في البناء والتدشين والتأسيس المتجدد تأكيداً على مواجهة الحاجات، تتحول سوق الأسهم بوضعها اللغز إلى ثقب أسود مروِّع، يمتص كل الجهود، ويدفع بعض المواطنين إلى هاوية الإحباط وتراجع الثقة.
إن الخطورة لا تكمن فقط في وصول بعض المتداولين إلى حالات الإفلاس، والسقوط في هاوية ديون البنوك، و "القعود على الحديدة الساخنة"، بل تتعدى ذلك إلى ما هو أهم. إنها الثقة التي لا يمكن بناؤها بسهولة، والحفاظ عليها هو الهدف الأسمى.
إن الحديث الذي تعودنا على سماعه تبريراً لما حدث ويحدث في السوق عن نقص الوعي لدى صغار المستثمرين لم يعد يقنع أحداً، لأن الأسهم سوق مكشوفة، يمكن للمقتدرين فنياً ورقابياً ملاحظة حجم الذي يبيع ويؤثر، وكيف يقوم بذلك، فيكتشف أن الصغار هم آخر من يعلم ويتحرك.. ومن ثم يؤثر.
وبعد انهيار شباط الماضي كانت التوجيهات العليا بالاستفادة من الخبرات المحلية والعالمية، ولم نقرأ شيئاً يبيِّن أن التوجيهات نُفِّذت! الخبرات مهمة والإدارة أهم، وكلاهما لا قيمة له إذا لم تكن هناك محاسبة ومساءلة حازمة، تؤكد حقيقة إصلاح المعوج، والتبني العملي للشفافية.


http://www.daralhayat.com/arab_news/gulf_news/11-2006/Article-20061108-c6a6bcfe-c0a8-10ed-01a4-77df30b8cb63/story.html
 
أعلى