أصحاب «المساهمات الغبية» مفلسون أو هاربون أو خلف القضبان ... تعثُّر أكثر من 25 بليون

التسجيل
21 أبريل 2007
المشاركات
72
الحياة 29/04/2007

تجاوز حجم الأموال التي تم توظيفها في غير مجالها وتعثرت (توظيف أموال) أكثر من 25 بليون ريال، وما زال أصحابها يأملون في استعادتها على رغم إفلاس بعض القائمين عليها أو اختفاء بعضهم أو هروبهم الى خارج البلاد، وذلك بحسب عدد من الإحصاءات الاقتصادية في المملكة.

وقال الخبير الاقتصادي رئيس دار الدراسات الاقتصادية الدكتور عبدالعزيز داغستاني لـ «الحياة» إن سبب انتشار ظاهرة توظيف الأموال في الفترة الماضية يرجع الى عدم وجود الأنظمة التي تنظم عمليات الاستثمار في المملكة، وإذا وجدت فإنها ما زالت قاصرة ولا تتواءم مع حجم السيولة الموجودة في البلد، إضافة إلى أن كثيراً من الجهات الرقابية تساهلت وأسهمت في انتشار مثل هذا الاتجاه لدى كثير من الأشخاص الذين ليس لديهم أي استراتيجية حول الاستثمار، وهو ما جعلهم يوظفون تلك الأموال في غير مجالها.

وأشار إلى أن الجهات الرقابية في الفترة الماضية تركت الحبل على الغارب لكل من أراد التغرير بأصحاب الأموال من المواطنين، إضافة إلى أن ذلك أسهم في تهريب كثير من الأموال الى الخارج، وبالتالي ضياع حقوق المواطنين.

وبين الداغستاني أن معظم المساهمات التي تعثرت أو اختفت لم تضف أو تحقق للاقتصاد الوطني أي قيمة مضافة، وهو ما جعلها «مساهمات غبية» بطرق غير شرعية في ظل عدم توافر القنوات الاستثمارية الواضحة وفي ظل غياب القنوات الرسمية التي تشرف على مثل تلك المساهمات أو تنظم عملها بشكل قانوني.

من جهته، قال رئيس لجنة المحامين في الغرفة التجارية في جدة عضو لجنة المحامين الوطنية في مجلس الغرف السعودية الدكتور ماجد قاروب لـ «الحياة» إن انتشار ظاهرة توظيف الأموال يرجع الى عدم وجود ثقة في الأجهزة والمؤسسات الرقابية والتي لم تنضج ولم تكتمل قوانينها، وهو ما جعل الكثير يعزفون عن الاستثمار في الأوعية المتاحة قانونياً، إضافة إلى أن محترفي توظيف الأموال والمحتالين قادرون على التلاعب بأصحاب الأموال الطامحين في الثراء السريع، مستغلين ضعف الثقافة القانونية لدى المجتمع وضعف الأجهزة الرقابية في وزارات ومؤسسات الدولة، وبخاصة في وزارة التجارة، ومؤسسة النقد.

وأشار الى أن جميع الأجهزة الحكومية التي تدخلت في معالجة قضايا توظيف الأموال عجزت عن حلها أو إيضاح الطريق النظامي لذلك، والدليل أن كثيراً من القضايا تم تحويلها من المحكمة الى ديوان المظالم بعد أن عجز كثير من اللجان الإدارية الحكومية التي شكلت من مختلف الأجهزة في حل مثل تلك المساهمات المتعثرة. وأكد قاروب أن أصحاب الأموال كان لهم دور كبير في انتشار ظاهرة توظيف الأموال وكذلك دور في عدم مساهمتهم في حل مثل تلك القضايا، معتقدين أن ذلك من مسؤولية الأجهزة الحكومية، وهذا غير صحيح، لأن السبيل الوحيد لذلك هو وجود محام قانوني مرخص من القضاء للمطالبة بحقوقهم، والدليل على ذلك ما يحدث في السوق من تعثر كثير من المساهمات، سواء الوهمية مثل المساهمات العقارية، مساهمات سوا، البيض أم غيرها من المساهمات الرسمية مثل ما حدث في شركتي أنعام وبيشة، على رغم وجود نصوص قانونية في نظام الشركات ونظام السوق المالية ولم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية لحل مثل تلك الإشكالية.

ولفت قاروب الى أن كثيراً من الأموال التي تم توظيفها صرفت في غير مجالها المعلن، إذ تم إنفاقها على الإعلانات، والعلاقات العامة، والبذخ، والقصور، والسيارات، وهو ما أسهم في إلحاق الضرر وعدم الثقة بالقوانين والأنظمة والمؤسسات الرقابية والقضائية في البلد، إضافة الى الإساءة الى مكانة الاقتصاد السعودي.

وطالب بضرورة محاسبة ومعاقبة المصارف السعودية التي سمحت بتداول الحسابات المشبوهة من دون أي رقابة أو مساءلة، وهو ما يجعلنا نؤكد أن البنوك ارتكبت مخالفات قانونية وأخلاقية جراء ذلك، وهذا يؤكد مدى ضعف رقابة مؤسسة النقد على البنوك وعدم قدرتها على إزالة بؤر الفساد المصرفي التي تسهم في انتشار ظاهرة غسيل الأموال وتوظيفها، مطالباً بتعزيز دور هيئة الرقابة والتحقيق، ووزارة التجارة، ومؤسسة النقد، ووزارة المال ووضع القوانين التي تحد من التلاعب بالأموال بشكل عام.
 
أعلى