عندما يتفادى البيت الأبيض تحذيرات الـ"سي اي آي"

ريفالدو

موقوف
التسجيل
26 أغسطس 2003
المشاركات
698
غابرييل كولكو
عندما يتفادى البيت الأبيض تحذيرات الـ"سي اي آي"

من فيتنام إلى العراق

تكدّس إدارة بوش الخيبات، خصوصاً في ما يتعلّق بموضوعٍ كان قد سمح لها، لفترةٍ طويلة، بفرض نفسها سياسياً في وجه أخصامها: الأمن القومي. فبعد أن تمّ انتقاد رئيس الولايات المتحدة من قبل الكونغرس حول مسألة إمكانية إدارة العديد من المرافىء الأميركية من قبل شركة عامّة من دبي، يجد الرئيس صعوبةً متزايدة في إقناع الرأي العام بحسنات سياسته في العراق. وهكذا فغالباً ما يُؤتَى على ذكر سابقة الكارثة الفيتناميّة.


إنضمّ السيد سكوت ريتّر، في أيلول/سبتمبر 1991، وهو ضابط سابق في المخابرات الأميركية، إلى فرقة التفتيش التابعة للأمم المتحدة والمكلّفة بالتحقّق من القضاء على كافّة أسلحة الدمار الشامل في العراق وكذلك على كافّة الناقلات النوويّة التي تسمح بتوجيه هذه الأسلحة إلى أهدافها. وقد حصل السيد ريتّر على معلومات موثوقة جدّاً من الأجهزة الأميركية والبريطانية والإسرائيلية. غير أنّه لاحظ، في منتصف التسعينات، بأنّ العراق كانت قد امتثلت لطلب نزع السلاح الذي فرضته الأمم المتحدة.

مع ذلك ومنذ العام 1991، استمرّت الإدارات المُتعاقِبة في واشنطن بتغذية الرواية الخياليّة التي تقول بأنّ بغداد تملك أسلحةً للدمار الشامل. فهدف البيت الأبيض كان، وذلك أمرٌ يفهمه السيد ريتّر، هو "تغيير النظام" [1]. أمّا بالنسبة إلى العلاقات بين القاعدة والسيد صدّام حسين، والتي كان من مخاطرها إطلاع المنظمة الإسلاميّة المتطرفة على كيفيّة استخدام أسلحة الدمار الشامل ـ وستشكّل هذه حِجّةً عَرَضَها السيد بوش لتبرير حربه ـ، فقد علم السيد ريتر، منذ نهاية أيلول/سبتمبر 2001، بأنّ الحقيقة معاكسة تماماً: فقد كان النظام العلمانيّ في العراق يُعارِض وبشدّة تعصّب السيد أسامة بن لادن الإسلاميّ. على كلّ حالٍ فقد أقرّت أجهزة مخابرات البنتاغون بأنّ مصدر هذا الاتّهام بالتواطؤ كان أحد المزوِّرين للوقائع [2].

أزماتٌ، مخاطرٌ وشيكة، تهديداتٌ تطال الأمن الداخلي ومصالح الدولة الحيويّة... فمنذ العام 1947 على الأقلّ، أصبحت هذه المفاهيم تشكِّل جِزءاً لا يتجزّأ من سياسة الولايات المتحدة الخارجية. وقد سمحت بتحريك الرأي العام الحذِر، والأهمّ من ذلك أنّها حثّت الكونغرس على تخصيص مصاريف ضخمة ضرورية لتطبيقها. وفي هذا المناخ، ضاعت أهميّة الحقيقة. فقد كانت التضخيمات المدروسة، وحتى قلب الحقائق، أموراً شائعة في ظلّ كافّة الرئاسات التي تعاقبت، منذ أن عرض هاري س. ترومان في آذار/مارس 1947 لعقيدته الشهيرة التي تحمل إسمه. فهي كانت تتضمّن وصفاً للأزمات في اليونان وتركيا بالألوان الأكثر إثارةً للقلق على السلام في العالم. وبحسب وكيل الوزارة دين أشيسن، لم يكن الكونغرس والشعب الأميركي "يعون كفاية" ضخامة المبالغ الضروريّة، من أجل مواجهة بوادر أزمة طويلة الأمد في كافة أنحاء أوروبا وأجزاءٍ أخرى من العالم.

وقد كان جورج كينان، المنظّر الأساسي لمبدأ "احتواء" القوّة الروسيّة، قد عبّر عن تحفّظات حول عقيدة ترومان؛ وحتى الوزير جورج س. مارشال كان قد اعتبر أنّ الرئيس يضخِّم خطورة الوضع. وبالرّغم من اختفاء الكتلة السوفياتيّة، فإنّ هذه العادة، في تضخيم الأمور والحديث على أنّ مخاطر "مُميتة" تُهيمن على السلام في العالم، لا تزال مستمرّة [3].

بدءاً من العام 1947، وبحسب ما قاله ويليارد س. ماتياس بنفسه، والذي كان مسؤولاً حتى تقاعده (في العام 1973) عن تقديرات الـ"سي أي آي" للقوّة السوفياتية، "دار نقاشٌ طويلٌ حول نوايا الاتحاد السوفياتي اختلفت حوله وكالات المخابرات المدنيّة مع الوكالات العسكريّة [4]". ولتبرير نفقات التسلّح الضخمة، كان من الضروريّ وصف أهداف الاتحاد السوفياتي بالصورة الأكثر خطورةً، وبالتالي التركيز على القدرات السوفياتية أكثر من نوايا النظام. لذا لم يُؤتَ على ذكر التوجّهات الليبرالية في الاتحاد السوفياتي، وأُسيءَ بفظاظةٍ تقدير أهمّية الشرْخ بين الصّين وروسيا، وبحسب تحديد السيد ماتياس: "منذ العام 1868، تزايد التشكيك بأحكامنا العقلانيّة والمدروسة حول الاتحاد السوفياتي [5]". يساعد هذا الإطار في فهم حرب فيتنام، لكن أيضاً غالبيّة الجوانب الأخرى للسياسة الأمريكية منذ العام 1946.

فقد كان الرئيس الجمهوري ريتشارد نيكسون يكنّ كرهاً عميقاً للـ"سي أي آي". وفي العام 1973، طرد مدير الوكالة، ريتشارد هيلمز، الذي كان يرفض تدخّل هذه الأخيرة لحماية مقترفي فضيحة واترغايت. ومن جهتهم، اعترف المستشارون الأساسيّون للرئيس الديموقراطي جايمس كارتر، بأنّ تقديرات الـ"سي أي آي" كانت "تُزعِجُهم"، ليس لأنّها "غير دقيقة" بل لأنّها كانت تبدو لهم غير "صائبة" [6].

في العام 1981، عيّن رونالد ريغن ويليام كايسي على رأس الوكالة، الذي كان "يتجادل مع محلّليه ويحاربهم ويصرخ في وجههم" [7]. فانتهج سياسته الخارجيّة الخاصّة به مُشدِّداً على أنّ "برنامج التقييم الذي وضعناه أصبح يشكِّل رافعة قويّة تسمح بالتأثير على القرارات السياسيّة" [8]. نتيجة هذا التسييس لوكالة الـ"سي أي آي" والذي حملها على تضخيم تهديدٍ أصبح وهميّاً أكثر فأكثر، فإنها في العام 1989، لم تتوقّع أبداً الانهيار الكامل للمعسكر السوفياتي.

ويتّفق العاملون السابقون في الـ"سي أي آي" الذين نشروا مذكّراتهم، على غياب المصداقيّة في تقديرات الوكالة. فبالرّغم من وجود موظّفين ذوي كفاءة عالية داخلها، وبالرّغم من الكمّيات الهائلة من المعلومات التي كانت لديها، لم تشهد واشنطن أبداً، منذ العام 1946، على نظام مخابراتٍ يتمتّع بمصداقيّة "نزيهٍ" وقادرٍ على توجيه سياسة البلاد الخارجيّة بحكمة. على العكس، يبدو أنّ التصوّر الذي تضعه الوكالة للعالم محكومٌ بأفكارٍ مُسبقة أو بمصالحٍ ضيقة، كانت نتيجتها الكوارث التي شهدناها في فيتنام والعراق وسواها.

فقبل حرب فيتنام، كان يتمّ تشويه المُعطيات لأهدافٍ سياسيّة. ولا تزال هذه الممارسة مستمرّة. إذ لا يتمّ أخذ عمل الـ"سي أي آي" بجديّة إلاّ عندما يقتصر الأمر على السماح لجناحها Action Wing، شبه العسكريّ، بالاستمرار في أعماله المدمِّرة في الخارج. ومن المؤكّد أنّ أيّ نشاط للاستخبار أو لتقصّي المعلومات مشوَّشٌ ومعرّضٌ للتلاعب. فالمسألة رهنٌ بالاستراتيجيّات السياسيّة أكثر من المعلومات الموضوعيّة.

في الهند الصينية، كان بإمكان حكومة الولايات المتحدة الاعتماد على أخصّائيّين ممتازين في الوقائع المحلّية. ففي عام 1949، التحق جورج و. ألين بأجهزة مخابرات البنتاغون، وسرعان ما جرى تعيينه لمتابعة جهود باريس للحفاظ على إمبراطوريّتها الاستعماريّة هناك. إنّ قراءة مذكّراته مليئة بالعِبَر. فهو يُذكِّر مثلاً أنّ الرئيس دوايت ايزنهاور ووزير الخارجية جون فوستر، كانا معادييْن لتوقيع فرنسا اتّفاقية وقف قتالٍ مع العدو الذي انتصر في معركة ديين بيين فو. ثم عارضت الولايات المتحدة اتّفاقيات جنيف في العام 1954 ، و"على قاعدة سلسلة من الافتراضات (...) غير الواقعية تماماً" استعادتْ الولايات المتحدة مِشعَلَ المهمّة الفرنسيّة في فيتنام، وكان هذا القرار مقدّراً له بالفشل [9].

بدايةً، منعت الحكومة الأميركيّة تطبيق بعض بنود اتّفاقيات جنيف التي تنصّ على إجراء انتخابات تُهيّىء لتوحيد البلاد. وفي الوقت نفسه، اعتدتْ على المقرّرات المتعلّقة بنزع سلاح الأطراف المتنازعة. وهكذا بدأ التدخّل الأميركيّ في فيتنام. ودام حوالي العشرين سنة حيث بلغ ذروته في العام 1968، مع خوض أكثر من خمسمئة ألف جنديّ للحرب الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.

مع العلم أنّ محلّلي الـ"سي أي آي" كانوا قد تحسّبوا في كلّ مرحلة لما كان سيحصل. لكنّ أزمة خليج تونكين المزعومة في آب/أغسطس 1964، "أدهشتْ" ألين لأنه كان على علمٍ بأنّ سايغون وواشنطن كانتا تجريان في تلك الفترة مهمّاتٍ سرّية في المنطقة، على أمل تقوية نظام جنوب فيتنام [10]. وفي بادىء الأمر، خُيّل له أنّ أحد الأجهزة العسكريّة لم يكن على علم بتلاعبات الجهاز الآخر كونه يحدّد قائلاً: "لم أفهم في حينه أن إدارة (ليندون جونسون) كانت تبحث إلى هذا الحدّ عن حجّة لتوسيع تدخّلنا". وجرت الأمور بالطريقة نفسها في أحداث بلايكو، في شباط/فبراير 1965، والتي تمّ استخدامها كحجّة لـ"عمليّات القمع الوقائيّة: فقد شرّعت هجومات بلايكو تكثيف الصراع المُخطَّط له سلفاً" [11].

في عام 1998، نشرت وكالة الـ"سي اي آي" كتاباً عن تاريخ الحقبة الممتدّة بين العاميْن 1962-1968، بتوقيع هارولد فورد [12]. وبرهنت فيه أنّ تذمُّرَ وزير الدفاع، روبرت مكنامارا (الذي سيُصبِح لاحقاً رئيساً للبنك الدولي)، من عدم وجود خبراء في فيتنام تحت تصرُّفِه يمكنه اللجوء إليهم، هو أمرٌ خالٍ من الصحّة. ففي الواقع، هو قد رفض الاستماع إلى هؤلاء الخبراء. وفي عِداد أسباب فشل واشنطن، كان هنالك أوّلاً عدم القدرة على فهم عقيدة الشيوعيّين العسكريّة وتقدير عددهم بالتحديد. من جهة أخرى، صمّمت إدارة جونسون على دعم الديكتاتور الفاسد نغيان فان ثيو، أملاً بوضع حدّ للتزعزع السياسيّ بعد اغتيال الرئيس نغو دين ديام (في تشرين الثاني/نوفمبر 1963) والذي كان قد حصل على تأييد الولايات المتحدة. أخيراً، أمّا قوات سايغون، التي تمّ تدريبها وتجهيزها من قبل واشنطن لمحاربة الثوّار، فقد عملت وكأنها تخوض حرباً تقليديّة، على الطريقة الأميركيّة. وكانت حصيلة هذه الأخطاء: هو تفجّر نظام ثيو الزائف في العام 1975، تحت أنظار الرئيس جيرالد فورد الذي كان عاجزاً تماماً.

لكن في سياق هذا المشروع الخطر، كانت بلاغات النصر تتوالى بهدف التلاعب بالرأي العام. لأنّه إذا كان قد صدّق بعض المسؤولين السياسيّين والعسكريين وعملاء الـ"سي أي آي" هذه الأقوال المغلوطة، فقد كانت غالبيّتهم على علمٍ بأنّ مسيرتهم المهنيّة رهنٌ بدرجة تفاؤلهم. وقد برز التعبير الأكثر علانيّةٌ عن هذه المخادعات لحظة الخلاف حول "توازن القوى" الذي سبق هجوم رأس السنة الفيتنامي (Tet) في شباط/فبراير 1968. فكلّما تضاءلت تقديرات عدد القوّات المسلّحة في صفوف العدوّ، كلّما تمكّن العسكريّون من الإدّعاء بأنّهم أنجزوا مهمّتهم. لذا رفضوا أخذ مختلف قوّات العدوّ المحلّية بعين الاعتبار، وشطبوا بضربة قلم ما يقارب الثلاثمئة ألف رجل. وقد أقرّ الجنرال كريغتن أبرامز، في آب/أغسطس 1967، أنّ الاعتراف بوجودهم كان سيؤدّي الى استنتاجات "مُظلمة" [13]...

وقد أعربت الـ"سي أي آي" عن اعتراضاتها، ولكنّها وافقت على التلاعب. وكانت نتيجة ذلك، باعتراف ألين، أنّ ما زاد من وقع هزيمة معركة تيت كان الدور الأساسيّ الذي لعبته "حملة التضخيم النفسيّة التي جرى خوضها في خريف العام 1967" في حملة إعادة انتخاب جونسون [14]. وبدأت الولايات المتحدة تدرك، بعد معركة تيت، أنّها لن تربح الحرب.

وقد توصّل هارولد فورد وجورج ألين إلى الخلاصة ذاتها، التي صاغها هذا الأخير على الشكل التالي: "يميلُ قادتنا إلى توهيم أنفسهم" [15]. مع أنّ عدداً من العُملاء، المطّلعين جيّداً داخل الـ"سي أي آي"، قد إنتقدوا المغامرة الفيتناميّة على غرار أعدائها المُعلَنين. وقد أقرَّت بعض المقالات التي نُشِرَت في قلب الوكالة، وبصراحة مطلقة أنّ "جزءاً كبيراً من المعلومات" التي جمعتها الـ"سي أي آي" هي، "بكلمة واحدة، مجرّد تفاهات" [16]. كما تمّ الإقرار أيضاً، بشكلٍ واسعٍ، بالطابع الغامض والأخرق لبعض العمليّات الخاصّة لأجهزة التجسّس أو لأجهزة البنتاغون [17]. وإذا كانت التطوّرات التكنولوجيّة قد ضاعفت بكثرة، منذ خمسة عشر عاماً، كمّية المُعطيات الموجودة بحوزة عملاء المخابرات، فهذه الوفرة في المعلومات لم تُسهِّل عمليّات الأبحاث والتحليل، بل على العكس، فإنّها جعلت عمليّة استثمارها أكثر صعوبةً، ومعرَّضةً أكثر لأن تكون خارجةً عن الموضوع أحياناً، وخاطئةً أحياناً أخرى.

ويعلم الجميع، منذ عشرات السنين، أنّ الأفكار المُسبقة والمصلحة الشخصية والمطامح السياسية، وخصوصاً همّ إعادة انتخابهم، تمنع أصحاب القرار من الأخذ بعين الاعتبار ببعض المعلومات التي لا تريد سماعها. وقد قبلت غالبيّة كبار الموظّفين هذا النوع من القيود، وأقرّت بأنّه يجب على الذين يتّخذون القرار أن يبحثوا في المعلومات عمّا يخدم أهدافهم قبل أيّ شيءٍ آخر. على هذا الأساس، قام المسؤولون السياسيّون بخياراتهم، ليس فقط لثقتهم بحكمهم الخاصّ، لكن لتنفيذ برنامجهم أيضاً. فقلّةٌ من كبار الموظّفين في المخابرات يعتبرون أّن معلوماتهم قادرة على منع الاستمرار في سياسة سيّئة وخطيرة. وقد أضافت قضيّة العراق إثباتاً جديداً على ذلك.

إنّ الاختلافات الثقافيّة والسياسيّة بين العراق وفيتنام ذات دلالات، والوضع الجغرافيّ الاستراتيجيّ مختلف كلّياً. فلقد كانت الولايات المتحدة قد شجّعت ودعمت السيد صدّام حسين مادّياً طوال حربه على إيران (1980-1988) - بالرّغم من فضيحة إيرانغايت [18] - خشية أن تبسط إيران نفوذها الشيعيّ على منطقة الخليج العربيّ. لكنّ التخوّفَ لا يزال قائماً، والسبب: في حال استلمت الغالبيّة الشيعيّة الحكم في العراق، وهو أمرٌ محتمل جداً، ستشهد إيران تعزيزاً لمطامحها الجيوسياسيّة في المنطقة. ولكن، بالرّغم من هذا التناقض الأساسيّ في الموقف الأميركيّ، والذي يقلِّل من احتمال نشوء ديموقراطيّة فعليّة في العراق، فإنّ الولايات المتحدة تكرِّر العديد من الأخطاء التي أسفرت عن هزيمتها في فيتنام.

فجمْع المعلومات سلك الطريق الرّديئة نفسها، سواءً في العراق أو في فيتنام. ولأنّ هاتيْن الحربيْن لم تجريان كما كانت تتوقّعه الولايات المتحدة، فنحن اليوم نعرف أكثر مما هو مُفتَرض حول ما كان لدى رجال المخابرات ليقولوه.

فحتى ولو تعدّدت الأسباب الفعليّة للتدخل الأميركي العسكري في العراق، فمن المعلوم بأنّ العقليّة الخاصّة للأوساط القياديّة قد لعبت دوراً مهمّاً. وقد لخّصها السيد دونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الحالي، من خلال اقتراحه على السيد بوش، فور انتخابه، أنّه يجب على السياسة الخارجية للإدارة الجديدة أن تكون أقلّ ارتكاسيّة، ويجب "التطلّع نحو المستقبل" [19]. ولم يكن تفكير السيد بوش مختلفاً. وهنا أيضاً، لم يؤثِّر عمل المخابرات فعليّاً على القرارات المهمّة. فالإدارة الحاليّة لم تكتفِ برفض الأخذ بعين الاعتبار للمعلومات التي تُطلِعُها عليها مختلف الأجهزة، لكنها شوَّهت تحاليلها عَمداً. فإذا كان التشابه مع فيتنام قويّاً، فلأنّ السياسية الخارجية للولايات المتحدة لطالما تبلورت بهذا الشكل.

حتى قبل وصولها الى الحكم، كانت هذه الإدارة مصمِّمة على أن تظهر أكثر عدائيّةً. وكما في فيتنام، تراكضت الولايات المتحدة نحو الوقوع في المفاجآت والهزائم غير المتوقَّعة. هذا لا يعني أنّه لم يكن بالإمكان استباقها: فقد تمّ إبعاد التقارير المفصّلة التي قدّمها السيد ريتّر وغيره من الخبراء في التسلّح العراقي، وذلك لمصلحة "معلوماتٍ" مشكوكٍ في أمرها، كانت أغلبها مدبَّرة من قبل "كورفبالCurveball "، وهو عراقيٌّ اعتبرته أجهزة المخابرات الألمانيّة غير جديرٍ بالثقة. ونشرت الـ"سي أي آي" أيضاً تحذيرات حول بعض هؤلاء المخبرين الذين اعتبرتهم مُختلقي معلومات [20]. من جهة أخرى، أهملت إدارة بوش تحذيرات أخرى، أُطلِقت في العلن، لبعض الخبراء الذين كانوا يتوقّعون مستقبلاً فوضويّاً للعراق، بعد سقوط صدام حسين، قد يؤدّي إلى اندلاع حربٍ أهليّة. وبالنسبة إلى الجمهور الواسع، لا تزال الـ"سي أي آي" هي مصدر غالبيّة الإشاعات التي استخدمها البيت الأبيض لتبرير حربه على العراق [21]. لكن في الواقع، إدارة بوش هي التي اعتمدت تصرّف أسلافها فيما يتعلّق بالسياسة الخارجية: تلفيق الأخبار وتقديمها إلى الكونغرس وإلى الشعب الأمريكي للحصول على تأييدهم. لكنّ نجاح عملية احتيالٍ كهذه لا يدوم طويلاً...

فلم يعد اليوم أمام الرئيس بوش سوى أن يدافع، كما في 14 كانون الأول/ديسمبر 2005، بأنّه "قد اتّضح بأنّ الكثير من معلوماتنا كانت خاطئة". ثم إنشاد اللاّزمة نفسها مرةً أخرى، التي تدعو واشنطن إلى تسهيل قيام "عراق حرّ وديموقراطيّ"، في حين لم يعد هناك داخل إدارته من يعتقد بأنّ الأمر ممكن. وأصبح الهدف الوحيد الذي يضعه البيت الأبيض نصب أعينه هو تبرئة الرئيس، لكن أيضاً حزبه، من خطأٍ مشؤوم، سواءً على الصعيد العسكريّ أم السياسيّ.

غير أنّ عوامل أخرى، غير التضليل المتعمّد من قبل القادة، قد لعبتْ دورها في فيتنام كما في العراق. ففي الستّينات مثلاً، كان للبنتاغون ثقة عمياء بقوّة أسلحته وتفوّقه التكنولوجيّ وحركيّته وتحكّمه بالجوّ. وقد كان هذا الاكتفاء يشكّل صفةً وطنيّةً خاصّة لطالما سارع مصنّعو الأسلحة على تشجيعها. فهي تعزِّز فكرة أنّ المشاكل الاجتماعيّة والسياسيّة ستختفي لوحدها فور القضاء على العدوّ، من خلال ضربة وصفَها وزير الدفاع، السيد رامسفيلد، أنها تَخلِقُ "الصدمة" و"الرّعب" (عمليّة "أُصدمْ وأرعبْ").

وفي العراق، كما في فيتنام، قد اتّضح بأنّ التكنولوجيا معّرضة بشدّة للخطأ وبأنّ اللّوجستيّة عبارة عن كابوس. ولقد فشلت التكنولوجيا في العراق، بحجمٍ أكبر بكثير، تحديداً لأنّها أصبحت معقّدة للغاية، في حين اتّضح أنّ المشاكل الأساسيّة والمتوقَّعة تماماً، كالنقص في المياه، قد كانت مُكلِفة بشكلٍ مذهل وتطلّبت وقتاً طويلاً لمعالجتها [22]. وهذا ما سبّب برفع أسعار الحرب: فقد ابتلعت حرب فيتنام وبعدها حرب العراق، مبالغاً غير متوقَّعة، تارةً بسبب الثقة التي أُوليت لتكنولوجيا مُكلِفة، وطوراً بسبب وسطاء غير كفوئين وفاسدين.

كانت عواقب ذلك خطيرة جداً على المجتمع الأميركيّ. فقد اضطرّ جونسون للعدول عن جزءٍ كبير من مشروعه لـ"محاربة الفقر"، من أجل تمويل المغامرة الفيتناميّة، ممّا حمل مارتن لوثر كينغ على التوصّل إلى الخلاصة التالية: "إنّ القنابل التي تنزل على فيتنام تنفجر في مُدننا". كما ساهمت الحرب في جنوب شرق آسيا في إضعاف الدولار وتخلّي واشنطن عن معيار الذهب مقابل عملتها [23]. أمّا الحرب العراق، فهي تتصادف في الولايات المتحدة مع عجزٍ تجاريٍّ وماليّ ضخم. ففي خريف العام 2005، بلغت كلفتها ما لا يقلّ عن 225 مليار دولار، أي في خلال سنتيْن ونصف، ما يوازي نصف تكاليف الحرب الأميركيّة في فيتنام على مرّ تسع سنوات. وتذكر بعض التقديرات مبلغاً كاملاً قيمته 000 1 مليار دولار، الأمر الذي يشكّل رقماً قياسيّاً تاريخيّاً [24].

وقد تطلّبت العمليّتان حشوداً عسكريّةً ضخمة، بالرّغم من قوّة الأسلحة. فعندما بلغ عدد القوّات المسلّحة العسكريّة المُجنّدة في فيتنام، خمسمئة ألف رجل، انقلب الرأي العام في الولايات المتحدة ضدّ الرئيس وتمّ طرد حزبه من البيت الأبيض. أماّ في وضع العراق، فقد تمّ التعبير بسرعة أكبر عن معاداة الرأي العام، إن لم يكن للحرب فأقلّه للشكل الذي اتّخذته. ففي نهاية عام 2005، أعرب حوالي ثلثي الشعب الأميركي عن معارضتهم لكيفيّة سير العمليّات واعتبر 58% منهم أنّ الرئيس لم يعطِ أسباباً جيّدة للاحتفاظ بقوّاته العسكريّة على الأرض. أخيراً، في شباط/فبراير الماضي، كان 63% من الشعب يعتقد أنّ الهدف الذي أصبح منشوداً لا يبرِّر خسارات الأرواح في صفوف الأميركيّين ولا الكلفة الماليّة. وتوصّل 48% منهم إلى المطالبة بالانسحاب الفوريّ للقوّات المسلحة المجنّدة في العراق [25].

ما يجري في المجالات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعية هو أكثر حسماً من الاعتبارات العسكريّة. كان الأمرُ صحيحاً بالنسبة إلى فيتنام في العام 1975، ولا يزال كذلك بالنسبة إلى العراق. فإمّا أن يتحقّق النصر في الحرب على الصعيد السياسيّ وإمّا لا يتحقق. لكن في واشنطن، نادراً ما يأخذ القادة تحذيرات خبرائهم بعين الاعتبار، عندما يذكّرهم هؤلاء بحدود القوّة العسكريّة. إنّ استعداد الرئيس لإهمال الوقائع السياسية المحلّية لمصلحة التأكيد على قوّة الأسلحة (للمحافظة على ماء الوجه)، يصبح الهمّ الأوّل بشكلٍ شبه دائم، مهما طالت فترة الحرب.

وفي وضع فيتنام كما في العراق، الرأي العام الذي يتحرّك في البداية من جرّاء القلب الوقح للحقائق، ينتهي إلى عدم تصديق كلمة واحدة ممّا يقوله أعضاء الحكومة. حصيلةُ ذلك، أضحى العديد من الرجال المهمّين عاجزين عن التمييز بين الحقيقة والوهم. فقد كان بعض القادة الأميركيّين يعتقدون بصدق أنّه في حال انتصر الشيوعيّون في فيتنام، ستتساقط "أحجار الدومينو" وستسيطر الصّين على جنوب شرق آسيا. بالطريقة نفسها، وبالرّغم من التبرير المستمرّ للحرب في العراق بامتلاك السلطة العراقيّة لأسلحة دمار شامل وبإقامتها علاقات مع منظّمة القاعدة، لم يظهر على الإطلاق أيّ واقعٍ يؤكّد هذه الادّعاءات ممّا أساء منطقيّاً إلى مصداقيّة كافّة الخطب الرسميّة اللاحقة. وبعد ثلاثة أعوامٍ على اندلاع الحرب، يتمركز في العراق مئة وستّون ألف جنديّ أميركيّ وحليف، وهو رقمٌ يتخطّى توقّعات الرئيس بوش. وكما كانت الحال في الحرب على فيتنام، معنويّاتهم ضعيفة وهي في تراجعٍ مستمرّ. لكن، نظراً لمستوى المقاومة، سيتطلّب الأمر استدعاء عددٍ كبيرٍ من القوّات المسلّحة لسنوات. في فيتنام، أراد الرئيس نيكسون صبغ الحرب بطابع فيتنامي، من خلال رمي وطأة المعارك على أكتاف الجيش الضخم التابع للرئيس ثيو. ولكن هذه الفرق ذات القيادة الكاثوليكيّة، كانت فاقِدة المعنويّات. ولم تتمكن من المقاومة طويلاً.

أمّا بالنسبة إلى الجيش العراقيّ، التي بدأت الولايات المتحدة بحلِّه، فيتمّ الآن إعادة بنائه جزئيّاً، بمساعدة بعض ضبّاط صدام حسين السُنّة القدامى. ويشكّل هذا الخيار، الذي تمّ اتخاذه بعد استنفاذ جميع الوسائل، تغييراً صارِخاً. ومن ضرب الخيال الاعتقاد بأنّ قوّةً كهذه قادرةٌ على تحقيق الأهداف التي تسعى إليها واشنطن، أو أن تكون فاعلةً عسكرياً. وتماماً كما في فيتنام، حيث كان البوذيّون مُعادين للأقلّية الكاثوليكيّة المُتحدَّر منها القادة الذين يحملون دمغة واشنطن، فالعراق بلدٌ منقسمٌ على الصعيد الدينيّ. ويجب على الولايات المتحدة، من الآن فصاعداً، الاختيار بين خطر الفوضى المحتملة جرّاء نقصٍ في الفرق الأميركية أو بين خطر حربٍ أهليّة في حال سلّحوا العراقيّين.

ولقد هيّجت نتيجة الانتخابات هذه العداوات. فالشيعة يمثِّلون نسبة ثلاثة على خمسة من الشعب، ولقادتهم أفكارهم ومشاريعهم السياسيّة الخاصّة. وفي حال تسلّموا قيادة الجيش أو الحكومة، من البديهيّ أنّ سلطة إيران في المنطقة ستكبر. وبالرّغم من التحذيرات العديدة التي أطلقها الخبراء، لا تستوعب إدارة بوش تشعّب المشاكل السياسيّة التي يجب عليها مواجهتها. مع أنّ أفغانستان كانت هنا كي تُعطي الأمثولة أنّ الانتصارات العسكريّة، في نهاية المطاف، هي رهنٌ بالسياسة وليس العكس.

في العراق كما في فيتنام، أساءت الولايات المتحدة تقدير الوقت الذي ستبقى خلاله على الأرض، وتوهّمت حول فاعليّة حلفائها. وهكذا لا تتمتّع جهود إدارة بوش أبداً بفرص نجاحٍ تفوق تلك التي كانت متاحة لأسلافها في فيتنام. فلقد شهدت فيتنام انقسامات دينيّة عميقة، لكنّ العراق أكثر انقساماً بعد، ويبدو أنّ احتمال اندلاع حربٍ أهليّة بات وشيكاً. حصيلة ذلك، أنّه إذا كان الشيوعيّون قد تسلّموا في النهاية السلطة في فيتنام، ففي العراق سوف تعمّ الفوضى.

في مذكّرة ديبلوماسيّة سرّية عائدة لتشرين الأول/أوكتوبر 2003 ،أقرّ السيد رامسفيلد أنّ "هنالك نقصاً في آلات القياس التي تسمح لنا بمعرفة ما إذا كنا نحقّق انتصاراً في حربنا على الإرهاب أم أنّنا نخسر". ممّا يعني أنّ بعض الأعضاء النافذين في إدارة بوش لم تكن لديهم ثقة بما يقومون به حتّى اللحظة التي دخلوا فيها هذه الحرب [26]. لكن كما في فيتنام، فات الأوان لتغيير الوجهة. ويبدو حاليّاً أنّ المصداقيّة العسكريّة للولايات المتحدة باتتْ على المحكّ.

ومع الوقت، ستطغى السياسة الداخليّة دائماً على الباقي كلّه. هذا ما حصل في الحرب على فيتنام. ولا شكّ أنّ هذا ما سيحصُل أيضاً في الحرب على العراق. فمنذ العام 1968، إنقلبت استقصاءات الرأي في الولايات المتحدة ضدّ الديموقراطيين، وممّا زاد من وقع المفاجأة التي أثارتها معركة "تيت" في شباط/فبرير على الرئيس جونسون، هو أنّه كان قد رفضَ هو وجنرالاته تصديق تقديرات الـ"سي أي آي" (التي كانت تعلم أنّ جيش المتمرّدين يضمّ أكثر من ستمئة ألف مقاتل). وربح نيكسون عام 1968 لأنه وعد بالسلام بشرف لشعبٍ أنهكتْه الحرب. إلاّ أنّ هذه الأخيرة استمرّت لسبع سنواتٍ إضافيّة.





* مؤرخ، من مؤلفاته Another century of war? New York, 2004 إضافةً الى The Age of War, Lynne Rienner, Pub. Boulder (Colorado), 2006, 199 pages, 21 dollars.





[1] Scott Ritter, Iraq confidential: The Untold Story of the Intelligence Conspiracy to Undermine the UN and Overthrow Saddam Hussein, Nation Books, New York, 2005, p. 9 et suivantes, 75, 112-113, 289-291.

[2] The New York Times, 6 novembre 2005; d鰨che AFP, 24 novembre 2005.

[3] Gabriel et Joyce Kolko, The Limits of power: The world and United StatesForeign Poilicy, 1945-1954, Harper &Row, New York, 1972, p. 339-342.

[4] Williard C.Mathias, America’s Strategic Blunders: Intelligence Analysis and National Security Policy: 1936-1991. University Park, Pennsylvania State University Press, 2001, p.3 Cf. 駡lement p. 45-46 pour une evaluation en 1946 des intentions sovi鴩ques.

[5] Ibid, p. 3

[6] Ibid, p. 313. Cf 駡lement Robert M. Gates From the Shadows : The Ultimate Insider’s Story of Five Presidents and How They Won the Cold War, Simon & Schuster, New York, 1996, p. 30-31.

[7] Ibid, p. 207

[8] Ibid, p. 286

[9] George W. Allen, None So Blind: A Personnal Account of Intelligence Failure in Vietnam. Ivan R. Dee Inc. Chicago, 2001, p. 78.

[10] تمّ الاعتداء على مدمّرة أميركيّة متجسّسة تعمل في المياه الاقليميّة شمال فيتنام، من قبل قوى هانوي البحريّة، وتعرّضت للخسائر. شكّلت هذه الحادثة حجّة للتصعيد العسكري الأميركي في فيتنام.

[11] George W. Allen, op. cit., p. 183, 185. في 6 شباط/فبراير 1965، هاجم ثلاثمئة متمرّد من جنوب فيتنام معسكر بلايكو، ممّا أدّى إلى مقتل ثمانية أميركيّين وجرح المئات الآخرين.

[12] Harold P. Ford, CIA and the Vietnam Policymaker: Three Episodes 1962-1968, CIA Center for the Study of Intelligence, Washington, DC, 1998, www.ODCI.GOV/esi/books/vietnam/index.html

[13] George W. Allen, op. cit., p. 248.

[14] Ibid, p. 266. أُعيد انتخاب جونسون في البيت الأبيض بانتصار، في تشرين الثاني/نوفمبر 1968، ضدّ المرشّح الجمهوريّ باري غولدواتر.

[15] Ibid, p. 267.

[16] Steven R. Ward, “Evolution beats revolution in analysis”, Studies in Intelligence, CIA Center for the Study of Intelligence , vol. 46, n 3, 2002, www.ODGI.GOV/esi/studies/vol46no3/article04.html

[17] John T. Carney et Benjamin F. Schemmer, No Room for Error: The covert Operations of America’s Special Tuctics Units from Iran to Afghanistan, Ballentine Books, New York, 2002; et Robert Baer, La Chute de la CIA. Les m魯ires d’un guerrier de l’ombre sur les fronts de l’islamisme, Jean Claude Lattes, Paris, 2002.

[18] تمويل الثورة المضادة في نيكاراغوا، من خلال بيع الأسلحة إلى إيران التي كانت تخضع للحصار الأميركي.

[19] Bob Woodward, Plan of Attack, Simon & Schuster, New York, 2004, p. 19.

[20] Bob Drogin et John Goetz. ? The Curveball Saga ?, Los Angeles Times, 20 novembre 2005.

[21] Michael Scheuer, Imperial Hubris: Why the West is Losing the War on Terror, Brassey’s, Washington, DC, 2004. James Bamford, A Pretext for War: 9/11, Iraq and the Abuse of America’s Intelligence Agencies, Doubleday, New York, 2004.

[22] David Talbot, “How technology failed in Iraq”, Technology Review (MIT), november 2004, p. 2 et suivantes, www.techreview.com/Hardware/wtr_13893,294,pl.html

[23] Anatomy of a War: Vietnam, the United States, and the Modern Historical Experience. The New Press, New York, 1994, p. 49-50.

[24] في العام 2005 فقط، ارتفعت كلفة الحروب في العراق وأفغانستان بنسبة 18 بالمئة بالنسبة للعام 2004، فقد انتقلت من 99,8 مليار دولار الى 117,6 مليار دولار (“U.S. war costs surge 18%”, The Wall Street Journal, 8 mars 2006)

[25] استقصاء رأي Angus Reid, 14 novembre 2005, 24 f鶲ier 2006 et 2 mars 2006.

[26] USA Today, McLean (Virginie), 23 octobre 2003.



حقوق الطبع محفوظة لكافة البلدان


http://www.mondiploar.com/article523.html?PHPSESSID=e548b95b4914b98e2faece24e8039747
 
أعلى