أزمة العالم ومليارات الكويت... هل لاحت «الفرصة الكبيرة»؟

التسجيل
13 أكتوبر 2006
المشاركات
272
كتب رضا السناري |


عندما حصلت شركة موانئ دبي العام الماضي على حق إدارة موانئ أميركا، إثر استحواذها على «بي أند أو» تحركت مؤسسات القرار في واشنطن لإيقاف زحف البترودولار الخليجي، وتعرقلت الصفقة.
قبل أيام، برزت صورة معاكسة تماماً: صندوق «سيادي» قطري يسحب عرضه لشراء «سنسبري» البريطانية ويضع ملاكها في شبه ورطة.
هل دخلت مليارات الخليج في عصر الدلع؟
هذا ما يراه الكثير من بيوتات الاستثمار العالمية، بل يمكن الحديث عن أكثر من ذلك؛ عن نفوذ سياسي لأصحاب السيولة الذين سيتحكمون باقتصاد العالم!
قد توضح الأشهر المقبلة مسار الأمور، بعد أن تأخذ أزمة الائتمان العقاري مداها في الأسواق العالمية، وتتضح حقيقة انعكاساتها، خصوصاً وأن كثيرين يزعمون أن ما انكشف حتى الآن ليس إلا قمة جبل الجليد.
خلال الأسابيع الماضية، دخل الكثير من المؤسسات العالمية في فلك الأزمة رسمياً، من سيتي جروب إلى مورجن ستانلي، وميريل لينش، وستاندرد تشارترد. وأعلن الكثير منها عن تراجع في ارباحها والبعض اعلن عن خسائر تقارب الـ 3 مليارات دولار.
تلك الأزمة، تبدو في المقام الأول أزمة سيولة ناجمة عن قروض متعثرة أو قد تتعثر، وعبثاً حاولت البنوك المركزية مداواتها بضخ السيولة.
في المقلب الآخر، تبدو «الأزمة» الرئيسية لاقتصادات الكويت والدول الخليجية الأخرى أزمة «فائض سيولة». الفائض هنا بتريليونات الدولارات، والعجز هناك قد يهوي بأسعار الأصول إلى درك غير مسبوق.
ويقدر كبير الاقتصاديين في مصرف ستاندرد تشارترد جيرالد ليونز الفوائض الخليجية بأكثر من 3 تريليونات دولار، هذه النسبة المرشحة في بعض الدول الخليجية للنمو بين 20 الى 40 في المئة خلال العام المقبل مكنت من تحصين الاقتصاد الخليجي من هزات قد تحصل في الجزء الاخر من العالم.
هذه الصورة الزاهية في حسابات الدولة الخليجية لن تنتهي في حسابات المستثمر الخليجي خصوصا الصناديق السيادية، التي تشكل نحو ثلث الصناديق السيادية المستثمرة حول العالم، برأسمال 700 مليار دولار، عند حدود التفرج، فما يمكن ان يطرح في هذا الخصوص، مدى امكانية مشاركة الصناديق السيادية الخليجية في ادارة أزمة التراجع العقاري، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية، وربما الامر يمتد الى بريطانيا التي بدأت تشعر بالوعكة في سوقها العقاري، وما يرشح هذه الفرضية العقلية الخليجية التجارية التي تبحث عن الفرص، وتسعى الى اقتناصها، لا سيما وان جميع الظروف مواتية، فهناك في موازنتها فائض سيولة يقدر بمئات المليارات من الدولارات، وحجم استثمارات ستنفق خلال السنوات الاربع المقبلة تتجاوز الـ 800 مليار دولار، (حسب تقرير لـ ستاندر تشارترد، صرح به كبير اقتصادي ليونز).

ماذا عن الكويت؟
في الكويت خصوصية تميزها عن دول الخليج الأخرى. فالهيئة العامة للاستثمار أعلنت صراحة أنها تتجه شرقاً، في وقت كانت الصناديق الإماراتية والقطرية تشتري الأصول (وربما النفوذ) في الأسواق الأكثر تقدماً. فما الذي سيتغير؟
الإجابة مرهونة بالطبع بالتوقعات لقدرة الأسواق الأميركية والأوروبية على التعافي.
ربما يكون من المنطق ان تفكر الصناديق السيادية الخليجية في تصويب فائض سيولتها الى ازمة الائتمان العقاري العالمي، خصوصا وهى على قناعة بأن المصارف العالمية، لن تدع اسواقها تهوي الى القاع، والمبادرة بدأت بالفعل، باقتراح ثلاثة من اكبر البنوك العالمية، مدعوماً من وزارة الخزانة الأميركية في تأسيس ما يعرف بسوبر فند، وهو صندوق خاص برأسمال 75 مليار دولار، يكون دوره الاخذ بيد الاسواق العالمية من هذه الازمة العقارية، من خلال شراء السندات من سوق ادوات الاستثمار المهيكلة، التي تعاني من نقص شديد في السيولة.
ورغم ان «السوبر فند» مايزال يعاني من أزمة هو الاخر في تأسيسه، خصوصا بعد استقالة الرئيس التنفيذي لـ«سيتي جروب»، وشطبه لسندات عقارية تصل الى 11 مليار دولار، الا ان هناك وجها اخر مشرق للأزمة، يتمثل في تحالف المصارف الكبرى على حل الازمة، وان كان ذلك لم يدخل حيز التنفيذ، الا انه يشير الى ان تلبد الغيوم لن يدوم، ومن ثم يكون امام الجهات الحكومية الخليجية خيار الاستثمار في ادارة الازمة العالمية.

الحميضي
من الدعاة لتوجيه اهتمام الهيئة العامة للاستثمار نحو اسواق الازمة وزير المالية السابق بدر الحميضي الذي يعتبر فرص الاستثمار في الاسواق التي تمر بالأزمة العقارية بالوقت الراهن جيدة، وتشجع على الاستثمار، خصوصا في ظل تراجع الاسعار الحاد، بيد ان الحميضي يرى ان الاستثمار في أزمة الائتمان العقاري يجب ان يكون طويل الاجل، فمن يشتري اليوم ويبيع في الغد لن يستفيد.
ويقول الحميضي ان اي صندوق سيادي او حتى المستثمر العالمي يسعى دائما الى استغلال الفرص التي تتوات في الاسواق العالمية، جراء الازمات، سواء هذه الفرص عقارية او اسهم، ويضيف الحميضي ان الفرص القائمة في الاسواق التي تمر بالازمة العقارية جيدة امام الصناديق الحكومية، ويؤكد ان على الجهات الاستثمارية التي يمكن ان تتجه الى الاستفادة من مثل هذه الفرص، عليها ان تتحلى بنظرة طويلة الامد، وليس موقتة، خصوصا وان المؤشرات تبين ان المؤسسات العالمية مصصمة على حل الازمة، والدليل حسب قول الحميضي السوبر فند الذي تتجه المؤسسات العالمية الى تأسيسه لحل الازمة.

المخاوف
ما الذي يمكن ان يثير مخاوف المؤسسات الخليجية من الاستثمار في أزمة الائتمان الأميركي؟
رغم ان المؤسسات المالية العالمية هبت لنجدة اسواقها، الا ان البعض لا يرى في هذه الاسواق الجريحة الفرصة المشجعة للاستفادة من الاستثمار فيها، ومن هؤلاء مدير الاستثمار الدولي في بيت التمويل الكويتي «بيتك» عماد المنيع، الذي يقتنع بأن معدل المخاطر في هذه الاسواق عال، ولا ينظر اليها كفرص متميزة، الا من قبل الشركات التي وصفها بذات النفس الطويل.
وبين المنيع ان من مخاوف الاستثمار في أزمة الائتمان العقاري على المؤسسات المالية المخاطر التي قد تظهر في الفترة المقبلة على هذه الاسواق وتلحق الضرر بمستثمريها، من قبيل، استمرار اعلانات الافلاسات المالية في هذه الاسواق، وما يصاحبها من شطب للعمالة، وتراجع الاستثمار، ومثل هذه التوقعات تحتاج الى مستثمر من نوع خاص يراهن على معدل الربحية، وان كان معدل المخاطر مرتفع
 
أعلى