توجيه 3 % إلى الإسكان بدل زيادة الرواتب يرفع دخل المواطنين 15 %

ابن السعوديه

عضو جديد
التسجيل
22 يناير 2008
المشاركات
2
طرح تحليل اقتصادي موسع تنشره "الاقتصادية" اليوم، رؤية جديدة لمعالجة التضخم في السعودية من خلال دعم مشاريع الإسكان ماليا من قبل الحكومة بحيث تتراجع تكلفة الإنشاء ويزيد المعروض وبالتالي تنخفض الإيجارات التي تشكل العامل الأساس في نمو التضخم. ويستند المحلل الدكتور محمد العبيشي أستاذ المحاسبة المشارك في جامعة القصيم إلى أن السكن يستقطع حاليا 30 في المائة من دخل الأسر في السعودية.
وتوصل الباحث من خلال دراسته إلى أن دعما حكوميا يعادل 3 في المائة فقط من زيادة الرواتب (المفترضة) يوجه مباشرة للإسكان الميسّر يمكن أن يحقق زيادة حقيقية في دخل المواطن تصل إلى 15 في المائة من متوسط دخل الشريحة المستفيدة ويحل مشكلة الإسكان بشكل جذري على المدى الطويل حيث يوفر أكثر من 64 ألف وحدة سكنية سنويا في المملكة.

في مايلي مزيداً من التفاصيل:

لا شك أن استمرار ارتفاع الأسعار العالمية وانخفاض قيمة الدولار وارتباط الريال بعملة الدولار، وما تبع ذلك من ارتفاع وتضخم في الأسعار المحلية أدى إلى انخفاض القوة الشرائية لدخل الفرد في السعودية بشكل واضح.
والحلول الاقتصادية التقليدية مثل تغيير سعر صرف الريال مقابل الدولار أو إلغاء ربط الريال بالدولار لها انعكاسات وسلبيات على الصناعة السعودية الناشئة والصادرات والسياحة، وكذلك الاستثمار الأجنبي هذا بالإضافة إلى أنها مكلفة جدا من وجهة نظر الدولة، لذا فقد صرح أكثر من مسؤول في أكثر من مناسبة أن هذه البدائل ليست واردة على الإطلاق.
كما كثر الحديث أيضا في الصحافة ومجالس الناس العامة والخاصة عن زيادة في الرواتب كحل لهذه المشكلة (استمرار انخفاض القوة الشرائية لدخل الفرد ) والناس بين مؤيد ومتحمس، وآخر معارض بشدة لهذا التوجه، بسبب أن هذه الزيادة في الرواتب ستكون محصورة على شريحة معينة من المجتمع، هذا بالإضافة إلى أنها ستؤدي - بالتأكيد - إلى زيادة في التضخم، وبالتالي لن يكون هناك زيادة حقيقية في القوة الشرائية تعادل تلك التي حصلت في الرواتب!! أي أن هذا البديل لن يزيد من دخل الفرد وإن تحققت بالزيادة العددية، بل قد يحدث فوارق دخل أكبر في المجتمع السعودي.
هذه الظروف والمعطيات، جعلت من المناسب جدا طرح فكرة طالما يحلم بها المواطن تكون بمثابة حل وسط، يحظى بالقبول العام، ويعوض إلى حد كبير انخفاض القوة الشرائية لدخل الفرد، ولا يكون لها تأثيرات على زيادة الأسعار، بل على العكس من ذلك وتحل مشاكل طالما عانى ويعاني منها معظم المواطنين وخاصة محدودي الدخل وهي مشكلة الإسكان.
ومن نافلة القول أن الدعم الحكومي المباشر للسلع أو الخدمات يمثل زيادة حقيقية مؤكدة لدخل المواطن ويعتبر أفضل البدائل الاقتصادية في ظل ارتفاع الأسعار العالمية وانخفاض قيمة العملة لتعويض انخفاض القوة الشرائية لدخل المواطن.
في هذا السياق نقترح دعما حكوميا (كتعويض لانخفاض القوة الشرائية لدخل المواطن) يعادل 3 في المائة فقط من زيادة الرواتب لا تذهب مباشرة للموظف الحكومي بل لحل أهم وأكبر مشكلة يعاني منها المواطن وهي السكن، وهذا الدعم الحكومي هو في الحقيقة ادخار واستثمار في الوقت نفسه ولا يؤدي إلى زيادة في الأسعار، بل العكس كما لا يذهب للمواطن مباشرة ومن ثم يستهلك في كماليات.
ولنتصور كيف يمكن أن تنظر الحكومة إلى هذا القرار في هذه الظروف لنتخيل أن الدولة قررت أولا تخفيض الرواتب بنسبة 3 في المائة ومن ثم قررت ثانيا تخصيصها لحل مشكلة الإسكان (الحقيقة أن الظروف العالمية والأسعار وانخفاض الدولار هو الذي أدى إلى تخفيض الرواتب بنسبة أعلى، إذا القرار الأول قد حصل بالفعل والمقترح في هذه الدراسة هو تفعيل القرار الثاني واستغلال عبقرية التوقيت وآلية التنفيذ المناسبة والمقترحة لجدوى القرار وتعظيم المنفعة) .
حيث أكدت الدراسة المرفقة أن هذا التدخل الحكومي المقترح كحل لتعويض انخفاض القوة الشرائية لدخل الفرد والذي يعادل 3 في المائة فقط من زيادة الرواتب يُمَكِن المواطن من تملك مسكن خاص بتكلفة تتراوح من 56 ألفا إلى 95 ألف ريال أو أقساط شهرية في المتوسط 850 (ثماني مائة وخمسون ريال فقط) تقريبا، وهذا القسط أقل من 50 في المائة من الإيجارات الحالية مع تملك بعد عشر سنوات، ولكم أن تتخيلوا كم من المنافع الأخرى مثل الاجتماعية والأمنية التي يمكن أن يجلبها مثل هذا القرار الذي يمثل – من وجهة نظرنا - استراتيجية أساسية في محاربة الفقر.
كما توصلت هذه الدراسة إلى نتيجة مهمة وهي أن دعما حكوميا يعادل 3 في المائة فقط من زيادة الرواتب يذهب مباشرة للإسكان الميسر يحقق زيادة حقيقية في دخل المواطن تصل إلى 15 في المائة من متوسط دخل الشريحة المستفيدة ويحل مشكلة الإسكان بشكل جذري على المدى الطويل حيث يوفر أكثر من أربعة وستين ألف وحدة سكنية سنويا في المملكة.
في الحقيقة أن نفس المنطق والمسوغات الاقتصادية تنطبق على دعم أي سلعة أو خدمة أخرى مثل خدمة التأمين الصحي للموظف الحكومي وأفراد أسرته أو سلع غذائية معينة ومن وجهة نظرنا أن أفضل البدائل المطروحة هي دعم الإسكان حيث إنه يحقق أكبر منفعة وأعلى جدوى من الناحية الاقتصادية وكذلك الاجتماعية وفي الوقت نفسه أقل تكلفة نسبيا من الناحية المالية، وذلك مقارنة بدعم أي سلعة أو خدمة أخرى مثل التأمين الصحي الشامل، والفكرة باختصار هي عبقرية الاستفادة من الظروف الاقتصادية الحالية العالمية وإعادة توزيع الدخل بتخصيص نسبة معينة للاستثمار في السكن أو الصحة يستفيد منها كل المواطنين .

تعويض انخفاض القوة الشرائية لدخل المواطن الحقيقي بنسبة 15 في المائة

لقد تفاءل المواطنون بعد صدور قرار مجلس الوزراء رقم 136 وتاريخ 22/4/1428هـ, بالموافقة على إنشاء هيئة مستقلة للإسكان ولها شخصية اعتبارية و تهدف هذه الهيئة إلى توفير السكن المناسب للمواطن, والعمل على رفع نسبة المعروض من المساكن وتشجيع مشاركة القطاع الخاص وإعداد الاستراتيجيات الإسكانية الشاملة, واقتراح الأنظمة واللوائح والتنظيمات الخاصة بنشاط الإسكان.
يتفق الجميع على وجود مشكلة حقيقية لدى معظم الأسر السعودية تتمثل في عدم توافر القدرة المالية لتملك مسكن خاص، وهذه المشكلة قد تكون حاصلة - ولو جزئيا - بسبب زيادة الأسعار والتكاليف والطرق التقليدية في البناء وقطاع المقاولات في السعودية، وقد أكدت إحدى الدراسات بمعهد الإدارة العامة قبل عدة سنوات أن أكثر من 40 في المائة من المتقاعدين لا يملكون منازل، ولا شك أن هذا الرقم يزيد مع صغر سن الموظف الحكومي، وهذا دليل واضح على حجم المشكلة، وقد قدرت الخطة الخمسية الثامنة الحاجة إلى مليون وحدة سكنية بالمملكة العربية السعودية أي بمعدل 200 ألف وحدة سكنية في السنة، كما أن طلبات التمويل من الصندوق الوحيد المخصص للإسكان (صندوق التنمية العقاري) و التي تنتظر الاستجابة قد تجاوزت 400 ألف طلب بنهاية خطة التنمية السابعة.
إن فكرة الحل البديلة والمطروحة في هذا التحليل والتي تعوض انخفاض القوة الشرائية لدخل الفرد الحقيقي مبنية على إنشاء صندوق جديد الإسكان يتبع هيئة الإسكان الجديدة باستخدام المبالغ التي وفرتها الدولة للإسكان الشعبي وهي عشرة مليارات ريال وذلك بالاتفاق مع شركات عالمية لبناء وحدات سكنية منخفضة التكلفة ( من حيث المساحة وتعدد الأدوار) وليست منخفضة الجودة، وسيتمكن صندوق الإسكان بهذه المشاريع من تخفيض التكلفة في التنفيذ مستغلا اقتصاديات الحجم ( المشروع يجب أن يكون ألف وحدة سكنية أو أكثر) وكذلك في الأرض ( قد تكون مجانية من بلدية المدينة التي ينفذ فيها المشروع من قبل الصندوق أو شراء أرض خام كبيرة المساحة) ومن المؤكد أن سعرها سيكون منخفضا جدا حتى في حالة الشراء مقارنة بما يمكن الحصول عليه الآن من السوق العقارية بشكل منفرد، ومن المنطقي أن تنخفض التكلفة بأكثر من 20 في المائة في هذه الحالة وعلى أية حال تختلف وتعتمد هذه النسبة على عوامل و مدخلات كثيرة لا نود الدخول في تفاصيلها الآن، وهذا الرقم 20 في المائة مبني على خبرات ودراسات سابقة قام بها الباحث.
كما سيقوم الصندوق المقترح بطرح الوحدات السكنية الجديدة للتمويل أو البيع النقدي على المواطنين بدون أرباح و تقدر هذه الأرباح في المتوسط بنسبة 20 في المائة من التكلفة التي يحصل عليها المقاول أو المنفذ للوحدة السكنية.
وعندما نفترض أن الدعم الحكومي المباشر سوف تكون نسبته 10 في المائة للمواطنين الذين يرغبون في تملك وشراء مثل هذه الوحدات السكنية ودفع المبلغ فورا، فهذا الافتراض مبني على مساواة المواطنين الذين يحصلون على قروض من بنك التنمية العقاري والمواطنين الذين يستفيدون من الصندوق الجديد، كما يمكن تقديم الدعم بنفس النسبة لمن يرغب في الحصول على قرض لتمويل هذه الوحدة السكنية، وبهذا نصل إلى نتيجة مؤكدة وهي قدرة هذا الصندوق الجديد على توفير السكن المناسب بتكلفة 38 في المائة كحد أدنى أو أقل مقارنة بالوضع الحالي مع ملاحظة إمكانية التقسيط لمدة تتراوح من عشر إلى خمس عشرة سنة، كما يستطيع هذا الصندوق الجديد المقترح أن يستمر في البناء حسب الحاجة ( لأن موارده المالية لا تقل أبدا لم ندخل في النموذج حسابات التضخم والقيمة الزمنية للنقود للتبسيط، وهذه النسبة على أية حال غير جوهرية على النتائج النهائية) ويمكنه أن يغطي أكثر من 30 في المائة من الحاجة المقدرة بخطة التنمية الثامنة سنويا أي بأكثر من أربعة وستين ألف وحدة سكنية سنويا.
لقد خصصت الدولة مبلغ وقدره عشرة مليارات ريال لدعم الإسكان ويمكن استخدام هذه المبالغ لهذا الصندوق المقترح و من المعلوم أن الدولة ممثلة في الصندوق العقاري تمنح حاليا خصم قدره 10 في المائة لمن يقوم بالتسديد الفوري لقرضه مع العلم أن هذه النسبة قد كانت - وبالفعل قد استفاد بعض الموطنين على - 30 في المائة لمن حصلوا على قروض قبل عام 1425هـ. أكثر من هذا الدعم المباشر من قبل الدولة للمواطنين من الأجيال السابقة قد منحت الدولة في الفترة الزمنية الماضية أكثر من مليون ونصف المليون قطعة أرض سكنية للمواطنين أليس من المناسب الآن تغيير الاستراتيجية المتعلقة بالإسكان، وتذهب هذه المبالغ ومنح الأراضي لهذا الصندوق ليكون دوره فقط الاتفاق مع منفذ والإشراف والمتابعة على مراحل التنفيذ، والمهمة الثانية بيع وتسويق هذه الوحدات التي سيتولى عملية تمويلها وتقسيطها بشروط معينة ميسرة جهات أخرى متخصصة في التمويل.
ويجب أن نلاحظ هنا عند مقارنة منافع الريال المقدم لكل من صندوق التنمية العقاري وصندوق الإسكان أن مبلغ قرض الوحدة السكنية الواحدة من قبل صندوق التنمية العقاري يبلغ 300 ألف ريال ويحتاج المواطن إلى شراء أرض تزيد في المتوسط على 100 ألف ريال ويحتاج إلى مبلغ إضافي قد يصل إلى 200 ألف ريال، وبهذا يحتاج المواطن إلى 300 ألف أخرى ليستطيع بناء وحدة سكنية، وهذا يعني أن المبلغ المقدم يوفر نصف وحدة سكنية ونفس المبلغ الذي يوفر لصندوق الإسكان يوفر وحدتين سكنيتين ومن هذا نستنتج أن صندوق الإسكان يضاعف المنافع إلى أربعة أضعاف، ومنافع أخرى اقتصادية لن ندخل في تفاصيلها من باب الاختصار، مع العلم أن الصندوق الجديد لن يرفع أسعار الأراضي السكنية داخل الأحياء لأنه يقدم وحدة سكنية وليس قرضا يشترط شراء أرض مسبقا، وهذا ينطبق أيضا على أسعار مواد البناء ومدخلات البناء الأخرى لأن التنفيذ الجديد لن يكون محدودا بالسوق المحلية فقط.
لهذا نستطيع أن نستفيد من هذه المميزات والدعم من قبل الدولة لهذا الصندوق الجديد حيث إن سياسة الدولة واحدة والموجهة لدعم ومساعدة المواطن الذي سوف يستفيد من الصندوق العقاري أو منحة الأرض، بل إن المواطن الذي سوف يستفيد من الصندوق الجديد للإسكان أكثر حاجة نظرا لأن الوحدة السكنية التي سوف يحصل عليها أقل وحجم التمويل أقل كذلك، لذا يفترض أن تتراوح نسبة الدعم الحكومي من 10 في المائة (أسوة بصندوق التنمية العقاري) إلى 50 في المائة من قيمة الوحدة السكنية (بدعم جديد للصندوق المقترح، ويمثل حجم هذا التمويل والدعم ما يقارب 3 في المائة فقط من زيادة في الرواتب).
كما يمكن أن تقوم البلدية في كل مدينة بتوفير أرض كبيرة للصندوق لتنفيذ المشاريع عليها بدلا من توزيعها على المواطنين الذين لا يستفيدون منها في الغالب لغرض السكن نظرا لأنها منحة بدون أي خدمات على أرجح الأحوال، وقد يكون المواطن حينها غير متزوج وغير موظف وغير قادر على البناء فيقوم ببيعها بمبلغ زهيد لتأجيل المشكلة لحين أو بعد زواجه لتبدأ المعاناة والتي قد تستمر إلى ما بعد التقاعد.
وفي الجزء التالي نستعرض بعض تفاصيل الأرقام التي توضح الفكرة الأساسية من البحث

الدعم الحكومي

أولا: فرضية أن الدعم الحكومي فقط مماثل للدعم الحالي لصندوق التنمية العقاري
نفترض أن الوحدة السكنية في الجدول رقم 1 سوف تتراوح من 150 مترا إلى 200 متر مربع، كما افترضنا أن لدينا مدنا صغيرة تتميز بانخفاض سعر المتر الخام 100 ريال، ومدن أخرى كبيرة تتميز بارتفاع سعر المتر الخام 500 ريال وكان الوزن التقريبي للمدن الكبيرة في نشاط الصندوق هو 70 في المائة و30 في المائة للمدن الكبيرة والمدن الصغيرة على التوالي، وهذا التقدير من باب التحفظ حيث يعني دائما ترجيح زيادة سعر المتر الخام إلى 500 ريال مع العلم بأنه قد تتوافر الأراضي الكبيرة بأسعار أقل من ذلك في مدن كثيرة صغيرة ومتوسطة، وبهذا يكون المتوسط المرجح لتكلفة الوحدة السكنية هو 155.800 ريال مستغلين بذلك اقتصاديات الحجم وتقنيات تخفيض التكلفة وسعر الأرض الخام، مع العلم أن هذا الرقم (تكلفة الوحدة السكنية) مبني على تكلفة إجمالية للمتر المربع تتراوح من 750 ريالا إلى 950 ريالا، وهو مستند إلى رأي خبراء ومهندسين ومتخصصين في هذا المجال، وعلى فرضية تخصيص مبالغ الإسكان الشعبي للصندوق الجديد وهي عشرة مليارات ريال سوف يتمكن من بناء عدد 64.184 وحدة سكنية.
لمشاهدة الجدول أضغط هنا

تكلفة الوحدة السكنية

من الجدول رقم 2 يتضح أن تكلفة الوحدة السكنية التي يتحملها المواطن تتراوح من 101.250 ريال إلى 171.000 ريال حسب الموقع والمساحة وهي أقل من الأسعار الحالية التقديرية بنسبة 38 في المائة على الأقل وهذا مبني على تقديرات متحفظة مثل نسبة الأرباح التي يحصل عليها المقاول المنفذ وهي 20 في المائة ونسبة تخفيض التكاليف باستخدام تقنيات واقتصاديات الحجم وهي 20 في المائة، أيضا وكذلك على نسبة الدعم الحكومي 10 في المائة وهي مماثلة لدعم صندوق التنمية العقاري.
كما يفترض الجدول رقم 2 أن عائد تمويل الوحدة السكنية هو 40 في المائة على مدى عشر سنوات مع العلم أن معدل العائد الداخلي للجهات المقرضة يصل إلى 7 في المائة في هذه الحالة وهي مرتفعة نسبيا، وبهذا يتراوح المبلغ الإجمالي للأقساط من 141.750 ريال إلى 239.400 أي بأقل بمقدار 13 في المائة من الأسعار النقدية الحالية للوحدات السكنية المماثلة، وسوف يتراوح القسط الشهري من 1.181 ريال إلى 1.995 ريال، وهذه الأرقام تعادل أو أقل من الإيجارات الشهرية الحالية في معظم الحالات في أغلب المدن السعودية، ولا شك أن هذا إنجاز عظيم لهذا الصندوق الجديد إن كتبت له ولادة، وللمعلومية فقد بلغ عدد الأسر المستأجرة أكثر من مليون ونصف المليون أسرة.
لمشاهدة الجدول أضغط هنا

ثانيا : فرضية أن الدعم الحكومي لصندوق الإسكان الميسر يعادل 3 في المائة من زيادة الرواتب الحكومية
أكدت الخطة الخمسية الثامنة (ارتفاع نسبة متوسط تكلفة إيجار المسكن إلى متوسط دخل الأسرة في المملكة من (26 في المائة) خلال خطة التنمية السادسة إلى (30 في المائة) خلال خطة التنمية السابعة، ومن المؤكد أن هذه النسبة حاليا أعلى وبالمقابل انخفضت نسبة ملكية المساكن خلال الوقت نفسه من (65 في المائة) إلى (55 في المائة) وهذه النسبة حاليا تصل إلى 50 في المائة وذلك نتيجة محدودية فرص التمويل العقاري، وعدم مواكبة قروض صندوق التنمية العقارية للطلب المتزايد عليها خلال السنوات الأخيرة، ومن المتوقع استمرار هذه النسب بهذه الاتجاهات مما يؤكد تفاقم المشكلة مع مرور الزمن ما لم يوضع حل جذري لهذه المشكلة.
ويقدر الطلب التراكمي على المساكن بنهاية خطة التنمية السابعة، الذي عجزت السوق العقارية عن تلبيته، بنحو (270) ألف مسكن، وتتراوح نسبة المساكن الشاغرة بين (12 في المائة) و(15 في المائة) من إجمالي المساكن، وهي نسبة عالية نسبياً مقارنة بالمعدلات الطبيعية التي تتراوح عادة بين (3 في المائة) و(5 في المائة)، مما يدل على أن المعروض من المساكن يقع خارج نطاق القدرة الشرائية لفئات ليست قليلة من السكان ويدل أيضا على ارتفاع كبير في تكاليف وأسعار مدخلات البناء. ويمثل هذا التحدي إحدى القضايا الرئيسة التي تهتم بها خطة التنمية الثامنة).
ومن هذا المنطلق نرى أن دعما حكوميا مخصصا للإسكان يماثل 3 في المائة من زيادة الرواتب سوف يقلل متوسط تكلفة إيجار المسكن لمن يستفيد من هذا الصندوق بنسبة لن تقل عن 50 في المائة من التكلفة الحالية، وهذا يعني ارتفاع الدخل لهذه الشريحة بأكثر من 15 في المائة مقارنة بمتوسط الدخل الحقيقي، وتزيد هذه الشريحة سنويا بأكثر من أربعة وستين ألف أسرة، ومن المؤكد أن هذا سوف يؤدي إلى انخفاض متوسط الإيجار على الشرائح الأخرى، وهذا يعني تأثيرا إيجابيا أي زيادة في الدخل ولكن بنسب أقل للشرائح الأخرى، ويمكن أن يشترط الصندوق الجديد شروطا محددة لتحديد أولويات المستفيدين من هذا الدعم في المراحل الأولى مثل دخل الأسرة منسوبا لعدد أفرادها وهل سبق الاستفادة من صندوق التنمية العقاري وغير ذلك.

الجهات المقرضة

الجدول رقم 3 يعرض نفس التقديرات والفرضيات التي في الجدول رقم 2 مثل نسبة الأرباح أو عوائد الجهات المقرضة والفرضية الجديدة الوحيدة في هذا الجدول هي تغيير نسبة الدعم الحكومي لتعادل 3 في المائة من قيمة الزيادة في الراتب، وهذه الزيادة ستكون استثمارا ولن تذهب للموظف الحكومي مباشرة بل ستدفع إلى صندوق الإسكان الجديد التابع لهيئة الإسكان وسوف تصل المنفعة و الادخار و الاستثمار والجدوى الاقتصادية للمواطن والاقتصاد الوطني لمثل هذه الخطوة إلى تخفيض في التكلفة الحالية للوحدة السكنية بنسبة 65 في المائة للمواطن وهذه المبادرة نرى أنها تمثل استراتيجية طويلة الأجل نوصي بتبنيها لتحل مشكلة الإسكان لشريحة عريضة من المجتمع السعودي، كما أنها ستؤدي إلى زيادة في الدخل الحقيقي للمواطن بنسبة 15 في المائة في المتوسط تقريبا للشريحة المستفيدة، ومن نافلة القول إن الصندوق سوف يبدأ بالشرائح الأكثر حاجة بمعدل أربعة وستين ألف أسرة سنويا حسب الفرضيات في هذا التحليل.
نلاحظ من الجدول رقم 3 أن تكلفة الوحدة السكنية سوف تتراوح من 56.250 إلى 95.000 حيث تختلف حسب الموقع والمساحة وهذه التكلفة في متناول شريحة كبيرة من المجتمع السعودي حيث تماثل تكلفة شراء سيارة على سبيل المثال، بل إن المجال متاح لتقسيط هذه الوحدات السكنية لمدة تتراوح من خمس إلى عشر سنوات، وبهذا سيتراوح القسط الشهري للوحدة السكنية الميسرة من 656 إلى 1.108 ريال في الشهر الواحد، ولا شك أن هذا إنجاز عظيم لهذا الصندوق المنتظر إن كتبت له ولادة ميسرة.
والجدير بالذكر هنا أنه لا توجد حساسية كبيرة للمشروع عند تغيير التقديرات والمتغيرات التي تؤثر في النموذج الذي يحدد القسط الشهري أو نسبة التخفيض في الأسعار مثل تكلفة الأرض أو نسبة الأرباح أو تكلفة الخدمات أو غيرها، وهذا يعطي درجة ثقة عالية في النتائج التي توصلت لها الدراسة.
لمشاهدة الجدول أضغط هنا


نتائج الدراسة والتوصيات

إن الجهود الفردية والمؤسسات الصغيرة لم ولن تكون قادرة من الاستفادة من اقتصاديات الحجم أو تقنيات تخفيض التكاليف وذلك لبناء وحدات سكنية بكميات كبيرة وجودة عالية مثل إنشاء المدن أو الأحياء السكنية المتكاملة، نظرا لأن هذه المشاريع تحتاج أولا إلى استثمارات مالية كبيرة جدا و ثانيا إلى إمكانيات فنية وخبرات عالية وثالثا إلى جهود تسويقية وتمويلية وصيانة ومتابعة تقوم بها جهات أخرى متخصصة في القطاع الخاص.
إن إنشاء هذا الصندوق الجديد وتمويله بتخصيص مبالغ الإسكان الشعبي (عشرة مليارات ريال) سوف تمكنه من استقطاب الشركات المنفذة العالمية والاستعانة بالمنشآت التمويلية المحلية والعالمية ليتمكن من توفير أكثر من أربعة وستين ألف وحدة سكنية في السنة الواحدة وحل نسبة كبيرة من مشكلة الإسكان الحالية وتخفيض جوهري في سعر الوحدة السكنية لن تقل عن 65 في المائة من الأسعار الحالية في حالة الشراء النقدي، وكذلك تخفيض يصل إلى 50 في المائة من قيمة البيع الحالية مع تمويل ميسر مدته عشر سنوات، ولن تتعدى الأقساط الشهرية في ظل هذه الظروف لتملك وحدة سكنية خلال عشر سنوات المدفوعات الحالية للإيجارات الشهرية لمعظم المواطنين في معظم المدن تقريبا، وهذا لا شك سيكون إنجازا عظيما لهيئة الإسكان التي من أهدافها توفير السكن المناسب للمواطن, والعمل على رفع نسبة المعروض من المساكن وتشجيع مشاركة القطاع الخاص وإعداد الاستراتيجيات الإسكانية الشاملة, واقتراح الأنظمة واللوائح والتنظيمات الخاصة بنشاط الإسكان.

خاتمة

أختم الحديث بأن الزيادة المباركة في الرواتب والتي بلغت نسبة 15 في المائة قبل سنتين من خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله كان لها من الوقع الحسن والأثر الطيب من نفوس المواطنين الشيء الكثير، وأجزم أن تدشين مثل هذه المشاريع الإنسانية الاستثمارية سيكون له من الأثر الحالي والمستقبلي لأجيال عدة، ما سيجعل من المملكة وقيادتها الرشيدة منارة في الرقي وصناعة الإنسان وصحته ورفاهيته، مع العلم أن الدعم الحكومي المطلوب لتنفيذ مثل هذا المشروع المقترح وتحقيق النتائج المذكورة يحتاج إلى ما يعادل 3 في المائة فقط من زيادة مماثلة في الرواتب، إضافة إلى كون هذه المشاريع والمبادرة فيها إضافة جديدة وغير مسبوقة على مستوى التاريخ السعودي في المكرمات وكذلك عند الدول الأخرى وسوف يسجلها التاريخ لملك الإنسانية الذي جعل من المواطن والاهتمام به وسعادته ورفاهيته وصحته أولى أولوياته .


د. محمد بن عبد الله العبيشي
أستاذ المحاسبة المشارك
جامعة القصيم
كلية الاقتصاد والإدارة
مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية
mebaishi@msn.com
http://www.aleqt.com/news.php?do=show&id=112403
 
أعلى