المستثمر المثابر

الغلبان

عضو نشط
التسجيل
31 أغسطس 2001
المشاركات
659
بقلم الدكتور : مارك فابر
الدروس المستفادة من هوس الاستثمار في الماضي


انتهى هوس استثمار شركة المسيسبي بتحول الناس من العملة الورقية إلى الذهب والعقارات، فهل ستنتهي فقاعة استثمار تكنولوجيا المعلومات بنفس الطريقة؟



من حين لآخر، ينتشر حول العالم كانتشار النار في الهشيم موجة من التفاؤل، فيعتقد الناس أنهم يرون فجر عهد جديد سيجلب ثروات تفوق الخيال ويعم الرخاء على الجميع.موجات الحلم بعهد جديد ترتبط عادة بالاكتشافات ( أمريكا، ترسبات الذهب في كلفورنيا)، أو افتتاح مناطق جديدة ( المناطق الغربية في الولايات المتحدة، افتتاح الصين في السنوات الأخيرة) أو استخدام مخترعات جديدة ( القنوات، السكك الحديدية، السيارة، الراديو،الحاسبات الشخصية، الإنترنت، الاتصالات اللاسلكية) أو ارتفاع سعر سلعة هامة ( المطاط في بداية القرن العشرين، النفط في السبعينيات) أو معاهدات السلام ( انهيار الشيوعية) أو التفضلات الاقتصادية القوية.
الميزة النموذجية للتفكير بعهد جديد هي أنها عادة تطبق على البلد أو العالم ليس في بداية عهد من الرخاء بل باتجاه نهاية مثل تلك الفترة وترتبط بنوع من الاندفاع أو هوس الاستثمار. وأحد أشهر الأمثلة على هذه الظاهرة مخطط المسسبي لجون لو.

في عام 1917افتتح المغامر الإسكتلندي والمقامر المحترف بانك جنرال ( البنك العام) في باريس تحت رعاية نائب الملك الفرنسي الذي أصدر نقدا ورقيا مدعوما بالذهب والفضة. وبدعم نائب الملك اصبح البنك نجاحا فوريا. وفي عام 1717 أطلق جون لو مغامرة جديدة هي شركة المسسبي التي حصلت من فرنسا على احتكار التجارة كلها بين فرنسا والأقاليم الفرنسية في أمريكا الشمالية مقابل الأوراق المعلقة للحكومة الفرنسية للدفع قيمة أسهم شركة المسسبي.

وصممت الترتيبات لتشمل تحويل دين الحكومة الفرنسية إلى أسهم في شركة المسيسبي. في البداية، لم تكن شركة المسيسبي مربحة لأن عدد قليل جدا من الفرنسيين كان يرغب في الهجرة إلى أمريكا ومع حلول عام 1719 انخفضت أسهم الشركة إلى 300 ليفر عن ثمن الإصدار 500ليفر. وعند هذه النقطة خطرت ببال جون لو فكرة عظيمة.
أولا أعلن أنه سيدفع في غضون ستة أشهر 500 ليفر لعدد من أسهم الشركة أدرك الجمهور فوار أنه إذا كان المروج للشركة كان راغبا لدفع ضعف السعر السائد تقريبا للأسهم بعد ستة أشهر لا بد أنه لعلمه ببعض التطورات الملائمة.
لذلك بدأ المستثمرون بشراء أسهم شركة المسيسبي ورفع أسعارها ولذا تولى جون لو أعمالا أخرى بما فيها التبغ واحتكار صك النقود مقابل تولي كامل الدين القومي الفرنسي الذي بلغ حينئذ1.5بليون ليفر. لقد كان المخطط رائعا.

وكان على شركة المسيسيبي دفع 1.5 بليون ليفر في مقابل دفع الحكومة لدائنيها الذين عندئذ سيستثمرون في الشركة المال الذي تلقوه في أسهم الشركة والتي عرضت لهم بأقل من قيمتها كما احتج جون لو. نجح المخطط نجا جيدا حتى حين مع إعلان الشركة في كل مرة عن اسهم مغامرة جديدة بأسعار أعلى وأعلى اجتذبت أعدادا أكبر وأكبر من المضاربين للمساهمة في الهوس.

بصفة خاصة،حرك حماس الجمهور الحكومة التي كانت قد باشرت بتشغيل مطبعة نقودها على مدار الساعة اعتقادا منها بأن الجمهور قد كسب ثقة كافية بالعملة الورقية. ونتيجة لذلك، زادت الحكومة عرض النقد عام 1719 زيادة هائلة وخفضت معدلات الفائدة بإقراض المال بفائدة منخفضة بنسبة 1% أو 2%. وإضافة لذلك، وسعت شركة المسيسيبي الدين لمن يشترون أسهمها. دان هدف هذه الإجراءات استغلال أسهم شركة المسيسيبي إلى أسعار أعلى فأعلى. وبالفعل انتشرت المضاربات وسافر الناس من جميع أرجاء أوروبا إلى باريس للمضاربة في اسهم شركة المسيسيبي. وفي ذلك الحين كان جون لو يتمتع بهيبة هائلة لأنه حتى الفقراء كانوا قد جنوا الأرباح الطائلة بالمضاربة على أسهم شركة المسيسيبي وأدت زيادة عرض المال إلى تحسن أوضاع العمل. واستنادا لجون لو، كانت أبواب الثروة قد فتحت أما العالم بأسره وذلك ما تميزت به إدارته المالية الجديدة.

وا حسرتاه! الزيادة الهائلة في عرض المال متحدة مع القدرة على شراء الأسهم في شركة المسيسيبي بالدين أدت إلى إسراع الأسهم باتجاه نهاية عام 1719 إلى20000 ليفر من 300 ليفر في بداية العام، بل إلى زيادة في الأسعار في كافة أنحاء فرنسا. فالخبز والحليب واللحم ارتفع في فترة قصيرة إلى ستة أضعاف بينما ارتفع سعر القماش 300%. وكان نتيجة هذا التضخم المرعب جعل حاملي اسهم شركة المسيسيبي والنقود الورقية عصبيي المزاج وفي يناير 1720، بعد أسابيع من تنصيب جون لو وزيرا للمالية، قرر عدد من كبار المضاربين البيع والخروج وتحويل أموالهم إلى أصول حقيقية كالممتلكات والذهب.
أدى هذا إلى هبوط أسعار شركة المسيسيبي ورفع سعر الأرض والذهب إذ أخذت الثقة بالعملة الورقية تخبو. وهذا التحول المؤسف للأحداث اجبر جون لو على القيام ببعض الإجراءات غير العادية. فمن أجل منع الناس من التحول إلى الذهب- لأن البنك جنرال عندئذ كان لديه 2% فقط من أصوله ذهبا أعلن أنه منذ ذلك الحين أوراق البنكنوت كانت قانونية وأن تملك الذهب أكثر من قيمة 500 لير غير قانوني.

وزيادة على ذلك، أعلن عن دمج البنك جنرال وشركة المسيسيبي وفتح مكتب تحويل حيث يمكن تحويل أسهم الشركة وبيعها وشرائها بسعر 9000 ليفر. وبهذا الإجراء أمل لو أن يتمسك المضاربون بأسهمهم ولكن المضاربين حينئذ كانوا قد فقدوا الثقة تماما بأسهم الشركة واستمر ضغط البيع مما حفز البنك مرة أخرى على زيادة العرض بكمية هائلة.

وكانت النتيجة جولة أخرى من تصاعد الأسعار الحاد ( في غضون أربع سنوات تضخم ت وسيلة التداول ثلاث مرات). أدرك جون لو فجأة أن مشكلته الرئيسة لم تعد معركته مع الذهب الذي سعى لتخفيضه ( كما يفعل رجال المصارف المركزية اليوم) بل أن التضخم هو العدو الحقيقي.

لذا اصدر مرسوما بان النقود وأسهم الشركة ستخفض تدريجيا لمقدار 50%. وكما يمكن للمرء أن يتصور رد الجمهور على ذلك المرسوم بهياج وبعد فترة قصيرة طلب من جو لو مغادرة البلاد. وبالتالي قبل الذهب مرة أخرى أساسا للنقد واستطاع الأفراد تملك قدر ما يرغبون منه. وللأسف، كما لاحظ أحد المعاصرين، جاء السماح في حين لم يبق مع أحد منه شيئا.

حكمة شركة المسيسيبي ذات صلة تاريخيا لأنها تحتوي على جميع مزايا حالات هوس تالية بما فيها آخرها في الولايات المتحدة. وتبدأ باستبدال، يعد بفرص ربح غير عادية ثم يتبع ذل كتجارة فوق المعقول واقتراض زائد وتمديد قروض خطرة وممارسات محاسبة مريبة ومبالغات مضاربة وشخصيات وهمية وغش ومخططات تصيد المال.

تنبيه للتركيز على هذه النقطة أيها الأخوة...
=======
ثم تأتى الأزمة التي يأتي التزوير ثم يهتاج الجمهور مطالبا بمحاسبة الجناة. وفي كل حالة حافز مالي مبالغ فيه واستخدام الدين يلهب لظى المضاربة والمشاركة الجماهيرية والتي تورط مجموعات أوسع وأوسع من الناس الساعين للثروة بدون أي فهم لهدف المضاربة.
=======
وبصفة خاصة،يذكرنا مخطط جون لو بسياسات المصارف المركزية الحالية الذين يعتقدون، كما اعتقد، انهم يستطيعون ح لأية مشكلة ببساطة بزيادة عرض المال. وأن مثل هذه السياسات النقدية ستقود إلى نفس الزيادة في الأسعار وهبوط قيمة النقود، والتي في عهد مخطط المسيسيبي لجون لو دمرت ثقة الناس بالنقود الورقية ودفعتهم لشراء الذهب والأصول الحقيقية، يجب أن يكون واضحا.سواء مستقبلا، حين يحلق سعر الذهب عاليا وينهار الدولار فعلا،سيتآمر دجال المصارف المركزية والمسؤولون الحكوميون لمصادرة ممتلكات المستثمرين من الذهب كما فعل جون لو، يظل في ثنايا المستقبل. ولكن يجب أن لا ننسى أنه في عام 1933 في خضم الركود أعلنت الحكومة الأمريكية أن امتلاك الأفراد للذهب غير شرعي.
 
أعلى