التفرقة بين الجنسية الأصلية والجنسية الممنوحة

ahmed_nagh42

عضو نشط
التسجيل
30 يناير 2013
المشاركات
3,574
الإقامة
الكويت
التفرقة بين الجنسية الأصلية والجنسية الممنوحة :-

لرابطة الجنسية أهمية بالغة في العصر الحديث في حياة الفرد وحياة الدولة على حد سواء . فهي معيار الذي يتم بمقتضاه التوزيع القانوني والجغرافي للأفراد بين الدول محددا حصة كل دولة من الأفراد الذين يكونون ركن الشعب فيها .

وتعتبر الجنسية الأساس الذي يقوم عليه كيان الدولة واستمرارها ، فبقاء الدولة رهن بوجود ركن الشعب وتحديده تحديدا واضحا .

والجنسية هي في الواقع الأساس الوحيد الذي يمكن عن طريقه حماية الفرد في المجتمع الدولي . فالفرد الذي لا يحمل جنسية دولة لا يتمتع بأية حماية. ولا توجد حتى الآن قواعد تحمى الفرد في المجتمع الدولي بوصفه فردا دون نظر إلى انتمائه إلى دولة معينة ، فقواعد القانون الدولي في الوضع الراهن لا تسمح بحماية الفرد إلا عن طريق الدولة التي ينتمي إليها . لذلك فقد قيل بحق أن الجنسية هي الرابطة الأساسية التي تربط الفرد بالقانون الدولي والتي بدونها لا يستطيع الفرد الدفاع عن حقوقه في المجال الدولي .

وقد ظل اصطلاح الجنسية خلال فترة طويلة يطلق للتعبير عن رابطة اجتماعية مفادها انتماء الفرد إلى أمة معينة . غير أن هذا الاصطلاح أصبح يستعمل اليوم في لغة القانون للدلالة على انتماء الفرد إلى دولة وليس إلى أمة معينة .

إن الجنسية لازمة من لوازم الفرد ، يتطلبها كيانه الإنساني . فعدم انتماء الفرد إلى دولة ما يؤدي إلى حرمانه من حقوق أساسية لا تستقيم حياته بدونها .

فحق الفرد في المأوى باقليم دولة معينة رهن بانتماء الشخص إلى جنسية هذه الدولة ، فالدولة غير ملزمة بقبول من لا يحمل جنسيتها باقليمها ، كما أنها إذا قبلت دخوله باقليمها فهذا لا يعني وجود حق له في الاستقرار بصفة دائمة في هذا الاقليم إذ من حق الدولة إبعاده عن هذا الاقليم في أية لحظة يتراءى لها فيها ذلك .

وقد تنبهت الهيئات الدولية فعلا إلى أهمية الجنسية بالنسبة للفرد ، فعندما قامت الأمم المتحدة بوضع وثيقتها التاريخية الهامة المعروفة باسم الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1948 ، اعتبرت الجنسية من الحقوق اللازمة لحياة الفرد باعتباره إنساناً فنصت عليها ضمن الحقوق الأساسية التي تضمنها الميثاق ، كالحق في الحياة والحرية ، والحق في المساواة أمام القانون ، فتقضى المادة 15 من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان في فقرتها الأولى بأنه " لكل فرد حق التمتع بجنسية ما ".

والجنسية باعتبارها حق أساسي في حياة الفرد يتعين أن تثبت له منذ لحظة ميلاده إلى حين وفاته .

ومن الواضح أن الجنسية التي يتمتع بها الفرد منذ ميلاده لا يمكن أن تنطوي على أي تعبير إرادي من جهته ، إذ أنها تفرض عليه في وقت لا يستطيع فيه التعبير عن إرادته .

واكتساب الفرد جنسية الدولة أما أن يتم بصفة أصلية Original acquisition بمعنى أن الجنسية تثبت للفرد منذ لحظة ميلاده ، وأما أن يتم بصفة عرضيةDerivative acquisition أي أن جنسية الدولة لا تلحق الفرد منذ لحظة ميلاده بل تطرأ عليه خلال حياته .

وقد ثار خلاف بالنسبة للحالة التي يتم فيها دخول الشخص في جنسية دولة في تاريخ لاحق على الميلاد إذا كان سبب اكتساب الجنسية ذاته مستندا إلى وقت الميلاد . فيرى فريق أن جنسية الفرد في هذه الحالة تعتبر من قبيل الجنسية الأصلية تأسيسا على أن سببها تحقق لحظة الميلاد .

لقد إستقرت الدول المختلفة على بناء الجنسية الأصيلة أي الجنسية التي تثبت للفرد منذ لحظة ميلاده على أحد أساسين :-

الأساس الأول يعرف بحق الدم .

والأساس الثاني يعرف بحق الاقليم .

حق الدم :-

ويقصد بحق الدم – وهو الذي يعنينا في هذا المقام – حق الفرد في اكتساب جنسية الدولة التي ينتمي آباؤه إليها بمجرد ميلاده . فأساس الجنسية هنا هو الأصل العائلي الذي ينحدر منه المولود ، ولذا سميت أيضا بجنسية النسب .

والنسب الذي يعول عليه في اكتساب الجنسية الأصيلة بناء على حق الدم هو عادة النسب من الأب Jus Sanguins a patre ولكن قد يعتد أحيانا عند الأخذ بحق الدم بالنسب من الأم Jus Sanguins a Matre فتمنح الدولة جنسيتها لكل من يولد لأم تنتمي إلى جنسية الدولة ، وذلك أيا كانت جنسية الأب. فيكفي حينئذ أن ينتمي أحد الأبوين إلى جنسية الدولة حتى تنتقل هذه الجنسية إلى الابن . ولكن الغالب ألا تلجأ الدولة إلى حق الدم من الأم إلا في الحالات التي لا يتسنى فيها الأخذ بحق الدم عن طريق الأب ، كما لو لم تثبت نسبة المولود إلى أبيه قانونا أو كان الأب مجهول الجنسية أو عديمها وذلك حماية للفرد من انعدام الجنسية .


(يراجع في ذلك الوسيط في الجنسية – د/ فؤاد عبد المنعم رياض من ص7 : ص36)
 
أعلى