للفائده

وليدخالد

عضو نشط
التسجيل
11 فبراير 2004
المشاركات
233
مشهور الحارثي - - - 29/03/1429هـ

بعد معاناة السوق السعودية من ظلم وجور المؤشر العام TASI الذي كان يتبع حركة الأسهم ذات الأعداد الكبيرة ولا يتأثر بالأسهم الأصغر عدداً التي تبذل جهدها لترتفع حتى لو كان لنسب عليا ولأيام متتالية، لقد كان هذا تناقضاً واضحاً بين المؤشر العام TASI وروح السوق, ذلك أن المؤشر العام للسوق TASI هو رهينة في يد الأسهم الكبيرة وجاء الوقت لفك أسره بإطلاق المؤشر الحر الذي يتم احتساب معادلته اعتمادا على الأسهم المُتداولة فعلاً في السوق بعد استثناء حصة الحكومة ومؤسساتها والحصص التي تصل إلى 10 في المائة أو أكثر كذلك حصص المؤسسين بما فيهم الأجانب الذين تطبق عليهم فترة من حظر البيع.
المؤشر الحر سيكون أكثر منطقية وعدلاً من المؤشر العام TASI وهذه الخطوة الإيجابية التي قامت بها شركة "تداول" سيكون لها ضريبة، والتحليل الفني هو من سيدفع هذه الضريبة بسبب نقص في البيانات التاريخية للمؤشر الحر، ذلك أن التحليل الفني يعتمد على البيانات التاريخية لحركة المؤشر حتى يُمكنه التنبؤ بالمُستقبل، وقد وعدت شركة "تداول" بتوفير البيانات التاريخية للمؤشر الحر منذ بداية عام 2007 ولكن هذه البيانات التاريخية ينقصها أعلى وأدنى سعر للمؤشر الحر لكل يوم منذ عام 2007 وحتى الأول من نيسان (أبريل) الحالي وبالتالي ستكون هناك عوائق أمام التحليل الفني في فهم المؤشر الحر وهذا ما سأناقشه بمزيد من التفصيل.

فكرة المؤشر الحُر

المؤشر العام للسوق TASI لا يعكس بشكل صحيح حركة التداول في السوق ذلك أن معادلة احتسابه تعتمد على عدد جميع الأسهم المُصدرة للشركات السعودية المُساهمة وليس الأسهم المُتداولة فقط، وبناء على مُعادلة الاحتساب هذه فإن الشركات الأكثر أسهماً كانت أكثر وزناً في المؤشر العام الحالي وحركتها هي أكثر تأثيراً في المؤشر العام، فسهم شركة سابك على سبيل المثال التي وصل عدد أسهمها إلى ثلاثة مليارات سهم ستؤثر بشكل كبير في حركة المؤشر العام ولنا في ارتفاعها الأربعاء الماضي خير مثال، فلو كان معظم أسهم السوق مرتفعا وسهم "سابك" منخفضاً فإن المؤشر سيتأثر بها أكثر ويُلغي تأثير الأسهم الأخرى المرتفعة وهذا لا يعكس على الإطلاق وضع السوق.
من هنا جاءت أهمية إطلاق مؤشر جديد للسوق تقوم معادلة احتسابه على عدد الأسهم المُتداولة فعلياً في السوق حتى يعكس المؤشر الجديد حركة التداول بشكل حقيقي أكثر، من هنا جاء إصدار المؤشر الحر الذي لا يحتسب عدد الأسهم الموجودة ضمن حصة الحكومة ومؤسساتها والحصص التي تصل إلى 10 في المائة أو أكثر كذلك حصص المؤسسين بما فيهم الأجانب الذين تُطبق عليهم فترة من حظر البيع وبالتالي فإن تأثير الأسهم ذات الأوزان الكبيرة في المؤشر العام سيتضاءل.
إذن كلما زاد عدد الأسهم المُتداولة لسهم ما في السوق فإن قوة تأثيره في المؤشر الحر ووزنه سيزداد وأما أسهم الشركات التي يحتفظ بها مؤسسوها فإن تأثيرها سيكون أقل في المؤشر الحر، وستُصدر شركة تداول تقريراً كل ثلاثة أشهر توضح فيه نسبة الأسهم المُتداولة في السوق لكل سهم أي ستكون قوة تأثيره واضحة.

فلسفة التحليل الفني

مهمة التحليل الفني هي التنبؤ بمُستقبل السوق ومُستقبل أي سهم وكيف سيتعامل المُتداولون, وحتى يقوم بهذه المهمة فإن التحليل الفني يحتاج إلى الأسعار التاريخية لمؤشر السوق وتمثيلها على الرسم البياني Chart، ويتم رسم الحركة التاريخية لمؤشر السوق باستخدام معلومات عددية بسيطة في متناول الجميع وهي لا تتجاوز خمسة أرقام هي سعر الإغلاق والافتتاح وأعلى وأدنى سعر إضافة إلى حجم التداول.
اهتمام التحليل الفني بحركة سعر المؤشر أو السهم التاريخية يأتي من منطلق أن التحليل الفني يؤمن ويعتقد اعتقاداً كاملاً بأن حركة السعر تعكس أخبار السوق ومعلومات السهم المالية، وأن حركة السعر تكشف عمليات البيع والشراء من قبل المحافظ الكبرى التي تعمل بصمت، ويتميز التحليل الفني عن التحليل الأساسي بأنه عند ارتفاع الأسعار أو انخفاضها يأتي ليُجيب عن أسئلة مهمة لا يستطيع التحليل الأساسي الإجابة عنها بشكل شاف، ومن هذه الأسئلة: ماذا بعد الارتفاع وماذا بعد الانخفاض, وإلى متى يستمر هذا الارتفاع أو الانخفاض، وأجوبة التحليل الفني على مثل هذه الأسئلة تأتي بعد أن يفحص المُحلل ويُراجع الحركة التاريخية للمؤشر أو السهم حتى يُحدد مستويات الدعم والمقاومة الأفقية على سبيل المثال.
إن التحدث عن فلسفة التحليل الفني يحتاج إلى مزيد من التفصيل ولكن سأستعين بتعريف بسيط مُقتبس من كتاب "إدوارد وماجي" وهو "إن التحليل الفني يدرس حركة السوق ولا يدرس منتجات وخدمات الشركة المُساهمة وهو علم يرصد ويُسجل معلومات التداول (السعر، حجم التداول ..) لسهم معين بغرض استنتاج توجه السعر في المُستقبل".

ضريبة المؤشر الحر

مع إطلاق المؤشر الحر فإني أشكر شركة "تداول" على اتخاذها خطوات حقيقية في تحسين إدارة السوق وتنظيمها وهذه الخطوات بدأت تزداد وتيرتها بشكل ملحوظ، لكن يبدو أن لكل شيء إيجابي ضريبة ومن سيدفع ضريبة تطبيق المؤشر الحر هو التحليل الفني، ذلك أن البيانات التاريخية للمؤشر الحر التي وعدت شركة تداول بتقديمها لنا وتبدأ من عام 2007 وحتى الأول من نيسان (أبريل) الحاليّ لا يتوافر فيها سوى سعر الافتتاح وسعر الإغلاق دون ذكر لأعلى سعر وأدنى سعر.
استناداً إلى ما كتبته عن فلسفة التحليل الفني سابقاً فإن البيانات التاريخية التي ستُقدمها هيئة سوق المال الخاصة بالمؤشر الحر هي ناقصة بالنسبة للمُحلل الفني لافتقارها إلى أعلى وأقل سعر، وفائدة السعر الأعلى والأدنى هي لتحديد قمم وقيعان المؤشر على الرسم البياني وتحديد مستويات الدعم والمقاومة بشكل أكثر دقة، كما أن بعض المُحللين المُحترفين يستخدمون أعلى سعر وأدنى سعر في حساب متوسطات الحركة ولا يكتفون بسعر الإغلاق.
إنني هنا لا ألوم أو أُعاتب بل إنني أتفهم بشكل كبير عوائق توفير مثل هذه الأسعار ضمن البيانات التاريخية ولكن بعرضي هذا أُريد التوضيح للقراء المُهتمين بالتحليل الفني أنكم لن تستفيدوا من المؤشر الحر استفادة كاملة في بداية تطبيقه وأنكم من ستدفعون ضريبة تطبيقه.

التحليل الفني مُقيد

عند نهاية اليوم سيوفر المؤشر الحر القيم السعرية التي يحتاج إليها التحليل الفني بشكل كامل مثله مثل المؤشر العام TASI بينما البيانات التاريخية تفتقر إلى بيانات كاملة، لذا لا يمكن للمحلل الفني أن يستخدم الشموع اليابانية Candlesticks Chart في الرسم البياني للمؤشر الحر ومن ثم سيكون تحديده لمستويات الدعم والمقاومة الأفقية غير دقيق وبالمثل خطوط الاتجاه الصاعدة والهابطة.
بالنسبة لمتوسطات الحركة البسيطة وأنواعها الأخرى الأسية والموزونة فلا يمكن احتسابها إلا باستخدام سعر الإغلاق أو الافتتاح بالنسبة للمحترفين، ومن يستخدم أعلى وأدنى سعر في حساب المتوسطات من المُحللين المُحترفين فعليه الانتظار حتى تتراكم البيانات اليومية منذ السوم السبت وهو أول أيام تطبيق المؤشر الحر، وأما المؤشرات المتذبذبة هي إحدى الوسائل المُستخدمة في تفسير سلوك المؤشر ومن أمثلتها مؤشر القوة النسبية RSI ومؤشر الماكد وهما أشهر مؤشرين فنيين يتم التعاطي معهما من قبل المُتداولين في السوق السعودية، ويمكن ملاحظتها على الفور ولكن لا يمكن حسابها إلا على سعر الإغلاق والافتتاح مثلما تحدثت في حالة المتوسطات.
البيانات التاريخية التي ستتوافر عن المؤشر الحر ربما تكون كافية نوعاً ما لرسم المؤشر الحر على الإطار الأسبوعي Weekly Chart ولكن لن تكون البيانات كافية للرسم البياني الشهري Monthly Chart وهذا الرسم هو الذي تتعامل معه المؤسسات المالية الكبرى ذات النمط الاستثماري ويستنير به المُتداول الفرد، ولكن يُمكن الاستعاضة عنه بفحص الأسهم نفسها.

كيف تُحلل السوق

إن إصدار المؤشر الحُر يجب ألا يُصيب مُستخدم التحليل الفني بالإعاقة بل لا يزال المؤشر العام TASI موجوداً ويُمكن التعاطي معه مثل السابق، كما أن المُتداولين سيحتاجون إلى فترة للتأقلم على المؤشر الحر وسيبقى الارتباط والحنين للمؤشر العام لفترة من الوقت أيضاً، كما أنصح بتحليل الأسهم نفسها والبحث في الفرص وعدم التأثر بغياب رؤية فنية كاملة عن المؤشر الحر وعند إيقاف المؤشر العام TASI فإن المُحلل الفني سيركز أكثر على حركة الأسهم وستتوافر لديه بيانات تاريخية كاملة لآخر 66 يوما تُمكنه من التحليل على الأجل المتوسط.
أعود لأقول إن أصابك الملل من بذل جهد أكبر فعليك بالتركيز على أسهم بعينها وتحليلها, وابحث عن الأسهم التي هبطت لفترة ثم ارتفعت واخترقت المتجه الهابط, وابحث عن الأسهم التي اخترقت مستويات مقاومة عنيدة, والأسهم التي كونت نماذج إيجابية مثل نموذج المثلث الصاعد وغيرها.
( نقلا عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية.)
 
أعلى