بسم الله الرحمن الرحيم السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي في الله أحببت أن أقدم لكم قصصا عن أعقل المجانين "بهلول" وققصه جميلة جدا جدا لو قرأت مجلة له ما تعبت لأنه حقا جميل إقرؤا هذه القصة وإن شاء الله تعجبكم إقرءو ولا تملووااا
بهلول يفحم الخليفة الغاَضب * و اليكم قصة لطيفة من قصص بهلول العاقل .
أنظروا الى هذا الشجاع الهزبر كيف يفحم بكلماته الصاعقية الخليفة الغاصب هارون الرشيد و يعلن الحرب عليه جهارا و لكن على طريقة المجانين : غصّ المكان بالوافدين.. العيون جميعاً تبحلق بهارون وقد تربّع بين أولاده ورجال دولته.. تحسّر بعض أهل الكوفة وربّما همسوا فيما بينهم قائلين: يا ليت لنا مثل ما أُوتي هارونُ إنه لَذو حظّ عظيم!هارون يتصفّح الوجوه، كان يحرص على أن يرى مدى سطوته.العيون تنظر إليه في خشوع يصل إلى درجة الذلّ، ولكن هنا من لا يكترث له ولم يحضر مجلس « الخليفة ».. كان يدرك تماماً أن سطوته تكمن في سيفه، وقوّته تظهر في استهانته بالإنسان.. إنه يُخيف الناس بالموت.. ولكن هناك من لا يخشى الموت.. لهذا أمر بإحضار « بهلول بن عمرو ».وقف البهلول بثيابه المنسوجة من الصوف وقد ظهرت عليها الرثاثة.. وقف قبال «الخليفة».. شعر هارون بعمق التناقض وهو يحدّق في وجه رجل يراه لأوّل مرّة.. كان بهلول هو الآخر يراه للمرّة الأولى.قال هارون مستكشفاً:ـ سمعت أنك تقضي وقتك في المقابر!!ـ وأنت أين تقضي وقتك ؟ـ أغزو عاماً وأحجّ عاماً وأُصلّي في اليوم مئة ركعة.!!. وها أنا كما ترى عزمت على الحج هذه السنة.سكت أبو وهيب قليلاً ثمّ قال:ـ يا هارون، مَن رزقه الله مالاً وجمالاً فواسى في ماله وعفّ في جماله كُتب في ديوان الله من الأبرار.ابتسم « الخليفة » وظنّ أن بهلول يريد أن يصيب شيئاً من كنوز هارون:ـ إنا أمرنا بقضاء ديونك.أجاب بهلول دون اكتراث:ـ لا تفعل ذلك، لا يُقضى دَين بدَين.. أُرْدد الحقَّ إلى أهله.ـ إذن نُجري عليك رزقاً.ـ أتظن أنّ الله يعطيك وينساني ؟!أمسك هارون بصُرّة فيها ألف دينار.. أراد أن يقطع بها لسان بهلول:ـ هذه ألف دينار خذها.. تستعين بها على دنياك.سقطت الصرّة عند قدمَي بهلول.. دفعها برجله وقال بلهجة فيها تحدٍّ:ـ أُرددْها على أصحابها فهو خير لك.سكت هارون، اعتصم بالصمت وقد ساد الوجوم الوجوه.. ظن بعض من يتمنى دنيا هارون أنّ بهلول قد مسه طائف من الجنّ.قال هارون وهو يحاول أن ينفذ إلى قلب بهلول:ـ إنّا نريدك للقضاء يا بهلول.قال بهلول مذعوراً:ـ ما أنا والقضاء ؟!ـ كيف وقد أطبق أهل بغداد على أنك أعلم الناس به ؟!ـ أنا أعرَف بنفسي من أهل بغداد..سكت قليلاً وأردف:ـ وأنا في ادّعائي بجهلي على حالين: صادقاً أو كاذباً، فإن كنت صادقاً فيما أقول وهو الحق، وإلاّ فلا يصلح للقضاء كذّاب!ابتسم « الخليفة » لمنطقه الفياض قائلاً:ـ أنت تتهرّب ليس إلاّ.. ولكن لا مفرّ لك من ذلك، عندما أعود من الحج سأجدك تقضي بين الناس.علت وجهَ الذي ركل الدنيا مسحةُ حزن، فقال بأسى:ـ دعني أفكّر.هتف هارون بلهجة الظافر:ـ كما تحبّ.. فلديك من الوقت ما يكفي..أدار بهلول وجهه وهو يقلّب أمره على خطرين.لم يغتَمّ بهلول في حياته مثل هذا اليوم، لكأنّ مصائب الدنيا كلّها قد تجمعت لتنزل على رأسه كالصاعقة.. لقد ولّى زمن السلام. وجد بهلول نفسه يمضي باتجاه المقبرة..شيئاً فشيئاً تلاشى الضجيج في أُذنيه وحلّ مكانه صمت مطلق.. لم يعد يسمع شيئاً حتّى خطاه.. فتدفق نبع من السلام في نفسه كما لو أن قلبه يغتسل في نهر بارد..عيناه تحدّقان في قبر بدا حديث عهد.. عجباً لهذا الكائن.. يقضي عمره في اللهاث وراء الدنيا يملأها ضجيجاً.. وربّما يسفك الدم.. يبني الدور ويعمّر القصور، ثمّ تكون نهايته بقعة صغيرة تحت الأرض.. لقد خفتت ضحكاته.. تبعثرت أحلامه وأمانيه.. وأخيراً أخلَد إلى الصمت.. أضحى بعد كل تلك الضجة ساكتاً.. يُصغي إلى الريح تسفي التراب وتشرب المطر..هتف بهلول:ـ لا.. لن أرمي نفسي في وسط الجحيم.. لتذهب إلى جهنم دنيا هارون.. ولتنخسف الأرض بقارون وكنوزه!خُيِّل إليه أنه يسمع صوتاً.. فيه صفير شيطاني:ـ أنت مجنون بهلول.. كيف تركل كل هذه الدنيا العريضة الجاه.. الثراء!هتف بهلول بغضب:ـ أجل.. أنا مجنون! مجنون.. مجنون..قفز من مكانه.. كمن تحرقه النار.. وراح يركض بكل ما أُوتي من قوّة.. قلبه يدق بعنف كطبول حرب مجنونة.. لعلّه كان يودّ أن يطير إلى السماء الزرقاء، إلى عالم مفعم بالصفاء..وجد بهلول نفسه يسير بمحاذاة جدول صغير نبتت على ضفافه شُجيرات قصب وأعشاب، مدّ يده إلى قصبة تصل إلى هامته.انتزعها من وسط الطين.. جرّدها من أوراقها الطويلة.. غدت كرمح.. هزّها بشدّة وقد شعّ من عينيه نور عجيب..مرّ رجل كوفيّ كان يمضي إلى زرعه.. هتف من بعيد:ـ ماذا تفعل هنا يا بهلول ؟!ـ لقد أعلنت الحرب على هارون!قهقه الرجل:ـ كيف ؟ أين سلاحك.. وحصانك ؟!هزّ بهلول قصبته:ـ هذا رمحي!ثم وضع القصبة بين رِجلَيه.ـ وهذا حصاني.وانطلق بهلول باتجاه الكوفة.. فيما غرق الرجل في نوبة ضحك وهزّ رأسه أسفاً:ـ لا شك أن الجلوس في المقابر قد أورثه الجنون.
اتمنا انها نالت اعجابكم
عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوتي في الله أحببت أن أقدم لكم قصصا عن أعقل المجانين "بهلول" وققصه جميلة جدا جدا لو قرأت مجلة له ما تعبت لأنه حقا جميل إقرؤا هذه القصة وإن شاء الله تعجبكم إقرءو ولا تملووااا
بهلول يفحم الخليفة الغاَضب * و اليكم قصة لطيفة من قصص بهلول العاقل .
أنظروا الى هذا الشجاع الهزبر كيف يفحم بكلماته الصاعقية الخليفة الغاصب هارون الرشيد و يعلن الحرب عليه جهارا و لكن على طريقة المجانين : غصّ المكان بالوافدين.. العيون جميعاً تبحلق بهارون وقد تربّع بين أولاده ورجال دولته.. تحسّر بعض أهل الكوفة وربّما همسوا فيما بينهم قائلين: يا ليت لنا مثل ما أُوتي هارونُ إنه لَذو حظّ عظيم!هارون يتصفّح الوجوه، كان يحرص على أن يرى مدى سطوته.العيون تنظر إليه في خشوع يصل إلى درجة الذلّ، ولكن هنا من لا يكترث له ولم يحضر مجلس « الخليفة ».. كان يدرك تماماً أن سطوته تكمن في سيفه، وقوّته تظهر في استهانته بالإنسان.. إنه يُخيف الناس بالموت.. ولكن هناك من لا يخشى الموت.. لهذا أمر بإحضار « بهلول بن عمرو ».وقف البهلول بثيابه المنسوجة من الصوف وقد ظهرت عليها الرثاثة.. وقف قبال «الخليفة».. شعر هارون بعمق التناقض وهو يحدّق في وجه رجل يراه لأوّل مرّة.. كان بهلول هو الآخر يراه للمرّة الأولى.قال هارون مستكشفاً:ـ سمعت أنك تقضي وقتك في المقابر!!ـ وأنت أين تقضي وقتك ؟ـ أغزو عاماً وأحجّ عاماً وأُصلّي في اليوم مئة ركعة.!!. وها أنا كما ترى عزمت على الحج هذه السنة.سكت أبو وهيب قليلاً ثمّ قال:ـ يا هارون، مَن رزقه الله مالاً وجمالاً فواسى في ماله وعفّ في جماله كُتب في ديوان الله من الأبرار.ابتسم « الخليفة » وظنّ أن بهلول يريد أن يصيب شيئاً من كنوز هارون:ـ إنا أمرنا بقضاء ديونك.أجاب بهلول دون اكتراث:ـ لا تفعل ذلك، لا يُقضى دَين بدَين.. أُرْدد الحقَّ إلى أهله.ـ إذن نُجري عليك رزقاً.ـ أتظن أنّ الله يعطيك وينساني ؟!أمسك هارون بصُرّة فيها ألف دينار.. أراد أن يقطع بها لسان بهلول:ـ هذه ألف دينار خذها.. تستعين بها على دنياك.سقطت الصرّة عند قدمَي بهلول.. دفعها برجله وقال بلهجة فيها تحدٍّ:ـ أُرددْها على أصحابها فهو خير لك.سكت هارون، اعتصم بالصمت وقد ساد الوجوم الوجوه.. ظن بعض من يتمنى دنيا هارون أنّ بهلول قد مسه طائف من الجنّ.قال هارون وهو يحاول أن ينفذ إلى قلب بهلول:ـ إنّا نريدك للقضاء يا بهلول.قال بهلول مذعوراً:ـ ما أنا والقضاء ؟!ـ كيف وقد أطبق أهل بغداد على أنك أعلم الناس به ؟!ـ أنا أعرَف بنفسي من أهل بغداد..سكت قليلاً وأردف:ـ وأنا في ادّعائي بجهلي على حالين: صادقاً أو كاذباً، فإن كنت صادقاً فيما أقول وهو الحق، وإلاّ فلا يصلح للقضاء كذّاب!ابتسم « الخليفة » لمنطقه الفياض قائلاً:ـ أنت تتهرّب ليس إلاّ.. ولكن لا مفرّ لك من ذلك، عندما أعود من الحج سأجدك تقضي بين الناس.علت وجهَ الذي ركل الدنيا مسحةُ حزن، فقال بأسى:ـ دعني أفكّر.هتف هارون بلهجة الظافر:ـ كما تحبّ.. فلديك من الوقت ما يكفي..أدار بهلول وجهه وهو يقلّب أمره على خطرين.لم يغتَمّ بهلول في حياته مثل هذا اليوم، لكأنّ مصائب الدنيا كلّها قد تجمعت لتنزل على رأسه كالصاعقة.. لقد ولّى زمن السلام. وجد بهلول نفسه يمضي باتجاه المقبرة..شيئاً فشيئاً تلاشى الضجيج في أُذنيه وحلّ مكانه صمت مطلق.. لم يعد يسمع شيئاً حتّى خطاه.. فتدفق نبع من السلام في نفسه كما لو أن قلبه يغتسل في نهر بارد..عيناه تحدّقان في قبر بدا حديث عهد.. عجباً لهذا الكائن.. يقضي عمره في اللهاث وراء الدنيا يملأها ضجيجاً.. وربّما يسفك الدم.. يبني الدور ويعمّر القصور، ثمّ تكون نهايته بقعة صغيرة تحت الأرض.. لقد خفتت ضحكاته.. تبعثرت أحلامه وأمانيه.. وأخيراً أخلَد إلى الصمت.. أضحى بعد كل تلك الضجة ساكتاً.. يُصغي إلى الريح تسفي التراب وتشرب المطر..هتف بهلول:ـ لا.. لن أرمي نفسي في وسط الجحيم.. لتذهب إلى جهنم دنيا هارون.. ولتنخسف الأرض بقارون وكنوزه!خُيِّل إليه أنه يسمع صوتاً.. فيه صفير شيطاني:ـ أنت مجنون بهلول.. كيف تركل كل هذه الدنيا العريضة الجاه.. الثراء!هتف بهلول بغضب:ـ أجل.. أنا مجنون! مجنون.. مجنون..قفز من مكانه.. كمن تحرقه النار.. وراح يركض بكل ما أُوتي من قوّة.. قلبه يدق بعنف كطبول حرب مجنونة.. لعلّه كان يودّ أن يطير إلى السماء الزرقاء، إلى عالم مفعم بالصفاء..وجد بهلول نفسه يسير بمحاذاة جدول صغير نبتت على ضفافه شُجيرات قصب وأعشاب، مدّ يده إلى قصبة تصل إلى هامته.انتزعها من وسط الطين.. جرّدها من أوراقها الطويلة.. غدت كرمح.. هزّها بشدّة وقد شعّ من عينيه نور عجيب..مرّ رجل كوفيّ كان يمضي إلى زرعه.. هتف من بعيد:ـ ماذا تفعل هنا يا بهلول ؟!ـ لقد أعلنت الحرب على هارون!قهقه الرجل:ـ كيف ؟ أين سلاحك.. وحصانك ؟!هزّ بهلول قصبته:ـ هذا رمحي!ثم وضع القصبة بين رِجلَيه.ـ وهذا حصاني.وانطلق بهلول باتجاه الكوفة.. فيما غرق الرجل في نوبة ضحك وهزّ رأسه أسفاً:ـ لا شك أن الجلوس في المقابر قد أورثه الجنون.
اتمنا انها نالت اعجابكم