لماذا قد يستقيل محافظ «المركزي»؟
• محافظ المركزي.. الاستمرار صعب وكان شيئا لم يكن (صورة من الأرشيف)
كتب المحرر المصرفي:
خلال الحفل الذي أقيم الاسبوع الماضي تكريما لعدد من قيادات البنك المركزي، كانت تلميحات من أحدهم موجهة الى المحافظ برجاء الاستمرار في سدة رئاسة السلطة النقدية.
وقال: «أنت تفهم ماذا أقصد يا سعادة المحافظ». عدد من الحاضرين لم يتوانَ عن تفسير ذلك الحوار المحمَّل بمضامين مستترة بأن في الأفق ما قد يشير الى إمكان تنحي المحافظ عن رئاسة البنك المركزي.
لماذا قد يستقيل الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح؟
بداية، تتعين الاشارة الى ان عامي 2007 و2008 شهدا ضغوطا نيابية شديدة لجهة اسقاط القروض عن المواطنين، إلى ان استقرت الحال على انشاء صندوق للمعسرين. لكن تلك الضغوط تركت ندوبا في جسم استقلالية «المركزي» مما اضطر الحكومة، أكثر من مرة، إلى التذكير بضرورة ترك السياسة النقدية والمصرفية لأهلها وعدم التدخل السياسي في كيفية ادارتها.
ومع ذلك ثمة من يؤكد ان الضغوط اثمرت بعدما كان «المركزي» ينفي وجود قروض متعثرة، فقد عاد ليعترف بجانب من القضية الى ان دفعت المصارف ثمنا لبعض مخالفات حكي عنها الكثير.
ثانيا، بدا البنك المركزي في «حربه» على التضخم أشبه بطير يغرد خارج سربه، أو بصورة معبرة أكثر، أشبه بمن يملأ «المشخال» ماء! فالسياسة النقدية التي استخدمت ادواتها في فك ربط الدينار بالدولار، والابقاء على اسعار الفائدة مرتفعة والضغط بشدة على النمو الائتماني.. وغيرها من الاجراءات، لم تفلح كثيرا في لجم التضخم، لأن يدا واحدة لا تصفق، إذ إن السياسة المالية كانت انفلاشية، لاسيما في الإنفاق الجاري، وتحديدا على الرواتب. ولم يجد «المركزي» آذانا صاغية عندما رفع الصوت مطالبا بتحرير الاراضي من قبضة الدولة لأغراض استثمارية، وفك اسر الخصخصة وغيرها من الصرخات التي كانت في واد والحكومة في وادٍ آخر.. عمك أصمخ.
ثالثا، يتعرض المركزي بين الحين والآخر لضغوط من مصارف وشركات استثمار تحت عناوين مختلفة، منها ما يتعلق بفتح نوافذ اسلامية لمصارف تقليدية، ومنها ما يندد بسياسات الرقابة الشديدة، حتى أن البعض يحمله مسؤولية هبوط البورصة، فضلا عن ثغرات اخرى يأتي منها الريح بفعل تشابك صلاحيات بين وزارة التجارة والبورصة والمركزي معا.
من يعرف المحافظ جيدا يقل: كيف لهذا الشخص العنيد في ممارسة مهام صعبة، الدقيق في ادارة دفة مرفقه الحساس، الممتنع تماما عن الخلط بين العام والخاص، الحذر في مواجهة الجمهور والساسة.. كيف له ان يستمر في مسؤولياته كأن شيئا لم يكن؟!
رب قائل إنه أعند من أن يستقيل، مقابل آخر يؤكد أنه كفى المؤمنين شر القتال.. وداعا و«استروا ما شفتوا منا»!