هالمقالة عجبتني وايد في جريدة الراي بليز اقروها

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي
جريدة الرأي
العدد 10696 - 13/10/2008
اطبع
البورصة والاقتصاد: سبب السقوط ! (2 من 2)

كثرت الآراء حول اسباب هبوط البورصات الكويتية والخليجية خلال الشهرين الماضيين، واشتداد حدته في الاسابيع والايام الاخيرة. ونتفق بشكل عام مع معظم الاسباب المطروحة بل يمكن اضافة سبب آخر دارج في اميركا وله مؤيدون هناك وهو ربط صعود وهبوط البورصة في الابراج والفلك تنبؤات المنجمين.

ولكن الاقرب الى الحقيقة هو ان ليس هناك سبب واحد لهذا السقوط الكبير وانما مجموعة اسباب وسنقسمها الى اسباب هيكلية فنية واسباب من صنع ادمي اي ناتجة عن خطا او تقصير بشري.

اما الاسباب الهيكلية فهي مرتبطة بطبيعة الاسواق عامة اكانت عقارا او سلعا او خدمات اوبورصات. فجميع الاسواق بل جميع الاعمال الاقتصادية تخضع لعاملي العرض والطلب. وبشكل عام، طالما ان الطلب اكثر من العرض فان الاسعار ترتفع والعكس صحيح. وبالنسبة لبورصات الاسهم، ففيها يتم تداول حصص مشاركة في شركات (اي اسهم) وعليه فان سعر هذه الحصص/الاسهم يصعد كلما كانت ربحية الشركة اكبر، او يتوقع لها ان تنمو.

فسعر السهم يصعد او يهبط بناءً على ايجابية او سلبية التوقعات بشان الربحية المستقبلية للشركة. وحيث اننا لا نعلم الغيب، فان هذه التوقعات مبنية على قاعدتين. القاعدة الاولى هي التوقعات المبنية على احساس وشعور شخصي اوعلى الاشاعات او مراقبة وتتبع خطوات كبار المتداولين.


والقاعدة الثانية هي التوقعات المبينة على فحص وقراءة وتحليل الاداء السابق للشركات ومتابعة اخبارها للوقوف على مسارها والاستئناس بما يتوفر من تحليلات فنية وتقنية. وقد تؤدي كل من القاعدتين الى قرارات ناجحة، ولكن على المدى الاطول تفرز القاعدة الثانية عادة نسبة نجاح اكبر.


والمؤشر الاكثر استخداماً في تحديد جودة شراء اي سهم او عدمه هو مؤشر «مضاعف الربحية» p/e. واذا اطلعنا مثلا على مستويات ال p/e للاسهم الكويتية، فسنجد انها كانت رخيصة ومغرية في يوليو 2008 عندما بدا النزول. وازداد هذا الرخص بعد النزول حتى اصبحت في 7 اكتوبر 2008 في غاية الاغراء للشراء. اذاً لماذا هذا الهبوط الحاد؟ وهذا يعيدنا الى موضع الهيكلية.

البورصات بطبيعتها تتذبذب صعودا ونزولا فيما يسمى اتجاهات وتصحيحات.

وقد شاءت الصدف ان البورصة الكويتية كانت في يوليو 2008 قد وصلت فنيا الى مرحلة تهيئها لاحتمال حدوث تصحيح نزولي. وفي الاوضاع العادية، كان بامكان حجم هذا التصحيح ان يصل الى 500 نقطة ليصل مؤشر السوق الى مستوى 15000 او حسب سيناريو اكثر تشاؤما ان يهبط 1500 نقطة ليصل المؤشر الى مستوى 13670 نقطة. وحتى في حالة كارثية، كان بامكان حدوث هبوط 2000 نقطة ليصل مؤشر السوق الى مستوى 13260 نقطة. ولكن ان يهبط نحو 4000 نقطة (اي 25 في المئة) خلال ثلاثة اشهر، فهذا غير مبرر بتاتا، خصوصاً اذا عرفنا ان السوق هبط خلال شهر واحد (سبتمبر 2008) بما يعادل 2868 نقطة اي نحو 19.8 في المئة ! ما نستنتجه من كل هذا هو ان السوق كان هيكليا جاهزا لنزول تصحيحي عادي او ربما اكثر من عادي. ولكن ان يسقط بهذه الحدة وهذه المسافة يعني وجود عوامل اخرى عملت على تفاقم النزول. فما هي؟

قبل الدخول في موضوع الاسباب غير الهيكلية لهبوط السوق، دعونا نستعرض هذا المثال الافتراضي الذي قد يوضح الصورة الكلية. فعندما يفشل المحصول الزراعي، يمكن ارجاع ذلك الى واحد او اكثر من الاسباب التالية:
أ) الجفاف وقلة المطر (بورصوياً يعني نقص السيولة في السوق)
ب) صغر الرقعة الزراعية او عدم خصوبتها (اي قلة الفرص الاستثمارية الجيدة)
ت) رداءة البذور (اي ضعف المهنية في العمل)
ث) قلة او سوء المعدات والآليات المستخدمة (اي سلبية القوانين واجراءات العمل)
ج) ضعف اداء المزارع او الفلاح (اي سلبية الاعلام الرسمي وكذلك الصحافي تجاه المشاكل الحقيقية او الوهمية)
ح) الامراض المنتقلة من المزارع المجاورة (اي الاضطرابات الاقليمية والعالمية)
خ) قلة او رداءة السماد المستخدم (اي سلبية وسائل التمويل وكلفتها).
وتصادف تجمع جميع هذه العوامل السلبية في آن واحد وتكالبت على سوق قوي اساسا - ولكن يمر في مرحلة تصحيح نزولي- فانفجرت الفقاعة وحدثت الكارثة. اي ليس هناك سبب واحد انفرد بالجريمة وانما شعرات من كل منها حتى جاءت الشعرة التي قصمت ظهر البعير.


واذا عددنا الاسباب الرئيسية غير الهيكلية التي ساهمت في الكارثة سنجد انها تشمل:
1) شح السيولة (ا): بسبب كثرة الاكتتابات وزيادات رؤوس الاموال التي تركزت تقريبا في وقت واحد. ولكن هذه ليست كافية بمفردها لدهورة البورصة ونعتقد بانها بقيت ضمن قدرة السوق الكويتي لاستيعابها خصوصا وانها معروفة منذ نصف سنة مما يعتبر وقتاً كافياً للمؤسسات المالية والتجارية وكبار المتداولين لتدبير الاموال المطلوبة.

2) شح السيولة (ب): بسبب ضغط البنوك على المقترضين وانصياعهم لتعليمات البنك المركزي الجديدة. ولكن هذه التعليمات قائمة منذ اكثر من 6 اشهر مما وفر متسعا من الوقت لتداركها. كما يفترض ان المؤسسات المالية قادرة على ترتيب مصادر تمويل بديلة او حتى خارجية بكلفة اقل بكثير. لا شك ان اداء البنك المركزي في حماية الدينار والاقتصاد الكويتي كان جيداً عبر السنوات الماضية، ولكن كان بامكانه تخفيف وتلطيف وقع قراراته الانكماشية المتتالية -وان كانت ضرورية. ليته اتبع نصيحة قبطان الطائرة لمساعده المتدرب عندما قال له: «اهبط بالطائرة ولامس عجلاتها بمدرج المطار كما تطبع قبلة على خد حبيبتك، لا كما تلطم خد عدوك!».

3) ادارة البورصة: ربما كانت السلبية (المبالغ فيها) تجاه ادارة البورصة وقراراتها المختلفة احد العوامل المساهمة في النزول. ولكن لنتذكر ان ادارة البورصة ايضا مقيدة بما لديها من قوانين وكوارد وموارد. فهي تجتهد بما هو متوفر لديها وليس من العدل الباسها «قميص عثمان» بكامله. فهي تقريبا مثل صاحب مجمع تجاري الذي تتركز مسؤولياته الرئيسية في توفير الدكاكين والكهرباء والصيانة والحراسة والرقابة العامة.

اما ماذا يفعل المستأجرون في دكاكينهم وماذا يبيعون فيها او كيف يديرونها فهذا امر يخصهم وعليه يعتمد ربحهم او خسارتهم. لا شك ان هناك بعض الاجتهادات التي اقرتها ادارة البورصة ولم يتفق معها فريق كبير من الشركات. ولكن كبقية الامم المتحضرة، تحول الخلاف الى المحاكم، فتم الافتاء بشانه ونظريا انتهى الامر هناك وليس من مصلحة احد الاستمرار بتاجيج الخلاف وتصويره على حروب الثار ما زالت دائرة. طبعا ما زال هناك مجالا لاحداث تحسينات على جودة اداء البورصة ورقابتها للتداول، وهذا امر مستمر، بل لا ينتهي طالما ان البورصات واساليب عملها يتطور. طبعا لا يمكن معالجة كل الامور دفعة واحدة وانما حسب اولويات واقعية... فلا احد يمتلك عصاً سحرية. كما رقصة التاغو تتطلب شخصان لادائها: اي المتعاملون بالاضافة للادارة البورصة.

4) هجرة رؤوس الاموال: ربما ساهمت هجرة بعض رؤوس الاموال الوطنية والاجنبية للخارج في زيادة شح السيولة. ولكن ماذا نتوقع من اقتصاد حر؟ اذا اردنا ابقاء هذه الاموال يجب اغراؤها وتقديم الحوافز لها. اما ان نقدم لها اقتصادا فقيرا بالفرص الاستثمارية الجيدة ومليئا بالعقبات والتعقيدات والقوانين النافرة، فماذا نتوقع؟ مع ذلك، مهما كان حجم الاموال المهاجرة، فهو ليس بالذي يستطيع تدمير بورصة بحجم البورصة الكويتية. ربما يربكها قليلا ولكن يدمرها، فلا. كما انه حسب تقرير لجنة السوق الاخير، فان حجم تداول الكويتيين خلال هذه السنة (2008) بلغ 93 في المئة! وحتى لو افترضنا ان هذا يشمل الاموال الاجنبية المسجلة باسماء كويتيين، تبقى هذه النسبة عالية ومطمئنة.

5) ضعف المهنية: لا شك ان المستوى المهني في التداول قد اثر على الوضع السلبي ودفع بشريحة كبيرة من المتداولين الصغار الى افراغ حمولتهم من الاسهم بأرخص الاسعار... بينما الباخرة ما زالت طافحة فوق الماء! قد يعود ذلك الى نقص الشفافية وعدم توفر المعلومات التوضيحية في السوق من قبل البورصة ومن الحكومة، مما زجهم في نفق مظلم ارغمهم على البيع خوفا من المجهول... او خوفا من الغول الذي صورته لهم الصحافة او الاشاعات. ولكن ان ينجرف كذلك مدراء المؤسسات المالية في هذا النفق، فهذا - ان حدث فعلاً- يعكس صورة اضعف مما نتوقع.


6) المخاطر السياسية الخارجية: الوضع الاقليمي المتقلب يتارجح بين احتمال نشوب حرب ضارية تؤثر على المنطقة برمتها وبين تزايد احتمالات انتشار الارهاب والعنف من البلاد المجاورة مما يؤثر سلباً على معنويات وتوقعات المتداولين. ولكن هذه المخاطر ليست جديدة بل اصبحت جزءً من طبيعة الحياة في منطقتنا الساخنة ولا نعتقد بان الاوضاع الاقليمية قد ازدادت حدةً خلال الستة اشهر الماضية لدرجة اشعال الضوء الاحمر اذعاناً بخطر وشيك.

7) الازمة المالية الاميركية: الوضع المالي في اميركا وما الت اليه مؤسساته المالية واحتمال انتشار وباء التعثر المالي والمصرفي الى بقية انحاء العالم بما فيها المؤسسات المالية الخليجية. واحتمال توليد كساد اقتصادي يعم العالم الامر الذي قد يهبط اسعار النفط -وهو موردنا الرئيسي- فنعود الى الفقر. لا شك ان بعض المؤسسات المالية الخليجية سيصيبها البلل بدرجات متفاوتة من ازمة المديونيات الامريكية. ولكن ان تغرق، فهذا ربما مبالغ فيه بالنسبة لمعظم المؤسسات المالية وخصوصاً الاسلامية منها. كما ان هبوط اسعار النفط سيؤثر سلبا على الاقتصادات الخليجية وربما يؤجل بعض المشاريع العملاقة، ولكن ما زال هناك مجال مرتاح بين مستوى السعر السائد للنفط وبين ما هو مطلوب لضمان حسن سير هذه الاقتصادات. كما ما زال بيننا وبين مستهلكي النفط امرين: الشتاء الآتي والطلب المتنامي في آسيا حتى لو اصابها رذاذ الكساد الاميركي.


8) قلة وكثرة الاعلام: لا شك ان قلة الاعلام الحكومي المتمثل بالصمت القاتل عن كل ما حدث عبر الاشهر الماضية يعطي انطباعا بعدم تقدير او فهم جدية وخطورة الوضع وعدم قراءة عوارض المرض. ولما تفاقم الالم وصاح الناس سيطر الانبهار والجمود على من بأيديهم القرارات. طبعاً يعود ذلك الى عدم وجود في الدولة جهة مناط بها مسؤولية الاقتصاد الوطني. فلا وزارة اقتصاد ولا حتى لجنة عليا لديها صلاحيات اصدار السياسات والاجراءات الايجابية للاقتصاد او ايقاف وتغيير كل ما هو مسيء ومضر بالاقتصاد. ومن الناحية الاخرى، كان وما زال هناك سيل جارف من التهويل الاقتصادي والتنبؤات المتشائمة من الصحافة طوال السنة الماضية مما تحتمل اذهان الكثيرين لتوقع كارثة هبوط البورصة ودفعهم للبيع فور ظهور اول سحابة داكنة. يقول المثل الانكليزي: «انتبهوا لما تتمنوا حدوثه... فقد يحدث فعلاً!».


9) مؤامرة كبار المتداولين: لا نرى ركيزة قوية يمكن الارتكاز عليها في اتهام الكبار «الهوامير» بهذا الهبوط. فهم في النهاية اكبر المتضررين. فخسارتهم ليست فقط بالملايين بل بعكس الصغار سيؤثر هبوط السوق على ميزانياتهم التي يقدمونها كل ربع سنة للبنوك لاستمرار سريان قروضهم الضخمة. كما انه يدهور قيمة اصولهم الاخرى خارج لعبة البورصة. اي ان خسارة الكبار ربما مضاعفة لخسارة الصغار حتى لو حسبناها كنسبة من اجمالي اصول الطرفين من اسهم. طبعاً ليس جميع «الهوامير» قديسين. واذا كان لا بد من توجيه اتهام ما لبعضهم، فذلك سيكون «ذنب الجشع» لامتناعهم عن دعم اسهمهم في بداية النزول. وقد برر بعضهم ذلك في حينه بمنطقهم القائل: «اذا كان هناك من هو مستعد لبيع اسهمه بسعر رخيص، فلماذا نشتري بالغالي؟!». وهذا منطق من لم يتعد نظره مسافة انفه. فتركت الاسعار تهبط حتى اتت النار على الاخضر واليابس، اي اصابت اصول الكبار بالاضافة لاصول الصغار.

نلخص موضوعنا بان السوق كان مهيئاً للنزول ضمن تصحيح عادي، ولكن تجمع عليه في ان واحد عدد كبير من العوامل السلبية فازدادت حدة التصحيح. وبسكوت وجمود جميع الاطراف القادرة من حكومة وهيئات ومؤسسات وشركات، وامتناعها او تأخرها في التحرك الادبي اولا وثم الفعلي لدرء الخطر الاتي، فلت الوحش من قفصه فتدافع الصغار وثم الاكبر على البيع باسعار متدنية يوما بعد يوم. اما بالنسبة للحلول، فهذا موضع كبير وطويل ولكن مختصره هو معالجة الاسباب المذكورة اعلاه وتخفيف سلبيتها بشكل مدروس ومنظم وليس كردة فعل.

بقلم: مروان احمد سلامة - المركز الشرقي للاستشارات



 

UNIX

موقوف
التسجيل
9 أبريل 2007
المشاركات
7,556
مشكورة على المقال، و يعطيج العافية. بس اذا نظري ضعف بسبة ألوان مقالتج، من راح يتبرع و يعالجني بألمانيا؟؟
 

دولار$

عضو نشط
التسجيل
3 سبتمبر 2007
المشاركات
4,371
لأجل عيون مشرفنا العزيز أنا مستعد أغير لك اللون
:)


جريدة الرأي
العدد 10696 - 13/10/2008
اطبع


البورصة والاقتصاد: سبب السقوط ! (2 من 2)
كثرت الآراء حول اسباب هبوط البورصات الكويتية والخليجية خلال الشهرين الماضيين، واشتداد حدته في الاسابيع والايام الاخيرة. ونتفق بشكل عام مع معظم الاسباب المطروحة بل يمكن اضافة سبب آخر دارج في اميركا وله مؤيدون هناك وهو ربط صعود وهبوط البورصة في الابراج والفلك تنبؤات المنجمين.
ولكن الاقرب الى الحقيقة هو ان ليس هناك سبب واحد لهذا السقوط الكبير وانما مجموعة اسباب وسنقسمها الى اسباب هيكلية فنية واسباب من صنع ادمي اي ناتجة عن خطا او تقصير بشري.
اما الاسباب الهيكلية فهي مرتبطة بطبيعة الاسواق عامة اكانت عقارا او سلعا او خدمات اوبورصات. فجميع الاسواق بل جميع الاعمال الاقتصادية تخضع لعاملي العرض والطلب. وبشكل عام، طالما ان الطلب اكثر من العرض فان الاسعار ترتفع والعكس صحيح. وبالنسبة لبورصات الاسهم، ففيها يتم تداول حصص مشاركة في شركات (اي اسهم) وعليه فان سعر هذه الحصص/الاسهم يصعد كلما كانت ربحية الشركة اكبر، او يتوقع لها ان تنمو. فسعر السهم يصعد او يهبط بناءً على ايجابية او سلبية التوقعات بشان الربحية المستقبلية للشركة. وحيث اننا لا نعلم الغيب، فان هذه التوقعات مبنية على قاعدتين. القاعدة الاولى هي التوقعات المبنية على احساس وشعور شخصي اوعلى الاشاعات او مراقبة وتتبع خطوات كبار المتداولين. والقاعدة الثانية هي التوقعات المبينة على فحص وقراءة وتحليل الاداء السابق للشركات ومتابعة اخبارها للوقوف على مسارها والاستئناس بما يتوفر من تحليلات فنية وتقنية. وقد تؤدي كل من القاعدتين الى قرارات ناجحة، ولكن على المدى الاطول تفرز القاعدة الثانية عادة نسبة نجاح اكبر.
والمؤشر الاكثر استخداماً في تحديد جودة شراء اي سهم او عدمه هو مؤشر «مضاعف الربحية» p/e. واذا اطلعنا مثلا على مستويات ال p/e للاسهم الكويتية، فسنجد انها كانت رخيصة ومغرية في يوليو 2008 عندما بدا النزول. وازداد هذا الرخص بعد النزول حتى اصبحت في 7 اكتوبر 2008 في غاية الاغراء للشراء. اذاً لماذا هذا الهبوط الحاد؟ وهذا يعيدنا الى موضع الهيكلية.
البورصات بطبيعتها تتذبذب صعودا ونزولا فيما يسمى اتجاهات وتصحيحات. وقد شاءت الصدف ان البورصة الكويتية كانت في يوليو 2008 قد وصلت فنيا الى مرحلة تهيئها لاحتمال حدوث تصحيح نزولي. وفي الاوضاع العادية، كان بامكان حجم هذا التصحيح ان يصل الى 500 نقطة ليصل مؤشر السوق الى مستوى 15000 او حسب سيناريو اكثر تشاؤما ان يهبط 1500 نقطة ليصل المؤشر الى مستوى 13670 نقطة. وحتى في حالة كارثية، كان بامكان حدوث هبوط 2000 نقطة ليصل مؤشر السوق الى مستوى 13260 نقطة. ولكن ان يهبط نحو 4000 نقطة (اي 25 في المئة) خلال ثلاثة اشهر، فهذا غير مبرر بتاتا، خصوصاً اذا عرفنا ان السوق هبط خلال شهر واحد (سبتمبر 2008) بما يعادل 2868 نقطة اي نحو 19.8 في المئة ! ما نستنتجه من كل هذا هو ان السوق كان هيكليا جاهزا لنزول تصحيحي عادي او ربما اكثر من عادي. ولكن ان يسقط بهذه الحدة وهذه المسافة يعني وجود عوامل اخرى عملت على تفاقم النزول. فما هي؟
قبل الدخول في موضوع الاسباب غير الهيكلية لهبوط السوق، دعونا نستعرض هذا المثال الافتراضي الذي قد يوضح الصورة الكلية. فعندما يفشل المحصول الزراعي، يمكن ارجاع ذلك الى واحد او اكثر من الاسباب التالية:
أ) الجفاف وقلة المطر (بورصوياً يعني نقص السيولة في السوق)
ب) صغر الرقعة الزراعية او عدم خصوبتها (اي قلة الفرص الاستثمارية الجيدة)
ت) رداءة البذور (اي ضعف المهنية في العمل)
ث) قلة او سوء المعدات والآليات المستخدمة (اي سلبية القوانين واجراءات العمل)
ج) ضعف اداء المزارع او الفلاح (اي سلبية الاعلام الرسمي وكذلك الصحافي تجاه المشاكل الحقيقية او الوهمية)
ح) الامراض المنتقلة من المزارع المجاورة (اي الاضطرابات الاقليمية والعالمية)
خ) قلة او رداءة السماد المستخدم (اي سلبية وسائل التمويل وكلفتها).
وتصادف تجمع جميع هذه العوامل السلبية في آن واحد وتكالبت على سوق قوي اساسا - ولكن يمر في مرحلة تصحيح نزولي- فانفجرت الفقاعة وحدثت الكارثة. اي ليس هناك سبب واحد انفرد بالجريمة وانما شعرات من كل منها حتى جاءت الشعرة التي قصمت ظهر البعير.
واذا عددنا الاسباب الرئيسية غير الهيكلية التي ساهمت في الكارثة سنجد انها تشمل:
1) شح السيولة (ا): بسبب كثرة الاكتتابات وزيادات رؤوس الاموال التي تركزت تقريبا في وقت واحد. ولكن هذه ليست كافية بمفردها لدهورة البورصة ونعتقد بانها بقيت ضمن قدرة السوق الكويتي لاستيعابها خصوصا وانها معروفة منذ نصف سنة مما يعتبر وقتاً كافياً للمؤسسات المالية والتجارية وكبار المتداولين لتدبير الاموال المطلوبة.
2) شح السيولة (ب): بسبب ضغط البنوك على المقترضين وانصياعهم لتعليمات البنك المركزي الجديدة. ولكن هذه التعليمات قائمة منذ اكثر من 6 اشهر مما وفر متسعا من الوقت لتداركها. كما يفترض ان المؤسسات المالية قادرة على ترتيب مصادر تمويل بديلة او حتى خارجية بكلفة اقل بكثير. لا شك ان اداء البنك المركزي في حماية الدينار والاقتصاد الكويتي كان جيداً عبر السنوات الماضية، ولكن كان بامكانه تخفيف وتلطيف وقع قراراته الانكماشية المتتالية -وان كانت ضرورية. ليته اتبع نصيحة قبطان الطائرة لمساعده المتدرب عندما قال له: «اهبط بالطائرة ولامس عجلاتها بمدرج المطار كما تطبع قبلة على خد حبيبتك، لا كما تلطم خد عدوك!».
3) ادارة البورصة: ربما كانت السلبية (المبالغ فيها) تجاه ادارة البورصة وقراراتها المختلفة احد العوامل المساهمة في النزول. ولكن لنتذكر ان ادارة البورصة ايضا مقيدة بما لديها من قوانين وكوارد وموارد. فهي تجتهد بما هو متوفر لديها وليس من العدل الباسها «قميص عثمان» بكامله. فهي تقريبا مثل صاحب مجمع تجاري الذي تتركز مسؤولياته الرئيسية في توفير الدكاكين والكهرباء والصيانة والحراسة والرقابة العامة.
اما ماذا يفعل المستأجرون في دكاكينهم وماذا يبيعون فيها او كيف يديرونها فهذا امر يخصهم وعليه يعتمد ربحهم او خسارتهم. لا شك ان هناك بعض الاجتهادات التي اقرتها ادارة البورصة ولم يتفق معها فريق كبير من الشركات. ولكن كبقية الامم المتحضرة، تحول الخلاف الى المحاكم، فتم الافتاء بشانه ونظريا انتهى الامر هناك وليس من مصلحة احد الاستمرار بتاجيج الخلاف وتصويره على حروب الثار ما زالت دائرة. طبعا ما زال هناك مجالا لاحداث تحسينات على جودة اداء البورصة ورقابتها للتداول، وهذا امر مستمر، بل لا ينتهي طالما ان البورصات واساليب عملها يتطور. طبعا لا يمكن معالجة كل الامور دفعة واحدة وانما حسب اولويات واقعية... فلا احد يمتلك عصاً سحرية. كما رقصة التاغو تتطلب شخصان لادائها: اي المتعاملون بالاضافة للادارة البورصة.
4) هجرة رؤوس الاموال: ربما ساهمت هجرة بعض رؤوس الاموال الوطنية والاجنبية للخارج في زيادة شح السيولة. ولكن ماذا نتوقع من اقتصاد حر؟ اذا اردنا ابقاء هذه الاموال يجب اغراؤها وتقديم الحوافز لها. اما ان نقدم لها اقتصادا فقيرا بالفرص الاستثمارية الجيدة ومليئا بالعقبات والتعقيدات والقوانين النافرة، فماذا نتوقع؟ مع ذلك، مهما كان حجم الاموال المهاجرة، فهو ليس بالذي يستطيع تدمير بورصة بحجم البورصة الكويتية. ربما يربكها قليلا ولكن يدمرها، فلا. كما انه حسب تقرير لجنة السوق الاخير، فان حجم تداول الكويتيين خلال هذه السنة (2008) بلغ 93 في المئة! وحتى لو افترضنا ان هذا يشمل الاموال الاجنبية المسجلة باسماء كويتيين، تبقى هذه النسبة عالية ومطمئنة.
5) ضعف المهنية: لا شك ان المستوى المهني في التداول قد اثر على الوضع السلبي ودفع بشريحة كبيرة من المتداولين الصغار الى افراغ حمولتهم من الاسهم بأرخص الاسعار... بينما الباخرة ما زالت طافحة فوق الماء! قد يعود ذلك الى نقص الشفافية وعدم توفر المعلومات التوضيحية في السوق من قبل البورصة ومن الحكومة، مما زجهم في نفق مظلم ارغمهم على البيع خوفا من المجهول... او خوفا من الغول الذي صورته لهم الصحافة او الاشاعات. ولكن ان ينجرف كذلك مدراء المؤسسات المالية في هذا النفق، فهذا - ان حدث فعلاً- يعكس صورة اضعف مما نتوقع.
6) المخاطر السياسية الخارجية: الوضع الاقليمي المتقلب يتارجح بين احتمال نشوب حرب ضارية تؤثر على المنطقة برمتها وبين تزايد احتمالات انتشار الارهاب والعنف من البلاد المجاورة مما يؤثر سلباً على معنويات وتوقعات المتداولين. ولكن هذه المخاطر ليست جديدة بل اصبحت جزءً من طبيعة الحياة في منطقتنا الساخنة ولا نعتقد بان الاوضاع الاقليمية قد ازدادت حدةً خلال الستة اشهر الماضية لدرجة اشعال الضوء الاحمر اذعاناً بخطر وشيك.
7) الازمة المالية الاميركية: الوضع المالي في اميركا وما الت اليه مؤسساته المالية واحتمال انتشار وباء التعثر المالي والمصرفي الى بقية انحاء العالم بما فيها المؤسسات المالية الخليجية. واحتمال توليد كساد اقتصادي يعم العالم الامر الذي قد يهبط اسعار النفط -وهو موردنا الرئيسي- فنعود الى الفقر. لا شك ان بعض المؤسسات المالية الخليجية سيصيبها البلل بدرجات متفاوتة من ازمة المديونيات الامريكية. ولكن ان تغرق، فهذا ربما مبالغ فيه بالنسبة لمعظم المؤسسات المالية وخصوصاً الاسلامية منها. كما ان هبوط اسعار النفط سيؤثر سلبا على الاقتصادات الخليجية وربما يؤجل بعض المشاريع العملاقة، ولكن ما زال هناك مجال مرتاح بين مستوى السعر السائد للنفط وبين ما هو مطلوب لضمان حسن سير هذه الاقتصادات. كما ما زال بيننا وبين مستهلكي النفط امرين: الشتاء الآتي والطلب المتنامي في آسيا حتى لو اصابها رذاذ الكساد الاميركي.
8) قلة وكثرة الاعلام: لا شك ان قلة الاعلام الحكومي المتمثل بالصمت القاتل عن كل ما حدث عبر الاشهر الماضية يعطي انطباعا بعدم تقدير او فهم جدية وخطورة الوضع وعدم قراءة عوارض المرض. ولما تفاقم الالم وصاح الناس سيطر الانبهار والجمود على من بأيديهم القرارات. طبعاً يعود ذلك الى عدم وجود في الدولة جهة مناط بها مسؤولية الاقتصاد الوطني. فلا وزارة اقتصاد ولا حتى لجنة عليا لديها صلاحيات اصدار السياسات والاجراءات الايجابية للاقتصاد او ايقاف وتغيير كل ما هو مسيء ومضر بالاقتصاد. ومن الناحية الاخرى، كان وما زال هناك سيل جارف من التهويل الاقتصادي والتنبؤات المتشائمة من الصحافة طوال السنة الماضية مما تحتمل اذهان الكثيرين لتوقع كارثة هبوط البورصة ودفعهم للبيع فور ظهور اول سحابة داكنة. يقول المثل الانكليزي: «انتبهوا لما تتمنوا حدوثه... فقد يحدث فعلاً!».
9) مؤامرة كبار المتداولين: لا نرى ركيزة قوية يمكن الارتكاز عليها في اتهام الكبار «الهوامير» بهذا الهبوط. فهم في النهاية اكبر المتضررين. فخسارتهم ليست فقط بالملايين بل بعكس الصغار سيؤثر هبوط السوق على ميزانياتهم التي يقدمونها كل ربع سنة للبنوك لاستمرار سريان قروضهم الضخمة. كما انه يدهور قيمة اصولهم الاخرى خارج لعبة البورصة. اي ان خسارة الكبار ربما مضاعفة لخسارة الصغار حتى لو حسبناها كنسبة من اجمالي اصول الطرفين من اسهم. طبعاً ليس جميع «الهوامير» قديسين. واذا كان لا بد من توجيه اتهام ما لبعضهم، فذلك سيكون «ذنب الجشع» لامتناعهم عن دعم اسهمهم في بداية النزول. وقد برر بعضهم ذلك في حينه بمنطقهم القائل: «اذا كان هناك من هو مستعد لبيع اسهمه بسعر رخيص، فلماذا نشتري بالغالي؟!». وهذا منطق من لم يتعد نظره مسافة انفه. فتركت الاسعار تهبط حتى اتت النار على الاخضر واليابس، اي اصابت اصول الكبار بالاضافة لاصول الصغار.
نلخص موضوعنا بان السوق كان مهيئاً للنزول ضمن تصحيح عادي، ولكن تجمع عليه في ان واحد عدد كبير من العوامل السلبية فازدادت حدة التصحيح. وبسكوت وجمود جميع الاطراف القادرة من حكومة وهيئات ومؤسسات وشركات، وامتناعها او تأخرها في التحرك الادبي اولا وثم الفعلي لدرء الخطر الاتي، فلت الوحش من قفصه فتدافع الصغار وثم الاكبر على البيع باسعار متدنية يوما بعد يوم. اما بالنسبة للحلول، فهذا موضع كبير وطويل ولكن مختصره هو معالجة الاسباب المذكورة اعلاه وتخفيف سلبيتها بشكل مدروس ومنظم وليس كردة فعل.

بقلم: مروان احمد سلامة - المركز الشرقي للاستشارات​
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
Thanx
 

Q8 Stock

مشرف
طاقم الإدارة
التسجيل
12 يونيو 2005
المشاركات
25,895
الإقامة
Q8

UNIX

موقوف
التسجيل
9 أبريل 2007
المشاركات
7,556
يا أستاذ مروان سلامة مقياس مضاعف الربحية ليس مؤشراً نزيها لقياس أرباح الشركات.

بل مقياس ربح الشركات هو القدرة عل تحديد جودة تلك الأرباح! هل هي أرباح مدورة أو مفتعلة أم دفترية أم عضوية!!
 

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي
فديت عويناتكم غيرت اللون وتسلم لي يا دولار عسا يا رب تكبر وتصير مليون دولار
 

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي
مشكورة على المقال، و يعطيج العافية. بس اذا نظري ضعف بسبة ألوان مقالتج، من راح يتبرع و يعالجني بألمانيا؟؟

العفو يونكسنا وربي يعافيك


لا بوديك السويد تعالج وبعدين سويسرا راخة واستجمام
 

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي

Q8 Stock

مشرف
طاقم الإدارة
التسجيل
12 يونيو 2005
المشاركات
25,895
الإقامة
Q8







وقد برر بعضهم ذلك في حينه بمنطقهم القائل: «اذا كان هناك من هو مستعد لبيع اسهمه بسعر رخيص، فلماذا نشتري بالغالي؟!».


من القائل ؟ :p
 

sulaimanajmani

عضو نشط
التسجيل
31 مايو 2007
المشاركات
276
حط كل الاسباب ما خل شىء، هذا يبا فشل مو نجاح لو فالح جان حط ايدة على الجرح

ناقص يدخل سبب اخر هو اضراب العمال البنغاليين و ...

السبب هو عناد الاحمق الفلاح مع مجموعة ال66 حرامى واسباب اخرى زادت النزول
 

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي
:confused::confused: أبيه عيب ما يصير تقول أحمق:mad::mad:

اصلا اولا شي عيب وثانيا يعتبر غيبة ونميمة :( واااااي انا ما راح اسمح لأي أحد انه ينم ولا يغتاب بمواضيعي


هالمقالة للفائدة عزيزي مع انه مداخلتك حلوة لو خلت من لفظ الأحمق وشكرا :( :(
 

عذووب

عضو نشط
التسجيل
8 سبتمبر 2008
المشاركات
1,488
الإقامة
في قلب أبوي واخواني اللي هم كل دنيتي
حياك الله مهندسنا
 
أعلى