(هنيآ لكم ما انتم فيه )

ياسر الروقي

عضو نشط
التسجيل
11 يونيو 2007
المشاركات
3,829
الإقامة
بلدة طيبة ورب غفور
فى حجة الوداع وبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس نزلت عليه قول

الله جل وعلا



{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}

ونزلت سورة النصر

{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا
(3)}

فعرف الرسول الله صلى الله عليه وسلم

أنه سيودع الدنيا .. فقال:إنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا .. وقال: لعلى لا

أحج بعد عامى هذا.

ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ..

وفى أوائل السنة الحادية عشرة من الهجرة ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور

شهداء أحد فصلى عليهم وقال : إنى أشهد الله أنى عنكم راضى .. فلما رجع رسول

الله صلى الله عليه وسلم من المقابر وهو فى الطريق بكى وقال : وددتُ أنى لقيتُ

اخوانى , فقالوا : أولسنا إخوانك يارسول الله ..قال : أنتم أصحابى .. وأخوانى الذين

يأتون من بعدى يؤمنون بى ولم يرونى وفى بعض الروايات

( يود الواحد منهم لو رأنى بأهله وماله )

فداك أبى وأمى يا رسول الله , والله إننا لنتمنى أن نراك ولو فقدنا كل شىء .

وبعد مدة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يودع أيضا أهل البقيع فى مقابر

البقيع فدعا لهم واستغفر , وقال : السلام عليكم أهل المقابر ليهنا لكم بما أصبحتم

فيه بما أصبح الناس فيه (يعنى هنيئا ً لكم ما أنتم فيه) ثم قال : أقبلت الفتن كقطع

الليل المظلم يتبع آخرها أولها والآخرة شرُ من الأولى ثم بشر أهل البقيع فقال : إنا ن

شاء الله بكم لاحقون .. وعندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابه المرض

وداهمه صداع رهيب صلى الله عليه وسلم .. وكان يوم الإثنين فجعل رسول الله صلى

الله عليه وسلم يربط عصابة على رأسه صلى الله عليه وسلم من شدة الألم .. حتى إن

الصحابة رضى الله عنهم كانوا يحسون بحرارة رأسه صلى الله عليه وسلم من فوق

العصابة .. وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس أحد عشر يوما ً وفى

الأسبوع الأخير إشتد المرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يتمنى أن

يمرض فى بيت عائشة رضى الله عنها فجعل يقول صلى الله عليه وسلم لزوجاته

أتأذنون لى أن أ ُمرض فى بيت عائشة قالوا له صلى الله عليه وسلم أذن لك يا رسول

الله .. فأراد أن يقوم فما استطاع صلى الله عليه وسلم وجاء على بن أبى طالب

والفضل بن العباس رضى الله عنهم فحملوا النبى صلى الله عليه وسلم وخرجوا به من

حجرة أم المؤمنين ميمونة راضى الله عنها إلى حجرة عائشة رضى الله عنها , لكن

الصحابة رضوان الله عليهم لأول مرة يروا النبى صلى الله عليه وسلم محمولا ً على

الأيدى .. فتجمع الصحابة رضى الله عنهم وقالوا : ما لرسول الله..ما لرسول الله .. وبدأ

الناس يتجمعون فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم .. وبدأ المسجد يمتلىء بأصحاب

النبى صلى الله عليه وسلم .

ويُحمل النبى صلى الله عليه وسلم إلى بيت أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها .. وبدأ

النبى صلى الله عليه وسلم يعرق عرقا ً شديدا ً.. وجعلت عائشة رضى الله عنها تمسك

بيده صلى الله عليه وسلم ..وتمسح العرق عن جبينه صلى الله عليه وسلم .. ثم بدأت

آلام السكرات .. فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول:

(لا إله إلا الله إن للموت لسكرات.. لا إله إلا الله إن للموت لسكرات)

وجعل صوت الناس يعلوا داخل المسجد .. فجعل يقول النبى صلى الله عليه وسلم

لإم المؤمنين عائشة رضى الله عنها ما هذا يا عائشة ..

قالت يا رسول الله الناس يخافون عليك .. فقال صلى الله عليه وسلم إحملونى إليهم ..

فأراد أن يقوم صلى الله عليه وسلم فما استطاع صلى الله عليه وسلم أن يقوم ..

فأغمى عليه صلى الله عليه وسلم .. فصبوا عليه صلى الله عليه وسلم سبع قرب من

الماء كى يُفيق صلى الله عليه وسلم وبعدها أفاق رسول الله صلى الله عليه وسلم

وحُمل النبى صلى الله عليه وسلم وصعد إلى المنبر .. فكانت آخر خطبة لرسول الله

صلى الله عليه وسلم .. وآخر كلمات للنبى صلى الله عليه وسلم .. وآخر دعاء من رسول

الله صلى الله عليه وسلم .. وآخر نظرات من انبى صلى الله عليه وسلم .. قال صلى الله

عليه وسلم (أيها الناس كأنكم تخافون على..قالوا نعم يا رسول الله..فقال صلى الله

عليه وسلم أيها الناس أنا فرطكم على الحوض..\"إن موعدى معكم عند الحوض \" ..

والله لكأنى أنظر إليه من مقامى هذا..أيها الناس والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن

أخى عليكم الدنيا أن تفتح عليكم فتنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم فتهلككم

كما أهلكتهم..ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم : أيها الناس الصلاة..الصلاة وما ملكت

أيمانكم أوصيكم فى الصلاة..أيها الناس استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عوانن

عندكم..أيها الناس إن عبدا ً خيره الله بين البقاء فى الدنيا وبين ما عند الله فختار ما

عند الله , فما أحد عرف ماذا يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم سوى أبى بكر

الصديق رضى الله عنه وأرضاه لما سمع تلك المقالة بكى بكاء ً شديدا وجعل نحيبه

يعلوا فى المسجد ويقول : (فديناك بآبائنا يارسول الله..فديناك بأمهاتنا يا رسول

الله..فديناك بأولادنا يا رسول الله..فديناك بزوجاتنا يارسول الله..فديناك بأموالنا يا

رسول الله) وجعل الناس ينظرون إلى أبا بكر الصديق رضى الله عنه نظر تعجب

واستغراب..فقال النبى صلى الله عليه وسلم : (أيها الناس ما منكم من أحد كان له علينا فضل إلا

كفأناه إلا أبى بكر الصديق..فإنى لا أستطع مكافأته..فتركت مكافأته لله جل

وعلا..كل الأبواب إلى المسجد تسد إلا باب أبى بكر الصديق رضى الله عنه وأرضاه..ثم

قال النبى صلى الله عليه وسلم أيها الناس من كنت جلدت له ظهرا ً..من كنت أخذت له

مالا ً أو منه حقا ً فهذا ظهرى فليستقد منى..هذا ظهرى فليقتص منى..فجعل الصحابة

يبكون.. وقام رجل من بين الصحابة رضى الله عنهم قال أنا يا رسول الله لى عندك

ثلاثة دراهم..فقال صلى الله عليه وسلم يا فضل بن العباس أعطه ثلاثة دراهم..فأخذ

الدراهم الثلاثة وكان يقول كنت أريد أن أحتفظ بشىء من رسول الله صلى الله عليه

وسلم قبل أن يموت صلى الله عليه وسلم..ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر

بين المسلمين..يقلب عينيه بينهم ويقول أواكم الله..ثبتكم الله..حفظكم الله..رعاكم

الله..نصركم الله)

فكانت هذه آخر كلمات النبى صلى الله عليه وسلم..ونزل رسول الله صلى الله عليه

وسلم من على المنبر وتوجه إلى حجرة أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها..ثم دخل

عليهم عبد الرحمان بن أبى بكر رضى الله عنه أخوعائشة رضى الله عنها ومعه

مسواك يستاك به فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه..قالت عائشة رضى

الله عنها فعلمت أنه يريده صلى الله عليه وسلم..فقلت آخذه لك يا رسول الله..فأشار

برأسه أن نعم..فأخذت المسواك ووضعته فى ريقى وقدمته..وطيبته..ونظفته..ثم

دفعته للنبى صلى الله عليه وسلم..فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك

المسولك فى فمه..قالت عائشة رضى الله عنها : (كان من فضل ربى عليا أن الله جمع

بين ريقى وريق النبى صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت..ثم دخلت ابنته فاطمة رضى

الله عنها فرأت النبى صلى الله عليه وسلم مسجى على الفراش فبكت..بكت لأنها كانت

كلما دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم قام إليها فرحب بها..وقبلها..وأجلسها فى

مكانه صلى الله عليه وسلم..وهى الآن ترى والدها خير البشر صلى الله عليه وسلم

مسجى على فراشه..فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم إدنى منى يا فاطمة

(إقتربى منى يا فاطمة) فهمس لها صلى الله عليه وسلم فى اُذنها فبكت..ثم همس لها

صلى الله عليه وسلم مرة أخرى فضحكت..فسُئلت بعد ذلك فقالت إنه صلى الله عليه

وسلم همس لى أنه مغادر هذه الدنيا فبكيت..ثم همس لى فقال إنكِ أول أهلى لحوقا ً بى فضحكت..ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم أخرجوا من كان عندى فى البيت ثم

قال إدنوا منى يا عائشة..فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه على فخذها

وعند صدرها وفى حجرها..ثم دخل على النبى صلى الله عليه وسلم جبريل عليه

السلام..يستأذنه فى دخول ملك الموت..ودخل على النبى صلى الله عليه وسلم ملك

الموت..وجعل يخير النبى صلى الله عليه وسلم بين أن يبقى فى الدنيا وبين أن يصعد

إلى الله..فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول بل الرفيق الأعلى..

بل الرفيق الأعلى.. بل الرفيق الأعلى..فقال ملك الموت أيتها الروح الطيبة روح محمد

بن عبد الله اخرجى إلى رضا من الله ورضوان ورب راض ٍ غير غضبان..تقول عائشة

رضى الله عنها فثقلت رأس النبى صلى الله عليه وسلم على صدرى وعلمت أن رسول الله قد

مات..فأزحت الستار وقلت للناس فى المسجد مات رسول الله..مات رسول الله..فضج

المسجد بالبكاء وارتفعت أصوت الناس فما استطاع أحد أن يتحرك..فعلى بن أبى

طالب اقعد..وعثمان بن عفان جلس يبكى..وأبو بكر الصديق دمعت عيناه..وعمر بن

الخطاب قال : من قال منكم أن محمد قد مات قطعت عنقه بالسيف..والله ما مات رسول

الله وإنما ذهب للقاء ربه كما ذهب موسى بن عمرآن..أما أبو بكر الصديق رضى الله

عنه وأرضاه فقد تحامل على نفسه ودخل على النبى صلى الله عليه وسلم وضمه إلى

صدره وقال : واه خليلاه..واه حبيباه..ما أعظمك يا رسول الله طبت حيا ً وميتا ً يا

رسول الله..ثم جعل يقبل النبى صلى الله عليه وسلم فى رأسه..ثم خرج يبكى ويقول

أيها الناس من كان يعبد محمد فإن محمدا ً قد مات..ومن كان يعبد الله فإن الله حيا ً لا

يموت..قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ثم تلى أبو بكر الصديق قول الله تعالى

{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ

وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ
}

قال عمر فوالله لكأنى أول مرة أسمع هذه الأيه فى كتاب الله..ثم غسل النبى صلى الله عليه وسلم الفضل بن العباس وعلى بن أبى طالب وأنس بن مالك رضى الله عنهم..

وجعل على بن أبى طالب يصب الماء على النبى صلى الله عليه وسلم..والفضل بن

العباس يغسل النبى صلى الله عليه وسلم ويدلك جسده..ثم حُمل النبى صلى الله عليه

وسلم فى زاوية من حجرة عائشة رضى الله عنها..ووقف الصحابة على قبره صلى الله

عليه وسلم يدعوا لنبيهم..

ثم جاءت فاطمة رضى الله عنها وقالت : يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على

رسول الله التراب ( أطابت أنفسكم أن تضعوا التراب فوق الجسد الذى أخرجكم من الظلمات

إلى النور صلى الله عليه وسلم ) قال أنس : والله لقد كانت الليلة التى دخل رسول صلى

الله عليه وسلم المدينة أكثر اليالى اشراقة واضاءة..وكانت الليلة التى خرج الرسول

صلى الله عليه وسلم فيها من المدينة إلى الآخرة أظلم ليلة مرت علينا..هكذا رحل النبى

صلى الله عليه وسلم فى أحسن خاتمة فقد اختار رفيقه الأعلى سبحانه وتعالى.

انتهى كلام الشيخ فى المحاضرة

هذا الكلام المبكى سمعته فى محاضرة \" اللحظات الأخيرة \"

لفضيله الشيخ \" محمد الصاوى \" حفظه الله \"
 

ياسر الروقي

عضو نشط
التسجيل
11 يونيو 2007
المشاركات
3,829
الإقامة
بلدة طيبة ورب غفور
يرفع للفائده
 

أبو زين

عضو نشط
التسجيل
15 يوليو 2008
المشاركات
1,147
الإقامة
الحبــــــــQ8ــيــــــبــــة
الله الله ما أجمل هذا الكلام وهذا الدين وهذه الصداقة وهذا الحب

صلى الله على محمد وعلى آل بيته الطاهرين وأصحابه الميامين إلى يوم الدين

جزاك الله خيرا اخي الكريم
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
بارك الله فيك
 

ياسر الروقي

عضو نشط
التسجيل
11 يونيو 2007
المشاركات
3,829
الإقامة
بلدة طيبة ورب غفور
الله الله ما أجمل هذا الكلام وهذا الدين وهذه الصداقة وهذا الحب

صلى الله على محمد وعلى آل بيته الطاهرين وأصحابه الميامين إلى يوم الدين

جزاك الله خيرا اخي الكريم

الله يجزاك خير

بارك الله فيك

بارك الله فيكم ورحم الله ولديكم
 
أعلى