كل يغني على ليلاه

ابودندونه

موقوف
التسجيل
4 يناير 2009
المشاركات
231
تحليل اخباري كل يغني على ليلاه

c54532e3-a711-4ea2-87f4-9f3af601dbdd_main.jpg

كتب مارون بدران:
كثرت أوراق العمل المقترحة لحل الأزمة المالية الخانقة التي تمر بها جميع القطاعات في البلاد. وصدرت الصحف أمس بعدد صفحات أكبر من المعتاد (بعد تخفيض عدد الصفحات ترشيدا للإنفاق) لتنشر نصوص 3 أوراق قدمت للرأي العام: ورقة الحكومة أو بنك الكويت المركزي التي قدمت للجنة المالية البرلمانية، ورقة غرفة التجارة والصناعة، وورقة الهيئة العامة للشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية. تكاد 70 في المائة من بنود الأوراق الثلاثة تتشابه بالتمام والكمال. فالجميع متفق على أن تدخل الحكومة ومالها العام فهما وحدهما القادران على إيقاف نزيف البورصة وإنقاذ الشركات المتعثرة أو شبه المتعثرة. كما أن جميع أوراق الحلول المقدمة لحظت طرح سندات وشراء أصول وزيادة الإنفاق العام الاستثماري. لكن على الرغم من تلاقي الحلول المقدمة بعدد كبير من البنود، إلا أن ملاحظات عدة سجلها مراقبون على هذه الأوراق:
1 - يبدو أن القطاع الخاص في أزمة مع نفسه، فـ{ضاعت الطاسة}. لماذا لم توحد الأوراق المقدمة من قبل هذا القطاع؟ وإذا كانت الغرفة تمثل الجميع، لم لا تطرح مقترحات باسمهم جميعا؟ وإن اعتُبر تعدد الآراء صحيا، فأين أوراق اتحاد المصارف واتحاد العقاريين واتحاد الصناعيين وغيرها من الاتحادات والهيئات في القطاع الخاص؟ يجيب أحد المراقبين ان هذا القطاع لطالما كان غير منسجم مع نفسه، وتنخره بعض المصالح من هنا وضعف الثقة من هناك. ويضيف: عدم التنسيق موجود أصلا في الفترات العادية، فهل سيتغير شيء أثناء الأزمة؟
2 - كثر الإنشاء في أوراق العمل، وضاعت بشكل عام الأرقام المحددة التي قد تعتمد عليها الحكومة أو الجهات المعنية بالإنقاذ. فلغة الأرقام وحدها تحدد حجم المشكلة: فما هو الحجم التقريبي للديون المتعثرة؟ وكم عدد الشركات المتعثرة أصلا؟ ما المشكلة الحقيقية لدى صناديق النقد؟ وما مدى انكشاف البنوك على قروض شركات الاستثمار؟ ما قيمة السندات التي قد تضطر الحكومة لإصدارها؟
3 - قبل اقتراح أي حلول، يفتقر القطاع الخاص إلى تشخيص علمي للأزمة. فالبعض ما زال يقول إن الأزمة أزمة سيولة، وآخرون يؤكدون أنها أشد من ذلك بكثير. الجميع يتحدث عن أسماء شركات متعثرة لكن المعلومات لم ترتق بعد إلى مرتبة الخبر، فتأكل الإشاعات الأخضر واليابس.
4 - سوء التشخيص دليل على ضعف الشفافية إن لم نقل انعدامها. فما زالت بعض الشركات التي هي على شفير الإفلاس تكابر وترفض الاعتراف بصعوبة وضعها. غابت المؤتمرات الصحفية والبيانات {الطنانة والرنانة} والجوائز الموزعة يمينا ويسارا أثناء الرواج، فغابت معها كل المعلومات أثناء الأزمة. مسؤولون في الشركات مختبئون، غائبون عن أي اتصال مع المساهمين. مجالس إدارات نسيت أن المساهمين ملاك للشركة ويحق لهم معرفة حجم {المصيبة}. شركات وبنوك تصرخ من الوجع، ولم تقل أين هو الجرح. جهات رقابية نائمة في العسل، وخلت شاشات الإفصاح من اي معلومة تشير الى وجود ازمة اصلا!
5 - يشبه الحوار بين القطاع الخاص {الجريح} والقطاع العام {الجرّاح} حوار الطرشان: كل يغني على ليلاه. فتبادل البيانات والأوراق الإنشائية لا تسمن ولا تغني عن جوع. أين التنسيق بين القطاعات الخاصة المختلفة؟ ولم لا تعقد جمعيات عمومية استثنائية بتسنيق مع وزارة التجارة لمناقشة أوضاع المؤسسات؟ ألم يتفق الجميع أن الأزمة استثنائية وتتطلب حلولا استثنائية؟
6 - كشفت الأزمة أن القطاع الخاص غير منسجم مع نفسه. فلماذا تمارس بعض الشركات المواربة والتواري عن المساهمين؟ وما حقيقة الاحتيال {المادوفي} الذي استخدمته بعض الجهات مع عملائها؟ لماذا هذه الضبابية في المعلومات وهذه {الشرباكة} في القراءات؟ الجميع مازال يتحدث عن أطر عامة. ولولا الحرية الإعلامية النسبية، لما دخل أحد في صلب الموضوع.
إلى ذلك، تشير بعض الأوساط الاقتصادية إلى أزمة قناعة في الحلول المقترحة. فالقطاع الخاص غير راض عما فعلته الحكومة، فهو يريد طرح الأوراق، وعلى الجهات المختصة تطبيقها. وفي الوقت نفسه، تتعامل الحكومة مع الأزمة كأنها تنفيذ لمشروع حقول الشمال الذي يستطيع الانتظار عشر سنوات وأكثر، غير مدركة تبعات الأزمة العالمية الشرسة. فمنذ بداية سبتمبر، مازالت البلاد تدور في حلقة مفرغة، فإلى متى يبقى التشويش مستمرا وسياسات التنظير متبعة؟ يجيب أحد المصرفيين ان الأزمة الاقتصادية في الكويت حلها سياسي. فحبذا الصراخ إذا...
 
أعلى