السعاده

لمبه

عضو نشط
التسجيل
1 مارس 2009
المشاركات
39
سيكون حديثنا اليوم عن معنى يبحث كل الناس عنه في الدنيا والآخرة.. هذا المعنى اسمه السعادة. وهذه السعادة هي مراد كل واحد فينا.. ولكن الناس في بحثهم عنها فريقان، فريق يريد الوصول إليها ولو كان طريق الوصول لا يرضي الله ورسوله، وفريق يبحث عنها وعينه على الله ورسوله.
فأين مستقر هذه السعادة؟ إنها ليست في اليدين ولا في الدم ولا في الملبس، ولا في الجدران، إن السعادة شعور لا يلمس وأي شعور لا يلمس مكانه في القلب.
فمن أين تأتينا السعادة إذن؟
قد يظن البعض أنها تأتي من كثرة المقتنيات، من السيارة الفارهة والزوجة الجميلة والشقة الفاخرة والمال الوفير، أن تستطيع أن تشتري أي شيء تريده وتملك أي شيء ترغبه ولو كانت السعادة كذلك لشقي أهل الأرض جميعًا إلا القليل منهم!! ولما وجدنا غنيًّا يشقى ولا فقيرًا يسعد وهذا ليس من حقيقة الحياة في شيء.
إن العلماء والصالحين حددوا لنا باب الوصول إلى السعادة بشيء اسمه (الرضا) وعرّفوه بأنه (سكون القلب بالقضاء وبالقدر)، أي أن يكون القلب ساكنًا خاشعًا مطمئنًا بالله مهما كان ما يجري عليه من قضاء أو قدر.. أي أن يكون في قلب الإنسان المؤمن سرورًا من أفعال الله في المنع والعطاء، لأن الابتلاء كما يكون بالمنع يكون بالعطاء وكم من إنسان شغله عطاء الله عن الله، وكم من إنسان قرّبه المنع من الله. فهناك من يكون العطاء سببًا في صلاح حاله وهناك من يكون المنع سببًا في صلاح حاله، وعلينا لنحصل على الرضا أن نعلم أن ما نحن فيه هو الخير لأن الله لا يختار لنا إلا الخير..

إن نعمة السعادة يتذوقها الإنسان عندما يشعر أنه في أفضل حال، وأنه لا أحدَ منعم عليه قدره حتى وإن تأخرت الأشياء التي يتمناها أو تأخرت الأشياء التي يتوق لحصولها، سواء زواج أو عمل أو كشف كُربة معينة أو نجاح.. أو غير ذلك من أمور الدنيا.
ولنعلم أن الطريق للسعادة ليس مفروشًا بالورود وإعطاء النفس كل ما تتمنى. بل هو طريق مجاهدة وصبر وذكر و وفكر. طريق مشقة من أجل إرضاء الله فيرضى عنَّا فيرضينا برضاه. فمن وجد الرضا في قلبه من الله فقد وجد السعادة كل السعادة، ومن لم يجده فما كُتِبت له وما أخذ منها ولو ملك الدنيا وما فيها.
ولمن يظن أن السعادة والرضا في العطاء الدنيوي من الله وأن مََن حرمه الله من شيء لا يجد الرضا أو السعادة أضرب لكم هذا المثل:
في غزوة حنين في السنة الثامنة من الهجرة النبوية كان مع النبي من المسلمين اثنا عشر ألف صحابي، منهم ثلاثة آلاف من الصحابة الأوائل الذين تربَّوا على يد النبي، وباقي الإثني عشر ألف من حديثي العهد بالدين، وكان أغلبهم من أهل مكة. وبعد أن انتهت المعركة وانتصر المسلمون وجاء توزيع الغنائم قام النبي عليه الصلاة والسلام بتوزيع العدد الأكبر منها على حديثي العهد بالدين ليحببهم ويؤلفهم، فحزن بعض الأنصار وقالوا: "وجد النبي أهله".. أي أنه فضّل أهل مكة عليهم.

وعندما وصل الخبر للنبي صلى الله عليه وسلم جمعهم وقال بعد أن ذكّرهم بفضل الله عليهم: "يا معشر الأنصار أوجدتم عليّ في لعاعة من الدنيا ألفّت بها قلوب قوم حديثي العهد بالإسلام ووكلتكم أنتم إلى إيمانكم".. أي أن النبي يعاتبهم على أنهم عاتبوه بينهم وبين أنفسهم لأنه وزع الأغنام، وهي "لعاعة" أي شيء عمره قصير، على من يسعدهم العطاء الزائل، أما هم فقد رأى أن إيمانهم بالله يغنيهم عن كل شيء سواه.

ثم قال: "يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يرجع الناس بالشاة والبعير وتعودون أنتم برسول الله في رحابكم".. لقد أوضح لهم النبي أن هناك من يأخذون الدنيا وهناك من يكفيهم الله بمحبته وبرسوله.. فأيهما خير؟!! وهنا وقف الأنصار نادمين وقالوا: "رضينا برسول الله".. وذلك لما علموا من الحق وأن الله أعطاهم الغالي وأعطى لغيرهم الرخيص.



وأنت أيها الإنسان المسلم الذي لم ينل حظًّا من الدنيا ألا يكفيك أنه حين حرمك من بعض الأشياء قَسَم لك أن تطلب منه وتسأله من فضله. إننا يجب أن نرضى بما قسمه الله لنا ونعلم أنه ربما نرزق بشيء ويكون سببًا في تعاستنا. وربما يمنع الله عنا شيئًا ليكون المنع سببًا في سعادتنا وقربنا منه سبحانه.. "والله يعلم وأنتم لا تعلمون".

إن نعم الله علينا كثيرة لا تحصى، وعطاءه لنا لا يمكن حصره ولكن جُبِلت النفس على أن تنظر للمفقود فتشقى ولا تنظر للموجود فتسعد.. فإذا فاتك شيء ووجدت أنه لا سبيل لحصولك عليه فتذكر ما معك وما أعطاه الله لك ومن هنا تصل لباب الرضا ومن وجد باب الرضا فقد وجد السعادة.
فلنرضى حتى تطيب حياتنا وتطيب قلوبنا فالجنة لا يدخلها إلا الطيبون كما قال تعالى: "وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ"..

ولنتذكر دائما أن الكارهين لا يسعدون والذين يحسدون الناس لا يسعدون والذين لا يجاهدون أنفسهم لا يسعدون. فلا سعادة بغير إيمان ولا إيمان بغير حب، ولا حب في وجود الكراهية والحسد. وكما قال النبي عن حال الإنسان في استقبال قضاء الله وقدره: "مَن رضِي فله الرضا ومن سخط فله السخط"..



فلنرضى، ولنحمد، لنسعد في الدنيا والآخرة.


منقول...


ودمتم سالمين
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
شكرا
 

لمبه

عضو نشط
التسجيل
1 مارس 2009
المشاركات
39
العفو :) شكرا لمروركم
 

q8-1978

عضو نشط
التسجيل
29 يناير 2009
المشاركات
164
الإقامة
Kuwait
إن نعمة السعادة يتذوقها الإنسان عندما يشعر أنه في أفضل حال، وأنه لا أحدَ منعم عليه قدره حتى وإن تأخرت الأشياء التي يتمناها أو تأخرت الأشياء التي يتوق لحصولها، سواء زواج أو عمل أو كشف كُربة معينة أو نجاح.. أو غير ذلك من أمور الدنيا.
فعلا هذه السعاده

شكرا لك
 

الروض

عضو نشط
التسجيل
10 مارس 2009
المشاركات
303
موضوع جميل..

فلا سعادة بغير إيمان ولا إيمان بغير حب،
ولا حب في وجود الكراهية والحسد.
جزاك الله خير
 

NoOoOoR

عضو نشط
التسجيل
18 أغسطس 2008
المشاركات
10,667
الإقامة
الكــويـــت....:))
أن الكارهين لا يسعدون والذين يحسدون الناس لا يسعدون والذين لا يجاهدون أنفسهم لا يسعدون. فلا سعادة بغير إيمان ولا إيمان بغير حب، ولا حب في وجود الكراهية والحسد

ألف شكر عالموضوع
 

لمبه

عضو نشط
التسجيل
1 مارس 2009
المشاركات
39
شكرا على مرور اعزائى وجزاكم الله خير :)
 

acton

عضو نشط
التسجيل
22 فبراير 2008
المشاركات
6,337
الإقامة
UK-Acton-W3
سعادتي ان ارى ابتسامه طفل وسعاده غيري ان يشاهدني وانا مبتسم
شكرا على الموضوع
 
أعلى