"احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ".

محب التوحيد

عضو نشط
التسجيل
9 فبراير 2005
المشاركات
1,933
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"

الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ،

احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ،

وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ:

قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ

فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ".


رواه مسلم في صحيحه (2664).

يقول الامام النووي في شرح صحيح مسلم:


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ): وَالْمُرَادُ بِالْقُوَّةِ هُنَا عَزِيمَةُ النَّفْسِ وَالْقَرِيحَةُ فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ ، فَيَكُونُ صَاحِبُ هَذَا الْوَصْفِ أَكْثَرَ إِقْدَامًا عَلَى الْعَدُوِّ فِي الْجِهَادِ ، وَأَسْرَعَ خُرُوجًا إِلَيْهِ ، وَذَهَابًا فِي طَلَبِهِ ، وَأَشَدَّ عَزِيمَةً فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى فِي كُلِّ ذَلِكَ ، وَاحْتِمَالِ الْمَشَاقِّ فِي ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَرْغَبَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْأَذْكَارِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ ، وَأَنْشَطَ طَلَبًا لَهَا ، وَمُحَافَظَةً عَلَيْهَا ، وَنَحْوَ ذَلِكَ .

وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ ): فَمَعْنَاهُ فِي كُلٍّ مِنَ الْقَوِيِّ وَالضَّعِيفِ خَيْرٌ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْإِيمَانِ ، مَعَ مَا يَأْتِي بِهِ الضَّعِيفُ مِنَ الْعِبَادَاتِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاَللَّهِ وَلَا تَعْجِزْ ): أَمَّا ( احْرِصْ ) فَبِكَسْرِ الرَّاءِ ، ( وَتَعْجِزْ ) بِكَسْرِ الْجِيمِ ، وَحُكِي فَتْحُهُمَا جَمِيعًا ، وَمَعْنَاهُ احْرِصْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ ، وَاطْلُبِ الْإِعَانَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ ، وَلَا تَعْجِزْ ، وَلَا تَكْسَلْ عَنْ طَلَبِ الطَّاعَةِ ، وَلَا عَنْ طَلَبِ الْإِعَانَةِ .

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ : لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا ، وَلَكِنْ قُلْ : قَدَرُ اللَّهُ ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ ; فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ : هَذَا النَّهْيُ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ قَالَهُ مُعْتَقِدًا ذَلِكَ حَتْمًا ، وَأَنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ تُصِبْهُ قَطْعًا ، فَأَمَّا مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ، فَلَيْسَ مِنْ هَذَا ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْغَارِ : ( لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ رَأْسَهُ لَرَآنَا ) . قَالَ الْقَاضِي : وَهَذَا لَا حُجَّةٌ فِيهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ مُسْتَقْبَلٍ ، وَلَيْسَ فِيهِ دَعْوَى لِرَدِّ قَدَرٍ بَعْدَ وُقُوعِهِ . قَالَ : وَكَذَا جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ ( مَا يَجُوزُ مِنَ اللَّوِّ ) كَحَدِيثِ لَوْلَا حِدْثَانُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ لَأَتْمَمْتُ الْبَيْتَ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَ لَوْ كُنْتُ رَاجِمًا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَرَجَمْتُ هَذِهِ وَ لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ وَشِبْهِ ذَلِكَ ، فَكُلُّهُ مُسْتَقْبَلٌ لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ عَلَى قَدَرٍ ، فَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَخْبَرَ عَنِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا كَانَ يَفْعَلُ لَوْلَا الْمَانِعُ ، وَعَمَّا هُوَ فِي قُدْرَتِهِ ، فَأَمَّا مَا ذَهَبَ فَلَيْسَ فِي قُدْرَتِهِ . قَالَ الْقَاضِي : فَاَلَّذِي عِنْدِي فِي مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ النَّهْيَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَعُمُومِهِ ; لَكِنَّهُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ ) أَيْ يُلْقِي فِي الْقَلْبِ مُعَارَضَةَ الْقَدَرِ ، وَيُوَسْوِسُ بِهِ الشَّيْطَانُ . هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي : قُلْتُ : وَقَدْ جَاءَ مِنَ اسْتِعْمَالِ ( لَوْ ) فِي الْمَاضِي قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ . وَغَيْرُ ذَلِكَ . فَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّهْيَ إِنَّمَا هُوَ عَنْ إِطْلَاقِ ذَلِكَ فِيمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ ، فَيَكُونُ نَهْيُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ . فَأَمَّا مَنْ قَالَهُ تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَاتَ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ مَا هُوَ مُتَعَذَّرٌ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَنَحْوِ هَذَا ، فَلَا بَأْسَ بِهِ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ أَكْثَرُ الِاسْتِعْمَالِ الْمَوْجُودِ فِي الْأَحَادِيثِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
 

yoyo1983

عضو نشط
التسجيل
22 أبريل 2007
المشاركات
22,665
الإقامة
DaMBy
بارك الله فيك
 

***بومحمد***

عضو نشط
التسجيل
6 فبراير 2007
المشاركات
2,811

اللهم أعنا على أمور ديننا ودنيانا


وجزاك الله خير



 

نيويورك

مستشار قانوني
التسجيل
20 يناير 2007
المشاركات
1,159
الإقامة
الكويت
جزاك الله خير .. و بارك الله فيك ..
 

NoOoOoR

عضو نشط
التسجيل
18 أغسطس 2008
المشاركات
10,667
الإقامة
الكــويـــت....:))
جزاك الله خير
 

al7bebe

عضو نشط
التسجيل
24 مارس 2005
المشاركات
10,052
الحمدالله على كل حال
 
أعلى