Shima
عضو نشط
- التسجيل
- 17 أغسطس 2007
- المشاركات
- 1,116
لقد شرّف الله العرب بالصفات الحميدة وشرفهم بالاسلام ان هم تمسكوا به وهنا أعرض جزء من محاضرة الشيخ بكر بن عبد الله ابوزيد يعرض فيها يعض صفات العرب المشّرفة 0
للشيخ بكر بن عبدالله ابوزيد
العرب قومٌ شِراف ، يَزِنُونَ الحياة بغير ما تَزِنها به أمم البطون و الفروج ، و موازينهم في الحياة تدور على قطبٍ واحد ، وهو : المَحْمَدَةُ ، و الذكر الحسن .
وفي حدِّهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"و اسم (العرب) في الأصل كان اسما لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف :
أحدها : أن لسانهم كان باللغة العربية .
الثاني : أنهم كانوا من أولاد العرب .
الثالث : أن مساكنهم كانت أرض العرب ، و هي جزيرة العرب التي هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة ، و من أقصى حَجَرٍ باليمن إلى أوائل الشام ؛ بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم ، ولا تدخل الشام .
و في هذه الأرض كانت العرب حين البعث و قبله ، فلما جاء الإسلام وفتحت الأمصار ؛ سكنوا سائر البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب ، و إلى سواحل الشام وأرمينية ، وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم .
ثم انقسمت هذه البلاد قسمين :
منها : ما غلب على أهله لسان العرب ، حتى لا تعرف عامتهم غيره
أو يعرفونه و غيره ، مع ما دخل على لسان العرب من اللحن و هذه غالب مساكن الشام والعراق ومصر والأندلس ونحو ذلك ، و أظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديما .
و منها : ما العُجمة كثيرة فيهم أو غالبة عليهم ؛ كبلاد الترك و خراسانَ وأرمينيةَ وأذربيجان ونحو ذلك .
فهذه البقاع انقسمت إلى ما هو عربي ابتداء ، و ما هو عربي انتقالا ، و إلى ما هو أعجمي .
و كذلك الأنساب ثلاثة أقسام :
قوم من نسل العرب ، و هم باقون على العربية ؛ لسانا ودارا ، أو لسانا لا دارا ، أو دارا لا لسانا .
و قوم من نسل العرب ، بل من نسل هاشم ، ثم صارت العربية لسانهم ودارهم أو أحدهما .
و قوم مجهولو الأصل ، لا يدرون : أَمِنْ نسل العرب هم أو من نسل العجم ؟ و هم أكثر الناس اليوم ، سواء كانوا عرب الدار واللسان ، أم عجما في أحدهما .
و كذلك انقسموا في اللسان ثلاثة أقسام :
قوم يتكلمون بالعربية لفظا ونغمة .
و قوم يتكلمون بها لفظا لا نغمة ، و هم المتعرِّبون الذين ما تعلموا اللغة ابتداء من العرب ، و إنما اعتادوا غيرها ، ثم تعلموا ؛ كغالب أهل العلم ممن تعلم العربية .
و قوم لا يتكلمون بها إلا قليلا .
و هذان القسمان : منهم من تغلب عليه العربية ، و منهم من تغلب عليه العجمة ، و منهم من يتكافأ في حقه الأمران : إما قُدرةً و إما عادةً .
فإذا كانت العربية قد انقسمت نسبا و لسانا و دارا ، فإن الأحكام تختلف باختلاف هذا الانقسام ، خصوصا النسب واللسان" انتهى .
و لفاضل مزاياهم ظهر الإسلام فيهم ، واصطفى الله نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ، فكانت النبوة من أصلابهم ، و ترشحوا حَمَلَةَ نشر الرسالة الأُوَل ، و صار اعتقاد فضلهم على غيرهم من أصول الاعتقاد في الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة : اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم ؛ عِبرانِيِّهِم و سريانيهم ، رومهم و فرسهم ، و غيرهم ، و أن قريشا أفضل العرب ، و أن بني هاشم أفضل قريش ، و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم فهو ، أفضل الخلق نفسا ، و أفضلهم نسبا ، و ليس فضل العرب ، ثم قريش ، ثم بني هاشم ؛ بمجرّدِ كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، و إن كان هذا من الفضل ، بل هم في أنفسهم أفضل ، و بذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا ، و إلا لزم الدَّوْرُ " .
"و لله تعالى حِكَمٌ بالغة في أن اختار لهذه الرسالة رجلا عربيا ، و ليس هذا موضعَ بيان ما بلغ إليه العلمُ من تلك الحكم ، و قد قال الله تعالى : {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .
بيدَ أنَّا نقول : إن الرسول لما كان عربيا ؛ كان بحكم الضرورة يتكلم بلسان العرب ، فلزم أن يكون المتَلَقُّون منه الشريعةَ بادئَ ذي بدءٍ عربًا ، فالعرب هم حملة شريعة الإسلام إلى سائر المخاطَبين بها ، و هم من جملتهم ، و اختارهم الله لهذه الأمانة ؛ لأنهم يومئذ قد امتازوا من بين سائر الأمم باجتماع صفات أربع لم تجتمع في التاريخ لأمة من الأمم ، و تلك هي : جودة الأذهان ، و قوة الحوافظ ، و بساطة الحضارة والتشريع ، و البعد عن الاختلاط ببقية أمم العالم .
فهم بالوصف الأول أهل لفهم الدين و تَلَقِّيه .
و بالوصف الثاني أهل لحفظه ، و عدم الاضطراب في تلقيه .
و بالوصف الثالث أهل لسرعة التخلُّق بأخلاقه ، إذ هم أقرب إلى الفطرة السليمة ، و لم يكونوا على شريعة معتد بها مماثلة حتى يصمموا على نصرها .
و بالوصف الرابع أهل لمعاشرة بقية الأمم ، إذ لا حزازات بينهم و بين الأمم الأخرى ؛ فإن حزازاتِ العرب ما كانت إلا بين قبائلهم ؛ بخلاف مثل الفرس مع الروم ، و مثل القبط مع الإسرائيليين .
و لا عبرة بما جرى بين بعض قبائل العرب و بين الفرس و الروم في نحو يوم ذي قار ، و يوم حليمة ؛ لأنها حوادث نادرة ، على أن العرب كانوا فيها يقاتلون انتصارا لغيرهم من الفرس أو الروم ، فإِحَنُهُم معهم محجوبة بإِحَنِ مَن قاتلوهم وراءهم" انتهى .
ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكِرمانيُّ صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة التي قال فيها :
"هذا مذهب أهل العلم ، و أصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، و أدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع ، خارج عن الجماعة ، زائل عن منهج السنة و سبيل الحق ، و هو مذهب أحمد ، و إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد ، و عبد الله بن الزبير الحميدي ، و سعيد بن منصور ، و غيرهم ؛ ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم .
فكان من قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية ..." .
وساق كلاما طويلا إلى أن قال :
"و نُقِرُّ للعرب حقها وفضلها وسابقتها ، و نحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحبُّ للعرب إيمان و بُغضهم نفاق" ، و لا نقول بقول الشعوبية و أراذل الموالي ، الذين لا يحبون العرب ، و لا يقرون فضلهم ، فإن قولهم بدعة و خلاف" .
و عن خصائصهم تتبعتُ وقيدتُ كثيرا ، فوجدت أن ما وقفت عليه مشمول بما هو مدون في كتاب "أم القرى" (ص 218 – 222) ، وعنه في "مجلة المنار" (5/ 861 – 862) ، فها أنا ذا أسوقه باختصار قليل :
"وحيث كانت الجمعية لا يعنيها غير أمر النهضة الدينية ؛ بناءً عليه ؛ رأت الجمعية من الضروري أن تربط آمالها بالجزيرة وما يليها ، وأهلها ومن يجاريهم ، وأن تبسط لأنظار الأمة ما هي خصائص الجزيرة وأهلها والعرب عموما ، وذلك لأجل رفع التعصب السياسي أو الجنسي .
و لأجل إيضاح أسباب مَيْل الجمعية للعرب فنقول :
1. الجزيرة هي مشرق النور الإسلامي .
2. الجزيرة فيها الكعبة المعظمة .
3. الجزيرة فيها المسجد النبوي ،4. و فيه الروضة المطهرة .
5. الجزيرة أنسب المواقع لأن تكون مركزا للسياسة الدينية ؛ لتوسطها بين أقصى آسية شرقا وأقصى إفريقية غربا .
6. الجزيرة أسلم الأقاليم من الأخلاط ؛ جنسية ،7. وأديانا ،8. ومذاهب .
9. الجزيرة أبعد الأقاليم عن مجاورة الأجانب .
10. الجزيرة أفضل الأراضي لأن تكون ديار أحرار ؛ لبعدها عن الطامعين والمزاحمين ؛ نظرا لفقرها الطبيعي .
11. عرب الجزيرة هم مؤسسو الجامعة الإسلامية ؛ لظهور الدين فيهم .
12. عرب الجزيرة مستحكم فيهم التخلق بالدين .
13. عرب الجزيرة أعلم المسلمين بقواعد الدين ؛ لأنهم أعرقهم فيه ،14. ومشهود لهم بأحاديث كثيرة بالمتانة في الإيمان .
15. عرب الجزيرة أكثر المسلمين حرصا على حفظ الدين ،16. وتأييده ،17. والفخار به ؛ خصوصا والعصبية النبوية لم تزل قائمة بين أظهرهم في الحجاز ،18. واليمن ،19. وعمان ،20. وحضرموت ،21. والعراق ،22. وإفريقيا .
23. عرب الجزيرة لم يزل الدين عندهم حنيفا ،24. سلفيا ،25. بعيدا عن التشديد و التشويش .
26. عرب الجزيرة أقوى المسلمين عصبية ،27. وأشدهم أنفة ؛ لما فيهم من خصائص البدوية .
28. عرب الجزيرة أمراؤهم جامعون بين شرف الآباء والأمهات والزوجات فلم تختل عزتهم .
29. عرب الجزيرة أقدم الأمم مدنية مهذبة ؛ بدليل : سعة لغتهم ،30. وسمو حكمتهم وأدبياتهم .
31. عرب الجزيرة أقدر المسلمين على تحمل قشف المعيشة في سبيل مقاصدهم ،32. و أنشطهم على التغرب و السياحات ،33. وذلك لبعدهم عن الترف المذلّ أهله .
34. عرب الجزيرة أحفظ الأقوام على جنسيتهم وعاداتهم ،35. فهم يخالطون و لا يختلطون.
36. عرب الجزيرة أحرص الأمم الإسلامية على الحرية والاستقلال وإباء الضيم .
37. العرب عموما لغتهم أغنى لغات المسلمين في المعارف ،38. و مصونة بالقرآن الكريم من أن تموت .
39. العرب لغتهم هي اللغة العمومية بين كافة المسلمين البالغ عددهم 300 مليون .
40. العرب لغتهم هي اللغة الخصوصية لمئة مليون من المسلمين وغير المسلمين .
41. العرب أقدم الأمم اتباعا لأصول تساوي الحقوق وتقارب المراتب في الهيئة الاجتماعية .
42. العرب أعرق الأمم في أصول الشورى في الشئون العمومية .
43. العرب أهدى الأمم لأصول المعيشة .
44. العرب من أحرص الأمم على احترام العهود عِزَّةً ،45. واحترام الذمة إنسانيةً ،46. واحترام الجوار شهامةً ،47. وبذل المعروف مروءةً .
48. العرب أنسب الأقوام لأن يكونوا مرجعا في الدين وقدوة للمسلمين ،49. حيث كان بقية الأقوام قد اتبعوا هديهم ابتداء ؛ فلا يأنفون عن اتباعهم أخيرا .
ونسـال الله تعالى أن يوفق ملوك المسلمين وأمراءهم للتصلب في الدين ، و للحزم ، و العزم ، عساهم يحفظون عزهم وسلطانهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأن يحميهم من التعصب السيئ للسياسات والجنسيات ، ومن الكبر والأنفة ، و من التخاذل والانقسام ، ومن الانقياد إلى وساوس الأجانب الأضداد ، وإلا ؛ فينتابهم الخطر القريب المحدق بهم ، وتتخاطفهم النسور المحلقة في سمائهم .
و الله الموفق ، وإليه ترجع الأمور" انتهى باختصار يسير .
موضوع عجبني وحبيت انقله للفائده
للشيخ بكر بن عبدالله ابوزيد
العرب قومٌ شِراف ، يَزِنُونَ الحياة بغير ما تَزِنها به أمم البطون و الفروج ، و موازينهم في الحياة تدور على قطبٍ واحد ، وهو : المَحْمَدَةُ ، و الذكر الحسن .
وفي حدِّهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"و اسم (العرب) في الأصل كان اسما لقوم جمعوا ثلاثة أوصاف :
أحدها : أن لسانهم كان باللغة العربية .
الثاني : أنهم كانوا من أولاد العرب .
الثالث : أن مساكنهم كانت أرض العرب ، و هي جزيرة العرب التي هي من بحر القلزم إلى بحر البصرة ، و من أقصى حَجَرٍ باليمن إلى أوائل الشام ؛ بحيث كانت تدخل اليمن في دارهم ، ولا تدخل الشام .
و في هذه الأرض كانت العرب حين البعث و قبله ، فلما جاء الإسلام وفتحت الأمصار ؛ سكنوا سائر البلاد من أقصى المشرق إلى أقصى المغرب ، و إلى سواحل الشام وأرمينية ، وهذه كانت مساكن فارس والروم والبربر وغيرهم .
ثم انقسمت هذه البلاد قسمين :
منها : ما غلب على أهله لسان العرب ، حتى لا تعرف عامتهم غيره
أو يعرفونه و غيره ، مع ما دخل على لسان العرب من اللحن و هذه غالب مساكن الشام والعراق ومصر والأندلس ونحو ذلك ، و أظن أرض فارس وخراسان كانت هكذا قديما .
و منها : ما العُجمة كثيرة فيهم أو غالبة عليهم ؛ كبلاد الترك و خراسانَ وأرمينيةَ وأذربيجان ونحو ذلك .
فهذه البقاع انقسمت إلى ما هو عربي ابتداء ، و ما هو عربي انتقالا ، و إلى ما هو أعجمي .
و كذلك الأنساب ثلاثة أقسام :
قوم من نسل العرب ، و هم باقون على العربية ؛ لسانا ودارا ، أو لسانا لا دارا ، أو دارا لا لسانا .
و قوم من نسل العرب ، بل من نسل هاشم ، ثم صارت العربية لسانهم ودارهم أو أحدهما .
و قوم مجهولو الأصل ، لا يدرون : أَمِنْ نسل العرب هم أو من نسل العجم ؟ و هم أكثر الناس اليوم ، سواء كانوا عرب الدار واللسان ، أم عجما في أحدهما .
و كذلك انقسموا في اللسان ثلاثة أقسام :
قوم يتكلمون بالعربية لفظا ونغمة .
و قوم يتكلمون بها لفظا لا نغمة ، و هم المتعرِّبون الذين ما تعلموا اللغة ابتداء من العرب ، و إنما اعتادوا غيرها ، ثم تعلموا ؛ كغالب أهل العلم ممن تعلم العربية .
و قوم لا يتكلمون بها إلا قليلا .
و هذان القسمان : منهم من تغلب عليه العربية ، و منهم من تغلب عليه العجمة ، و منهم من يتكافأ في حقه الأمران : إما قُدرةً و إما عادةً .
فإذا كانت العربية قد انقسمت نسبا و لسانا و دارا ، فإن الأحكام تختلف باختلاف هذا الانقسام ، خصوصا النسب واللسان" انتهى .
و لفاضل مزاياهم ظهر الإسلام فيهم ، واصطفى الله نبيه ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم منهم ، فكانت النبوة من أصلابهم ، و ترشحوا حَمَلَةَ نشر الرسالة الأُوَل ، و صار اعتقاد فضلهم على غيرهم من أصول الاعتقاد في الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"فإن الذي عليه أهل السنة والجماعة : اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم ؛ عِبرانِيِّهِم و سريانيهم ، رومهم و فرسهم ، و غيرهم ، و أن قريشا أفضل العرب ، و أن بني هاشم أفضل قريش ، و أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم فهو ، أفضل الخلق نفسا ، و أفضلهم نسبا ، و ليس فضل العرب ، ثم قريش ، ثم بني هاشم ؛ بمجرّدِ كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم ، و إن كان هذا من الفضل ، بل هم في أنفسهم أفضل ، و بذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسا ونسبا ، و إلا لزم الدَّوْرُ " .
"و لله تعالى حِكَمٌ بالغة في أن اختار لهذه الرسالة رجلا عربيا ، و ليس هذا موضعَ بيان ما بلغ إليه العلمُ من تلك الحكم ، و قد قال الله تعالى : {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} .
بيدَ أنَّا نقول : إن الرسول لما كان عربيا ؛ كان بحكم الضرورة يتكلم بلسان العرب ، فلزم أن يكون المتَلَقُّون منه الشريعةَ بادئَ ذي بدءٍ عربًا ، فالعرب هم حملة شريعة الإسلام إلى سائر المخاطَبين بها ، و هم من جملتهم ، و اختارهم الله لهذه الأمانة ؛ لأنهم يومئذ قد امتازوا من بين سائر الأمم باجتماع صفات أربع لم تجتمع في التاريخ لأمة من الأمم ، و تلك هي : جودة الأذهان ، و قوة الحوافظ ، و بساطة الحضارة والتشريع ، و البعد عن الاختلاط ببقية أمم العالم .
فهم بالوصف الأول أهل لفهم الدين و تَلَقِّيه .
و بالوصف الثاني أهل لحفظه ، و عدم الاضطراب في تلقيه .
و بالوصف الثالث أهل لسرعة التخلُّق بأخلاقه ، إذ هم أقرب إلى الفطرة السليمة ، و لم يكونوا على شريعة معتد بها مماثلة حتى يصمموا على نصرها .
و بالوصف الرابع أهل لمعاشرة بقية الأمم ، إذ لا حزازات بينهم و بين الأمم الأخرى ؛ فإن حزازاتِ العرب ما كانت إلا بين قبائلهم ؛ بخلاف مثل الفرس مع الروم ، و مثل القبط مع الإسرائيليين .
و لا عبرة بما جرى بين بعض قبائل العرب و بين الفرس و الروم في نحو يوم ذي قار ، و يوم حليمة ؛ لأنها حوادث نادرة ، على أن العرب كانوا فيها يقاتلون انتصارا لغيرهم من الفرس أو الروم ، فإِحَنُهُم معهم محجوبة بإِحَنِ مَن قاتلوهم وراءهم" انتهى .
ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكِرمانيُّ صاحب الإمام أحمد ، في وصفه للسنة التي قال فيها :
"هذا مذهب أهل العلم ، و أصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها ، المقتدى بهم فيها ، و أدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها ، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب ، أو طعن فيها ، أو عاب قائلها ؛ فهو مبتدع ، خارج عن الجماعة ، زائل عن منهج السنة و سبيل الحق ، و هو مذهب أحمد ، و إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد ، و عبد الله بن الزبير الحميدي ، و سعيد بن منصور ، و غيرهم ؛ ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم .
فكان من قولهم : إن الإيمان قول وعمل ونية ..." .
وساق كلاما طويلا إلى أن قال :
"و نُقِرُّ للعرب حقها وفضلها وسابقتها ، و نحبهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحبُّ للعرب إيمان و بُغضهم نفاق" ، و لا نقول بقول الشعوبية و أراذل الموالي ، الذين لا يحبون العرب ، و لا يقرون فضلهم ، فإن قولهم بدعة و خلاف" .
و عن خصائصهم تتبعتُ وقيدتُ كثيرا ، فوجدت أن ما وقفت عليه مشمول بما هو مدون في كتاب "أم القرى" (ص 218 – 222) ، وعنه في "مجلة المنار" (5/ 861 – 862) ، فها أنا ذا أسوقه باختصار قليل :
"وحيث كانت الجمعية لا يعنيها غير أمر النهضة الدينية ؛ بناءً عليه ؛ رأت الجمعية من الضروري أن تربط آمالها بالجزيرة وما يليها ، وأهلها ومن يجاريهم ، وأن تبسط لأنظار الأمة ما هي خصائص الجزيرة وأهلها والعرب عموما ، وذلك لأجل رفع التعصب السياسي أو الجنسي .
و لأجل إيضاح أسباب مَيْل الجمعية للعرب فنقول :
1. الجزيرة هي مشرق النور الإسلامي .
2. الجزيرة فيها الكعبة المعظمة .
3. الجزيرة فيها المسجد النبوي ،4. و فيه الروضة المطهرة .
5. الجزيرة أنسب المواقع لأن تكون مركزا للسياسة الدينية ؛ لتوسطها بين أقصى آسية شرقا وأقصى إفريقية غربا .
6. الجزيرة أسلم الأقاليم من الأخلاط ؛ جنسية ،7. وأديانا ،8. ومذاهب .
9. الجزيرة أبعد الأقاليم عن مجاورة الأجانب .
10. الجزيرة أفضل الأراضي لأن تكون ديار أحرار ؛ لبعدها عن الطامعين والمزاحمين ؛ نظرا لفقرها الطبيعي .
11. عرب الجزيرة هم مؤسسو الجامعة الإسلامية ؛ لظهور الدين فيهم .
12. عرب الجزيرة مستحكم فيهم التخلق بالدين .
13. عرب الجزيرة أعلم المسلمين بقواعد الدين ؛ لأنهم أعرقهم فيه ،14. ومشهود لهم بأحاديث كثيرة بالمتانة في الإيمان .
15. عرب الجزيرة أكثر المسلمين حرصا على حفظ الدين ،16. وتأييده ،17. والفخار به ؛ خصوصا والعصبية النبوية لم تزل قائمة بين أظهرهم في الحجاز ،18. واليمن ،19. وعمان ،20. وحضرموت ،21. والعراق ،22. وإفريقيا .
23. عرب الجزيرة لم يزل الدين عندهم حنيفا ،24. سلفيا ،25. بعيدا عن التشديد و التشويش .
26. عرب الجزيرة أقوى المسلمين عصبية ،27. وأشدهم أنفة ؛ لما فيهم من خصائص البدوية .
28. عرب الجزيرة أمراؤهم جامعون بين شرف الآباء والأمهات والزوجات فلم تختل عزتهم .
29. عرب الجزيرة أقدم الأمم مدنية مهذبة ؛ بدليل : سعة لغتهم ،30. وسمو حكمتهم وأدبياتهم .
31. عرب الجزيرة أقدر المسلمين على تحمل قشف المعيشة في سبيل مقاصدهم ،32. و أنشطهم على التغرب و السياحات ،33. وذلك لبعدهم عن الترف المذلّ أهله .
34. عرب الجزيرة أحفظ الأقوام على جنسيتهم وعاداتهم ،35. فهم يخالطون و لا يختلطون.
36. عرب الجزيرة أحرص الأمم الإسلامية على الحرية والاستقلال وإباء الضيم .
37. العرب عموما لغتهم أغنى لغات المسلمين في المعارف ،38. و مصونة بالقرآن الكريم من أن تموت .
39. العرب لغتهم هي اللغة العمومية بين كافة المسلمين البالغ عددهم 300 مليون .
40. العرب لغتهم هي اللغة الخصوصية لمئة مليون من المسلمين وغير المسلمين .
41. العرب أقدم الأمم اتباعا لأصول تساوي الحقوق وتقارب المراتب في الهيئة الاجتماعية .
42. العرب أعرق الأمم في أصول الشورى في الشئون العمومية .
43. العرب أهدى الأمم لأصول المعيشة .
44. العرب من أحرص الأمم على احترام العهود عِزَّةً ،45. واحترام الذمة إنسانيةً ،46. واحترام الجوار شهامةً ،47. وبذل المعروف مروءةً .
48. العرب أنسب الأقوام لأن يكونوا مرجعا في الدين وقدوة للمسلمين ،49. حيث كان بقية الأقوام قد اتبعوا هديهم ابتداء ؛ فلا يأنفون عن اتباعهم أخيرا .
ونسـال الله تعالى أن يوفق ملوك المسلمين وأمراءهم للتصلب في الدين ، و للحزم ، و العزم ، عساهم يحفظون عزهم وسلطانهم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وأن يحميهم من التعصب السيئ للسياسات والجنسيات ، ومن الكبر والأنفة ، و من التخاذل والانقسام ، ومن الانقياد إلى وساوس الأجانب الأضداد ، وإلا ؛ فينتابهم الخطر القريب المحدق بهم ، وتتخاطفهم النسور المحلقة في سمائهم .
و الله الموفق ، وإليه ترجع الأمور" انتهى باختصار يسير .
موضوع عجبني وحبيت انقله للفائده