يا صالح .. حيّ على الفلاح
أحمد بومرعي
من الطبيعي أن ترتفع وتيرة الضغوط على صالح الفلاح، مدير عام سوق الكويت للأوراق المالية، بعد سلسلة القرارات المصيرية التي اتخذتها إدارته «لتنظيف» البورصة من ممارسات، يتفق كثيرون محليا وعالميا، على أنها «غير نظيفة»، جنى من خلالها لاعبون رئيسيون وآخرون ملايين الدنانير.
لذا يبدو منطقيا أن تواجه إدارة الفلاح معرقلات من الداخل ومن الخارج في عملية تنفيذ هذه القرارات، لأن من تضررت مصالحه وملايينه «غير الشرعية» في سياق التنظيف، سيستخدم كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة لعرقلة الفلاح عن السير قدما، وهو ما يجعل الاخير أمام مهمة صعبة لا يُحسد عليها.
نهاية الاسبوع الماضي، اُتخذ قرار مهم بوقف التسويات بين شركات الوساطة والعُملاء، على خلفية قصة مدير المحفظة الذي ورّط شركته وبنكا وشركة وساطة بـ12 مليون دينار، كما تكشف «أوان» في موضع آخر، وهو ما يعني انهاء حالة فوضى الأموال التي كانت تسود في سياق هذه التسويات لأعوام طويلة، وفَتحت مجالا للتلاعب «بالملايين» في منطقة «رمادية» بين كبار العُملاء وهذه الشركات، التي يرتبط بعضها أصلا بشركات استثمارية وبنوك في شرباكة مصالح من الصعب فك شيفرتها.
ولأنها شرباكة، فإن ايقاف لعبة الملايين فيها لن يكون سهلا، خصوصا أن لهذه الشرباكة، ارتباطا ايضا مع لاعبين اساسيين مُقربين من بعض الادارات التابعة لادارة الفلاح نفسها، ومن اعضاء داخل لجنة السوق، الجهة المرؤوسة من وزير التجارة ونائبه صالح الفلاح، والمخولة وحدها اصدار قرارات تغييرية في البورصة، وهذه اللجنة المُفترض أن تكون حَكما، تزخر بـ«تجار» وأصحاب شركات أو اعضاء في مجالس ادارات شركات، وهو ما يجعلهم في موقع الحَكم والخصم في آن معا، في حسبة معقدة أيضا، شبيهة الى حد بمعادلة أُخرى صعبة، في أن تكون نائبا وتاجرا (صاحب شركة)، حيث يُفترض بك، في جانب من مسؤوليتك أن تُشرّع لصالح المُستهلك، وأن تُراعي أرباح تجارتك!
مقال مدسوس
هذا يفتح بابا لمعركة الاصلاح في البورصة، هل يمكن الجمع في لجنة واحدة بين تاجر ومُشرع، أو بين حَكم وخصم، وهل يمكن أن يستمر الاصلاح في وجود تضارب مصالح من الداخل؟
ثمة رسائل «تحذير» بُعثت لصالح الفلاح قبل شهر عن طريق مقال وُضع في صحيفة زميلة، على مساحة لا تقل عن ربع صفحة، من دون اسم محرر عليه، وهو ما يعني، كما هو متعارف عليه صحافيا بـأنه مقال «مدسوس»،خصوصا أنه نُسب الى «مصادر مسؤولة».
هذه الرسائل جاءت على خلفية قرار لجنة السوق بتنظيم سوقي الآجل والبيوع المستقبلية، من 20 مادة مهمة، تم من خلالها حل معضلة التوزيعات النقدية والمنحة لمصحلة مشتري سهم الآجل، الذي يدفع رسميا 40 في المئة مقدما من سعر كمية الأسهم التي يريد شراءها، على أساس سعر مستقبلي متفق عليه بينه وبين مقدم الخدمة (صانع السوق)، إذ دخلت حسبة جديدة، أصبح بمقتضاها حق المشتري في التوزيعات محفوظا، بعد أن كانت العملية متنازعا عليها وتذهب عادة لمقدم الخدمة، باعتباره رسميا حامل السهم.
كما تم «تحديد مدة التعاقد، بألا تقل عن 90 يوما، وألا تتجاوز 360 يوما»، وهو ما يعني وضع البائع في مساواة مع المشتري، لناحية المخاطرة المستقبلية، إذ أصبح مقدم الخدمة أمام عامل زمني لا يستطيع التحكم فيه براحته، ما يجعله أكثر حذرا في عملية البيع، لضمان عدم نزيف سعر سهمه مستقبلا.
وأصبحت هناك فرصة لكل المستثمرين بمعرفة حجم المعروض من الأسهم وأسعارها في الأسواق الآجلة، حاله حال مقدمي الخدمة، الذين كانوا وحدهم يعلمون سابقا هذه المعلومات، وبالتالي كان التحكم بالكمية وبالأسعار يتم «من فوق».
قرارات الرقابة
تأتي هذه القرارات قبل أن يجيء وقت الحسم لاعتماد النظام الجديد لزيادة الرقابة والشفافية على عمليات التداول، بحيث تُربط شركات الوساطة مع البنوك وشركة المقاصة (المسجل لديها حسابات التداول)، في شبكة واحدة تَسمح بتحصيل أموال أي صفقة تتم في البورصة أثناء إتمامها، وليس كما هو معمول به حاليا، إذ المجال مفتوح للدفع في ثاني يوم من الصفقة.
وهذا النظام، من المُفترض مناقشته في اجتماع لجنة السوق بعد 4 أيام، الى جانب نظام آخر يُفترض اعتماده لوجود اتفاق حوله، حول تفسيخ السهم قبل يوم واحد من استدعاء زيادة رأس مال شركة ما، بعد أن عانى المساهمون لسنوات بسبب هذا الموضوع، اضافة الى مناقشة اعتماد نموذجي شراكة مع احدى البورصتين العالميتين دويتشه الالمانية أو «أو أم إكس» السويدية..هذه القرارات وغيرها جاءت على خلفية الدراسة التي أعدتها شركة «ماكنزي» العالمية، بطلب من ادارة الفلاح لتطوير اداء البورصة وحفظ أموال الناس المستثمرة فيها ورفع مستوى المركز المالي للبلاد امام العالم. أمام هذا الواقع التغييري والجذري الذي تريد أن تفرضه هذه الادارة، من الطبيعي أن تواجه اعتراضات ومشاكل، وهذه طبيعة البزنس وارتباطات المصالح والمناطق الرمادية فيها، خصوصا تلك الموجودة على مقربة ليست بعيدة من ادارة صالح الفلاح نفسها.
منقول من جريدة اوان
http://www.awan.com/pages/economy/205986
أحمد بومرعي
من الطبيعي أن ترتفع وتيرة الضغوط على صالح الفلاح، مدير عام سوق الكويت للأوراق المالية، بعد سلسلة القرارات المصيرية التي اتخذتها إدارته «لتنظيف» البورصة من ممارسات، يتفق كثيرون محليا وعالميا، على أنها «غير نظيفة»، جنى من خلالها لاعبون رئيسيون وآخرون ملايين الدنانير.
لذا يبدو منطقيا أن تواجه إدارة الفلاح معرقلات من الداخل ومن الخارج في عملية تنفيذ هذه القرارات، لأن من تضررت مصالحه وملايينه «غير الشرعية» في سياق التنظيف، سيستخدم كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة لعرقلة الفلاح عن السير قدما، وهو ما يجعل الاخير أمام مهمة صعبة لا يُحسد عليها.
نهاية الاسبوع الماضي، اُتخذ قرار مهم بوقف التسويات بين شركات الوساطة والعُملاء، على خلفية قصة مدير المحفظة الذي ورّط شركته وبنكا وشركة وساطة بـ12 مليون دينار، كما تكشف «أوان» في موضع آخر، وهو ما يعني انهاء حالة فوضى الأموال التي كانت تسود في سياق هذه التسويات لأعوام طويلة، وفَتحت مجالا للتلاعب «بالملايين» في منطقة «رمادية» بين كبار العُملاء وهذه الشركات، التي يرتبط بعضها أصلا بشركات استثمارية وبنوك في شرباكة مصالح من الصعب فك شيفرتها.
ولأنها شرباكة، فإن ايقاف لعبة الملايين فيها لن يكون سهلا، خصوصا أن لهذه الشرباكة، ارتباطا ايضا مع لاعبين اساسيين مُقربين من بعض الادارات التابعة لادارة الفلاح نفسها، ومن اعضاء داخل لجنة السوق، الجهة المرؤوسة من وزير التجارة ونائبه صالح الفلاح، والمخولة وحدها اصدار قرارات تغييرية في البورصة، وهذه اللجنة المُفترض أن تكون حَكما، تزخر بـ«تجار» وأصحاب شركات أو اعضاء في مجالس ادارات شركات، وهو ما يجعلهم في موقع الحَكم والخصم في آن معا، في حسبة معقدة أيضا، شبيهة الى حد بمعادلة أُخرى صعبة، في أن تكون نائبا وتاجرا (صاحب شركة)، حيث يُفترض بك، في جانب من مسؤوليتك أن تُشرّع لصالح المُستهلك، وأن تُراعي أرباح تجارتك!
مقال مدسوس
هذا يفتح بابا لمعركة الاصلاح في البورصة، هل يمكن الجمع في لجنة واحدة بين تاجر ومُشرع، أو بين حَكم وخصم، وهل يمكن أن يستمر الاصلاح في وجود تضارب مصالح من الداخل؟
ثمة رسائل «تحذير» بُعثت لصالح الفلاح قبل شهر عن طريق مقال وُضع في صحيفة زميلة، على مساحة لا تقل عن ربع صفحة، من دون اسم محرر عليه، وهو ما يعني، كما هو متعارف عليه صحافيا بـأنه مقال «مدسوس»،خصوصا أنه نُسب الى «مصادر مسؤولة».
هذه الرسائل جاءت على خلفية قرار لجنة السوق بتنظيم سوقي الآجل والبيوع المستقبلية، من 20 مادة مهمة، تم من خلالها حل معضلة التوزيعات النقدية والمنحة لمصحلة مشتري سهم الآجل، الذي يدفع رسميا 40 في المئة مقدما من سعر كمية الأسهم التي يريد شراءها، على أساس سعر مستقبلي متفق عليه بينه وبين مقدم الخدمة (صانع السوق)، إذ دخلت حسبة جديدة، أصبح بمقتضاها حق المشتري في التوزيعات محفوظا، بعد أن كانت العملية متنازعا عليها وتذهب عادة لمقدم الخدمة، باعتباره رسميا حامل السهم.
كما تم «تحديد مدة التعاقد، بألا تقل عن 90 يوما، وألا تتجاوز 360 يوما»، وهو ما يعني وضع البائع في مساواة مع المشتري، لناحية المخاطرة المستقبلية، إذ أصبح مقدم الخدمة أمام عامل زمني لا يستطيع التحكم فيه براحته، ما يجعله أكثر حذرا في عملية البيع، لضمان عدم نزيف سعر سهمه مستقبلا.
وأصبحت هناك فرصة لكل المستثمرين بمعرفة حجم المعروض من الأسهم وأسعارها في الأسواق الآجلة، حاله حال مقدمي الخدمة، الذين كانوا وحدهم يعلمون سابقا هذه المعلومات، وبالتالي كان التحكم بالكمية وبالأسعار يتم «من فوق».
قرارات الرقابة
تأتي هذه القرارات قبل أن يجيء وقت الحسم لاعتماد النظام الجديد لزيادة الرقابة والشفافية على عمليات التداول، بحيث تُربط شركات الوساطة مع البنوك وشركة المقاصة (المسجل لديها حسابات التداول)، في شبكة واحدة تَسمح بتحصيل أموال أي صفقة تتم في البورصة أثناء إتمامها، وليس كما هو معمول به حاليا، إذ المجال مفتوح للدفع في ثاني يوم من الصفقة.
وهذا النظام، من المُفترض مناقشته في اجتماع لجنة السوق بعد 4 أيام، الى جانب نظام آخر يُفترض اعتماده لوجود اتفاق حوله، حول تفسيخ السهم قبل يوم واحد من استدعاء زيادة رأس مال شركة ما، بعد أن عانى المساهمون لسنوات بسبب هذا الموضوع، اضافة الى مناقشة اعتماد نموذجي شراكة مع احدى البورصتين العالميتين دويتشه الالمانية أو «أو أم إكس» السويدية..هذه القرارات وغيرها جاءت على خلفية الدراسة التي أعدتها شركة «ماكنزي» العالمية، بطلب من ادارة الفلاح لتطوير اداء البورصة وحفظ أموال الناس المستثمرة فيها ورفع مستوى المركز المالي للبلاد امام العالم. أمام هذا الواقع التغييري والجذري الذي تريد أن تفرضه هذه الادارة، من الطبيعي أن تواجه اعتراضات ومشاكل، وهذه طبيعة البزنس وارتباطات المصالح والمناطق الرمادية فيها، خصوصا تلك الموجودة على مقربة ليست بعيدة من ادارة صالح الفلاح نفسها.
منقول من جريدة اوان
http://www.awan.com/pages/economy/205986