فضل
عضو مميز
زوج يتذكر احلى لحظاته الاسريه ..،
( 1 )
دخلت زوجته بقوامها الممشوق إلى الغرفة ، جلست علي المقعد المجاور
له بعد أن وضعت صينية القهوة على المنضدة الصغيرة التي تتوسط
مقعديهما ... مررت يدها على يده ... أمسك بأصابعها ...
-ما الأمر ..؟؟ ... سئلت بحنان .
-لاشئ ... فقط لا أريد أن أنام ... هذا الحلم المزعج ... لم أعد أعرف ...!!
نهضت من مقعدها ...جلست بقربه ... ضمت يديها حول عنقه ... قبلت
أحدى وجنتيه ... ضم ذراعه الأيمن حول خصرها ... بعد أن نقل سيجارته
إلى اليد اليسرى .
- ستستيقظ بجانبي ... وسأضمك مثل كل صباح ... قالت وهي تنظر إلى
عيناه اللتان فشل الزمان في تخفيف قوة سحرهما عليها ... متجنبة الحديث
عن عيد ميلاده الذي يحل غداً حتى لا تفسد المفاجأة .
- هذا المهم ... حبيبتي ... هذا هو المهم ... قال متنسماً عبير أنوثتها
الطاغية ... لم يكن هناك شئ في حياته أهم منها أو شئ في قلبه أكبر
منها ... ولكن للنوم مخالب ...... لاتستطيع منها فكاكاً .......
( 2 )
أستيقظ قبل آذان الفجر بقليل ... مثل كل يوم ... نظر حوله ... إلى الجزء
المهجور من الفراش ... صورة زوجته في المكان الذي يسمح له برؤيتها حال
أن يفتح عينيه ... وجهها الصبوح ... عيناها الرائعتين ... ثم صور
إبنتيه .... ترقرقت في عينيه دمعة ... مثل كل صباح ... تمنى أن يعود للنوم
مرة أخري لكي يواصل ذلك الحلم ... يواصل تلك الحياة التي لايراها إلا في
نومه ... لكن يجب عليه الذهاب إلى عمله ... الحجرات الفارغة في المنزل
الذي كان يوماً مملؤاً بالحياة تغلف روحه بحزن ... لايستطيع منه فكاك .
( 3 )
زملائه في العمل تعودوا منذ حادث السياره الذي وقع منذ إثني عشر عاماً
وتوفي فيه زوجته وابنتيه ... ذلك الحادث الذي جعله يرفض أن يستمر مديراً
للشركة التى يعمل بها ... مكتفياً بذلك المكتب الصغير المنزوي ... تعودوا
على رؤيته بثياب غير مرتبة أو مكوية رغم نظافتها ... وذقنه الذي لا يحلق إلا
في بداية كل أسبوع ... انطوائيته ... عدم مشاركتهم في مناسبتهم رغم
دعواتهم المستمرة له ... المكان الوحيد الذي يتواجد فيه عدا مكان عمله
هــــو بيته... وإذا دخله فهو لن يفتحه لأحد ... بالإضافة إلى ذلك ، تعودوا
على رؤية الحزن الذي يظهر في كل حركاته وسكناته ... رغم ذلك ... كان
محل ثقة جميع من حوله ومستودع أسرارهم وفي بعض الأحيان ناصح لهم .
جيرانه أيضاً حاولوا إرجاعه إليهم ، حيويته السابقة ... الرغبة المتدفقة
لمساعدة الآخرين ... الروح الطيبة التي كان الجميع يأنس إليها في بعض
الأحيان ... كلها رحلت مع رحيل أسرته المحبوبة ... في الختام أحترموا
رغبته في الإنفراد بنفسه وتركوه كما شاء هو .
( 4 )
كانت الساعة تتجاوز الخامسة بقليل عندما دخل إلى منزله عائداً من مقر
عمله الذي غادره منذ ساعتين قضاهما سائراً ... كان يصر على المشي
من وإلي مكان عمله ... فهذا يوفر له الإرهاق الجسدي الذي يعجل وصول
النوم إليه .
غداً عيد ميلاده ... يوم حزين أخر ... كانت تبذل كل جهدها لجعله أسعد أيام
السنة . .. تسلقت ذكريات سعيدة سطح ذاكرته ... أغتصب شبح إبتسامة
مكاناً على شفتيه ... نجحت مقلتاه في إبتلاع الدمعة التي ترقرقت بهما ...
أخذ ورقة وقلم ...لم يكن شاعراً ... لكنه يحب دائماًُ أن يكتب لها ما يحسه
نحوها .
عندما زارك القمر ذات مساءً ...
زرع نوره على جبينك ....
وترك ليلاً حائراً في عينيك ...
صاغ لك ... من نجوم السماء أقراطاً ...
وحاك لك ... من خيوط الشمس ثوباً ...
عندما زارك القمر ... ذلك المساء ...
أعجبته الكلمات التي كتبها ... تخيل الحمرة التي ستصبغ خديها وإبتسامتها
المصاحبة إذا ما قرأت هذه الكلمات ... توجه إلى سريره بالورقة ... قرأها
مئات المرات ثم وضعها تحت وسادته ... مستدعياً تلك الأيادي الناعمة للنوم
التي لايريد منها فكاكاً .
( 5 )
زحفت رائحة عطر إمراءته مختلطة برائحة قهوة الصباح إلى أنفه ... طغت
الرائحة الزكية عندما إنحنت تقبل وجنته ...
-صباح الخير حبيبي ... قالت وهي تشع حسناً ... < تأخرت في النوم اليوم ... البنات سوف يأتين بعد قليل ... يردن أن يتنغذين معنا > ... كان
يعشق حتى الثمالة ثرثرتها ... < لقد جهزت لك حمامك ... لدي لك اخبار
مذهله > ...كان يعرف أنها تحاول أن تخفي معرفتها أنه يوم عيد ميلاده ...
ويعرف أنها خططت لحفلة مفاجئة مع أبنتيها وزوجيهما ... وسيبذل قصارى
جهده لكي يبدو متفاجاءً ...
شعر بخشخشة تحت وسادته ... مد يده ... أخرج الورقة .... قرأ ....
عندما زارك القمر ذات مساء ...