فضل
عضو مميز
مثقف مبدع يروى لنا هذه القصه ..،
بعد عناء يوم شاق من العمل ، وجدتني ألقي بجسدي المنهك فوق سريري
لم أدرك كم مر علي كي أستغرق في نومي
شعرت بيد تعبث بشعري
ظننتني أحلم ، غلبني النعاس من جديد
عادت اليد تعبث برأسي
فتحت عيناي بصعوبة ، انتفضت قائمًا ،ألجمت لساني المفاجأة
وجدتها بجواري تبتسم في دلال ، خلتها حورية ، لمحت شيئا غريبا في
عينيها ، حاولت التحدث ، شعرت بقشعريرة تسري في جسدي
لمستها بيدي ، اقتربت أكثر ، حرارة جسدها ، ابتسامتها العذبة شجعتني
على الدنو منها وتقبيلها ، أغمضت عينيها وأخذت نفسًا عميقا
اعتدلت في جلستي ، نظرت إلي نظرة ملؤها الحب ، حاولت التحدث من
جديد ، وضعت يدها فوق فمي تسكتني ، سحبت يدها في خجل
ضللنا جالسين ننظر لبعضنا البعض صامتين ، سمعت أذان الفجر قمت إلى
النافذة أفتحها تبعتني بعينيها وهي لازالت على صمتها ، عند التفاتي لم
أجدها ، اندهشت ..
فتشت كل ركن في الحجرة ، ناديتها لم تجب ، غمرتني الحيرة
بقيت طوال اليوم أفكر ، غلب على ظني أنه لم يكن سوى حلم
وودت لو تكرر الحلم ، كان بصدري الكثير من الأسئلة ، ظلت أسئلتي
تطاردني وبقيت قابعًا في سريري ، جفاني النوم وسيطر علي طيفها
قبل أن يتملكني اليأس ، وجدتها تقف في طرف الغرفة ، أصابتني رعشة
لكنها بابتسامتها الهادئة أنستني رعب المفاجأة ، همست في دلال :
اشتقت لك ، أشرت إليها أن تقترب ، تبسمت ودنت مني ، جلست بقربي
وطدت العزم ألا أدع الفرصة هذه المرة تفوتني ، لمحت بذكائها البادي في
عينيها كم الأسئلة المتقافزة على وجهي ، أطرقت إلى الأرض وبدأت تتحدث
في حزن :
لقد أحببتك بكل جوارحي عشقتك من زمن ، كنت أراقبك ليل نهار ، حركاتك
سكناتك ، في صحوك وفي منامك ، كنت أقضي الليالي بجوارك أتطلع إلى
وجهك الطفولي وأنت نائم ، كنت أجلس أمامك وأنت تأكل ، أستمتع بالنظر
إليك ومراقبتك ، لكنك لم تشعر بي يومًا ، كان هذا يحزنني ، لم أستطع
الصبر ، قررت الظهور برغم ما ينتظرني من عقاب وطرد .
حبك بداخلي أغلى وأقوى من أي شيء ، صمتت لبرهة ، ونظرت إلي
كنت مشدوهًا فاغرًا فاهي في بلاهة
لطالما سمعت عن حوريات الجن اللواتي يعشقن بني الإنس
كنت أهزأ من كل الحكايات وأظنها تخاريف أو قصصا من خيال قائليها
صدمتني المفاجأة ، لم أحرك ساكنا ، هبت واقفة
طبعت قبله فوق جبيني ، تركتني مع حيرتي وذهولي وذهبت
لم أنم تلك الليلة ، قضيت نهاري مشتت الخاطر ، في نهاية اليوم انتابتني
حيرة ، انتظرتها بشغف ، لكني لم أكن أدري كيف سيكون لقاءنا
ماذا سأقول لها ؟
انتظرت الليل بطوله ، لم تأت ، مرت خمس ليال وأنا أنتظر ، ساءت حالتي
بقيت بالبيت ، لم أعد قادرًا على التركيز في عملي ، في الليلة السادسة
تسللت إلى الغرفة كطيف جميل ، قمت إليها احتضنتها بين ذراعي
لمحت دمعة في عينيها ، سألتها : لم الدموع ولماذا تأخرت عني ؟
لم تجب ، ألححت عليها ، رفعت رأسها إلى أعلى ، تحدثت وهي تغالب
دموعها : لقد حاولت الابتعاد ، لكني لم أستطع ، حين التقيتك آخر مرة
شعرت بأنني كنت أطارد سرابًا حين طاردت طيفك كل هذه السنوات
وأن حبي قد ذهب سدى ، حين رأيتك والاندهاش يغطي وجهك
حين صمت وكست وجهك الصدمة انسحبت ، أدركت أنك لن تتقبلني
لكنني لم أستطع الابتعاد ، حين عدت اليوم رأيت الحزن في عينيك
قررت أن أظهر لك ثانية ، ألقت برأسها فوق كتفي وأخذت تنتحب
احتضنتها برفق ، همست لها : لقد أحببتك منذ رأيتك ، لن أدع شيئا يفرق
بيننا ، رفعت رأسها ونظرت لوجنتيها ، أخذت يدي بين يديها وقبلتها
مسحت دمعة علقت فوق وجنتيها ، مضت أيامنا في سعادة
لم أتخيلها ستنقطع ، ازدادت عرى الحب بيننا وتوثقت
لم يشب صفاء علاقتنا سوى أمور وجدتها حينها بسيطة
فقد أهملت عملي ، وانقطعت صلتي بالله ، فلم أعد أصلي أو أحرص على
القيام بما يوجبه علي ديني من عبادات .
ظلت هي سعيدة بعلاقتنا وبات حبها يزداد ، وتتفنن في إيجاد السبل
لإسعادي ، لكنني كنت أجدني وشعور بداخلي يؤلمني وأنا أتغير
تملكني الضيق بعدما هجرت طاعة الله ، أصبحت عصبي المزاج ، أثور لأتفه
الأسباب وأغضب ، وكان حزني يزداد وأنا أراها تسامحني ولا تغضب مني
أو تعاتبني ، مضت الأيام وحزني يزداد ، لم أعرف سببًا محددًا لما أنا فيه
لكنني لم أكن سعيدًا ، حتى اللحظات التي كنا نمضيها سويا ، لم تعد كما
كانت ، وطدت العزم علي إيجاد مخرج لما أنا فيه ، ذهبت لإمام المسجد
أسررت إليه بحكايتي ، تبسم في هدوء ، همس بصوته الممتلئ إيمانا وثقة
بالله : عد لربك يا ولدي ، تمسك بدينك واصبر ، أجعل ثقتك بالله هي ملاذك
تسللت إلى نفسي سكينة لم أستشعرها منذ زمن
قمت توضأت وصليت ركعتين
حين دخلت البيت لم أجدها في انتظاري كعادتها
جلست إلي القرآن نهلت من حروفه ودموعي تنهمر ، هدأت نفسي
قمت إلى المذياع أدرت المؤشر ، جاءني صوت المقرئ عذبا يتلو آيات الله
مرت ليلتين ، بدأت أعود إلى حالتي الأولى
ذهبت إلى عملي صباحا ، وقد انتظم إيقاع حياتي من جديد
ازددت قربا من الله ، أدركت أن الخلاص في صدق الإيمان
أحيانا كانت تلوح لي كطيف حزين ، لكنها تتوارى خلف فيضان من الدمع
كنت أسارع للصلاة و القرآن .
قال تعالى : " ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين "