الفارس الذهبي
عضو نشط
عدم انكشاف البنوك المحلية عليها وتحرك المشاريع التنموية يمكن أن يغيرا المشهد
من أزمة دبي تأتي الفرص... أيضاً
| كتب رضا السناري |
«أي دبي تولد من رحم الأزمة؟». قلما اجتمع اثنان في الأيام القليلة الماضية إلا كان هذا السؤال ثالثهما. وغالباً ما يكون السؤال الضمني: كيف ستكون الحال في الكويت بعد أن تتغير الحال في دبي؟
مرد السؤالين أن دبي استطاعت خلال السنوات الماضية أن تشكل جزءاً أساسياً من صورة المال والاعمال في الخليج. فالشركات العالمية التي تنشط في الخليج، غالباً ما تتخذ من دبي مقراً إقليمياً لها، حتى وإن كانت أعمالها في الدول الخليجية الأخرى أضعاف أعمالها في دبي نفسها.
غالب الاعتقاد أن دبي ستبقى دبي من هذه الناحية، فلا الفنادق ستغلق ولا المطار الحديث سيفقد موقعه بين أقصى الشرق وأقصى الغرب، لكن الأزمة بوجهها المالي تؤرق الإمارة الطموح، وتؤرق جيرانها المرتبطين بها.
في الكويت بدأ القلق من آثار الأزمة يتراجع، وبدأت صورة الواقع الجديد تستجمع عناصرها. ويجد «أهل الحل والعقد» في الشأن الاقتصادي أسباباً لرسم صورة إيجابية إذا أحسن البناء عليها، للأسباب التالية:
1
يبدو من تقارير المؤسسات الدولية أن البنوك الكويتية من الأقل تأثراً في الخليج بأزمة ديون «دبي العالمية» و«نخيل العقارية»، وذلك من وحي المسح الأولي الذي قام به بنك الكويت المركزي لتعرضات البنوك. ويكاد المتابع لا يقع على اسم أي بنك كويتي في التقارير الراصدة لتأثيرات الأزمة.
وعلى الرغم من أن ذلك لايكفي للقول إن الجهاز المصرفي بمنأى عن الأزمة تماماً، فإنه يوفر معطى إيجابياً يبنى عليه لجهة قدرة البنوك المحلية على تمويل دورة تصاعدية من النمو.
2
يرى المصرفيون المخضرمون في الكويت أن التحديات التي تفرضها المتغيرات في سوق الائتمان على المستوى الإقليمي، ليست من الصعوبة بالقدر الذي يسبب المتاعب للبنوك، سواء تعلق الأمر بالنظرة الجديدة من قبل المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف، أو لجهة صعوبة البيئة التشغيلية عموماً.
بل إنه إذا كان صحيحاً أن تراجع دور البنوك العالمية في تمويل المشروعات في المنطقة يلقي بظله على نمو أعمال الشركات، وبالتالي على النمو الاقتصادي، فإنه في المقابل يفتح مجالات أوسع للبنوك المحلية، يمكن الاستفادة منها من دون الاخلال بقواعد التحفظ الذي يظل مطلباً على أي حال.
3
بالإمكان الهمس بصوت مسموع بأن التنافس بين مراكز الاستقطاب في المنطقة سيأخذ دفعاً جديداً، فقطر والبحرين تطمحان لشيء من الدور الذي تلعبه دبي، والرياض ليست بعيدة عن مثل هذه الطموحات، فضلاً عن أبوظبي ذات العضلات المالية الاستثنائية. وهذه التنافسية ترتب تحديات بقدر ما توفر من فرص لغير الكسالى في المنطقة.
4
ربطاً بذلك، يمكن النظر إلى التحرك الحكومي لإخراج المشاريع التنموية من سباتها، باعتباره فرصة لجعل الكويت مركزاً محورياً للنمو في المنطقة خلال العام المقبل، في غمرة التباطؤ في الاقتصادات المجاورة، خصوصاً بعد أن تراجعت المخاوف من أزمة شركات الاستثمار وانعزالها عملياً عن أن تشكل خطراً نظامياً.
5
يبقى الخوف من أن يستمر التراجع في سوق المال، حيث بيت الداء وبيت الدواء. فاستمرار التراجع يمكن أن يهوي بقيمة الضمانات الممتازة لدى البنوك، ويمكن أن يشكل ضربة لنتائج الشركات في وقت غير مناسب. لكن السعر المتدني جداً للأصول في البورصة يفرض ترجيح سيناريوات أقل قتامة، خصوصاً إذا تحركت «المحفظة الوطنية» بفعالية أكبر وتردد أقل. لكن في مقابل تلك الصورة الإيجابية، لا يمكن تجاهل حقيقة أنه رغم عدم انكشاف غالبية البنوك على أزمة دبي العالمية، وانها غير متضررة نظريا مما يحدث في سوق الامارة من تعثر ائتماني، الا انه حكما يمكن القول ان الأزمة احدثت مجموعة من المتغيرات المهمة على صعيد البيئة المصرفية المحلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقواعد الائتمان تغيرت تماما، وبات على البنوك ان تهيكل نشاطها مستقبلا بطرق عمل جديدة وفقا للمتغيرات التي احدثتها الأزمة.
واذا كان التوجه نحو التحفظ في منح التمويلات الجديدة كان قد بدأ منذ بداية الاحساس بالأزمة المالية العالمية وتحديدا في سبتمبر 2008، الا ان من المرجح ان يتعزز هذا الاتجاه في العمل المصرفي للفترة المقبلة مهما كانت المغريات، فلم يعد مثيرا مثلا للبنوك الحديث عن اسعار مغرية للفائدة لتوسيع محفظتها الائتمانية، واذا كانت المصارف غير راضية عن تحمل عبء جزء كبير من كلفة الاموال المودوعة لديها من ميزانيتها الا ان هكذا توجه افضل لها من ان تضطر لمعالجة ديون معدومة، حيث في هذه الحالة ستحتاج لجيوب عميقة لتغطيتها.
نقلاً عن الرأي العام الكويتية
بتاريخ الاحد 06 ديسمبر 2009
الرابط
http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=171326
من أزمة دبي تأتي الفرص... أيضاً
| كتب رضا السناري |
«أي دبي تولد من رحم الأزمة؟». قلما اجتمع اثنان في الأيام القليلة الماضية إلا كان هذا السؤال ثالثهما. وغالباً ما يكون السؤال الضمني: كيف ستكون الحال في الكويت بعد أن تتغير الحال في دبي؟
مرد السؤالين أن دبي استطاعت خلال السنوات الماضية أن تشكل جزءاً أساسياً من صورة المال والاعمال في الخليج. فالشركات العالمية التي تنشط في الخليج، غالباً ما تتخذ من دبي مقراً إقليمياً لها، حتى وإن كانت أعمالها في الدول الخليجية الأخرى أضعاف أعمالها في دبي نفسها.
غالب الاعتقاد أن دبي ستبقى دبي من هذه الناحية، فلا الفنادق ستغلق ولا المطار الحديث سيفقد موقعه بين أقصى الشرق وأقصى الغرب، لكن الأزمة بوجهها المالي تؤرق الإمارة الطموح، وتؤرق جيرانها المرتبطين بها.
في الكويت بدأ القلق من آثار الأزمة يتراجع، وبدأت صورة الواقع الجديد تستجمع عناصرها. ويجد «أهل الحل والعقد» في الشأن الاقتصادي أسباباً لرسم صورة إيجابية إذا أحسن البناء عليها، للأسباب التالية:
1
يبدو من تقارير المؤسسات الدولية أن البنوك الكويتية من الأقل تأثراً في الخليج بأزمة ديون «دبي العالمية» و«نخيل العقارية»، وذلك من وحي المسح الأولي الذي قام به بنك الكويت المركزي لتعرضات البنوك. ويكاد المتابع لا يقع على اسم أي بنك كويتي في التقارير الراصدة لتأثيرات الأزمة.
وعلى الرغم من أن ذلك لايكفي للقول إن الجهاز المصرفي بمنأى عن الأزمة تماماً، فإنه يوفر معطى إيجابياً يبنى عليه لجهة قدرة البنوك المحلية على تمويل دورة تصاعدية من النمو.
2
يرى المصرفيون المخضرمون في الكويت أن التحديات التي تفرضها المتغيرات في سوق الائتمان على المستوى الإقليمي، ليست من الصعوبة بالقدر الذي يسبب المتاعب للبنوك، سواء تعلق الأمر بالنظرة الجديدة من قبل المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف، أو لجهة صعوبة البيئة التشغيلية عموماً.
بل إنه إذا كان صحيحاً أن تراجع دور البنوك العالمية في تمويل المشروعات في المنطقة يلقي بظله على نمو أعمال الشركات، وبالتالي على النمو الاقتصادي، فإنه في المقابل يفتح مجالات أوسع للبنوك المحلية، يمكن الاستفادة منها من دون الاخلال بقواعد التحفظ الذي يظل مطلباً على أي حال.
3
بالإمكان الهمس بصوت مسموع بأن التنافس بين مراكز الاستقطاب في المنطقة سيأخذ دفعاً جديداً، فقطر والبحرين تطمحان لشيء من الدور الذي تلعبه دبي، والرياض ليست بعيدة عن مثل هذه الطموحات، فضلاً عن أبوظبي ذات العضلات المالية الاستثنائية. وهذه التنافسية ترتب تحديات بقدر ما توفر من فرص لغير الكسالى في المنطقة.
4
ربطاً بذلك، يمكن النظر إلى التحرك الحكومي لإخراج المشاريع التنموية من سباتها، باعتباره فرصة لجعل الكويت مركزاً محورياً للنمو في المنطقة خلال العام المقبل، في غمرة التباطؤ في الاقتصادات المجاورة، خصوصاً بعد أن تراجعت المخاوف من أزمة شركات الاستثمار وانعزالها عملياً عن أن تشكل خطراً نظامياً.
5
يبقى الخوف من أن يستمر التراجع في سوق المال، حيث بيت الداء وبيت الدواء. فاستمرار التراجع يمكن أن يهوي بقيمة الضمانات الممتازة لدى البنوك، ويمكن أن يشكل ضربة لنتائج الشركات في وقت غير مناسب. لكن السعر المتدني جداً للأصول في البورصة يفرض ترجيح سيناريوات أقل قتامة، خصوصاً إذا تحركت «المحفظة الوطنية» بفعالية أكبر وتردد أقل. لكن في مقابل تلك الصورة الإيجابية، لا يمكن تجاهل حقيقة أنه رغم عدم انكشاف غالبية البنوك على أزمة دبي العالمية، وانها غير متضررة نظريا مما يحدث في سوق الامارة من تعثر ائتماني، الا انه حكما يمكن القول ان الأزمة احدثت مجموعة من المتغيرات المهمة على صعيد البيئة المصرفية المحلية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فقواعد الائتمان تغيرت تماما، وبات على البنوك ان تهيكل نشاطها مستقبلا بطرق عمل جديدة وفقا للمتغيرات التي احدثتها الأزمة.
واذا كان التوجه نحو التحفظ في منح التمويلات الجديدة كان قد بدأ منذ بداية الاحساس بالأزمة المالية العالمية وتحديدا في سبتمبر 2008، الا ان من المرجح ان يتعزز هذا الاتجاه في العمل المصرفي للفترة المقبلة مهما كانت المغريات، فلم يعد مثيرا مثلا للبنوك الحديث عن اسعار مغرية للفائدة لتوسيع محفظتها الائتمانية، واذا كانت المصارف غير راضية عن تحمل عبء جزء كبير من كلفة الاموال المودوعة لديها من ميزانيتها الا ان هكذا توجه افضل لها من ان تضطر لمعالجة ديون معدومة، حيث في هذه الحالة ستحتاج لجيوب عميقة لتغطيتها.
نقلاً عن الرأي العام الكويتية
بتاريخ الاحد 06 ديسمبر 2009
الرابط
http://www.alraimedia.com/alrai/Article.aspx?id=171326